قانون الحق وسنَّة ثبات الخلق والأمر في ملكوت الله
وقرآنه
قانون الحق ج1
بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله وكفي والصلاة والسلام علي المصطفي
أما بعد فقد كثر اللغط حول :
ما هو الحق وما خائصه
الحق هو كل شيئ خلقه الله بيديه وسننه لا تتغير وهو الثابت بلا ريب
-وهو بخلاف الباطل الذي تتغير أعراضه بلا قاعدة {يعني هو ما تدخل فيه الشيطان والأهواء والأنفس وكل ما هو باطل او قل عكس الباطل عكسا بعكس ولا استثناء} ومن أهم خصائص الحق هو الثبات بيقين أو بدون شك ويشمل كل الموجودات كذوات بل وأعراضها{يعني ما ينتج عنها من اعراض} كالخلق كله والوعد الالهي كله والوعيد كله والتشريع كله والتكليف كله والبعث والنشور والحساب والحوض والملائكة والجنة والنار عياذا بالله الواحد وكل موجود لله الواجد جل وعلا..
-ومن خصائص الحق أنه الباقي أبدابعكس الباطل فالباطل فانٍ زائل منزوي مدموغ
2. ولا يمكن أن يجتمع الحق مع الباطل بأي وبكل مثاقيله صغرت لمقدار مثقال الذرة أو تضخمت لأعلي الأشياء مقدارا في الكون
3. وسنعرض بمشيئة الله الي سائر محتويات الحق كالوعد والوعيد والجنة والنار وكل ما قدمناه سابقا من الذي نستطيعه لمفردات الحق ونبدأها في التشريع :
-والبداية--في مجال الشرائع--
-----------------------
1. فماهية الكبائر
2. ونوعية الصغائر
لقد عمَّ الخلاف فيها وطمَّ حتي تغيرت الشرائع في نفوس الناس ومال الإسلام في عقائدهم
وتصوراتهم وما الاسلام بمائل في مقصود الله تعالي ..
ولا شك ان كل خلاف تتعدد به الرؤي في
المسألة الواحدة هو في كل أحواله باطل كله أو باطل كله الا وجها واحدا هو الموافق
لمقصود الله تعالي…. الحكيم الخبير ,
ذلك لأن الله تعالي يستحيل في حقه الباطل وأن قوله الحق والحق هو الثابت بلا شك ,
وأن من ثبات القول في حق كلام الله تعالي أن يتسم :
1. بالوضوح
2. وعدم التغير
3. وامتناع الإزدواجية
4. و امتناع النقص
5. وامتناع الحيد
6. وامتناع الغباشة
7.وامتناع الرمادية
8.وامتناع التعددية
9. وامتناع الاحتمالية
10- والميزان في كل حق من خصائص الحق بلا ريب
11. وامتناع كل ما هو سلب في حق الله
*إنما يحدث كل ذلك حينما تتناوله عقول البشر
فحينئذ يدخل الفهم البشري ويَسِمْ كلام الله تعالي المنزه .. بما ينضح به مخ كل
متناول لمسألة من مسائل هذا الشرع الحنيف الثابت الذي لا يتغير وإن اجتمع علي
تجريفة الإنس والجن ومن ظاهرهما من المخلوقات وذلك بقدر فهم كل متناول له ,غير أن
الله تعالي لم يدع كتابه الكريم عرضة لأفهام البشر , واجتهادات الناس المطلقة ..فوضع
سبحانه بين آياته وفي طيات كلماته دلائل الحجة وبين وفصل ووضح.. لكن اهواء الناس
وشهواتهم ورغباتهم وميولاتهم اعترضت ناتج ما جاء به القرآن الكريم من مقاصد وازداد
الأمر سوءا عندما زين الناس ناتج أهوائهم من مقاصد لجُّوا بها في آيات الله تعالي
بهالات تعظيم أقوالهم ومزينات أفهامهم وخاصة عندما أحاطوها بهالات التبجيل المخطئة
واستعارتهم لنصوص تعظيم آرائهم ونسبة العالمية لأنفسهم والتفقه لاشخاصهم ووضعوا
أنفسهم في مكانة عليِّة والناس في مكانة دنيِّة وهكذا لم يهمد الشيطان حتي في آيات
الله من طلب تضليل من انتسبوا الي العلم والفقه بالعجب ولاتباعهم من التعظيم
والتكبير حتي كبروهم كفقهاء وبجلوهم كعلماء وتناسوا الكتاب الحجة والقرآن الدليل
والعلم والفقه وكل الحكمة , وجعلوا - بواسطة الشيطان- آيات الله تعالي كلوغرتمات
وطلاسم لا يقوي علي فك أسرارها غيرهم وثبر أغوارها سواهم ,فانحرف قول الله الواحد في أنظارهم وبأفعالهم..- أي في أنفسهم
-ذلك الباطل هو أن يخرج بطبيعته الثابتة المحكمة عن
جادته في تصوراتهم
- ونسبوا زورا لله الواحد – حاشاه سبحانه - كل تقصير وكل انحراف وكل
اختلاف وكل امكانية من تغاير وتقصير وتبديل وتحويل وغباشة في تنزيله أو أي سلب يترائي للناظر
-والحق انهم هم الذين حوَّلوا قول الله تعالي الثابت بلا شك ،ذو المقصود الواحد
الواضح البيِِّن الذي يمتنع في حقه الهوي او الضلال أو النقص أو التغاير أو التحول
علي مر الزمن أو الغباشة أو الشك أو التناسي أو أي عنصر من عناصر النقص والسلب ...
أقول هم الذين صوروا لأنفسهم وحولوا لصالحها قول الله تعالي الكامل التام الذي ارتضاه الباري لنا دينا -- الي كل عوامل النقص نتيجة
1.لقصور أفهامهم
2.وانحطاط معدلات القسط في نفوسهم
3.وتغليب الهوي والميل النفسي لديهم علي مقصود الله
الثابت الذي لايتغير ولا يتبدل ولا يقبل أي مكون نقص أو سلب في مضمونه وبين لابتي
تنزيله ،
-- إن كل تعدد لرأي او تكاثر لخلاف أو اختلاف علي فهم آية تنزلت في كتاب
الله راجعا الي
**تفاوت درجات هذا الفهم
* وميل النفوس
*وتغليب الشهوات بين المختلفين بنسبة
تفاوت درجات فهمهم وتحكم شهواتهم
**والله تعالي نبرئه من سفاهات البشر وننزهه تعالي
عن ترهات عقولهم وميل نفوسهم وتحكم أهوائهم
قانون الحق ( قانون الحق (الجزء الأول)
ما هو قانون الحق في التشريع؟
-أي ما هو قانون ثبات مدلولات الألفاظ القرآنية الدالة علي مقصود
الله من تشريعه الذي عبَّرَ عنه بألفاظ وعبارات لغوية عربية ؟
ليس هذا فقط إنما هو أيضا قانون ثبات سنن الله في خلقه وهديهِ بحيث لا تجدُ
لسنة الله تبديلاً ولن تجد لسنة الله تحويلاً
---------تعريف الحق وقانونه--------------
أولا: ما هو الحق؟ وما تعريفه، وكيف تأصل هذا التعريف في كتاب الله المنزل
تعريف الحق
(هو الثـــابت بلا شــــــــــــــــــــك)
يقول صاحب المعجم الوجيز: حق الأمر حقاً
أي: صح وثبت وصدق، وأورد مرادفات أخري كوجب ،(وجدير به أن)،وتيقن،وصدَّق وأحكم
وثاق الشيئ،وصححه،وغلبه في المحاجة وذلك لثبوت الحجة له وتأكدها ،ومعني حقق الأمر
أي أثبته وصدقه، وكلام محقق:يعني محكم الصنعة ورصين وثابت لا يتغير،وتحقق الخير أي
صح ووقع،والحق هو من أسماء الله الحسني ،ومعناه الثابت بل شك، ويصف به أيضا
فيقال:قول حق،هو العالم،وحق العالم،ومتناه في العلم،
[قلت المدون] : فكل ما جاء
وفيه اشتقاق من مادة(ح_ق_ق)لابد أن يتضمن معني الثبات واليقين،وبذلك يتأكد لنا أن
الحق هو الثابت بلا شك،أي الثابت يقينا ،وفيه انتفاء كل معني يعارض الثبات
واليقين،فالله تعالي هو الحق أي هو الثابت الذي لا شك في ثباته،أي هو الثابت
يقيناً،أي هو الثابت صدقا،لا لغوب فيه ولا شك،وقوله الحق أي الثابت بلا شك،
والحقيقة: هي الشيء الثابت يقيناً،وحقيقة الشيءخاصه وكنهه والخاصة والكنه لا يمكن
دخول التغير عليه وإلا خرج عن ماهيته وكنه ليصبح شيئا آخر ،وهذا ممتنع في حق الله تعالي
لأنه باطل ،
وحقيقة الأمر: هي يقين شأنه ،
وحقيقة الرجل ما يلزمه حفظه والدفاع عنه والجمع حقائق
ومن لسان العرب لابن منظور:فالحق يعني الثابت الذي لا يزول ولا يتغير،
قلت المدون:(ويتبين من استقراء معني الحق في اللسان أنه
**الثابت الذي لا يزول ولا
يتغير أبد وأزلاً،
**وأن كل المرادفات لهذ المعني كالواجب واللازم و....... إنما تتضمن هذا
المعني (الثبات بلا شك وعدم التغير أو الأفول)،
**وبما أن الحق ضد الباطل والباطل
يتضمن معني التغير وعدم الثبات والنكصان عن الواجب ،والنقص،فإن الحق هو بخلاف ذلك
كله وضده
**وأحسن ما يتصف به الحق من المعاني هو الثبات بيقين وعدم التغير ،واليقين
من لزماته ،
**فهذا ابن منظور يعرِّف الحق بقوله (أي ثبت)،وبقوله(وفي التنزيل: قال
الذي حَقَّ عليهم القولُ) أي ثبت، قال الزجاج هم الجنُّ والشياطين أي المبطلين
منهم،
وقوله تعالى (ولكن حقَّت كلمة العذاب على الكافرين) أي وجبت وثبتت وكذلك:(لقد حقَّ
القول على أكثرهم) وحَقَّه يَحُقُّه حقّاً وأحَقَّه كلاهما أثبته وصار عنده حقّاً
لا يشكُّ فيه وأحقَّه صيره حقّاً وحقَّه وحَقَّقه صدَّقه،
[قلت المدون: ومن معاني الحق
التي يتأكد فيها وبها معني الثبات وعدم التغير أو الزوال، معني الصدق،والإحكام،واليقين،
والغلبة والتصحيح ، وكل ذلك يلزم لماهيته أن يكون ثابتا لا يتغير،ومن معاني الحق
المشتملة علي معني الثبات وعدم التغير: معني الاشتداد والاحكام والمصادقة من قولنا
(حاقِّ الجُوع أي صادِقه وشدَّته ويروى بالتخفيف من حاقَ به يَحِيقُ حَيْقاً وحاقاً
إذا أحدق به يريد من اشتمال الجوع عليه فهو مصدر أقامه مقام الاسم وهو مع التشديد
اسم فاعل من حقَّ يَحِقُّ والحق من أسماء الله عز وجل وقيل من صفاته قال ابن
الأَثير هو الموجود حقيقةً المُتحققُ وجوده وإلَهِيَّتُه،والحَق ضدّ الباطل
*وفي التنزيل (ثم رُدُّوا إلى الله مولاهم الحَقِّ)
*وقوله تعالى: (ولو اتبع الحقُّ أهواءَهم) قال ثعلب: الحق هنا الله عز وجل وقال
الزجاج ويجوز أن يكون الحق هنا التنزيل أي لو كان القرآن بما يحِبُّونه لفَسَدت
السمواتُ والأَرضُ،
*وقوله تعالى (وجاءت سَكْرة الموتِ بالحق) معناه جاءَت السكرةُ التي تدل الإنسان
أنه ميت بالحقِّ بالموت الذي خُلق له & قال ابن سيده: وروي عن أبي بكر رضي
الله عنه في قوله تعالي (وجاءت سكرة الموت بالحق): (وجاءت سكرة الحقِّ) أي بالموت
والمعنى واحد وقيل الحق هنا الله تعالى، وقولٌ حقٌّ وُصِف به كما تقول قولٌ باطل
وقال الليحاني وقوله تعالى (ذلك عيسى بنُ مريم قول الحقِّ) إنما هو على إضافة
الشيء إلى نفسه قال الأَزهري رفع الكسائي القول وجعل الحق هو الله وقد نصَب قولَ
قومٌ من القراء يريدون ذلك عيسى ابن مريم قولاً حقّاً ،وقرأ من قرأ (فالحقُّ
والحقَّ أقول) برفع الحق الأَول فمعناه أنا الحقُّ وقال الفراءُ في قوله تعالى قال
فالحق والحقَّ أقول قرأ القراء الأَول بالرفع والنصب روي الرفع عن عبد الله بن
عباس المعنى فالحقُّ مني وأقول الحقَّ وقد نصبهما معاً كثير من القُرَّاء منهم من
يجعل الأَول على معنى الحقَّ لأَمْلأَنَّ ونَصب الثاني بوقوع الفعل عليه ليس فيه
اختلاف قال ابن سيده ومن قرأ فالحقَّ والحقّ أقول بنصب الحق الأَول فتقديره
فأحُقُّ الحقّ حقّاً وقال ثعلب تقديره فأقول الحقَّ حقّاً ومن قرأ فالحقِّ أراد
فبالحق وهي قليلة لأن حروف الجر لا تضمر وأما قول الله عز وجل (هنالك الوَلايةُ
لله الحقَّ) فالنصب في الحق جائز يريد حقّاً أي أُحِقُّ الحقَّ وأحُقُّه حَقّاً
قال وإن شئت خفضت الحق فجعلته صفة لله وإن شئت رفعته فجعلته من صفة الولاية هنالك
الولايةُ الحقُّ لله وفي الحديث (من رآني فقد رأى الحقَّ) أي رؤيا صادقةً ليست من
أضْغاث الأَحْلام وقيل (فقد رآني حقيقة غير مُشَبَّهٍ) ومنه الحديث (أمِيناً حقَّ
أمِينٍ- أي صِدْقاً وقيل واجباً ثابتا) له الأَمانةُ، ومنه الحديث (أتدْرِي ما
حَقُّ العباد على الله) أي ثوابُهم الذي وعدَهم به فهو واجبُ الإنْجازِ ثابت
بوعدِه الحقِّ ،ومنه الحديث (الحقُّ بعدي مع عمر) وأُحِقَّ عليك القَضاء فحَقَّ أي
أُثْبِتَ فثبت والعرب تقول حَقَقْت عليه القضاء أحُقُّه حَقّاً وأحقَقْتُه
أُحِقُّه إحْقاقاً أي أوجبته[قلت المدون: وأثبته،لأن من أساسيات الواجب أن يكون
ثابتا لايتغير)، قال الأزهري قال أبو عبيد ولا أعرف ما قال الكسائي في حَقَقْت الرجلَ
وأحْقَقْته أي غلبته على الحق
[قلت المدون : لأنه ثابت له لم يتغير،والغلبة علي الحق من شروطها ثبات الحق لصاحبه
وعدم امكانية تغيره]،
* وستجد كل مشتقات (الحاء والقاف والقاف (__ح ق ق__) أنها تتضمن معني الثبات وعدم
الفساد أو التغير فالحق هو الثابت بلا شك الذي لا يزول والحقيقةُ في اللغة ما
أُقِرّ في الاستعمال على أصل وضْعِه
[قلت المدون:أي أصل وضعه من الثبات وعدم الفساد،أو التغير] والمَجازُ ما كان بضد
ذلك
[قلت المدون: لأن المجاز ينقل الأصل الثابت علي معناه إلي متغير عن أصل معناه ،ولا
يجوز التعدي من الحقيقة إلي المجاز أصلاً إلا باحتياط شديد وحذر بالغ وفي ظل شروط
أوجزها ابن منظور فقال: وإنما يقع المجاز ويُعدَل إليه عن الحقيقة لمعانٍ ثلاثة
وهي الإتِّساع والتوكيد والتشبيه فإن عُدِم هذه الأوصافُ كانت الحقيقة البتَّةَ]
وقيل الحقيقة الرّاية قال عامر بن الطفيل لقد عَلِمَتْ عَليْنا هَوازِنَ أَنَّني
أَنا الفارِسُ الحامي حَقِيقةَ جَعْفَرِ وقيل الحقيقة الحُرْمة والحَقيقة الفِناء
وحَقَّ الشئُ يَحِقُّ بالكسر حقّاً أي وجب وفي حديث حذيفة ما حَقَّ القولُ على بني
إسرائيل حتى استغْنى الرِّجالُ بالرجالِ والنساءُ بالنساءِ أي وجَب ولَزِم وفي
التنزيل ولكن حَقَّ القولُ مني وأحقَقْت الشئ أي أوجبته وتحقق عنده الخَبَرُ أي
صحَّ وحقَّقَ قوله وظنَّه تحقيقاً أي صدَّقَ وكلامٌ مُحَقَّقٌ أي رَصِين قال
الراجز دَعْ ذا وحَبِّرْ مَنْطِقاً مُحَقَّقا والحَقُّ صِدْق الحديثِ والحَقُّ
اليَقين بعد الشكِّ وأحقِّ الرجالُ قال شيئاً أو ادَّعَى شيئاً فوجب له واستحقَّ
الشيءَ استوجبه وفي التنزيل فإن عُثِرَ على أنَّهُمَا اسْتَحقّا إثْماً أي
استوجباه بالخِيانةِ وقيل معناه فإن اطُّلِعَ على أنهما استوجبا إثماً أي خيانةً
باليمين الكاذبة التي أقْدما عليها فآخرانِ يَقُومانِ مَقامها من ورثة المُتوفَّى
الذين استُحِقَّ عليهم أي مُلِك عليهم حقٌ من حقوقهم بتلك اليمين الكاذبة وقيل
معنى عليهم منهم وإذا اشتَرَى رجل داراً من رجل فادّعاها رجل آخر وأقامَ بيِّنةً
عادلةً على دعواه وحكم له الحاكمُ ببينة فقد استحقها على المشتري الذي اشتراها أي
مَلَكَها عليه وأخرجها الحاكم من يد المشتري إلى يد مَن استحقَّها ورجع المشتري
على البائع بالثمن الذي أدَّاه إليه والاستِحْقاقُ والاسْتِيجابُ قريبان من
السواء،ويقول ابن منظور في اللسان: قولهم حَقَّ الشيءُ إذا ثبت ماذا يعني أن الله
تعالي هو الحق أي الثابت بلا شك؟ لقد أثبتنا الأسطر السابقة أن الحق هو الثابت
الذي لا شك فيه وأن هذا الثابت المستيقن ينتفي معه وجود ضده من المتغيرات،أو
التغيرات ،ويستحيل أن يجتمع وضده من الكائنات،فهو إذن الأصل وهو الثابت،وهوالصدق،
[قلت المدون: ومن معاني الحق التي يتأكد فيها وبها معني الثبات وعدم التغير أو
الزوال، معني الصدق،والإحكام،واليقين، والغلبة والتصحيح،وكل ذلك يلزم لماهيته أن
يكون ثابتا لا يتغير،ومن معاني الحق المشتملة علي معني الثبات وعدم التغير:معني
الاشتداد والإحكام والمصادقة .ولقد خلق الله سبحانه السموات والأرض بالحق،يعني
بغير باطل ولو قل،وانتفي في خلقه هذا أي وجود للهو أو العبث أو النقص أو
التقصير،أوالتغير،أو النسيان أو كل معاني السلب
* قال تعالي (خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ بِالْحَقِّ يُكَوِّرُ اللَّيْلَ
عَلَى النَّهَارِ وَيُكَوِّرُ النَّهَارَ عَلَى اللَّيْلِ وَسَخَّرَ الشَّمْسَ
وَالْقَمَرَ كُلٌّ يَجْرِي لِأَجَلٍ مُسَمًّى أَلَا هُوَ الْعَزِيزُ الْغَفَّارُ
(5)/الزمر)،
* وقال تعالي:( وَهُوَ الَّذِي خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ بِالْحَقِّ
وَيَوْمَ يَقُولُ كُنْ فَيَكُونُ قَوْلُهُ الْحَقُّ وَلَهُ الْمُلْكُ يَوْمَ يُنْفَخُ
فِي الصُّورِ عَالِمُ الْغَيْبِ وَالشَّهَادَةِ وَهُوَ الْحَكِيمُ الْخَبِيرُ
(73)/الأنعام)،
* وقوله تعالي(أَلَمْ تَرَ أَنَّ اللَّهَ خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ
بِالْحَقِّ إِنْ يَشَأْ يُذْهِبْكُمْ وَيَأْتِ بِخَلْقٍ جَدِيدٍ (19)وَمَا ذَلِكَ
عَلَى اللَّهِ بِعَزِيزٍ (20)/ سورة ابراهيم)،
* وقوله تعالي(وَمَا خَلَقْنَا السَّمَاءَ وَالْأَرْضَ وَمَا بَيْنَهُمَا
لَاعِبِينَ(16) لَوْ أَرَدْنَا أَنْ نَتَّخِذَ لَهْوًا لَاتَّخَذْنَاهُ مِنْ
لَدُنَّا إِنْ كُنَّا فَاعِلِينَ (17) بَلْ نَقْذِفُ بِالْحَقِّ عَلَى الْبَاطِلِ
فَيَدْمَغُهُ فَإِذَا هُوَ زَاهِقٌ وَلَكُمُ الْوَيْلُ مِمَّا تَصِفُونَ
(18)/الأنبياء)،
* وقوله تعالي(وَالَّذِينَ يُحَاجُّونَ فِي اللَّهِ مِنْ بَعْدِ مَا اسْتُجِيبَ
لَهُ حُجَّتُهُمْ دَاحِضَةٌ عِنْدَ رَبِّهِمْ وَعَلَيْهِمْ غَضَبٌ وَلَهُمْ
عَذَابٌ شَدِيدٌ (16) اللَّهُ الَّذِي أَنْزَلَ الْكِتَابَ بِالْحَقِّ
وَالْمِيزَانَ وَمَا يُدْرِيكَ لَعَلَّ السَّاعَةَ قَرِيبٌ (17)/سورة الشوري)،
- إن دلالة أن الله تعالي خلق السموات والأرض بالحق ،أنه سبحانه قد خلقهم وما
يتعلق بخلقهم لغاية لا تتغير ولن تتغيير،هي أن يعبده الإنس والجن وكل من خلق فيهم
وبينهم قال تعالي (وَمَا خَلَقْتُ الْجِنَّ وَالْإِنْسَ إِلَّا لِيَعْبُدُونِ (56)
مَا أُرِيدُ مِنْهُمْ مِنْ رِزْقٍ وَمَا أُرِيدُ أَنْ يُطْعِمُونِ (57)/سورة
الذاريات)
*
وأنهم لكي يعبدوه فقد كلفهم بشريعة تتصف بهذا الوصف من الثبات، وعدم
التغير أو النقص أو التبدل أو التبديل بعد إحكامه سبحانه هذا التشريع،وأن
النسخ أو التبديل الذي أنزله سبحانه أثناء تنزيل القرآن هو من هذا الإحكام
الذي أنزل الله به هذه الشرعة القيمة،ولا تعارض مطلقاً بين النسخ والتبديل
الذي استنه الخالق سبحانه في الكتاب وقرره،وبين قانون التنزيل بالحق حيث
يبدأ معني التنزيل بالحق بعد أن أحكم الله تعالي آياته وإحكام الآيات لم
يتحقق وهي مازالت لم تكتمل طوال عملية التنزيل،ولكن هذا الإحكام لآيات الله
قد تحقق عند ارتفاع الوحي وموت النبي محمد صلي الله عليه وسلم،وتمام قوله
تعالي(حُرِّمَتْ عَلَيْكُمُ الْمَيْتَةُ وَالدَّمُ وَلَحْمُ الْخِنْزِيرِ
وَمَا أُهِلَّ لِغَيْرِ اللَّهِ بِهِ وَالْمُنْخَنِقَةُ وَالْمَوْقُوذَةُ
وَالْمُتَرَدِّيَةُ وَالنَّطِيحَةُ وَمَا أَكَلَ السَّبُعُ إِلَّا مَا
ذَكَّيْتُمْ وَمَا ذُبِحَ عَلَى النُّصُبِ وَأَنْ تَسْتَقْسِمُوا
بِالْأَزْلَامِ ذَلِكُمْ فِسْقٌ الْيَوْمَ يَئِسَ الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْ
دِينِكُمْ فَلَا تَخْشَوْهُمْ وَاخْشَوْنِ الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ
دِينَكُمْ وَأَتْمَمْتُ عَلَيْكُمْ نِعْمَتِي وَرَضِيتُ لَكُمُ
الْإِسْلَامَ دِينًا فَمَنِ اضْطُرَّ فِي مَخْمَصَةٍ غَيْرَ مُتَجَانِفٍ
لِإِثْمٍ فَإِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ(3)/ سورة المائدة)، وهي من أواخر
السور المدنية تنزيلاً،إن أجل معاني التنزيل بالحق هي ما تم من شرعته
وانتهي إتمامه بإرتفاع الوحي وقبض رسول الله صلي الله عليه وسلم،فحينئذ
وحينئذ فقط قد تحقق قوله تعالي(وبالحق نزل)،وهو في أثناء عملية التنزيل
ينطبق عليه قوله تعالي(وبالحق أنزلناه)،ولذلك فقد تأكد لنا أن شريعة الله
المنزلة في كتاب الله تعالي،والخالدة إلي يوم القيامة هي شريعة متضمنة معني
الثبات بلا شك لأنها أنزلت بالحق وبالحق نزلت،
وعلي ذلك :
*