الثلاثاء، 19 أبريل 2022

تابع عيون الأثر -سرية زيد بن حارثة إلى حسمى و ـ وفد تجيب ـ - عيون الاثر مجلد: 2 من ص 301 سطر 1 الى ص 310 سطر 15ـ وفد تجيب

 

ـ101ـ ـ سرية زيد بن حارثة إلى حسمى ـ

................ ....................

- عيون الاثر مجلد: 2 من ص 101 سطر 1 الى ص 110 سطر 8

ـ سرية زيد بن حارثة إلى حسمى  ثم سرية زيد بن حارثة إلى حسمى وهى وراء وادى القرى في جمادى الآخرة سنة ست

قالوا أقبل دحية بن خليفة الكلبى من عند قيصر وقد أجازه وكساه فلقيه

الهنيد بن عارض وابنه عارض بن الهنيد - وعند ابن اسحق عوض فيهما بدل

عارض - في ناس من جذام بحسمى فقطعوا عليه الطريق فلم يتركوا عليه إلا سمل

ثوب فسمع بذلك نفر من بنى الضبيب فنفروا إليهم فاستنقذوا لدحية متاعه ، وقدم

دحية على النبى صلى الله عليه وسلم فأخبره بذلك فبعث زيد بن حارثة في خمسمائة رجل

ورد معه دحية ، وكان زيد يسير بالليل ويكمن بالنهار ومعه دليل له من بنى عذرة

فأقبل بهم حتى هجم بهم مع الصبح على القوم فأغاروا عليهم فقتلوا فيهم فأوجعوا

وقتلوا الهنيد وابنه وأغاروا على ما شيتهم ونعمهم ونسلئهم فأخذوا من النعم ألف بعير

ومن الشاء خمسة آلاف شاة ومن السبى مائة من النساء والصبيان فرحل زيد

ابن رفاعة الجذامى في نفر من قومه إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فدفع إلى

رسول الله صلى الله عيه وسلم كتابه الذى كان كتب له ولقومه ليالى قدم عليه

فأسلم وقال يا رسول الله لا تحرم علينا جلالا ولا تحل لنا حراما . قال فكيف

أصنع بالقتلى . قال أبويزيد بن عمرو أطلق لنا يا رسول الله من كان حيا ومن

قتل فهو تحت قدمى هاتين . فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم صدق أبويزيد

فبعث معهم عليا إلى زيد بن حارثة يأمره أن يخلى بينهم وبين حرمهم وأموالهم

فتوجه على ولقى رافع بن مكيث الجهنى بشير بن حارثة على ناقة من إبل

ـ102ـ

القوم فردها على على القوم . ولقى زيدا بالفحلتين وهى بين المدينة وذى المروة

فأبلغه أمر رسول الله صلى الله عليه وسلم . فرد إلى الناس كل ما كان أخذ لهم .

وذكر غير ابن سعد أمر هذه السرية أطول من هذا . وحسمى على مثل فعلى

مكسور الاول قيده أبوعلى موضع من أرض جذام ، وذكروا أن الماء في الطوفان

أقام به بعد نضوبه ثمانين سنة . وعند ابن اسحق ابوزيد بن عمرو . وعنده رفاعة

ابن زيد الجذامى وهو الصحيح . وعوض قيده بعض الناس عوص . وقال النمرى

ليس عوض إلا في حمير أو عوض بن أرم بن سام بن نوح وفى غيرهما عوص .

ـ103ـ

ـ سرية زيد بن حارثة إلى وادى القرى ـ

ثم سرية زيد بن حارثة إلى وادى القرى في رجب سنة ست

قال ابن عائذ : وأخبرنى الوليد بن مسلم عن عبدالله بن لهيعة عن أبى الاسود

عن عروة قال ثم غزوة زيد بن حارثة إلى وادى القرى فأصيب يومئذ من المسلمين

ورد بن مرداس وارتث زيد بن حارثة من بين وسط القتلى . وقال غيره فلما قدم

زيد آلى أن لايمس رأسه غسل جنابة حتى يغزو بنى فزارة . فلما استبل من جراحه

بعثه رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى بنى فزارة في جيش فقتلهم بوادى القرى .

وعن ابن اسحق من طريق يونس بن بكير قال حدثنى عبدالله بن أبى بكر

قال بعث رسول الله صلى الله عليه وسلم زيد بن حارثة إلى وادى القرى فلقى به

بنى فزارة وأصيب بها ناس من أصحابه وانفلت زيد من بين القتلى فأصيب فيها

أحد بنى سعد بن هزيم أصابه أحد بنى بكر فلما قدم زيد بن حارثة نذر أن لا يمس

رأسه غسل من جنابة حتى يغزو فزارة فلما استبل جراحه بعثه رسول الله صلى الله

عليه وسلم في جيش إلى بنى فزارة فلقيهم بوادى القرى وأصاب فيهم . وقتل قيس

ابن المسحر بن النعمان مسعدة بن حكمة بن مالك بن بدر وأسر أم قرفة وهى فاطمة

بنت زمعة بن بدر وكانت عند حذيفة بن بدر عجوزا كبيرة وبنت لها وعبدالله

ابن مسعدة فأمر زيد بن حارثة أن تقتل أم قرفة فقتلها قتلا عنيفا وربط برجليها

ـ104ـ

حبلين ثم ربطا إلى بعيرين شتى حتى شقاها . ثم قدموا على رسول الله صلى الله

عليه وسلم بابنة أم قرفة وبعبد الله بن مسعدة فكانت بنت أم قرفة لسلمة بن

الا ؟ ؟ ؟ كان هو الذى أصابها ، وكانت في بيت شرف من قومها . كانت العرب

تقول لو كنت أعز من أم قرفة فسألها رسول الله صلى الله عليه وسلم فوهبها

له فأهداها لخاله حزن بن أبى وهب فولدت له عبدالرحمن بن حزن . هكذا ذكر

محمد بن اسحق ومحمد بن سعد أن أمير هذه السرية زيد بن حارثة . وقد روينا في

صحيح مسلم أن رسول الله صلى الله عليه وسلم بعث أبا بكر إلى بنى فزارة وسيأتى

لهذا الخبر مزيد بيان إن شاء الله تعالى .

ـ105ـ

ـ سرية عبدالرحمن بن عوف إلى دومة الجندل ـ

قال ابن سعد ثم سرية عبدالرحمن بن عوف إلى دومة الجندل في شعبان سنة ست

قالوا دعا رسول الله صلى الله عليه وسلم عبدالرحمن بن عوف فأقعده بين يديه وعممه

بيده . وقال اغز بسم الله وفى سبيل الله فقاتل من كفر بالله ولا تغل ولا تغدرو لا

تقتل وليدا . وبعثه إلى كلب بدومة الجندل فقال إن استجابوا لك فتزوج ابنة

ملكهم ، فسار عبدالرحمن بن عوف حتى قدم دومة الجندل فمكث ثلاثة أيام

يدعوهم إلى الاسلام فأسلم الاصبغ بن عمرو الكلبى وكان نصرانيا وكان رأسهم

وأسلم معه ناس كثير من قومه وأقام من أقام على إعطاء الجزية وتزوج

عبدالرحمن بن عوف تماضر بنت الاصبغ وقدم بها إلى المدينة وهى أم أبى سلمة

ابن عبدالرحمن . وذكر ابن إسحق أن النبى صلى الله عليه وسلم بعث أبا عبيدة

ابن الجراح لدومة الجندل في سرية .

ـ106ـ

ـ سرية زيد بن حارثة إلى مدين ـ

وذكر ابن اسحق سرية لزيد بن حارثة إلى مدين قال فأصاب سبيا من أهل

مينا وهى السواحل وفيها جماع من الناس فبيعوا ففرق بينهم يعنى بين الامهات

والاولاد فخرج رسول الله صلى الله عليه وسلم وهم يبكون فقال ما لهم فقيل يا رسول

الله فرق بينهم فقال لا تبيعوهم إلا جميعا . وكان مع زيد بن حارثة في هذه السرية

ضميرة مولى على بن أبى طالب وأخ له .

ـ107ـ

ـ سرية على بن ابى طالب إلى بنى سعد بن بكر بفدك ـ

قال ابن سعد عطفا على سرية عبدالرحمن بن عوف ثم سرية على بن أبى

طالب إلى بنى سعد بن بكر بفدك في شعبان سنة ست قالوا بلغ رسول

الله صلى الله عليه وسلم أن لهم جمعا يريدون أن يمدوا يهود خيبر فبعث اليهم

عليا في مائة رجل فسار الليل وكمن النهار حتى انتهى إلى الغمج - وهو ماء

بين خيبر وفدك وبين فدك والمدينة ست ليال - فوجدوا به رجلا فسألوه عن القوم

فقال أخبركم على أنكم تؤمنونى فأمنوه فدلهم فأغاروا عليهم وأخذوا خمسمائة بعير

وألفى شاة وهر بت بنو سعد بالظعن ورأسهم وبر بن عليم فعزل على صفى رسول الله

صلى الله عليه وسلم لقوحا ( 1 ) تدعى الحقدة ، ثم عزل الخمس وقسم سائر الغنائم على

أصحابه . وذكر الحاكم بسنده في هذا الخبر من طريق الواقدى وقال فأصاب

عينا وأقر لهم أنه بعث إلى خيبر يعرض عليهم نصر هم على أن يجعلوا لهم تمر خيبر .

* ( هامش ) * ( 1 ) بفتح اللام وهى النافة الحلوب . ( * )

ـ108ـ

ـ سرية زيد بن حارثة إلى ام قرفة ـ

بوادى القرى

ذكر ابن سعد أنها في شهر رمضان سنة ست . قال قالوا خرج زيد بن حارثة

في تجارة إلى الشام ومعه بضائع لاصحاب النبى صلى الله عليه وسلم فلما كان

دون وادى القرى لقيه ناس من فزارة من بنى بدر فضربوه وضربوا أصحابه

وأخذوا ما كان معهم . ثم استبل ( 1 ) زيد . وذكر ابن سعد نحو ما سبق عن ابن

اسحق من طريق ابن بكير في خبر أم قرفة السابق وقال في آخره وقدم زيد بن

حارثة من وجهه ذلك فقرع باب النبى صلى الله عليه وسلم فقام اليه عريانا يجرثوبه حتى اعتنقه

وقبله وساءله فأخبره بما ظفره الله به . كذا ثبت عن ابن سعد لزيد سريتان

بوادى القرى إحداهما في رجب والثانية في رمضان . وإنما قالوا أعز من أم قرفة

لانها كانت يعلق في بيتها خمسون سيفا كلهم لها ذو محرم . والواقدى يذكر

أنها قتلت يوم بزاخة وإنما المقتول يوم بزاخة بنوها التسعة . وذكر الدولابى أن

زيدا إنما قتلها كذلك لسبها رسول الله صلى الله عليه وسلم . وعند مسلم أن رسول

الله صلى الله عليه وسلم فدا بابنتها أسيرا كان في قريش من المسلمين وهو مخالف لما حكيناه

عن ابن اسحق من أنها صارت لحزن بن أبى وهب . وقيس بن المسحر بتقديم

السين عند الطبرى ، وبتقديم الحاء عند غيره وفتح السين ، ومن الناس من

يكسرها . وورد بن عمرو بن خداش . وفى الاصل عمرو بن مرداس وكأنه تصحيف

وهو أحد بنى سعد بن هذيم وهو سعد بن زيد بن ليث بن سود بن أسلم بن الحاف

ابن قضاعة حضنه عبد اسمه هذيم فغلب عليه . قاله ابن الكلبى .

* ( هامش ) * ( 1 ) أى بصح من مرضه . ( * )

ـ109ـ

ـ سرية عبدالله بن رواحة إلى اسير بن رزام ـ

وغير ابن سعد يقول اليسير بن رزام اليهودى بخيبر في شوال سنة ست

قالوا لما قتل أبورافع سلام بن أبى الحقيق أمرت يهود عليهم أسير بن رزام

فسار في غطفان وغيرهم فجمعهم لحرب رسول الله صلى الله عليه وسلم وبلغ ذلك رسول الله

صلى الله عليه وسلم فوجه عبدالله بن رواحة في ثلاثة نفر في شهر رمضان سرا فسأل

عن خبره وغرته فأخبر بذلك . فقدم على رسول الله صلى الله عليه وسلم فأخبره

فندب رسول الله صلى الله عليه وسلم الناس فانتدب له ثلاثون رجلا فبعث

عليهم عبدالله بن رواحة فقدموا على أسير فقالوا نحن آمنون حتى نعرض عليك

ماجئنا له ، قال نعم ولى منكم مثل ذلك . فقالوا نعم ، فقلنا إن رسول الله صلى

 

الله عليه وسلم بعثنا اليك لتخرج اليه فيستعملك على خيبر ويحسن اليك فطمع

في ذلك فخرج وخرج معه ثلاثون رجلا من اليهود مع كل رجل رديف من المسلمين

حتى إذا كنا بقرقرة تبار ندم أسير فقال عبدالله بن أنيس الجهنى وكان في السرية

وأهوى بيده إلى سيفى ففطنت له ودفعت بعيرى وقلت غدرا أى عدو الله . فعل

ذلك مرتين فنزلت فسقت بالقوم حتى انفرد لى أسير فضربته بالسيف فأندرت ( 1 )

عامة فخذه وساقه وسقط عن بعيره وبيده مخرش ( 2 ) من شوحط فضر بنى فشجنى

مامومة ( 3 ) وملنا على أصحابه فقتلناهم كما هم غير رجل واحد أعجزنا شدا . ولم يصب

* ( هامش ) * ( 1 ) أى : رميت

( 2 ) أى : عصا معوجة الرأس

( 3 ) أى : شجة بلغت أم الرأس . ( * )

ـ110ـ

من المسلمين أحد ثم أقبلنا إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فحدثناه الحديث

فقال قد نجاكم الله من القوم الظالمين . وقال ابن عائذ أخبرنا الوليد عن عبدالله

ابن لهيعة عن أبى الاسود عن عروة قال بعث رسول الله صلى الله عليه وسلم عبدالله

ابن عتيك في ثلاثين راكبا فيهم عبدالله بن أنيس . وقال غير الوليد بعث

عبدالله بن رواحة . وفيما ذكره ابن ؟ ؟ ؟ وقدموا على رسول الله صلى الله عليه وسلم

فبصق في شجته فلم تقح ولم تؤذه حتى مات . وقال ابن اسحق ان ابن رواحة غزا

خيبر مرتين احداهما التى أصاب فيها ابن رزام .

ـ111ـ

ـ سرية عمرو بن امية الضمرى وسلمة بن حريش ـ

............................................................................

- عيون الاثر مجلد: 2 من ص 111 سطر 1 الى ص 120 سطر 23

ـ سرية عمرو بن امية الضمرى وسلمة بن حريش ـ

وعند ابن اسحق جبار بن صخر بدل سلمة بن حريش

قال ابن سعد : ثم سرية عمرو بن أمية الضمرى وسلمة بن أسلم بن حريش

إلى أبى سفيان بن حرب بمكة وذلك أن أبا سفيان بن حرب قال لنفر من

قريش ألا أحد يغتر محمدا فانه يمشى في الاسواق فأتاه رجل من الاعراب فقال :

قد وجدت أجمع الرجال قلبا وأشده بطشا وأسرعه شدا فان أنت قويتنى خرجت

إليه حتى أغتاله ومعى خنجر مثل خافية النسر فأسوره ( 1 ) ثم آخذه في غبر وأسبق

القوم عدوا فانى هاد بالطريق خريت ( 2 ) . قال أنت صاحبنا فأعطاه بعيرا ونفقة

وقال اطو أمرك فخرج ليلا فسار على راحلته خمسا وصبح ظهر الحرة صبح سادسة .

ثم أقبل يسأل عن رسول الله صلى الله عليه وسلم حتى دل عليه فعقل راحلته

ثم أقبل إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو في مسجد بنى عبد الاشهل فلما رآه

رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : إن هذا ليريد غدرا فذهب ليحنى على رسول الله

صلى الله عليه وسلم فجذبه أسيد بن الحضير بداخلة إزاره فاذا بالخنجر فأسقط في يديه

وقال دمى دمى . فأخذ أسيد بلبته فذعته ( 3 ) فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم أصدقنى

ما أنت قال وأنا آمن قال نعم فأخبره بأمره وما جعل له أبوسفيان فخلى عنه

* ( هامش ) * ( 1 ) أى : ارتفع اليه وآخذه .

( 2 ) أى : ماهر .

( 3 ) أى : ضغط على رقبته . ( * )

ـ112ـ

رسول الله صلى الله عليه وسلم وبعث رسول الله صلى الله عليه وسلم عمرو بن أمية

الضمرى وسلمة بن أسلم إلى أبى سفيان بن حرب وقال إن أصبتما منه غرة فاقتلاه

فدخلامكة ومضى عمرو بن أمية يطوف بالبيت ليلا فرآه معاوية بن أبى سفيان

فعرفه فأخبر قريشا بمكانه فخافوه وطلبوه وكان فاتكا في الجاهلية وقالوا لم يأت

عمرو لخير فحشد له أهل مكة وتجمعوا وهرب عمرو وسلمة فلقى عمرو عبيدالله بن

مالك بن عبيدالله التيمى فقتله وقتل آخر من بنى الديل سمعه يتغنى ويقول :

ولست بمسلم مادمت حيا * ولست أدين دين المسلمينا

ولقى رسولين لقريش بعثهما يتجسسان الخبر فقتل أحدهما وأسر الآخر فقدم

المدينة فجعل عمرو يخبر رسول الله صلى الله عليه وسلم ورسول الله صلى الله عليه وسلم يضحك .

ـ113ـ

ـ غزوة رسول الله صلى الله عليه وسلم الحديبية ـ

قال ابن اسحق ثم أقام رسول الله صلى الله عليه وسلم بالمدينة يعنى بعد غزوة

بنى المصطلق رمضان وشوالا وخرج من ذى القعدة معتمرا لا يريد حربا . وعند

ابن سعد يوم الاثنين لهلال ذى القعدة قال ابن هشام واستعمل على المدينة بميلة

ابن عبدالله الليثى قال ابن اسحق واستنفر العرب ومن حوله من أهل البوادى

من الاعراب وهو يخشى من قريش الذى صنعوا أن يعرضوا له بحرب أويصدوه

عن البيت فأبطأ عليه كثير من الاعراب وخرج رسول الله صلى الله عليه وسلم

بمن معه من المهاجرين والانصار ومن لحق به من العرب وساق الهدى معه وأحرم

بالعمرة ليأ من الناس من حربه وليعلم الناس انه انما خرج زائرا لهذا البيت

ومعظما له . حدثنى محمد بن مسلم بن شهاب الزهرى عن عروة بن الزبير عن

مسور بن مخرمة ومروان بن الحكم أنهما حدثاه قالا خرج رسول الله صلى الله عليه وسلم عام

الحديبية يريد زيارة البيت لا يريد قتالا وساق معه الهدى سبعين بدنة وكان الناس

سبعمائة رجل فكانت كل بدنة عن عشرة نفر . وقال ابن عقبة عن جابر عن كل

 

سبعة بدنة . وذكر ابن عائد عن الوليد بن مسلم عن الزهرى كانوا أربع عشرة

مائة . وروينا عن البراء من طريق ابن سعد وغيره كانوا ألفا وأربعمائة وروينا

عن جابر كانوا خمس عشرة مائة أخبرنا الشيخ نظام الدين أ بوعبدالله محمد بن

الحسن بن الحسين الخليلى قراءة عليه وأنا أسمع بمصر قال أنا أبونصر بن الدجاجى

اجازة من بغداد قال أنا أبوالحسن محمد بن محمد بن علوى الكوفى قراءة عليه وأنا

ـ114ـ

أسمع قال أنا أبوالفرج محمد بن أحمد بن علوان الخازن قال أنا القاضى أ بوعبدالله

الجعفى فثنا أبوجعفر محمد بن رباح الاشجعى فثنا أبوالحسن على بن منذر الطريفى

فثنا محمد بن فضيل بن غروان الضبى فثنا حصين بن عبدالرحمن عن سالم بن أبى

الجعد عن جابر بن عبدالله قال عطش الناس يوم الحديبية ورسول الله صلى الله

عليه وسلم بين يديه ركوة يتوضأ منها فأقبل الناس نحوه فقال مالكم مالكم قالوا

يا رسول الله ليس عند ناماء نشرب ولا نتوضأ منه إلا ما في ركوتك فوضع رسول

الله صلى الله عليه وسلم يده في الركوة ( 1 ) فجعل الماء يفور من بين أصابعه أمثال

العيون قال فشر بنا وتوضأنا . قال فقلت لجابركم كنتم يومئذ قال لو كنامائة ألف

لكفانا كنا خمس عشرة مائة ، وقال ابن سعد ويقال ألف وخمسمائة وخمسة

وعشرون رجلا . وأحرم معه زوجه أم المؤمنين . وروينا عن عبدالله بن

أبى أوفى من طريق ابن سعد كانوا ألفا وثلاثمائة . قال ابن اسحق وخرج رسول

الله صلى الله عليه وسلم حتى إذا كان بعسفان لقيه بشر بن سفيان الكعبى ، وابن هشام يقول

بسر فقال يا رسول الله هذه قريش قد سمعت بمسيرك فخرجوا معهم العوذ المطافيل ( 2 )

قد لبسوا جلود النمور وقد نزلوا بذى طوى يعاهدون الله أن لا تدخلها عليهم عنوة

أبدا وهذا خالد بن الوليد في خيلهم وقد قدموها إلى كراع الغميم . وقال ابن

سعد قدموا مائتى فارس عليها خالد بن الوليد ويقال عكرمة بن أبى جهل قال

ودنا خالد في خيله حتى نظر إلى أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم فأمر رسول الله صلى الله

عليه وسلم عباد بن بشر فتقدم في خيله فقام بازائه وصف أصحابه وحانت صلاة

الظهر فصلى رسول الله صلى الله عليه وسلم باصحابه صلاة الخوف .

رجع إلى ابن إسحق : قال فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم يا ويح قريش أكلتهم الحرب

* ( هامش ) * ( 1 ) إناء صغير يشرب فيه الماء .

( 2 ) يريد النساء والصبيان . ( * )

ـ115ـ

ماذا عليهم لو خلوا بينى وبين سائر العرب فان هم أصابونى كان ذلك الذى أرادوا

واين أظهرنى الله عليهم دخلوا في الاسلام وافرين وإن لم يفعلوا قاتلوا وبهم

قوة فما تطن قريش فوالله لا أزال أجاهد على الذى بعثنى الله به حتى يظهره الله

أو تنفرد هذه السالفة ، ثم قال من رجل يخرج بنا على طريق غير طريقهم التى هم

بها . فحدثنى عبدالله بن أبى بكر أن رجلا من أسلم قال أنا يا رسول الله قال

فسلك بهم طريقا وعرا أجذل بين شعاب فلما خرجوا منه وقد شق ذلك على

المسلمين وأفضوا إلى أرض سهلة عند منقطع الوادى قال رسول الله صلى الله عليه وسلم للناس

قولوا نستغفر الله ونتوب اليه فقالوا ذلك فقال والله إنها للحطة التى عرضت على

بنى إسرائيل فلم يقولوها ، قال ابن شهاب فأمر رسول الله صلى الله عليه وسلم الناس فقال

اسلكوا ذات اليمين بين ظهرى الحمض في طريق يخرجه على ثنية المرار مهبط

الحديبية من أسفل مكة قال فسلك الجيش ذلك الطريق فلما رأت قريش فترة

الجيش قد خالفوا عن طريقهم ركضوا راجعين إلى قريش وخرج رسول الله صلى

الله عليه وسلم حتى إذا سلك في ثنية المرار مهبط الحديبية من أسفل مكة قال

فسلك الجيش ذلك الطريق فلما رأته ناقته بركت ، فقال الناس خلات ( 1 ) فقال

ما خلات وما هو لها بخلق ولكن حبسها حابس الفيل عن مكة لاتدعونى قريش

اليوم إلى خطة يسألون فيها صلة الرحم إلا أعطيتهم إياهما ثم قال للناس انزلوا قيل

له يا رسول الله ، ابالوادى ماء ننزل عليه فأخرج سهما من كنانته فأعطاه رجلا من

أصحابه فنزل في قليب من تلك القلب فغرزه في جوفه فحاش بالرواء حتى

ضرب الناس عنه بعطن ( 2 ) قال فحدثنى بعض أهل العلم عن رجال من أسلم أن الذى

أنزل في القليب ناجية بن جندب سائق بدن رسول الله صلى الله عليه وسلم . وقد زعم لى

* ( هامش ) * ( 1 ) أى : حرنت .

( 2 ) مثل لتوسع الناس بكثرة الماء . ( * )

 

ـ116ـ

بعض اهل العلم ان البراء بن عارب كان يقول انا الذى نزلت بسهم رسول الله

صلى الله عليه وسلم فالله أعلم . قال الزهرى في حديثه فلما اطمأن رسول الله

صلى الله عليه وسلم أتاه بديل بن ورقاء في رجال من خزاعة فكلموه وسألوه ما الذى

جاء به فأخبرهم أنه لم يأت يريد حربا وإنما جاء زائرا للبيت ومعظما لحرمته ثم قال لهم

نحوا مما قال لبسر بن سفيان فرجعوا إلى قريش فقالوا يا معشر قريش إنكم

تعجلون على محمد إن محمدا لم يأت لقتال إنما جاء زائرا لهذا البيت فاتهموهم وجبهوهم

وقالوا إن كان جاء ولا يريد قتالا فوالله لا يدخلها علينا عنوة أبدا ولا تحدث بذلك

عنا العرب وكانت خزاعة عيبة رسول الله صلى الله عليه وسلم مسلمها ومشركها

لا يخفون عليه شيئا كان بمكة ثم بعثوا اليه مكرز بن حفص بن الاخيف أخابنى

عامر فلما رآه رسول الله صلى الله عليه وسلم مقبلا قال هذا الرجل غادر فلما انتهى إلى رسول

الله صلى الله عليه وسلم وكلمه قال له رسول الله صلى الله عليه وسلم نحوا مما قال لبديل وأصحابه

فرجع إلى قريش وأخبرهم بما قال له رسول الله صلى الله عليه وسلم ، ثم بعثوا اليه الحليس بن

علقمة بن ريان وكان يومئذ سيد الاحابيش وهو أحد بنى الحرث بن عبد مناة

ابن كنانة ، فلما رآه رسول الله صلى الله عليه وسلم قال إن هذا من قوم يتألهون فابعثوا الهدى

في وجهه حتى يراه ، فلما رأى الهدى يسير اليه من عرض الوادى بقلائده قد أكل

أوباره من طول الحبس عن محله رجع إلى قريش ولم يصل إلى رسول الله صلى الله

عليه وسلم إعظاما لما رأى فقال لهم ذلك ، فقالوا له إجلس فانما أنت أعرابى لا علم

لك فحدثنى عبدالله بن أبى بكر أن الحليس غضب عند ذلك وقال يا معشر

قريش والله ما على هذا حالفنا كم ، ولا على هذا عاقدناكم ؟ ؟ ؟ عن بيت الله

من جاءه معظما ، والذى نفس الحليس بيده لتخلن بين محمد وما جاء له أو لانفرن

بالاحابيش نفرة رجل واحد . قال فقالوا مه كف عنا يا حليس حتى نأخذ لانفسنا

ما نرضى به . قال الزهرى في حديثه ثم بعثوا إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم

ـ117ـ

عروة بن مسعود الثقفى فقال يا معشر قريش إنى قد رأيت ما يلفى منكم من بعثتموه

إلى محمد إذا جاءكم من التعنيف وسوء اللفظ وقد عرفتم أنكم والد وأنى ولد ،

وكان عروة لسبيعة بنت عبد شمس ، وقد سمعت بالذى نابكم فجمعت من أطاعنى

من قومى ثم جئتكم حتى آسيتكم بنفسى ، قالوا صدقت ما أنت عندنا بمتهم فخرج

حتى أتى رسول الله صلى الله عليه وسلم فجلس بين يديه ثم قال يا محمد : أجمعت

أوشاب الناس ثم جئت بهم إلى بيضتك لنقضها بهم انها قريش قد خرجت معها

العوذ المطافيل قد لبسوا جلود النمور يعاهدون الله لا تدخلها عليهم عنوة أبدا

وايم الله لكأنى بهؤلاء قد انكشفوا عنك غدا . قال وأبوبكر الصديق خلف

رسول الله صلى الله عليه وسلم قاعد فقال امصص بظر اللات أنحن ننكشف عنه !

قال من هذا يا محمد ؟ قال هذا ابن ابى قحافة ، قال أما والله لولايد كانت لك

عندى لكافأتك بها ، ولكن هذه بها قال ثم جعل يتناول لحية رسول الله صلى

الله عليه وسلم وهو يكلمه قال والمغيرة بن شعبة واقف على رأس رسول الله صلى

الله عليه وسلم في الحديد . قال فجعل يقرع يده إذا تناول لحية رسول الله صلى

الله عليه وسلم ويقول اكفف يدك عن وجه رسول الله صلى الله عليه وسلم قبل

أن لا تصل إليك ، قال فيقول عروة ويحك ما أفضك وما أغلظك قال فتبسم رسول الله

صلى الله عليه وسلم فقال له عروة من هذا يا محمد ؟ قال هذا ابن أخيك المغيرة بن شعبة ، قال

أى غدر وهل غسلت سوءتك إلا بالامس . قلت كذا وقع في هذا الخبر أن عروة

عم المغيرة . وإنما هو عم أبيه . هو المغيرة بن شعبة بن أبى عامر بن مسعود

فعروة وأبوعامر اخوان . قال ابن هشام أراد عروة بقوله هذا أن المغيرة قبل

إسلامه قتل ثلاثة عشر رجلا من بنى مالك من ثقيف فتهايج الحيان من ثقيف

وبنو مالك رهط المقتولين والاحلاف رهط المغيرة فودى عروة المقتولين ثلاثة

ـ118ـ

عشر دية وأصلح ذلك الامر . قال الزهرى فكلمه رسول الله صلى الله عليه وسلم نحوا مما

كلم به أصحابه وأخبره أنه لم يأت يريد حربا فقام من عند رسول الله صلى الله

عليه وسلم وقد رأى ما يصنع به أصحابه لا يتوضأ إلا ابتدروا وضوءه ولا يبصق

بصاقا إلا ابتدروه ولا يسقط من شعره شئ إلا أخذوه ، فقال يا معشر قريش

إنى جئت كسرى في ملكه وقيصر في ملكه والنجاشى في ملكه ، وإنى والله

ما رأيت ملكا في قوم قط مثل محمد في أصحابه ، ولقد رأيت قوما لا يسلمونه لشئ

أبدا فروا رأيكم ، قال ابن اسحق فحدثنى بعض أهل العلم أن رسول الله صلى الله

عليه وسلم دعا خراش بن أمية الخزاعى فبعثه إلى قريش بمكة وحمله على بعير

له يقال له الثعلب ليبلغ أشرافهم عنه ماجاء له فعقروا به جمل رسول الله صلى الله

عليه وسلم وأرادوا قتله فمنعه الاحابيش فخلوا سبيله حتى أتى رسول الله صلى الله

عليه وسلم . وحدثنى بعض من لا أتهم عن عكرمة مولى ابن عباس أن قريشا كانوا

بعثوا أربعين رجلا منهم أو خمسين رجلا وأمروهم أن يطيفوا بعسكر رسول الله

صلى الله عليه وسلم ليصيبوا لهم من أصحابه أحدا فأخذوا أخذا فأتى بهم رسول الله صلى الله

عليه وسلم فعفا عنهم وخلى سبيلهم وقد كانوا رموا في عسكر رسول الله صلى الله

عليه وسلم بالحجارة والنبل ثم دعا عمر بن الخطاب ليبعثه إلى مكة فيبلغ عنه

أشراف قريش ما جاء له فقال يا رسول الله إنى أخاف قريشا على نفسى بمكة وما

بمكة من بنى عدى بن كعب أحد يمنعنى وقد عرفت قريش عدوانى إياها وغلظتى

عليها ولكن أدلك على رجل أعزبها منى عثمان بن عفان فدعا رسول الله صلى الله عليه وسلم

عثمان بن عفان فبعثه إلى أبى سفيان واشراف قريش يخبر هم أنه لم يأت لحرب وانه

لم يأت إلا زائرا لهذا البيت ومعظما لحرمته فخرج عثمان بن عفان إلى مكة

فلقيه أبان بن سعيد بن العاص حين دخل مكة أو قبل أن يدخلها فجعله بين

يديه ثم أجاره حتى بلغ رسالة رسول الله صلى الله عليه وسلم فانطلق عثمان حتى أتى

ـ119ـ

أبا سفيان وعظماء قريش فبلغهم عن رسول الله صلى الله عليه وسلم ما أرسله به .

فقال لعثمان حين فزع من رسالة رسول الله صلى الله عليه وسلم إليهم إن شئت

أن تطوف بالبيت فطف . قال ما كنت لافعل حتى يطوف به رسول الله صلى

الله عليه وسلم فاحتبسته قريش عندها فبلغ رسول الله صلى الله عليه وسلم

والمسلمين أن عثمان قد قتل قال ابن إسحق . فحدثنى عبدالله بن أبى بكر أن

رسول الله صلى الله عليه وسلم قال حين بلغه أن عثمان قد قتل لا نبرح حتى نناجز

القوم ودعا رسول الله صلى الله عليه وسلم الناس إلى البيعة فكانت بيعة

الرضوان تحت الشجرة فكان الناس يقولون بايعهم رسول الله صلى الله عليه وسلم

على الموت وكان جابر بن عبدالله يقول إن رسول الله صلى الله عليه وسلم لم يبايعنا

على الموت ولكن بايعنا على أن لا نفر فبايع رسول الله صلى الله عليه وسلم الناس ولم يتخلف

عنه أحد من المسلمين حضره إلا الجد بن قيس أحد بنى سلمة فكان جابر يقول

والله لكأنى أنظر اليه لا صقا بابط ناقته قد ضبأ ( 1 ) اليها يستتر بها من الناس . ثم

أتى رسول الله صلى الله عليه وسلم أن الذى ذكر من أمر عثمان باطل . قال ابن

هشام فذكر وكيع عن اسماعيل بن أبى خالد عن الشعبى أن أول من بايع رسول

الله صلى الله عليه وسلم بيعة الرضوان أبوسنان الاسدى . قال ابن اسحق قال

الزهرى ثم بعثت قريش سهيل بن عمرو أخا بنى عامر بن لؤى إلى رسول الله

صلى الله عليه وسلم قالوا ائت محمدا وصالحه ولا يكن في صلحه إلا أن يرجع عنا

عامه هذا فوالله لا تحدث العرب أنه دخلها علينا عنوة أبدا ، فأتاه سهيل بن عمرو

فلما رآه رسول الله صلى الله عليه وسلم مقبلا قال قد أراد القوم الصلح حين بعثوا

هذا الرجل فلما انتهى سهيل إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم تكلم فأطال

* ( هامش ) * ( 1 ) أى لصق بالارض يسنتر بالنا ؟ ؟ .

ـ120ـ

الكلام وتراجعا ثم جرى بينهما الصلح فلما التأم الامر ولم يبق إلا الكتاب

وثب عمر بن الخطاب فأتى أبا بكر فقال له يا أبا بكر أليس رسول الله قال بلى

قال أولسنا بالمسلمين قال بلى قال أو ليسوا بالمشركين قال بلى قال فعلام نعطى

الدنية في ديننا قال أبوبكر يا عمر الزم غرزه ( 1 ) فانى أشهد أنه رسول الله صلى الله عليه وسلم قال

عمر وأنا أشهد أنه رسول الله ثم أتى رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال يا رسول الله ألست برسول

الله قال بلى قال أولسنا بالمسلمين قال بلى قال أوليسوا بالمشركين قال بلى قال

فعلام نعطى الدنية في ديننا . قال أنا عبدالله ورسوله لن أخالف أمره ولن يضيعنى

قال فكان عمر يقول ما زلت أصوم وأتصدق وأصلى وأعتق من الذى صنعت

يومئذ مخافة كلامى الذى تكلمت به حين رجوت أن يكون خيرا . ثم دعا رسول

الله صلى الله عليه وسلم على بن أبى طالب فقال اكتب : بسم الله الرحمن الرحيم

قال فقال سهيل بن عمرو لا أعرف هذا ولكن اكتب باسمك اللهم فسكتبها ثم قال

اكتب هذا ما صالح عليه محمد رسول الله سهيل بن عمرو قال فقال سهيل بن عمرو

لو شهدتك أنك رسول الله لم أقاتلك ولكن اكتب اسمك واسم أبيك قال فقال

رسول الله صلى الله عليه وسلم اكتب هذا ما صالح عليه محمد بن عبدالله سهيل بن عمرو اصطلحا

على وضع الحرب عن الناس عشر سنين . يأمن فبهن الناس ويكف بعضهم

عن بعض على أنه من أتى محمدا من قريش بغير إذن وليه رده عليه ومن أتى قريشا

ممن مع محمد لم يردوه عليه وأن بيننا عيبة مكفوفة ( 2 ) وأنه لا إسلال ولا إغلال ( 3 )

وأنه من أحب أن يدخل في عقد محمد وعهده دخل فيه ، ومن أراد أن يدخل في

عقد قريش وعهدهم دخل فيه ، فتواثبت خزاعة فقالوا نحن في عقد محمد وعهده

* ( هامش ) * ( 1 ) الغرز ركاب الدابة ، أى ؟ ؟ ؟ قوله ونعله ولا تخالفه ( 2 ) أى صدرا ثقيا

من الغل والخداع مطريا على الوفاء . ( 3 ) الاسلال السرقة الخفية ، وقيل سل

السيوف ، أو سل بالشئ بالليل ؟ ؟ ؟ . والاغلال الخيانة

ـ121ـ

وتواثبت بنو بكر فقالوا نحن في عقد قريش وعهدهم ، وأنك ترجع عنا عامك

............................................................................

- عيون الاثر مجلد: 2 من ص 121 سطر 1 الى ص 130 سطر 18

وتواثبت بنو بكر فقالوا نحن في عقد قريش وعهدهم ، وأنك ترجع عنا عامك

هذا فلا تدخل علينا مكة وأنه إذا كان عام قابل خرجنا عنها فدخلتها بأصحابك

فأقمت بها ثلاثا معك سلاح الراكب السيوف في القرب لا تدخلها بغيرها فبينا

رسول الله صلى الله عليه وسلم يكتب الكتاب هو وسهيل بن عمرو إذ جاء أبوجندل بن

سهيل بن عمرو يرسف في الحديد قد انفلت إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم

وقد كان أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم خرجوا وهم لا يشكون في الفتح

لرؤيا رآها رسول الله صلى الله عليه وسلم فلما رأوا من الصلح والرجوع وما تحمل عليه

رسول الله صلى الله عليه وسلم في نفسه دخل الناس من ذلك عليهم أمر عظيم حتى

كادوا يهلكون فلما رأى سهيل أبا جندل قام اليه وضرب وجهه وأخذ بتلبيبه تم

قال يا محمد قد لحت القضية بينى وبينك قبل أن يأتيك هذا ، قال صدقت فجعل

يبتزه بتلبيبه ويجره ليرده إلى قريش وجعل أبوجندل يصرخ بأعلى صوته يا معشر

المسلمين أرد إلى المشركين يفتنونى في دينى فزاد الناس ذلك إلى ما بهم فقال رسول الله

صلى الله عليه وسلم : يا أبا جندل اصبرو احتسب فان الله جاعل لك ولن معك من

ا لمستضعفين فرجا ومخرجا إنا قد عقدنا بيننا وبين القوم صلحا وأعطيناهم

على ذلك وأعطونا عهد الله وانا لا نغدر بهم . قال فوثب عمر بن الخطاب مع أبى

جندل يمشى إلى جنبه ويقول اصبر يا أبا جندل فانما هم المشركون وإنما دم أحدهم

دم كلب قال ويدنى قائم السيف منه ، قال يقول عمر وددت أن يأخذ السيف

فيضرب به أباه . قال فضن الرجل بأبيه ونفذت القضية فلما فرغ الكتاب

أشهد على الصلح رجالا من المسلمين ورجالا من المشركين : أبوبكر الصديق

وعمر بن الخطاب و عبدالرحمن بن عوف وعبدالله بن سهيل بن عمرو وسعد بن

أبى وقاص ومحمود بن سلمة ومكر زبن حفص وهو مشرك وعلى بن أبى طالب

ـ122ـ

وكان هو كاتب الصحيفة . وكان رسول الله صلى الله عليه وسلم مضطربا في الحل وكان يصلى

في الحرم فلما فرغ من الصلح قام إلى هديه فنحره ثم جلس فحلق رأسه وكان

الذى حلقه فيما بلغنى في ذلك اليوم خراش بن أمية بن الفضل الخزاعى فلما رأى

الناس رسول الله صلى الله عليه وسلم قد نحر وحلق تواثبوا ينحرون ويحلقون .

وذكر ابن اسحق عن ابن أبى نجيح عن مجاهد عن ابن عباس دعا رسول الله

صلى الله عليه وسلم بالرحمة للمحلقين ثلاثا ، وللمقصرين مرة . وذكر ابن سعد

بسنده أن عثمان وأبا قتادة الانصارى ممن لم يحلق ، وقال ابن أبى نجيح حدثنى

 

مجاهد عن ابن عباس أن رسول الله صلى الله عليه وسلم أهدى عام الحديبية في

هداياه جملا لابى جهل في رأسه برة ( 1 ) من فضة ليغيظ بذلك المشركين . قال

الزهرى في حديثه ثم انصرف رسول الله صلى الله عليه وسلم من وجهه ذلك قافلا

حتى إذا كان بين مكة والمدينة نزلت سورة الفتح ( إنا فتحنا لك فتحا مبينا

ليغفر لك الله ما تقدم من ذنبك وما تأخر ويتم نعمته عليك ويهديك صراطا

مستقيما ) . ثم كانت القصة فيه وفى أصحابه حتى انتهى إلى ذكر البيعة فقال

( ان الذين يبايعونك إنما يبايعون الله ) الآية . ثم ذكر من تخلف عنه من

الاعراب ثم قال حين استنفرهم للخروج معه فأبطأوا عليه ( سيقول لك المخلفون

من الاعراب شغلتنا أموالنا وأهلونا ) ثم القصة عن خبرهم حتى انتهى إلى قوله

( سيقول المخلفون إذا انطلقتم إلى مغانم لتأخذوها ذرونا نتبعكم يريدون أن يبدلوا

كلام الله قل لن تتبعونا ) . ثم القصة عن خبرهم وما عرض عليهم من جهاد القوم

أولى البأس الشديد فذكر آيات من سورة الفتح . وذكر ابن عائذ فيما رواه عن محمد

ابن شعيب عن عثمان بن عطاء الخراسانى عن أبيه عن عكرمة عن ابن عباس

* ( هامش ) * ( 1 ) بضم الباء وفتح الراء وهى حلقة تجعل في أنف البعير . ( * )

ـ123ـ

قال ووعده ربه أنه فاتحها وبين له فتحها ولم يجعل لمن تخلف عنه بالمدينة من غير

معذرة نصيبا في مغانم خيبر فقال ( سيقول المخلفون إذا انطلقتم إلى مغانم

لتأخذوها ) حتى بلغ إلا قليلا . وقال ابن عقبة في تفسير قوله ( فتحا قريبا ) رجوعهم

من العام المقبل إلى مكة معتمرين وقيل خيبر . وهاجرت إلى رسول الله صلى الله

عليه وسلم أم كلثوم بنت عقبة بن أبى معيط في تلك المدة فخرج أخواها عمارة

والوليد في ردها بالعهد فلم يفعل النبى صلى الله عليه وسلم ذلك . ونزلت ( إذا جاءكم المؤمنات

مهاجرات فامتحنوهن الله أعلم بايمانهن ) الآيات . وكان ممن طلق عند نزول قوله

تعالى ( ولا تمسكوا بعصم الكوافر ) عمر بن الخطاب طلق امرأته قريبة بنت أبى

أمية بن المغيرة فتزوجها معاوية بن أبى سفيان وهما على شركهما وأم كلثوم بنت

جرول فتزوجها أبوجهم بن حذيفة بن غانم رجل من قومه وهما على شركهما .

وروى أن بعض من كان مع النبى صلى الله عليه وسلم قال له لما قدم

المدينة ألم تقل يا رسول الله أنك تدخل مكة آمنا قال بلى أفقلت لكم من عامى

هذا قالوا لا قال فهو كما قال جبريل . وذكر ابن عقبة عن ابن شهاب أن رسول

الله صلى الله عليه وسلم استشار الناس حين بلغه أن قريشا تجمع له فقال أترون

أن نغير على ما جمعوا لنا على جل أموالهم فنصيبهم فان قعدوا قعدوا مغيظين

موتورين وإن تبق منهم عنق نقطعها أم ترون أن نؤم البيت الحرام فمن صدنا

عنه قاتلناه قال أبوبكر الصديق الله ورسوله أعلم جئنا لامر فنرى أن نؤمه فمن

صدنا عنه قاتلناه قال رسول الله صلى الله عليه وسلم فنعم . ويقال سار رسول الله

صلى الله عليه وسلم حتى إذا كان بعسفان لقيه بسر بن سفيان الكعبى فقال إن

قريشا قد نزلت بذى طوى وذكر نحو ما تقدم . وفيه بعد كتابة الصحيفة بالصلح

فهم ينتظرون نفاذ ذلك وإمضاءه رمى رجل من أحد الفريقين رجلا من الفريق

الآخر فكان بينهم شئ من قتال يترامون بالنبل والحجارة فصاح الفريقان

ـ124ـ

كلاهما وارتهن كل واحد من الفريقين من كان عنده من الآخرين فارتهن المشركون

عثمان بن عفان ومن كان معه وارتهن المسلمون سهيل بن عمرو ومن كان معه من

المشركين يقولون فعند دعا رسول الله صلى الله عليه وسلم المسلمين إلى البيعة واراد القتال

فبايعوه على الموت وقال جابر على أن لا يفروا وعمر آخذ بيده . والشجرة سمرة

والخيل مائة فرس فبايعناه غير الجد بن قيس فلما رأت قريش ذلك رعبهم الله

وأرسلوا من كان في أيديهم من المسلمين فدعوا إلى الموادعة والصلح والمسلمون

لهم عالون وصالحهم رسول الله صلى الله عليه وسلم وكره عمر الصلح ثم رجع عن ذلك

ولما رجع عليه السلام من الحديبية كلمه بعض أصحابه فقالوا جهدنا وفى الناس ظهر ( 1 )

فانحره لنأكل من لحمه ولندهن من شحومه ولنحتذى من جلوده فقال عمر بن

الخطاب لا نفعل يا رسول الله فان الناس إن يكن فيهم بقية ظهر أمثل فقال رسول

الله صلى الله عليه وسلم ابسطوا أنطاعكم ( 2 ) وعباءكم ففعلوا ثم قال من كان عنده بقية من زاد

أو طعام فلينثره ودعا لهم ثم قال قربوا أو عيتكم فأخذوا ماشاء الله .

وقد روينا نحوه من حديث إياس بن سلمة بن الاركوع عن أبيه من طريق مسلم

وفى آخره فقال النبى صلى الله عليه وسلم فهل من وضوء فجاء رجل بأداوة ( 3 ) فيها نطفة ( 4 ) من ماء

فأفرغها في قدم فتوضأنا كلنا الحديث . قال ابن عقبة وأقبل رسول الله صلى الله عليه وسلم من

الحديبية راجعا فقال رجل من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم ما هذا بفتح

لقد صدونا عن البيت وصد هدينا ورد رسول الله صلى الله عليه وسلم رجلين من

المسلمين كانا خرجا اليه فبلغ ذلك رسول الله صلى الله عليه وسلم قول أولئك فقال بئس الكلام

بل هو أعظم الفتح قد رضى المشركون أن يدفعوكم بالراح عن بلادهم ويسألوكم

* ( هامش ) * ( 1 ) الظهر الابل ( 2 ) النطع البساط من الاديم

( 3 ) إناء صغير ( 4 ) أى قليل . ( * )

ـ125ـ

القضية ويرغبون اليكم في الامان وقد رأوا منكم ماكرهوا وأظفركم الله عليهم

وردكم الله سالمين مأجورين فهو أعظم الفتوح ، وفيه أنسيتم يوم أحد إذ تصعدون

ولا تلوون على أحد وأنا أدعوكم في أخراكم أنسيتم يوم الاحزاب إذ جاؤوكم من

فوقكم ومن أسفل منكم وإذ زاغت الابصار وبلغت القلوب الحناجر وتظنون

بالله الظنونا فقال المسلمون صدق الله ورسوله فهو أعظم الفتوح والله يا نبى الله

مافكرنا فيما فكرت فيه ولانت أعلم بالله وأمره منا . وذكر ابن عائذ أن رسول

الله صلى الله عليه وسلم أقام في غزوته هذه شهرا ونصفا . وقال ابن سعد أقام

بالحديبية بضعة عشر يوما ويقال عشرين ليلة ثم انصرف رسول الله صلى الله عليه وسلم فلما

كانوا بضجنان نزلت عليه ( إنا فتحنا لك فتحا مبينا ) فقال جبريل نهنئك

يا رسول الله وهنأه المسلمون . وروينا عن ابن سعد قال أنا اسماعيل بن عبدالله

ابن أبى أويس عن مجمع بن يعقوب عن أبيه أنه قال لما صد رسول الله صلى الله

عليه وسلم وأصحابه حلقوا بالحديبية ونحروا بعث الله ريحا عاصفا فاحتملت

أشعارهم فألقتها في الحرم . وعن طارق بن عبدالرحمن قال كنت عند سعيد بن

المسيب فتذاكروا الشجرة فضحك ثم قال حدثنى أبى أنه كان ذلك العام معهم وأنه قد

شهدها فنسرها من العام المقبل . وروينا عن ابن سعد قال أنا ع بدالوهاب بن عطاء

قال أنا عبدالله بن عوف عن نافع قال كان الناس يأتون الشجرة التى يقال لها

شجرة الرضوان فيصلون عندها قال فبلغ ذلك عمر بن الخطاب فأوعدهم فيها وأمر

بها فقطعت . وروينا عن ابن عمر قال كانت رحمة من الله . وروينا عن ابن سعد

قال أنا ع بدالوهاب بن عطاء العجلى قال أنا خالد الحذاء قال أخبرنى أبوالمليح

عن أبيه قال أصابنا يوم الحديبية مطر لم يبل أسافل نعالنا فنادى منادى رسول

الله صلى الله عليه وسلم أن صلوا في رحالكم . ( 1 )

* ( هامش ) * ( 1 ) في حاشية الاصل ( بلغ مقابلة لله الحمد ) . ( * )

ـ126ـ

ـ ذكر فوائد تتطق بخبر الحديبية ـ

الحديبية بئر سمى المكان بها والاعرف فيها التخفيف ورأيت بخط جدى قال

الاستاذ نقلا عن أبى على الشلوبين هى بتخفيف الياء لا غير كأنه تصغير حدبا

لقصورة . قال ابن السراج والجعرانة باسكان العين قاله الاصمعى وأتى بالتشديد

وذكر أنه سمعه من فصحاء العرب . وإحرامه عليه السلام كان من ذى الحليفة .

والاجزل الكثير الحجارة . والجرول الحجارة . والعوذ المطافيل النساء اللاتى

معهن أطفالهن وقال السهيلى جمع عائذ وهى الناقة التى معها ولدها يريد أنهم خرجوا

بذوات الالبان من الابل ليتزودوا بألبانها ولا يرجعوا حتى يناجزوا محمدا صلى الله

عليه وسلم وأصحابه . وخلات القصواء حرنت والخلا في الابل كالحران في غيرها

من الدواب . وماء رواء وروى وقوم رواء من الماء عن ثعلب . وناجية كان اسمه

ذكوان فسماه رسول الله صلى الله عليه وسلم حين نجا من كفار قريش ناجية .

وجبهت الرجل استقبلته بما يكره . يتألهون يعظمون أمر الآله . وقال الخشنى التأله

التعبد . ورأيت عن ابن الكلبى في نسب الحليس بن ريان أنه الحليس بن عمرو

ابن عامر بن المغفل وهو الريان بن عبد ياليل ويقال الخليس بن يزيد بن ريان .

والاوباش والاوشاب الاخلاط من الناس . وأبوسنان الاسدى اسمه وهب بن

محصن أخو عكاشة بن محصن .

روينا عن أبى عروبة فثنا على بن المنذر فثنا محمد بن فضيل عن عاصم عن

ـ127ـ

عامر قال كان أول من بايع بيعة الرضوان أبوسنان الاسدى قال يا رسول الله بايعنى

قال على ما ذا قال على ما في نفسك قال ما في نفسى قال الفتح أو الشهادة فبايعه

رسول الله صلى الله عليه وسلم ، وجاء الناس فجعلوا يقولون نبايعك على

بيعة أبى سنان كذا روى هذا عن الشعبى من غير وجه . والصواب سنان بن أبى

سنان . قال الواقدى فيما حكى عنه أبوعمرو سنان أول من بايع بيعة الرضوان

وتوفى سنان سنة اثنتين وثلاثين وأما أبوه أبوسنان فمات في حصار بنى قريظة

ذكر ذلك أبوجعفر الطبرى وغيره وقال كان أسن من أخيه عكاشة بسنتين قال

ودفن في مقبرة بنى قريظة اليوم . وقد تقدم ذلك . وقد ذكر أن أول المبايعين

يومئذ عبدالله بن عمر . قال أبوعمر ولا يصح . وقد روينا من طريق البخارى قال

حدثنى شجاع بن الوليد قال سمع النضر بن محمد فثنا صخر عن نافع قال ان الناس

يتحدثون ان ابن عمر أسلم قبل عمر وليس كذلك ولكن عمر يوم الحديبية أرسل

عبدالله إلى فرس له عند رجل من الانصار ليقاتل عليه ورسول الله صلى الله عليه وسلم

يبايع عند الشجرة وعمر لا يدرى بذلك فبايعه عبدالله ثم ذهب إلى الفرس

فجاء به إلى عمر وعمر يستليم للقتال فأخبره أن رسول الله صلى الله عليه وسلم

يبايع تحت الشجرة قال فانطلق عمر فذهب معه حتى بايع رسول الله صلى الله عليه وسلم فهى

التى يتحدث الناس أن ابن عمر أسلم قبل عمر .

وروينا من طريق مسلم عن سلمة بن الاكوع ثم إن رسول الله صلى الله عليه وسلم دعا للبيعة في أصل

الشجرة قال فبايعته أول الناس ثم بايع وبايع الحديث . قال السهيلى وفى هذا الحديث

مصالحة المشركين على غير مال يؤخذ منهم وذلك جائز إذا كان بالمسلمين ضعف

وقد تقدم مصالحتهم على مال يعطونه في غزوة الخندق . قال واختلف هل يجوز

صلحهم إلى أكثر من عشر سنين ، وحجة من منع ذلك أن حظر الصلح هو

ـ128ـ

الاصل بدليل آية القتال وقد ورد التحديد بالعشر في حديث ابن اسحق فحصلت

الاباحة في هذا المقدار متحققة وبقيت الزيادة على الاصل . قلت ليس في مطلق

الامر بالقتال ما يمنع من الصلح وإن كان المراد ما في سورة براءة من ذلك مما نزل

بعد هذه الواقعة ففى التخصيص بذلك اختلاف بين العلماء . وأما تحديد هذه المدة

بالعشر فأهل النقل مختلفون في ذلك فروينا عن ابن سعد كما روينا عن ابن

إسحق وروينا عن موسى بن عقبة قال وكان الصلح بين رسول الله صلى الله

عليه وسلم وبين قريش سنتين يأمن بعضهم بعضا . وكذلك روينا عن ابن عائذ

عن محمد بن شعيب عن عثمان بن عطاء عن أبيه عن عكرمة عن ابن عباس أن

مدة الصلح كانت إلى سنتين والله أعلم . وأما كتابة الصلح فقرئ على عبدالرحيم

ابن يوسف المزى وأنا أسمع أخبركم أبوعلى حنبل بن عبدالله قال أنا ابن الحصين

قال أنا أبوعلى بن المذهب قال أنا القطيعى قال أنا عبدالله بن أحمد فثنا أبى فثنا

محمد بن جعفر فثنا شعبة عن أبى إسحق قال سمعت البراء بن عازب يقول لما

صالح رسول الله صلى الله عليه وسلم أهل الحديبية كتب على رضى الله عنه كتابا بينهم قال

فكتب محمد رسول الله فقال المشركون لا نكتب محمد رسول الله ولو كنت

رسول الله لم نقاتلك قال فقال لعلى امحه قال فقال ما أنا بالذى امحاه فمحاه رسول

الله صلى الله عليه وسلم بيده الحديث . وقد روى البخارى أن النبى صلى الله عليه وسلم كتب

ذلك بيده وعد ذلك من وقف عنده معجزة له عليه السلام وما شهد به القرآن

من أنه النبى الامى الذى لا يحسن الكتابة مع ما كان يأتى به من أقاصيص

الاولين وأخبار الامم الماضين هو المعجزة العظمى لما تضمن من تكذيب من

نسب ذلك إلى علم تلقاه من أساطير الاولين ممن قال اكتتبها فهى تملى عليه .

وهذا علم عظيم من أعلام نبوته وأصل كبير من دلائل صدقه في أنه عليه السلام

ـ129ـ

إنما يتلقى ذلك من الوحى . وسلامة هذا الاصل من شبهة قد تركت للملحد حجة

في معارضته وإن بعدت أولى . وذكر الامام أبوالوليد الباجى انه كتب فأنكر

ذلك علماء الاندلس فبعث إلى الآفاق يستفتى بمصر والشام والعراق وغير ذلك

فجلهم قال لم يكتب النبى صلى الله عليه وسلم بيده قط ورأوا ذلك محمولا على المجاز وأن

معنى كتب أمر بالكتابة وقالت طائفة يسيرة منهم كتب . وجرت هذه المسألة

يوما بحضرة شيخنا الامام أبى الفتح القشيرى رحمه الله فلم يعبأ بقول من قال

كتب وقال عن الباجى هو قول أحوجه إلى أن يستنجد بالعلماء من الآفاق .

وأبوجندل اسمه العاصى وهو أخو عبدالله بن سهيل شهد عبدالله بدرا مع النبى

صلى الله عليه وسلم وكان إسلامه قبل ذلك وأول مشاهد أبى جندل الفتح وإنما ذكرنا ذلك

ليعرف ( 1 ) الفرق بينهما فقد ذكر أن بعض من ألف في الصحابة سمى أبا جندل

عبدالله وليس كذلك . ورجع أبوجندل إلى مكة يوم الحديبية في جوار مكرزين

حفص فيما حكى ابن عائذ . قال أبوالقاسم السهيلى وذكر قول الله سبحانه ( إذا

جاءكم المؤمنات مهاجرات فامتحنوهن ) : وهذا عند أهل العلم مخصوص بنساء

أهل العهد والصلح وكان الامتحان أن تستحلف المرأة المهاجرة أنها ماها جرت

فاشزا ولا هاجرت إلا لله ولرسوله فاذا حلفت لم ترد ورد صداقها إلى بعلها وإن

كانت من غير أهل العهد لم تستحلف ولم يرد صداقها . وعيبة مكفوفة أى صدور

منطوية على ما فيها لا تبدى عداوة . والاغلال الخيانة . والاسلال السرقة .

* ( هامش ) * ( 1 ) في نسخة " ليعلم " . ( * )

ـ130ـ

ـ ذكر الخبر عن ابى بصير وابى جندل ـ

قال ابن اسحق فلما قدم رسول الله صلى الله عليه وسلم المدينة أتاه أبوبصير عتبة بن أسيد

ابن جارية الثقفى وكان ممن حبس بمكة فلما قدم على رسول الله صلى الله عليه

وسلم كتب فيه أزهر بن عبد عوف بن الحرث بن زهرة والاخنس بن شريق بن

عمرو بن وهب الثقفى إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم وبعثا رجلا من بنى عامر

ابن لؤلى ومعه مولى لهم فقدما على رسول الله صلى الله عليه وسلم بكتاب الازهر والاخنس

فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم يا أبا البصير إنا قد أعطينا هؤلاء القوم ماقد

علمت ولا يصلح لنا في ديننا الغدر وإن الله جاعل لك ولمن معك من ا لمستضعفين

فرجا ومخرجا فانطلق إلى قومك قال يا رسول الله أتردنى إلى المشركين يفتنونى

في دينى قال يا أبا بصير انطلق فان الله سيجعل لك ولمن معك من ا لمستضعفين

فرجا ومخرجا فانطلق معهما حتى إذا كان بذى الحليفة جلس إلى جدار وجلس

معه صاحباه فقال أبوبصير أصارم سيفك هذا يا أخابنى عامر فقال نعم انظر اليه

إن شئت فاستله أبوبصير ثم علاه حتى قتله وخرج المولى سريعا حتى أتى رسول

الله صلى الله عليه وسلم وهو جالس في المسجد فلما رآه رسول الله صلى الله عليه وسلم طالعا قال

إن هذا الرجل قد رأى فزعا انتهى إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم قال

ويحك مالك قال قتل صاحبكم صاحبى فوالله ما برح حتى طلع أبوبصير متوشحا

السيف حتى وقف على رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال يا رسول الله وفت

ـ131ـ

ذمتك وأدى الله عنك استتنى بيد القوم وقد امتنعت بدينى أن أفتن فيه أو

............................................................................

- عيون الاثر مجلد: 2 من ص 131 سطر 1 الى ص 140 سطر 22

ذمتك وأدى الله عنك استتنى بيد القوم وقد امتنعت بدينى أن أفتن فيه أو

يعبث بى قال فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم ويلمه محش ( 1 ) حرب لو كان معه

رجال . ثم خرج أبوبصير حتى نزل العيص من ناحية ذى المروة على ساحل البحر

بطريق قريش التى كانوا يأخذون إلى الشام وبلغ المسلمين الذين كانوا احتبسوا

بمكة قول رسول الله صلى الله عليه وسلم لابى بصير " ويل أمه محش حرب لو

كان معه رجال " فخرجوا إلى أبى بصير بالعيص فاجتمع اليه قريب من سبعين

رجلا فكانوا قد ضيقوا على قريش لا يظفرون بأحد منهم إلا قتلوه ولا تمربهم عير

إلا اقتطعوها حتى كتبت قريش إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم تسأله بأرحامها

إلا آواهم فلا حاجة لهم بهم فآواهم رسول الله صلى الله عليه وسلم فقدموا عليه المدينة .

وذكر ابن عقبة هذا الخبر أطول من هذا وسمى الرجل الذى بعثته قريش

في طلب أبى بصير جحيش بن جابر من بنى منقذ ، قال وكان ذا جلد ورأى في

أنفس المشركين وجعل لهما الاخنس في طلب أبى بصير جعلا فقدما على رسول

الله صلى الله عليه وسلم فدفع أبا بصير اليهما فخرجا به حتى إذا كانا بذى الحليفة سل جحيش

سيفه ثم هزه فقال لاضربن بسيفى هذا في الاوس والخزرج يوما إلى الليل . وذكر

نحو ما تقدم ، وفيه فجاء أبوبصير بسلبه إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال

خمسه يا رسول الله قال إنى إذا خمسته لم أف بالذى عاهدتهم عليه ولكن شأنك

بسلب ؟ ؟ ؟ واذهب حيث شئت فخرج أبوبصير معه خمسة نفر كانوا قدموا

معه مسلمين من مكة حتى إذا كانوا بين العيص وذى المروة من أرض جهينة

وانفلت أبوجندل بن سهيل في سبعين راكبا أسلموا وهاجروا فلحقوا بأبى بصير

* ( هامش ) * ( 1 ) المحش بكسر الميم ما تحرك به النار وكذلك المحشة . ( * )

ـ132ـ

وكرهوا أن يقدموا على رسول الله صلى الله عليه وسلم في هدنة المشركين وكرهوا

الثواء بين ظهرى قومهم فنزلوا مع أبى بصير في منزل كريه إلى قريش فقطعوا به

مادتهم من طريق الشام وأبوبصير يصلى لاصحابه فلما قدم عليه أبوجندل كان

هو يؤمهم واجتمع إلى أبى جندل ناس من غفار وأسلم وجهينة وطوائف من الناس

حتى بلغوا ثلاثمائة مقاتل وهم مسلمون لايمر بهم عير لقريش إلا أخذوها وقتلوا

أصحابها . وذكر مرور أبى العاص بن الربيع بهم وقصته . قلت وقد تقدم أن أبا العاص

أخذ في سرية زيد بن حارثة إلى العيص قال وكتب رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى أبى

جندل وأبى بصير أن يقدما عليه ومن معهما من المسلمين أن يلحقوا ببلادهم

وأهليهم فقدم كتاب رسول الله صلى الله عليه وسلم عليهما وأبوبصير يموت فمات

وكتاب رسول الله صلى الله عليه وسلم في يده يقرأه فدفنه أبوجندل مكانه وجعل

عند قبره مسجدا وقدم أبوجندل على رسول الله صلى الله عليه وسلم معه ناس من

أصحابه ورجع سائرهم إلى أهليهم . وقال أبوجندل فيما حكاه الزبير :

أبلغ قريشا عن أبى جندل * أنا بذى المروة فالساحل

في معشر تخفف أيمانهم * بالبيض فيها والقنا الذابل

يأبون أن نبقى لهم رفقة * من بعد إسلامهم الواصل

أو يجعل الله لهم مخرجا * والحق لا يغلب بالباطل

فيسلم المرء باسلامه * أو يقتل المرء ولم يأتل

وأبوبصير سماه ابن اسحق عتبة ومن الناس من يسميه عبيدا وهو ابن أسيد

ابن جارية بن أسيد بن عبدالله بن سلمة بن عبدالله بن غبرة بن عوف بن

قسى وهو ثقيف بن منبه بن بكر بن هوازن حليف بنى زهرة .

ـ133ـ

ـ غزوة خيبر ـ

قال ابن اسحق وأقام رسول الله صلى الله عليه وسلم بعد رجوعه من الحديبية

ذا الحجة وبعض المحرم وخرج في بقية منه غازيا إلى خيبر ولم يبق من السنة السادسة

من الهجرة إلا شهر وأيام . واستخلف على المدينة نميلة بن عبدالله اللينى فيما قاله

ابن هشام . وقال موسى بن عقبة لما قدم رسول الله صلى الله عليه وسلم المدينة منصرفه من الحديبية

مكث عشرين يوما أو قريبا منها ثم خرج غازيا إلى خيبر وكان الله وعده إياها

وهم بالحديبية . قال ابن اسحق فحدثنى محمد بن ابراهيم بن الحارث التميمى عن أبى

الهيثم بن نصر الاسلمى أن أباه حدثه أنه سمع رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول

في مسيره إلى خيبر لعامر بن الاكوع وهو عم سلمة بن عمرو بن الاكوع وكان اسم

ابن الاكوع ؟ ؟ ؟ " انزل يا بن الاكوع فخذلنا من هناتك " قال فنزل يرتجز :

والله لولا الله ما اهتدينا * ولا تصدقنا ولا صلينا

إنا إذا قوم بغوا علينا * وإن أرادوا فتنة أبينا

فأنزلن سكينة علينا * وثبت الاقدام إن لاقينا

فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم يرحمك ربك فقال عمر بن الخطاب وجبت

والله يا رسول الله لو أمتعتنا به فقتل يوم خيبر شهيدا ، وكان قتله فيما بلغنى أن

سيفه رجع عليه وهو يقاتل فكلمه كلما شديدا ( 1 ) فمات منه فكان المسلمون قد شكوا

* ( هامش ) * ( 1 ) أى : جرحه جرحا شديدا . ( * )

ـ134ـ

فيه وقالوا ما قتله إلا سلاحه حتى سأل ابن أخيه سلمة بن عمرو بن عمرو بن الاكوع رسول

الله صلى الله عليه وسلم عن ذلك وأخبره بقول الناس فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم إنه

لشهيد وصلى عليه وصلى عليه المسلمون .

وحدثنى من لا أتهم عن عطاء بن أبى مروان الاسلمى عن أبيه عن أبى معتب بن عمرو

أن رسول الله صلى الله عليه وسلم لما أشرف على خيبر قال لاصحابه وأنا فيهم قفوا ثم قال اللهم رب

السموات وما أظللن ورب الارضين وما أقللن ورب الشياطين وما أضللن ورب الرياح وما

أذرين فانا نسألك من خير هذه القرية وخير أهلها وخير ما فيها ونعوذ بك من شرها وشر

أهلها وشر ما فيها اقدموا بسم الله قال وكان يقولها لكل قرية دخلها .

وحدثنى من لا أتهم عن أنس بن مالك قال كان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا غزا قوما

لم يغر عليهم حتى يصبح فان سمع أذانا أمسك وإن لم يسمع أذانا أغار فنزلنا

خيبر ليلا فبات رسول الله صلى الله عليه وسلم حتى إذا أصبح لم يسمع أذانا فركب وركبنا

معه وركبت خلف أبى طلحة وإن قدمى لتمس قدم رسول الله صلى الله عليه وسلم

واستقبلنا عمال خيبر غادين وقد خرجوا بمساحيهم ( 1 ) ومكاتلهم فلما رأوا رسول الله

صلى الله عليه وسلم والجيش قالوا محمد والخميس ( 2 ) معه فأدبروا هرابا فقال رسول الله

صلى الله عليه وسلم الله أكبر خربت خيبر إنا إذا نزلنا بساحة قوم فساء صباح المنذرين .

 

حدثنا هرون عن حميد عن أنس بمثله وروينا عن أبى على بن الصواف بالسند

المتقدم اليه فثنا الحسين بن على بن مصعب فثنا هشام بن حسان عن محمد بن أبى

السرى فثنا عبدالرزاق قال أنا هشام بن حسان عن محمد بن سيرين عن أنس

ابن مالك عن أبى طلحة قال لما أشرف رسول الله صلى الله عليه وسلم على خيبر وجد اليهود

* ( هامش ) * ( 1 ) جمع مسحاة وهى المجرفة من الحديد .

( 2 ) الخميس : هو الجيش . ( * )

ـ135ـ

وهم في عملهم معهم مساحيهم فقالوا محمد والخميس فقال رسول الله صلى الله عليه

وسلم خربت خيبر إنا إذا نزلنا بساحة قوم فساء صبح المنذرين .

رجع إلى الاول : وكان رسول الله صلى الله عليه وسلم خرج من المدينة إلى خيبر

سلك على عصر فبنى له فيها مسجد ثم على الصهباء ثم أقبل رسول الله صلى الله

عليه وسلم بجيشه إلى خيبر حتى نزل بواد يقال له الرجيع فنزل بينهم وبين غطفان

ليحول بينهم وبين أن يمدوا أهل خيبر وكانوا لهم مظاهرين على رسول الله صلى

الله عليه وسلم فبلغنى أن غطفان لما سمعت بمنزل رسول الله صلى الله عليه وسلم

من خيبر جمعوا ثم خرجوا ليظاهروا يهود عليه حتى إذا ساروا منقلة ( 1 ) سمعوا

خلفهم في أموالهم وأهليهم حساظنوا أن القوم قد خالفوا اليهم فرجعوا على

أعقابهم فأقاموا في أهليهم وأموالهم وخلوا بين رسول الله صلى الله عليه وسلم وبين

خيبر وتدنى رسول الله صلى الله عليه وسلم الاموال يأخذها مالا مالا ويفتحها

حصنا حصنا فكان أول حصونهم افتتح حصن ناعم وعنده قتل محمود بن مسلمة

برحى ألقيت عليه منه . أخبرنا أبوالفتح بن المجاور الشيبانى بقراءنى عليه بالشام

قال أنا أبواليمن الكندى قراءة عليه وأنا أسمع قال أنا أبوالقاسم هبة الله بن

أحمد بن عمر الحريرى قال أنا أبوطالب محمد بن على بن الفتح قال أنا أبوالحسين

محمد بن احمد الواعظ فثنا أبوبكر محمد بن جعفر المطيرى فثنا حماد بن الحسن

فثنا أبى عن هشيم عن العوام بن حوشب عن حبيب بن أبى ثابت عن أبى عمر

قال جاء رجل من الانصار إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم : فقال إن اليهود قتلوا أخى فقال

لا دفعن الراية إلى رجل يحب الله ورسوله ويحبه الله ورسوله فيفتح الله عزوجل

عليه فيمكنه الله من قاتل أخيك فبعث إلى على عليه السلام فعقد له اللواء فقال

* ( هامش ) * ( 1 ) أى مرحلة . ( * )

ـ136ـ

يا رسول الله إنى أرمد كما ترى قال وكان يومئذ أرمد فتفل في عينيه قال على عليه

السلام فما رمدت بعد يومئذ قال العوام فحدثنى جبلة بن سحيم أو حبيب بن أبى

ثابت عن ابن عمر قال فمضى بذلك الوجه فما تنام آخرنا حتى فتح الله على أولياء

الله فأخذ على عليه السلام قاتل الانصارى فدفعه إلى أخيه فقتله . الرجل الانصارى

هو محمد بن مسلمة . وروينا في المعجم الصغير لابى القاسم الطبرانى فثنا محمد بن الفضل

ابن جابر السقطى ببغداد فثنا فضيل بن ع بدالوهاب فثنا جعفر بن سليمان عن الخليل

ابن مرة عن عمرو بن دينار عن جابر بن عبدالله قال لما كان يوم خيبر بعث رسول

الله صلى الله عليه وسلم رجلا ؟ ؟ ؟ فجاء محمد بن مسلمة فقال يا رسول الله لم أر كاليوم قط قتل

محمود بن مسلمة فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم لا تمنوا لقاء العدو واسألوا

الله العافية فانكم لاتدرون ما تبتلون به منهم فاذا لقيتوهم فقولوا اللهم أنت ربنا

وربهم ونواصينا ونواصيهم بيدك وإنما تقتلهم أنت ثم الزموا الارض جلوسا فاذا

غشوكم فانهضوا وكبروا ثم قال رسول الله صلى الله عليه وسلم لا بعثن غدا رجلا

يحب الله ورسوله ويحبانه لا يولى الدبر فلما كان من الغد بعث عليا وهو أرمد شديد

الرمد فقال سر فقال يا رسول الله ما أبصر موضع قدمى فتفل في عينيه وعقد له

اللواء ودفع اليه الراية فقال على ما أقاتلهم يا رسول الله قال على أن يشهدوا أن

لا إله إلا الله وأنى رسول الله فاذا فعلوا ذلك فقد حقنوا دماءهم وأموالهم إلا

بحقها وحسابهم على الله تعالى .

رجع إلى الاول : ثم الغموص حصن بنى أبى الحقيق وأصاب رسول الله صلى

الله عليه وسلم منهم سبايا منهن صفية بنت حيي بن أخطب وكانت عند كنانة

ابن الربيع بن أبى الحقيق - وبنتا ( 1 ) عم لها فاصطفى رسول الله صلى الله عليه وسلم

* ( هامش ) * ( 1 ) في الاصل " وبنتى " ( * )

ـ137ـ

صفية لنفسه وجعلها عند ام سليم حتى اعتدت واسلمت ثم اعتقبا وتزوجها وجعل

عنقها صداقها . واختلف الفقهاء في هذه المسألة فمنهم من جعل ذلك خصوصا له

عليه السلام كما خص بالموهوبة وبالتسع ومنهم من جعل ذلك سنة لمن شاء من

أمته وكان دحية بن خليفة الكلبى قد سأل رسول الله صلى الله عليه وسلم صفية

فلما اصطفاها لنفسه أعطاه ابنتى عمها وقيل كان رسول الله صلى الله عليه وسلم وهبها له ثم

ابتاعها منه بسبعة أرؤس وفشت السبايا من خيبر في المسلمين وأكل المسلمون

لحوم الحمر ونهى رسول الله صلى الله عليه وسلم الناس عن إتيان الحبالى من النساء

وأكل الحمار الاهلى وأكل كل ذى ناب من السباع وبيع المغانم حتى تقسم وأن

لا يصيب أحد امرأة من السبى حتى يستبرئها ولا يركب دابة في فئ المسلمين حتى

إذا أعجفها ( 1 ) ردها فيه ولا يلبس ثوبا من فئ المسلمين حتى إذا أخلقه رده فيه

وأن يبيع أو يبتاع تبر الذهب بالذهب العين وتبر الفضة بالورق العين وقال ابتاعوا

تبر الذهب بالورق وتبر الفضة بالذهب العين . وفيه نهى رسول الله صلى الله عليه وسلم عن أكل

الثوم وعن متعة النساء ورخص في لحوم الخيل وقسم للفارس سهما وللفرس سهمين ،

فسره نافع فقال إذا كان مع الفارس فرس فله ثلاثة أسهم وإن لم يكن فله سهم .

قال ابن اسحق ثم جعل رسول الله صلى الله عليه وسلم يتدنى الحصون والاموال فحدثنى

عبدالله بن أبى بكر أنه حدثه بعض أسلم أن بنى سهم من أسلم أتوا رسول الله

صلى الله عليه وسلم فقالوا يا رسول الله والله لقد جهدنا وما بأيدينا من شئ فلم يجدوا

عند رسول الله صلى الله عليه وسلم شيئا يعطيهم إياه فقال اللهم إنك قد عرفت

حالهم وإن ليست بهم قوة وأن ليس بيدى ما أعطيهم إياه فافتح عليهم أعظم

حصونها عنهم غناء وأكثرها طعاما وودكا ( 2 ) منه فغذا الناس ففتح الله عليهم

* ( هامش ) * ( 1 ) أى أهزلها .

( 2 ) الودك هو دسم اللحم ودهنه الذى يستخرج منه . ( * )

ـ138ـ

حصن الصعب بن معاذ وما بخيبر حصن كان أكثر طعاما وودكا منه فلما افتتح

رسول الله صلى الله عليه وسلم من حصونهم ما افتتح وحاز من الاموال ما حاز

انتهوا إلى حصنيهم الوطيح والسلالم وكانا آخر حصون أهل خيبر افتتاحا فحاصرهم

رسول الله صلى الله عليه وسلم بضع عسرة ليلة . قال ابن هشام وكان شعار أصحاب

رسول الله صلى الله عليه وسلم يوم خيبر أمت أمت . قال ابن اسحق فحدثنى عبدالله بن

سهل بن عبدالرحمن بن سهل أخوبنى حارثة عن جابر بن عبدالله قال فخرج

مرحب اليهودى من حصنهم قد جمع سلاحه يرتجز وهو يقول :

قد علمت خيبر أنى مرحب * شاكى السلاح بطل مجرب

في أبيات وهو يقول من يبارز فأجابه كعب بن مالك :

قد علمت خيبر أنى كعب * مفرج الغما جرئ صلب

في أبيات فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم من لهذا فقال محمد بن مسلمة أنا له يا رسول

الله أنا والله الموتور الثائر قتل أخى بالامس قال فقم اليه اللهم أعنه عليه قال وضربه

محمد بن مسلمة حتى قتله ثم خرج بعد مرحب أخوه ياسر وهو يقول من يبارز فزعم

هشام بن عروة أن الزبير بين العوام خرج إلى ياسر فقالت له أمه صفية بنت

ع بدالمطلب يقتل ابنى يا رسول الله قال بل ابنك يقتله إن شاء الله فخرج الزبير

فالتقيا فقتله الزبير . هذا رواية ابن اسحق في قتل مرحب وروينا في الصحيح

من حديث سلمة بن الاكوع أن على بن أبى طالب قتله وبعث رسول الله صلى الله عليه وسلم

أبابكر برايته إلى بعض حصون خيبر فقاتل ورجع ولم يكن فتح وقد جهد ثم بعث

للغد عمر بن الخطاب فقاتل ورجع ولم يكن فتح وقد جهد فقال عليه السلام

لاعطين الراية غدا رجلا يحب الله ورسوله يفتح الله على بديه ليس بفرار فدعا

ـ139ـ

عليا وهو أرمد فتفل في عينيه ثم قال خذ هذه الراية فامض بها حتى يفتح الله

عليك فخرج بها يهرول حتى ركزها في رضم ( 1 ) من حجارة تحت الحصن فاطلع اليه

يهودى من رأس الحصن فقال من أنت فقال على بن أبى طالب فقال يقول اليهودى

غلوتم وما أنزل الله على موسى أو كما قال فما رجع حتى فتح الله عليه .

قال ابن اسحق وحدثنى عبدالله بن حسن عن بعض أهله عن أبى رافع مولى

رسول الله صلى الله عليه وسلم قال خرجنا مع على حين بعثه رسول الله صلى الله عليه وسلم برايته

لما دنا من الحصن خرج اليه أهله فقاتلهم فضربه رجل من يهود فطرح ترسه من

بده فتناول على بابا كان عند الحصن فنرس به عن نفسه فلم يزل في يده وهو يقاتل حتى

فتح الله عليه ثم ألقاه من يده حين فرغ فلقد رأيتنى في نفر سبعة أنا ثامنهم نجهد

على أن نقلب ذلك الباب فما نقلبه . وحاصر رسول الله صلى الله عليه وسلم أهل

خيبر في حصنهم الوطيح والسلالم حتى إذا أيقنوا بالهلكة سألوه أن يسيرهم وأن

يحقن لهم دماء هم ففعل وكان رسول الله صلى الله عليه وسلم قد حاز الاموال كلها

الشق ونطاة والكتيبة وجميع حصونهم إلا ما كان من ذينك الحصنين فلما نزل

أهل خيبر على ذلك سألوا رسول الله صلى الله عليه وسلم أن يعاملهم في الاموال

على النصف وقالوا نحن أعلم بها منكم وأعمر لها فصالحهم رسول الله صلى الله عليه وسلم على

النصف على أنا إذا شئنا أن نخرجكم أخرجناكم .

وقد اختلف الناس في فتحها كيف كان فروينا من طريق أبى داود قال حدثنا

داود من معاذ فثنا ع بدالوارث وثنا يعقوب بن ابراهيم وزياد بن أيوب أن اسمعيل

بن ابراهيم حدثهم عن عبدالعزيز بن صهيب عن أنس بن مالك أن رسول الله

* ( هامش ) * ( 1 ) الرضم الصخور العظام . ( * )

ـ140ـ

صلى الله عليه وسلم غزا خيبر فأصابها عنوة فجمع السبى . وروينا عن ابن اسحق

قال سألت ابن شهاب فأخبرنى أن رسول الله صلى الله عليه وسلم افتتح خيبر

عنوة بعد القتال . وروينا من طريق السجستانى فثنا ابن السرح فثنا ابن وهب قال

أخبرنى يونس عن ابن شهاب قال بلغنى أن رسول الله صلى الله عليه وسلم افتتح

خيبر عنوة بعد القتال ونزل من نزل من أهلها على الجلاء بعد القتال . قال أبوعمر

هذا هو الصحيح في أرض خيبر أنها كانت عنوة كلها مغاوبا عليها بخلاف فدك

فان رسول الله صلى الله عليه وسلم قسم جميع أرضها على الغانمين لها الموجفين عليها بالخيل

والركاب وهم أهل الحديبية . ولم تختلف العلماء أن أرض خيبر مقسومة وإنما

اختلفوا هل تقسم الارض إذا غنمت البلاد أو توقف فقال الكوفيون الامام

مخير بين قسمتها كما فعل رسول الله صلى الله عليه وسلم بأرض خيبر وبين

إيقافها كما فعل عمر بسواد العراق وقال الشافعى تقسم الارض كلها كما قسم رسول

الله صلى الله عليه وسلم خيبر لان الارض غنيمة كسائر أموال الكفار . وذهب مالك إلى

إيقافها اتباعا لعمر لان الارض مخصوصة من سائر الغنيمة بما فعل عمر في جماعة

من الصحابة في إيقافها لمن يأتى بعده من المسلمين . وروى مالك عن زيد

ابن أسلم عن أبيه قال سمعت عمر يقول لولا أن يترك آخر الناس لا شئ لهم

ما افتتح المسلمون قرية إلا قسمتها سهمانا كما قسم رسول الله صلى الله عليه وسلم

خيبر سهمانا . وهذا يدل على أن أرض خيبر قسمت كلها سهمانا كما قال ابن اسحق

وأما من قال إن خيبر كان بعضها صلحا وبعضها عنوة فقد وهم وغلط وإنما دخلت

عليه الشبهة بالحصنين اللذين أسلمهما أهلهما في حقن دمائهم فلما لم يكن أهل

ذينك الحصنين من الرجال والنساء والذرية مغنومين ظن أن ذلك صلح ولعمرى

إنه في الرجال والنساء والذرية لضرب من الصلح ولكنهم لم يتركوا أرضهم إلا

ـ141ـ

مقسومة بين اهلها . وربما شبه على من قال إن نصف خيبر صلح ونصفها عنوة

............................................................................

- عيون الاثر مجلد: 2 من ص 141 سطر 1 الى ص 150 سطر 9

مقسومة بين اهلها . وربما شبه على من قال إن نصف خيبر صلح ونصفها عنوة

يحديث يحيى بن سعيد عن بشير بن يسار أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قسم

خيبر نصفين نصفا لم ونصفا للمسلمين . قال أبوعمر وهذا لو صح لكان معناه

أن النصف له مع سائر من وقع في ذلك النصف معه لانها قسمت على ستة وثلاثين

سهما فوقع سهم النبى صلى الله عليه وسلم وطائفة معه في ثمانية عشر سهما ووقع سائر الناس في

باقيها وكلهم ممن شهد الحديبية ثم خيبر . وليست الحصون التى أسلسها أهلها بعد

الحصار والقتال صلحا ولو كانت صلحا لملكا أهلها كما يملك أهل الصلح أرضهم

وسائر أموالهم فالحق في هذا ما قاله ابن إسحق دون ماقاله موسى بن عقبة وغيره

عن ابن شهاب انتهى ما ذكره أبوعمر . فأما قوله قسم جميع أرضها فان الحصنين

المفتتحين أخيرا وهما الوطيح والسلالم لم يجر لهما ذكر في القسمة وسيأتى بيان ذلك

عند ذكر القسمة . وأما تأويله لحديث بشير بن يسار فقد كان ذلك التفسير ممكنا

لوكان في الحديث إجمال يقبل التفسير بذلك ولكنه ليس كذلك وسيأتى في

الكلام على القسمة . وأما قوله كلهم ممن شهد الحديبية ثم شهد خيبر فالمعروف أن

غنائم خيبر كانت لاهل الحديبية من حضر الوقعة بخيبر ومن لم يحضرها وهو جابر

ابن عبدالله الانصارى . ذكره ابن إسحق وذلك لان الله أعطاهم ذلك في سفرة

الحديبية . وعن الحكم عن أبى ليلى في قوله تعالى ( وأثابهم فتحا قريبا ) قال خيبر

( وأخرى لم تقدروا عليها ) فارس والروم وان أهل السفينتين لم يشهدوا الحديبية

ولا خيبر وكانوا ممن قسم له من غنائم خيبر وكذلك الدوسيون وكذلك الاشعريون

قدموا ورسول الله صلى الله عليه وسلم بخيبر فكلم رسول الله صلى الله عليه وسلم أصحابه أن

يشركوهم في الغنيمة ففعلوا . وذهب آخرون إلى أن بعضها فتح صلحا والبعض عنوة

ـ142ـ

كما ذكرناه عن موسى بن عقبة . وكما رويناه عن مالك عن الزهرى من طريق أبى

داود قال قرئ على الحارث بن مسكين وأنا شاهد أخبركم ابن وهب قال حدثنى

مالك عن ابن شهاب أن خيبر كان بعضها عنوة وبعضها صلحا والكتيبة أكثرها

عنوة وفيها صلح قالت لمالك وما الكتيبة قال أرض خيبر وهى أربعون الف عذق ( 1 )

ورويناه عن سعيد بن المسيب أيضا قال أبوداود فثنا محمد بن يحيى بن فارس فثنا

عبدالله بن محمد عن جورية عن مالك عن الزهرى أن سعيد بن المسيب أخبره أن

رسول الله صلى الله عليه سولم افتتح بعض خيبر عنوة . وروينا عن أبى داود قال

حدثنا حسين بن على العجلى فثنا يحيى يعنى ابن آدم فثنا ابن أبى زايدة عن محمد بن

إسحق عن الزهرى وعبدالله بن أبى بكر وبعض ولد محمد بن مسلمة قالوا بقيت

بقية من أهل خيبر تحصنوا فسألوا رسول الله صلى الله عليه وسلم أن يحقن دماءهم

ويسيرهم ففعل فسمع بذلك أهل فدك فنزلوا على مثل ذلك - الحديث .

قلت وقد يعضد هذا القول ما يأتى في أخبار القسمة . وقد روينا من طريق أبى

داود قال حدثنا هرون بن زيد بن أبى الزرقاء فثنا أبى فثنا حماد بن سلمة عن عبيدالله بن

عمر قال أحسبه عن نافع عن ابن عمر أن النبى صلى الله عليه وسلم قاتل أهل خيبر فغلب على النخل

والارض وألجأهم إلى قصر هم فصالحوه على أن لرسول الله صلى الله عليه وسلم الصفراء

والبيضاء والحلقة ( 2 ) ولهم ما حملت ركابهم على أن لا يكتموا ولا يغيبوا شيئا فان فعلوا

فلاذمة لهم ولا عهد فغيبوا مسكا ( 3 ) لحييى بن اخطب فيه حليهم . وفى الخبر قال قال

النبى صلى الله عليه وسلم لسعية أين مسك حييى بن أخطب قال أذهبته الحروب

* ( هامش ) * ( 1 ) العذق بفتح العين هى النخلة .

( 2 ) أى الذهب والفضة والسلاح .

( 3 ) أى جلدا وضع فيه الحلى . ( * )

ـ143ـ

والنفقات فوجدوا المسك فقتل ابن أبى الحقيق وسبى نساءهم وذراريهم وأراد أن يجليهم

فقالوا دعنا نعمل في هذه الارض ولنا الشطر ما بدا لك ولكم الشطر . وزاد أبوبكر

البلاذرى في هذا الخبر قال فدفع رسول الله صلى الله عليه وسلم سعية بن عمرو إلى

الزبير فمسه بعذاب فقال رأيت حييا يطوف في خربة ههنا فذهبوا إلى الخربة

ففتشوها فوجدوا المسك . فقتل رسول الله صلى الله عليه وسلم ابنى أبى الحقيق

فأحدهما زوج صفية بنت حييى بن أخطب ، وسبى نساءهم وذراريهم وقسم أموالهم

للنكث الذى نكثوا . ففى هذا أنها فتحت صلحا وأن الصلح انتقض فصارت

عنوة ثم خمسها رسول الله صلى الله عليه وسلم وقسمها . ( 1 )

* ( هامش ) * ( 1 ) في حاشية الاصل : ( بلغ مقابلة لله الحمد ) . ( * )

ـ144ـ

ـ ذكر القسمة ـ

قال ابن اسحق وكان المتولى للقسمة بخيبر جبار بن صخر الانصارى من بنى

سلمة وزيد بن ثابت من بنى النجار كانا حاسبين قاسمين . قال ابن سعد وأمر

رسول الله صلى الله عليه وسلم بالغنائم فجمعت واستعمل عليها فروة بن عمرو البياضى

ثم أمر بذلك فجزئ خمسة أجزاء وكتب في سهم منها لله وسائر السهمان أغفال

وكان أول ما خرج سهم النبى صلى الله عليه وسلم لم يتخير في الاخماس فأمر ببيع

الاربعة الاخماس فيمن يزيد فباعها فروة وقسم ذلك بين أصحابه وكان الذى

ولى إحصاء الناس زيد بن ثابت فأحصاهم الفا وأربعمائة والخيل مائتى فرس وكانت

السهمان على ثمانية عشر سهما لكل مائة سهم وللخيل أربعمائة سهم وكان الخمس

الذى صار لرسول الله صلى الله عليه وسلم يعطى منه على ما أراه الله من السلاح والكسوة وأعطى

منه أهل بيته ورجالا من بنى ع بدالمطلب ونساء واليتيم والسائل وأطعم من

الكتيبة نساءه وبنى ع بدالمطلب وغيرهم . ثم ذكر قدوم الدوسيين والاشعريين

وأصحاب السفينتين وأخذهم من غنائم خيبر ولم يبين كيف أخذوا . وإذا كانت

القسمة على الف وثمانمائة سهم وأهل الحديبية ألفا وأربعمائة والخيل مائتى فرس

باربعمائة سهم فما الذى أخذه هؤلاء المذكورون . وقال ابن إسحق وكانت المقاسم

على أموال خيبر على الشق ونطاة والكتيبة فكانت الشق ونطاة في سهمان

المسلمين وكانت الكتيبة خمس الله ثم قال وكانت نطاة والشق ثمانية عشر سهما

نطاة من ذلك خمسة أسهم والشق ثلاثة عشر سهما وقسمت الشق ونطاة على ألف

ـ145ـ

وثمانمائة سهم وكانت عدة الذين قسمت عليهم خيبر الفا وثمانمائة رجالهم وخيلهم

الرجال أربع عشرة مائة والخيل مائتان لكل فرس سهمان . وهذا أشبه مما تقدم

فان هذه المواضع الثلاثة مفتوحة بالسيف عنوة من غير صلح . وأما الوطيح والسلالم

فقد يكون ذلك هو الذى اصطفاه رسول الله صلى الله عليه وسلم لما ينوب للمسلمين

ويترجح حينئذ قول موسى بن عقبة ومن قال بقوله أن بعض خيبر كانت صلحا

ويكون أخذ الاشعريين ومن ذكر معهم من ذلك ويكون مشاورة النبى صلى الله

عليه وسلم أهل الحديبية في اعطائهم ليست استنزالا لهم عن شئ من حقهم

وإنما هى المشورة العامة ( وشاورهم في الامر ) .

وروى البلاذرى فثنا الحسين بن الاسود فثنا أبوبكر بن عياش عن الكلبى عن أبى

صالح عن ابن عباس قال قسمت خيبر على الف وخمسمائة سهم وثمانين سهما وكانوا

الفا وخمسمائة وثمانين رجلا الذين شهدوا الحديبية منهم الف وخمسمائة وأربعون والذين

كانوا مع جعفر بن أبى طالب بأرض الحبشة أربعون رجلا ، ليس في هذا الخبر مع

ضعفه ذكر للخيل وفيه أن أصحاب السفينتين كانوا أربعين وقد ذكر ذلك غير أن

المشهور الذى ذكره ابن إسحق أن أصحاب السفينتين كانوا ستة عشر رجلا

وأن قوما منهم قدموا قبل ذلك بنحو سنتين من الحبشة وليس لهم مدخل في هذا

ومجموعهم نحو من ثمانية وثلاثين رجلا . وإن كان المراد أصحاب السفينتين ومن

أخذ معهم من الدوسيين والاشعريين فقد يحتمل . وأما قول أبى عمر قسم جميع

أرضها بين الغانمين فقد حكينا عن ابن إسحق ما قسم منها وقد روينا عن أبى داود فثنا

هشام بن عمار قال فثنا حاتم بن إسماعيل قال وثنا سليمان بن داود المهرى فثنا ابن وهب

قال أخبرنى عبدالعزيز بن محمد " ح " وثنانصر بن على قال أنا صفوان بن عيسى وهذا

لفظ حديثه كلهم عن أسامة بن زيد عن الزهرى عن مالك بن أوس بن الحدثان

ـ146ـ

قال كان فيما احتج به عمر رضي الله عنه أنه قال كانت لرسول الله صلى الله عليه

وسلم ثلاث صفايا بنو النضير وخيبر وفدك . فأما بنو النضير فكانت حبسا لنوائبه وأما

فدك فكانت حبسا لابناء السبيل وأما خيبر فجزأها رسول الله صلى الله عليه

وسلم ثلاثة أجزاء جزءين بين المسلمين وجزءا نفقة لاهله وما فضل عن نفقة أهله

جعله بين فقراء المهاجرين . وأما حديث بشير بن يسار فبشير بن يسار تابعى ثقة

يروى عن أنس بن مالك وغيره ، يروى عنه هذا الخبر يحيى بن سعيد ويختلف

عليه فيه فبعض أصحاب يحيى يقول فيه عن بشير عن سهل بن أبى حثمة وبعضهم

يقول إنه سمع نفرا من أصحاب النبى صلى الله عليه وسلم وبعضهم يقول عن رجال

من أصحاب النبى صلى الله عليه وسلم ومنهم من يرسله . وروينا من طريق أبى داود

فثنا حسين بن على الاسود أن يحيى بن آدم حدثهم عن أبى شهاب عن يحيى بن

سعيد عن بشير بن يسار أنه سمع نفرا من أصحاب النبى صلى الله عليه وسلم

قالوا فذكر الحديث قال فكان النصف سهام المسلمين وسهم رسول الله صلى

الله عليه وسلم وعزل النصف للمسلمين ما ينوبه من الامور والنوائب . ورواية محمد

ابن فضيل عن يحيى عنه عن رجال من أصحاب النبى صلى الله عليه وسلم

أن رسول الله صلى الله عليه وسلم لما ظهر على خيبر قسمها على ستة وثلاثين

سهما جمع كل سهم مائة سهم فكان لرسول الله صلى الله عليه وسلم وللمسلمين

النصف من ذلك وعزل النصف الباقى لمن ينزل به من الوفود والامور ونوائب

الناس . فهذه الرواية والتى قبلها مصرحة بأن النصف للنبى صلى الله عليه وسلم

للمسلمين المقسوم عليهم والنصف الباقى هو المؤخر لنوائب المسلمين وأصرح منهما

رواية سليمان بن بلال عن يحيى عن بشير المرسلة أنه عليه السلام قسمها ستة وثلاثين

سهما فعزل للمسلمين الشطر ثمانية عشر سهما يجمع كل سهم مائة سهم النبى صلى

ـ147ـ

الله عليه وسلم معهم له سهم كسهم أحدهم وعزل رسول الله صلى الله عليه وسلم

ثمانية عشر سهما وهو الشطر لنوائبه وما ينزل به من أمور المسلمين فكان ذلك

الوطيح والكتيبة والسلالم وتوابعها الحديث . فقد تضمن هذا أن المدخر للنوائب

الذى لم يقسم بين الغانمين هو الوطيح والسلالم الذى لم يجر لهما في العنوة ذكر

صريح والكتيبة هى التى كان بعضها صلحا وبعهضا عنوة وقد يكون غلب حكم

الصلح فلذلك لم يقسم فيما قسم . فلم يبق لتأويل ابى عمر رحمه الله وجه ونص الخبر

يعارضه والله أعلم . ودفعها رسول الله صلى الله عليه وسلم لاهلها بشطر ما يخرج منها

فلم تزن كذلك إلى أثناء خلافة عمر .

قرأت على غازى بن أبى الفضل أخبركم حنبل بن عبدالله قال أنا ابن الحصين

قال أنا ابن المذهب قال أنا ابن القطيعى قال أنا عبدالله بن أحمد فثنا أبى فثنا

يحيى عن عبيدالله عن نافع عن ابن عمر أن رسول الله صلى الله عليه وسلم عامل

أهل خيبر بشطر ما يخرج من تمر أوزرع . وقتل من اليهود ثلاثة وتسعون رجلا

واستشهد من المسلمين خمسة عشر رجلا فيما ذكر ابن سعد وزاد غيره عليه ،

وسيأتى ذكرهم ومنهم الاسود الراعى وكان من خبره أنه أتى رسول الله صلى الله

عليه وسلم وهو محاصر لبعض حصون خيبر ومعه غنم كان فيها أجير الرجل من

يهود فقال يا رسول الله اعرض على الاسلام فعرضه عليه فأسلم وكان رسول الله صلى

الله عليه وسلم لا يحقر أحدا أن يدعوه إلى الاسلام ويعرضه عليه فلما أسلم قال

يا رسول الله إنى كنت أجيرا لصاحب هذا الغنم وهى أمانة عندى فكيف أصنع

بها قال اضرب في وجهها فانها سترجع إلى ربها أو كما قال فقام الاسود فأخذ

حفنة من الحصباء فرمى بها في وجوهها وقال ارجعى إلى صاحبك فوالله لا أصحبك

وخرجت مجتمعة كأن سائقا يسوقها حتى دخلت الحصن ، ثم تقدم إلى ذلك

ـ148ـ

الحصن فقاتل مع المسلمين فأصابه حجر فقتله فأتى به إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فوضع

خلفه وسجى بشملة ( 1 ) كانت عليه فالتفت اليه رسول الله صلى الله عليه وسلم ومعه

نفر من أصحابه ثم أعرض عنه فقالوا يا رسول الله لم أعرضت عنه ؟ قال إن معه

الآن زوجتيه من الحور العين ينفضان التراب عن وجهه ويقولان ترب الله وجه

من ترب وجهك وقتل من قتلك . وروينا من طريق البخارى فثنا المكى بن

ابراهيم فثنا يزيد بن أبى عبيد قال رأيت أثر ضربة في ساق سلمة فقلت يا أبا مسلم

ماهذه الضربة ؟ قال هذه ضربة أصابتنى يوم خيبر فقال الناس أصيب سلمة

فأتيت النبى صلى الله عليه وسلم فنفث فيه ثلاث نفثات فما اشتكيتها حتى الساعة .

* ( هامش ) * ( 1 ) أى : غطى بكساء . ( * )

ـ149ـ

ـ ذكر من استشهد بخيبر ـ

من قريش من بنى أمية بن عبد شمس من حلفائهم ربيعة بن أكثم وثقف

ابن عمرو ورفاعة بن مسروح ثلاثة ، ومن بنى أسد بن عبدالعزى عبدالله بن

الهبيب وقيل أهيب بن سحيم بن غبرة من بنى سعد بن ليث حليفهم وابن أختهم

رجل . ومن الانصار ثم من بنى سلمة بشر بن البراء وفضيل بن النعمان . قال محمد

ابن سعد كذا وجدناه في غزوة خيبر وطلبناه في نسب بنى سلمة فلم نجده ، قال

ولا نحسبه إلا وهما في الكتاب وإنما أراد الطفيل بن النعمان بن خنساء بن سنان

والله أعلم . حكاه أبوعمر ونسب الطفيل هذا في ترجمته من كتاب الطفيل بن

مالك بن النعمان بن خنساء شهد العقبة وبدرا وأحدا وجرح بها ثلاثة عشر جرحا

وعاش حتى شهد الخندق وقتل بالخندق شهيدا قتله وحشى بن حرب . وذكر

موسى بن عقبة في البدريين الطفيل بن النعمان بن خنساء والطفيل بن مالك بن

خنساء رجلين . ومن بنى زريق مسعود بن سعد ، ومن الاوس من بنى عبد الاشهل

محمود بن مسلمة بن خالد بن عدى بن مجدعة بن حارثة بن الحارث حليف لهم

من بنى حارثة أدلى عليه مرحب رحى فأصاب رأسه فهشمت البيضة رأسه وسقطت

جلدة جبينه على وجهه فأتى به رسول الله صلى الله عليه وسلم فرد الجلدة فعادت كما

كانت وعصبها رسول الله صلى الله عليه وسلم بثوبه فمكث ثلاثة أيام ومات رحمه الله . ذكره

أبوعمر ، ومن بنى عمرو بن عوف أبوضياح بن ثابت والحرث بن حاطب وعروة

ـ150ـ

ابن برة بن سراقة وعند أبى عمر عروة بن مرة وأوس بن الفائد وعند أبى عمر بن

الفاكه وأنيف بن حنيب وثابت بن واثلة وعند ابن إسحق ابن أثلة ، وطلحة ولم

نقف على نسبه ، وأوس بن قتادة ، ومن بنى غفار عمارة بن عقبة رمى بسهم . ومن

أسلم عامر بن الاكوع عم سلمة بن عمرو بن الاكوع . والاكوع هو سنان بن

عبدالله بن قشير بن خزيمة بن مالك بن سلامان بن أسلم بن أفصى . والاسود

الراعى واسمه أسلم وقد تقدم خبره ، ومن حلفاء بنى زهرة مسعود بن ربيعة القارى .

وقال أبومعشر والواقدى مات سنة ثلاثين وقد زاد على الستين . وعند أبى عمر

فيهم أوس بن عائذ .

ـ151ـ

ـ أمر وادى القرى ـ

............................................................................

- عيون الاثر مجلد: 2 من ص 151 سطر 1 الى ص 160 سطر 9

ـ أمر وادى القرى ـ

وكان في جمادى الآخرة سنة سبع . ذكر أبوبكر البلاذرى بأسانيده قال قالوا

أتى رسول الله صلى الله عليه وسلم منصرفه من خيبر وادى القرى فدعا أهلها إلى الاسلام

فامتنعوا من ذلك وقاتلوا ففتحها رسول الله صلى الله عليه وسلم عنوة وغنمه الله

أموال أهلها وأصاب المسلمون منها أثاثا ومتاعا فخمس رسول الله صلى الله عليه

وسلم ذلك وترك الارض والنخل في أيدى يهود وعاملهم على نحو ما عامل عليه أهل

خيبر فقيل إن عمر أجلى يهودها وقسمها بين من قاتل عليها وقيل إنه لم يجلهم

لانها خارجة من الحجاز وهى اليوم مضافة إلى عمل المدينة وولاها رسول الله صلى الله عليه وسلم

عمرو بن سعيد بن العاص وأقطع رسول الله صلى الله عليه وسلم جمرة بن النعمان

ابن هوذة العذرى رمية صوته من وادى القرى وكان سيد بنى عذرة وأول أهل الحجار

قدم على النبى صلى الله عليه وسلم بصدقة بنى عذرة وكذلك قال أبوعمرأنه افتتحها عنوة وقسمها

وأما ابن اسحق فذكر أن رسول الله صلى الله عليه وسلم حاصر أهلها ليالى

ثم انصرف راجعا إلى المدينة . وفيها أصيب غلام للنبى صلى الله عليه وسلم يقال

له مدعم أصابه سهم غرب ( 1 ) فقتله . أخبرنا القاضى الصدر الرئيس نظام الدين أبو

عبدالله محمد بن الحسين بن الحسن بن الخليلى قراءة عليه وأنا أسمع بمصر قال

أنا أبومحمد المبارك بن ابراهيم بن مختار بن تغلب بن السبيبى في كتابه إلى

* ( هامش ) * ( 1 ) بفتح الغين وسكون الراء وفتحها أى سهم لا يعرف راميها ( * )

ـ152ـ

من مدينة السلام ومولده سنة سبع عشرة وخمسمائة وتوفى سنة ستمائة قال أنا أبو

القاسم بن الحصين إملاء من لفظه سنة ثلاث وعشرين قال أنا القاضى أبوالقاسم

التنوخى قال أنا عبيدالله بن محمد بن إسحق المتوثى فثنا البغوى فثنا مصعب

ابن عبدالله قال حدثنى مالك عن ثور بن زيد الديلى عن أبى الغيث مولى ابن

مطيع عن أبى هريرة أنه قال خرجنا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم عام خيبر

فلم نغنم ذهبا ولا ورقا إلا الثياب والمتاع والاموال قال فوجه رسول الله صلى الله

عليه وسلم نحو وادى القرى وقد أهدى لرسول الله صلى الله عليه وسلم عبد أسود يقال له بدعم

يحط رحل رسول الله صلى الله عليه وسلم إذ جاءه سهم عابر فقتله فقال الناس

هنيئا له الجنة فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم كلا والذى نفسى بيده إن الشملة التى أخذها

يوم خيبر من المغانم لم تصبها المقاسم لتشعل عليه نارا فلما سمعوا بذلك جاء رجل

بشراك ( 2 ) أو شراكين إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال رسول الله صلى الله

عليه وسلم شراك من نار أو شرا كان من نار .

قال البلاذرى حدثنى على بن محمد بن عبدالله مولى قريش عن العباس بن

عامر عن عمه قال أتى عبدالملك بن مروان يزيد بن معاوية فقال إن أمير

المؤمنين معاوية كان ابتاع من رجل يهودى أرضا بوادى القرى وأحيا اليها أرضا

وليست لك بذلك المال عناية فقد ضاع وقلت غلته فأقطعنيه فانه لا حظر له ،

فقال يزيد إنا لا نبخل بكثير ولا نخدع عن صغير فقال يا أمير المؤمنين غلته كذا

قال هو لك فلما ولى قال يزيد هذا الذى يقال إنه يلى بعدنا فان يكن ذلك حقا

فقد صانعناه وإن يكن باطلا فقد وصلناه .

* ( هامش ) * ( 1 ) أحد سيور النعل . ( * )

ـ153ـ

ـ خبر تيماء ـ

قال أبوبكر البلاذرى قالوا قال ولما بلغ أهل تيماء ما وطئ به رسول الله صلى

الله عليه وسلم أهل وادى القرى صالحوه على الجزية فأقاموا ببلادهم وأرضهم في

أيديهم وولاها رسول الله صلى الله عليه وسلم يزيد بن أبى سفيان وكان إسلامه يوم فتحها .

وروى عن عمر بن عبدالعزيز أن عمر بن الخطاب أجلى أهل فدك وتيماء وخيبر .

ـ سرية عمر بن الخطاب إلى تربة ـ

قال ابن سعد عطفا على وقعة خيبر : ثم سرية عمر بن الخطاب إلى تربة في

شعبان سنة سبع من مهاجر رسول الله صلى الله عليه وسلم قالوا بعث رسول الله صلى الله عليه

وسلم عمر بن الخطاب في ثلاثين رجلا إلى عجز هوازن بتربة وهى بناحية العبلاء

على أربع ليال من مكة طريق صنعاء وبحران فخرج وخرج معه دليل من بنى هلال

فكان يسير الليل ويكمن النهار فأتى الخبر هوازن فهربوا وجاء عمر بن الخطاب

محالهم فلم يلق منهم أحدا فانصرف راجعا إلى المدينة . تربة بضم الناء وفتح الراء

على وزن عرنة ذكره الحازمى وقال بقرب مكة على مسافة يومين منها . وذكره ابن

سيده في المثال له وقال أسماء مواضع . وذكر ابن سيده تربة وليس عند الحازمى

تربة ساكنة الراء موضع من بلاد بنى عامر بن مالك .

ـ154ـ

ـ سرية ابى بكر الصديق رضى الله عنه إلى بنى كلاب بنجد ـ

ثم سرية أبى بكر الصديق إلى بنى كلاب بنجد بناحية ضرية في شعبان

سنة سبع من مهاجر رسول الله صلى الله عليه وسلم : روينا عن ابن سعد قال أنا

هاشم بن القاسم فثنا عكرمة يعنى ابن عمار فثنا إياس بن سلمة بن الاكوع عن

أبيه قال غزوت مع أبى بكر إذ بعثه النبى صلى الله عليه وسلم علنيا فسبى ناسا

من المشركين فقتلناهم فكان شعارنا أمت أمت قال فقلت بيدى سبعة أهل أبيات

من المشركين . وقال أنا هاشم بن القاسم فثنا عكرمة بن عمار فثنا إياس بن سلمة بن

الاكوع عن أبيه قال بعث رسول الله صلى الله عليه وسلم أبا بكر إلى فزارة وخرجت معه

حتى إذا ماصلينا الصبح أمرنا فشنينا الغارة فوردنا الماء فقتل أبوبكر من قتل ونحن

معه قال سلمة فرأيت عنقا ( 1 ) من الناس فمنهم الذرارى فخشيت أن يسبقونى إلى الجبل

فأدركتهم فرميت بسهم بينهم وبين الجبل فلما رأوا السهم قاموا فاذا امرأة من

فزارة فيهم عليها قشع ( 2 ) من أدم معها ابنتها من أحسن العرب فجئت اسوقهم إلى

أبى بكر فنفلنى أبوبكر ابنتها فلم أكشف لها ثوبا حتى قدمت المدينة ثم باتت عندى

فلم أكشف لها ثوبا حتى لقينى رسول الله صلى الله عليه وسلم في السوق فقال يا سلمة

هب لى المرأة فقلت يا نبى الله والله لقد أعجبتنى وما كشفت لها ثوبا فسكت حتى

كان من الغد لقينى رسول الله صلى الله عليه وسلم في السوق ولم أكشف لها ثوبا فقال

يا سلمة هب لى المرأة لله أبوك قال فقلت هى لك يا رسول الله قال فبعث بها رسول

الله صلى الله عليه وسلم إلى مكة ففدى بها أسرى من المسلمين كانوا في أيدى المشركين .

* ( هامش ) * ( 1 ) أى : جماعة .

( 2 ) أى : جلد يا بس . ( * )

ـ155ـ

ـ سرية بشير بن سعد الانصارى إلى فدك ـ

ثم سرية بشير بن سعد الانصارى إلى فدك في شعبان سنة سبع

قالوا بعث رسول الله صلى الله عليه وسلم بشير بن سعد في ثلاثين رجلا إلى بنى مرة بفدك فخرج

فلقى رعاء الشاء فسأل عن الناس فقيل في بواديهم فاستاق النعم والشاء وانحدر

إلى المدينة فخرج الصريخ فأخبر هم فأدركه الدهم ( 1 ) منهم عند الليل فباتوا يرامونهم

بالنبل حتى فنيت نبل أصحاب بشير . وقاتل بشير حتى ارتث ( 2 ) وضرب كعبه

وقيل قد مات ورجعوا بنعمهم وشائهم وقدم علبة بن زيد الحارثى بخبرهم على رسول

الله صلى الله عليه وسلم ثم قدم من بعده بشير بن سعد .

* ( هامش ) * ( 1 ) أى : العدد الكثير .

( 2 ) أى : جرح و ؟ ؟ ؟ من المعركة وهو ضعيف . ( * )

ـ156ـ

ـ سرية غالب بن عبدالله الليثى إلى الميفعة ـ

قال ثم سرية غالب بن عبدالله الليثى إلى الميفعة في شهر رمضان سنة سبع قالوا بعث

رسول الله صلى الله عليه وسلم غالب بن عبدالله إلى بنى عوال - بضم العين - وبنى عبد بن ثعلبة

وهم بالميفعة وهى وراء بطن نخل إلى النقرة قليلا بناحية نجد وبينها وبين المدينة ثمانية

برد بعثه في مائة وثلاثين رجلا ودليلهم يسار مولى رسول الله صلى الله عليه وسلم فهجموا

عليهم جميعا ووقعوا في وسط محالهم فقتلوا من أشراف لهم واستاقوا نعما وشاء

فحدروه إلى المدينة ولم يأسروا أحدا . وفى هذه السرية قتل أسامة بن زيد الرجل

الذى قال لا اله إلا الله فقال النبى صلى الله عليه وسلم هلا شققت عن قلبه

فتعلم أصادق هو أم كاذب فقال أسامة لا أقاتل أحدا يشهد أن لا اله إلا الله .

وبوب البخارى لهذه السرية باب بعث النبى صلى الله عليه وسلم أسامة بن زيد إلى الحرقات

من جهينة قال حدثنى عمرو بن محمد فثنا هشيم قال أنا حصين فثنا أبوظبيان قال

سمعت أسامة بن زيد يقول بعثنا رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى الحرقة بطن من

جهينة فصبحنا القوم فهزمنا هم ولحقت أنا ورجل من الانصار رجلا منهم فلما

غشيناه قال لا اله إلا الله فكف الانصارى فطعنته برمحى حتى قتلته فلما قدمنا بلغ

النبى صلى الله عليه وسلم فقال يا أسامة أقتلته بعد ما قال لا اله إلا الله . قلت إنما كان متعوذا

فما زال يكررها حتى تمنيت أنى لم أكن أسلمت قبل ذلك اليوم ( 1 )

( 1 ) ثم إن رسول الله صلى الله عليه وسلم استغفر بعد لاسامة

ثلاث مرات وقال له اعتق رقبة ذكره البغوى .

ـ157ـ

ـ سرية بشير بن سعد الانصارى إلى يمن وجبار ـ

قال ثم سرية بشير بن سعد الانصارى إلى يمن وجبار في شوال سنة سبع قالوا

بلغ رسول الله صلى الله عليه وسلم أن جمعا من غطفان بالجناب قدوا عدهم عيينة

ابن حصن الفزارى ليكون معهم ليزحفوا إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فدعا رسول الله

صلى الله عليه وسلم بشير بن سعد الانصارى فعقدله لواء وبعث معه ثلاثمائة رجل فسارو الليل

و ؟ ؟ ؟ النهار حتى أتوا إلى يمن وجبار وهى نحو الجناب والجناب معارض سلاح وخيبر

ووادى القرى فنزلوا بسلاح ثم دنوا من القوم فاصأبوا لهم نعما كثيرا وتفرق الرعاء

 

فحذروا الجمع فتفرقوا ولحقوا بعليا بلادهم وخرج بشير بن سعد في أصحابه حتى

أتى محالهم فيجدها وليس فيها أحد فرجع بالنعم وأصاب منهم رجلين فأسرهما

وقدم بهما إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فأسلما فأرسلهما . ويمن بفتح الياء

آخر الحروف وقيل بضمها وقيل بالهمزة مفتوحة ساكنة الميم . وجبار بفتح الجيم وباء

معجمة ثانية الحروف مخففة وبعدها ألف وراء . والجناب بكسر الجيم من أرض

غطفان وذكره أيضا الحازمى وقال من بلاد فزارة . وعارضت فلانا في السير أى

سرت حياله . وسلاح بكسر السين المهملة والحاء المهملة موضع قريب من خيبر .

ـ158ـ

ـ عمرة القضاء ويقال لها عمرة القصاص ـ

وكان من خبرها أن رسول الله صلى الله عليه وسلم خرج في ذى القعدة من

السنة السابعة قاصدا مكة للعمرة على ما عاقد عليه قريشا في الحديبية . فلما

اتصل ذلك بقريش خرج أكابر منهم عن مكة عدواة لله ولرسوله صلى الله عليه وسلم ولم يقدروا

على الصبر في رؤيته يطوف بالبيت هو وأصحابه فدخل رسول الله صلى الله عليه

وسلم مكة وأتم الله له عمرته وقعد بعض المشركين بفعيفعان ( 1 ) ينظرون إلى المسلمين

وهم يطوفون بالبيت فأمر هم رسول الله صلى الله عليه وسلم بالرمل ليروا المشركين أن بهم

قوة ، وكان المشركون قالوا في المهاجرين قد وهنتهم حمى يثرب ، وتزوج رسول

الله صلى الله عليه وسلم في عمرته تلك ميمونة بنت الحارث الهلالية قيل تزوجها

قبل أن يحرم بعمرته وقيل بعد أن حل من عمرته وقيل تزوجها وهو محرم

فلما تمت الثلاثة الايام التى هى أمد الصلح جاء حو يطب بن عبدالعزى ومعه

سهيل بن عمرو إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم عن المشركين بأن يخرج عن

مكة ولم يمهلوه حتى يبنى على ميمونة فخرج رسول الله صلى الله عليه وسلم وبنى

بها بسرف وذكر ابن سعد أن المعتمرين بها كانوا ألفين هم أهل الحديبية ومن

انضاف اليهم إلا من مات منهم أو استشهد بخيبر . واستخلف رسول الله صلى الله عليه وسلم

على المدينة أبارهم الغفارى وقيل غيره وساق ستين بدنة وجعل عليها ناجية بن

جندب ومائة فرس قدم عليها محمد بن مسلمة أمامه . وجعل على السلاح أوس

* ( هامش ) * ( 1 ) جبل مشهور بمكة . ( * )

ـ159ـ

عمرتهم رضى الله عنهم . أخبرنا أحمد بن يوسف الساوى بقراءة والدى عليه رحمهما

الله تعالى سنة ست وسبعين وستمائة قال أنا أبوروح المطهر بن أبى بكر البيهقى سماعا

عليه سنة خمس وستمائة قال أنا الامام أبوبكر محمد بن علق الطوسى قال أنا أبوعلى

نصرالله بن أحمد بن عثمان الخشنامى قال أنا القاضى أبوبكر الحيرى قال أنا أبو

على الميدانى قال أنا محمد بن يحيى الذهلى فثنا عبدالرزاق عن معمر عن الزهرى عن

أنس بن مالك أن النبى صلى الله عليه وسلم دخل مكة في عمرة القضاء وعبدالله بن رواحة آخذ

بغرز النبى صلى الله عليه وسلم وهو يقول :

خلوا بنى الكفار عن سبيله * قد أنزل الرحمن في تتزيله

بأن خيرالقتل في سبيله

وكان اسلام عمرو بن العاص وخالد بن الوليد وعثمان بن طلحة قبيل عمرة

القضاء وقيل بعدها .

ـ160ـ

ـ سرية ابن ابى العوجاء السلمى إلى بنى سليم ـ

قال ابن سعد ثم سرية ابن أبى العوجاء إلى بنى سليم في ذى الحجة سنة سبع

قالوا بعث رسول الله صلى الله عليه وسلم ابن أبى العوجاء السلمى في خمسين رجلا

إلى بنى سليم فخرج اليهم وتقدمه عين لهم كان معهم فحذرهم فجمعوا فأتاهم ابن

أبى العوجاء وهم معدون له فدعاهم إلى الاسلام فقالوا لا حاجة لنا إلى ماتدعوننا اليه

فتراموا بالنبل ساعة وجعلت الامداد تأتى حتى أحدقوا بهم من كل ناحية فقاتل

القوم قتالا شديدا حتى قتل عامتهم وأصيب ابن أبى العوجاء جريحا مع القتلى

ثم تحامل حتى بلغ رسول الله صلى الله عليه وسلم فقدموا المدينة في أول يوم من صفر سنة ثمان

ـ161ـ

ـ سرية غالب بن عبدالله الليثى إلى بنى الملوح بالكديد ـ

............................................................................

- عيون الاثر مجلد: 2 من ص 161 سطر 1 الى ص 170 سطر 17

ـ سرية غالب بن عبدالله الليثى إلى بنى الملوح بالكديد ـ

قال ابن سعد : ثم سرية غالب بن عبدالله الليثى إلى بنى الملوح بالكديد

في صفر سنة ثمان قال أنا عبدالله بن عمرو أبومعمر فثنا ع بدالوارث بن سعيد

فثنا محمد بن إسحق عن يعقوب بن عتبة بن مسلم بن عبدالله الجهنى عن

جندب بن مكيث الجهنى قال بعث رسول الله صلى الله عليه وسلم غالب بن عبدالله

الليثى ثم أحد بنى كلاب بن عوف في سرية كنت فيهم وأمرهم أن يشنوا الغارة

على بنى الملوح بالكديد وهم من بنى ليث . قال فخرجنا حتى إذا كنا بالكديد

لقينا الحرث بن البرصاء الليثى فأخذناه فقال إنما جئت أريد الاسلام وإنما خرجت

إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم قلنا إن كنت مسلما لم يضرك رباطنا يوما وليلة

وان كنت على غير ذلك نستوثق منك . قال فشددناه وثاقا وخلفنا عليه رو يجلا

منا أسود فقلنا إن نازعك فاحتز رأسه فسرنا حتى أتينا الكديد عند غروب الشمس

فكمنا في ناحية الوادى . وبعثنى أصحابى ربيئة لهم فخرجت حتى ؟ ؟ ؟ تلا مشرفا

على الحاضر يطلعنى عليهم حتى إذا اسندت ( 1 ) فيه علوت على رأسه ثم اضطجعت

عليه . قال فانى لا نظر إذ خرج منهم من خباء له فقال لامرأته إنى لانظر على

هذا الجبل سوادا ما رأيته أول من يومى هذا فانظرى إلى أوعيتك لا تكون

الكلاب جرت منها شيئا قال فنظرت فقالت والله ما أفقد من أوعيتى شيئا قال

* ( هامش ) * ( 1 ) أى : صعدت . ( * )

ـ162ـ

فناولينى قوسى ونبلى فناولته قوسه وسهمين معها فأرسل سهما فوالله ما اخطأ بين

عينى ، قال فانتزعته فوضعته وثبت مكانى ثم أرسل آخر فوضعه في منكبى

فانتزعه فوضعته وثبت مكانى قال فقال لامرأته والله لو كانت ربيئة لقد

تحركت بعد والله لقد خالطها سهمان لا أبا لك فاذا أصبحت فانظريهما لا تمضغهما

الكلاب . قال ثم دخل وراحت الماشية من إبلهم وأغنامهم فلما احتلبوا واطمأنوا

فناموا شننا عليهم الغارة واستقنا النعم قال فخرج صريخ القوم في قومهم فجاء

ما لا قبل لنا به فخرجنا به نحدرها مررنا بابن البرصاء فاحتملناه واحتملنا صاحبنا

فأدركنا القوم حتى نظروا الينا ما بيننا وبينهم الا الوادى ونحن موجهون في ناحية

الوادى إذ جاء الله بالوادى من حيث شاء يملا جنبيه ماء والله ما رأينا يومئذ سحابا

ولا مطرا فجاء بما لا يستطيع أحد أن يجوزه فلقد رأيتهم وقوفا ينظرون الينا وقد

أسندناها في المسيل . وقال الواقدى في المشلل - بدل المسيل - نحدرها

وفتناهم فوتا لا يقدون فيه على طلبنا قال وكانوا بضعة عشر رجلا .

ـ163ـ

ـ سرية غالب بن عبدالله الليثى ـ

إلى مصاب أصحاب بشير بن سعد بفدك

ثم سرية غالب بن عبدالله الليثى أيضا إلى مصاب أصحاب بشير بن سعد

بفدك في صفر سنة ثمان قال أنا محمد بن عمر قال حدثنى عبدالله بن الحرث بن

الفضيل عن أبيه قال هيأ رسول الله صلى الله عليه وسلم الزبير بن العوام . وقال

له سرحتى تنتهى إلى مصاب أصحاب بشير بن سعد فان ظفرك الله بهم فلاتبق

فيهم . وهيأ معه مائتى رجل وعقد له لواء فقدم غالب من الكديد من سرية قد

ظفره الله عليهم فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم للزبير اجلس وبعث غالب

ابن عبدالله في مائتى رجل وخرج أسامة بن زيد فيها حتى انتهى إلى مصاب

أصحاب بشير بن سعد وخرج معه علبة بن زيد فيها فأصابوا منهم نعما وقتلوا منهم قتلى

قال أنا محمد بن عمر قال حدثنى أفلح بن سعيد عن بشير بن محمد بن عبدالله بن

زيد قال خرج مع غالب في هذه السرية عقبة بن عمرو أبومسعود وكعب بن عجرة

وأسامة بن زيد وعلبة بن زيد الحارثى . أنا محمد بن عمر قال حدثنى شبل بن العلاء

ابن عبدالرحمن عن ابراهيم بن حويصة عن أبيه قال بعثنى رسول الله صلى الله

عليه وسلم في سرية مع غالب بن عبدالله إلى بنى مرة فأغرنا عليهم من الصبح وقد

أو عز الينا أميرنا أن لا تفترق وواخى بيننا فقال لاتعصونى فان رسول الله صلى الله

عليه وسلم قال من اطاع أميرى فقد أطاعنى ومن عصاء فقد عصانى وانكم متى

ماتعصونى فانكم تعصون نبيكم قال فآخى بينى وبين أبى سعيد الخدرى قال فأصبنا القوم .

ـ164ـ

ـ سرية شجاع بن وهب الاسدى إلى بنى عامر بالسيئ ـ

ثم سرية عامر بن وهب الاسدى إلى بنى عامر بالسيئ في شهر ربيع الاول سنة ثمان

قال أنا محمد بن عمر الاسلمى قال حدثنى أبوبكر بن عبدالله بن أبى سبرة

عن إسحق بن عبدالله بن أبى فروة عن عمر بن الحكم قال بعث رسول الله صلى

الله عليه وسلم شجاع بن وهب في أربعة وعشرين رجلا إلى جمع من هوازن بالسيئ

ناحية ركبة من وراء المعدن وهى من المدينة على خمس ليال وأمره أن يغير عليهم

فكان يسير الليل ويكمن النهار حتى صبحهم وهم غارون فأصابوا نعما كثيرا وشاء

واستاقوا ذلك حتى قدموا المدينة واقتسموا الغنيمة وكان سهمانهم خمسة عشر بعيرا

وعدلوا البعير بعشر من الغنم وغابت السرية خمس عشرة ليلة .

ـ سرية كعب بن عمير الغفارى إلى ذات اطلاح ـ

وهى من وراء وادى القرى

ثم سرية كعب بن عمير الغفارى إلى ذات اطلاع وهى من وراء وادى القرى .

ثم سرية سعد بن عمير في شهر ربيع الاول سنة ثمان قال . أنا محمد بن عمر قال

حدثنى محمد بن عبدالله عن الزهرى قال بعث رسول الله صلى الله عليه وسلم كعب بن عمير

الغفارى في خمسة عشر رجلا حتى انتهوا إلى ذات اطلاح من أرض الشام

فوجدوا جمعا من جمعهم كثيرا فدعوهم إلى الاسلام فلم يستجيبوا لهم ورشقوهم

بالنبل . فلما رأى ذلك أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم قاتلو هم أشد القتال حتى قتلوا

وأفلت منهم رجل جريح في القتلى فلما برد عليه الليل تحامل حتى أتى رسول الله

صلى الله عليه وسلم فأخبره الخبر فشق ذلك عليه وهم بالبعثة اليهم فبلغه أنهم قد

ساروا إلى موضع آخر فتركهم .

ـ165ـ

ـ غزوة مؤتة ـ

وهى بأدنى البلقاء من أرض الشام في جمادى الاولى سنة ثمان

وكان سببها أن رسول الله صلى الله عليه وسلم بعث الحرث بن عمير الازدى أحد بنى لهب

بكتابه إلى الشام إلى ملك الروم وقيل إلى ملك بصرى ، فعرض له شرحبيل

ابن عمرو الغسانى فأوثقه رباطا ثم قدمه فضرب عنقه صبرا ولم يقتل لرسول الله صلى

الله عليه وسلم رسول غيره فاشتد ذلك عليه حين بلغه الخبر عنه . قال ابن إسحق حدثنى

محمد بن جعفر بن الزبير عن عروة بن الزبير قال بعث رسول الله صلى الله عليه

وسلم بعثه إلى مؤتة في جمادى الاولى من سنة ثمان وأمر عليهم زيد بن حارثة

وقال إن إصيب زيد فجعفر بن أبى طالب على الناس وإن إصيب جعفر فعبد الله

ابن رواحة على الناس فتجهز الناس ثم تهيئوا للخروج وهم ثلاثة آلاف فلما حضرهم

خروجهم ودع الناس أمراء رسول الله صلى الله عليه وسلم وسلموا عليهم . فلما

ودع عبدالله بن رواحة بكى فقيل ما يبكيك فقال أما والله ما بى حب الدنيا ولاصبابة

بكم ولكنى سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقرأ آية من كتاب الله يذكر فيها النار ( وإن

منكم إلا واردها كان على ربك حتما مقضيا ) فلست أدرى كيف لى بالصدر بعد الورود

فقال المسلمون صحبكم الله ودفع عنكم وردكم الينا صالحين فقال عبدالله بن رواحة :

لكننى أسأل الرحمن مغفرة * وضربة ذات فرغ تقذف الزبدا

أو طعنة بيدى حران مجهزة * بحربة تنفذ الاحشاء والكبدا

حتى يقال إذا مروا على جدثى * أرشده الله من غاز وقد رشدا

ـ166ـ

ثم مضوا حتى نزلوا معان من أرض الشام فبلغ الناس أن هرقل قد نزل مآب

من أرض البلقاء في مائة ألف من الروم وانضم اليهم من لخم وجذام والقين وبهراء

وبلى مائة ألف منهم عليهم رجل من بلى يقال له مالك بن رافلة . فلما بلغ ذلك

المسلمين أقاموا على معان ليلتين ينظرون في أمرهم وقالوا نكتب إلى رسول الله

صلى الله عليه وسلم فنخبره بعدد عدونا فاما أن يمدنا بالرجال وإما أن يأمرنا بأمره فنمضى له قال

فشجع الناس عبدالله بن رواحة وقال ياقوم والله إن الذى تكرهون للتى خرجتم

لها تطلبون الشهادة وما نقاتل الناس بعدد ولاقوة ولا كثرة وما نقاتلهم إلا بهذا الدين

الذى أكرمنا الله به فانطلقوا فانما هى إحدى الحسنيين إما ظهور وإما شهادة . قال ابن

إسحق ثم مضى الناس فحدثنى عبدالله بن أبى بكر أنه حدث عن زيد بن أرقم قال

كنت يتيما لعبد الله بن رواحة فخرج في سفره ذلك مرد في على حقيبة ( 1 ) رحله

فوالله إنه ليسير ليلة إذ سمعته وهو ينشد ويقول :

إذا أدنيتنى وحملت رحلى * مسيرة أربع بعد الحساء

فشأنك فانعمى وخلاك ذم * ولا أرجع إلى أهلى ورائى

وجاء المسلمون وغادرونا * بأرض الشام مشتهى الثواء

في أبيات فلما سمعتهن بكيت فخفقنى بالدرة وقال ما عليك يالكع أن يرزقنى الله

شهادة وترجع بين شعبتى الرحل . قال ثم قال عبدالله بن رواحة في سفره ذلك وهو يرتجز :

يا زيد زيد اليعملات ( 2 ) الذبل * تطاول الليل هديت فانزل

ثم مضى الناس حتى إذا كانوا بتخوم البلقاء لقيتهم جموع هرقل من الروم والعرب

* ( هامش ) * ( 1 ) الحقيبة ما يوضع فيه الزاد .

( 2 ) جمع يعملة وهى الناقة النجيبة . ( * )

ـ167ـ

بقرية من قرى البلقاء يقال لها مشارف ثم دنا العدو وانحاز المسلمون إلى قرية يقال

لها مؤتة فالتقى الناس عندها فتعبأ لهم المسلمون فجعلوا على ميمنتهم رجلا من

بنى عذرة يقال له قطبة بن قتادة وعلى ميسرتهم رجل من الانصار يقال له عباية

ابن مالك ويقال عبادة . ثم النقى لناس فاقتتلوا فقاتل زيد بن حارثة براية

رسول الله صلى الله عليه وسلم حتى شاط في رماح القوم ثم أخذها جعفر فقاتل بها حتى إذا ألحمه

القتال اقتحم عن فرس له شقراء فعقرها ثم قاتل القوم حتى قتل فكان جعفر أول

من عرقب فرسا في سبيل الله فقاتل . وروى أنه أخذ اللواء بيمينه فقاتل به حتى

قطعت يمينه فأخذ الراية بيساره فقطعت يساره فاحتضن الراية وقاتل حتى قتل رحمه الله

وسنه ثلاث وثلاثون أو أربع وثلاثون سنة . ثم أخذها عبدالله بن رواحة وتقدم بها وهو على

فرسه فجعل يستنزل نفسه ويتردد بعض التردد ثم نزل فلما نزل أتاه ابن عم له بعرفه

من لحم فقال شد بها صلبك فانك قد لقيت أيامك هذه ما لقيت فأخذه من يده

فانتهش منه نهشة ثم سمع الحطمة في ناحية الناس فقال وأنت في الدنيا ثم ألقاه من

يده ثم أخذ سيفه فتقدم فقاتل حتى قتل . ثم أخذ الراية ثابت بن أقرم أخوبنى

العجلان فقال يا قوم اصطلحوا على رجل منكم فقالوا أنت قال ما أنا بفاعل فاصطلح

الناس على خالد بن الوليد فلما أخذ الراية دافع القوم وخاشى بهم ثم انحاز وانحيز

عنه حتى انصرف بالناس . وقد حكى ابن سعد وغيره أن الهزيمة كانت

على المسلمين وحكى أيضا أن الهزيمة كانت على الروم . وكذا في صحيح البخارى

والمختار من ذلك ما ذكره ابن إسحق من انحياز كل فئة عن الاخرى من غير هزيمة

وقد وقع ذلك في شعر لقيس بن المسحر اليعمرى كذلك . وأطلع الله رسوله

صلى الله عليه وسلم على ذلك من يومه فأخبر به عليه السلام أصحابه رضى الله عنهم بالمدينة

قبل ورود الخبر بأيام . وقال لقد رفعوا لى في الجنة فيما يرى النائم على سرر من

ـ168ـ

ذهب فرأيت في سرير عبدالله بن رواحة ازورا را عن سريرى صاحبيه فقلت عم

هذا فقيل لى مضيا وتردد عبدالله بعض التردد ثم مضى . قال أبوعمر وذكر

عبدالرزاق عن ابن عيينة عن ابن جدعان عن ابن المسيب قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم

مثل لى جعفر وزيد وابن رواحة في خيمة من دركل واحد منهم على سريره فرأيت

زيدا وابن رواحة في أعناقهما صدود ورأيت جعفرا مستقيما ليس فيه صدود قال

فسألت أو قيل لى إنهما حين غشيهما الموت أعرضا أو كأنهما صدا بوجوههما . وأما

جعفر فانه لم يفعل . وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم في جعفر إن الله أبدله بيديه جناحين يطير

بهما في الجنة حيث شاء . قال أبوعمرو وروينا عن ابن عمر أنه قال وجدنا ما بين

صدر جعفر ومنكبيه وما أقبل منه تسعين جراحة ما بين ضربة بالسيف وطعنة

بالرمح . وقد روى أربع وخمسون والاول أثبت . وقال موسى بن عقبة قدم يعلى

ابن منية على رسول الله صلى الله عليه وسلم بخبر أهل مؤتة فقال له رسول الله صلى الله

عليه وسلم إن شئت فأخبرنى وإن شئت أخبرتك قال فأخبرنى يا رسول الله فأخبره

صلى الله عليه وسلم خبرهم كله ووصف له فقال والذى بعثك بالحق ما تركت من

حديثهم حرفا واحدا لم تذكره وان أمرهم لكما ذكرت فقال رسول الله صلى الله

عليه وسلم إن الله رفع لى الارض حتى رأيت معتركهم .

ـ169ـ

ـ تسمية من استشهد يوم مؤتة ـ

ذكر ابن إسحق منهم من بنى هاشم جعفر بن أبى طالب وزيد بن حارثة

ومن بنى عدى بن كعب مسعود بن الاوس بن حارثة بن نضلة ، ومن بنى مالك

ابن حسل وهب بن سعد بن أبى سرح ، ومن الانصار من بنى الحرث بن الخزرج

عبدالله بن رواحة وعباد بن قيس ، ومن بنى غنم بن مالك بن النجار الحرث بن

النعمان بن أساف بن نضلة بن عبد بن عوف بن غنم ، ومن بنى مازن بن النجار

سراقة بن عمرو بن عطية بن خنساء . وزاد ابن هشام عن الزهرى فيهم أبا كليب

وجابرا ابنى عمرو بن زيد بن عوف بن مبذول وهما لاب وأم . وفى بنى مالك بن

أفصى عمرا وعامرا ابنى سعد بن الحارث بن عباد بن سعد بن الحارث بن عباد

ابن سعد بن عامر بن ثعلبة بن مالك بن أفصى .

ـ ذكر فوائد تتعلق بهذه الاخبار ـ

مؤتة بضم الميم وبالهمز . ولهب بكسر اللام وسكون الهاء . وقوله في شعر ابن رواحة

" وضربة ذات فرغ " بفتح الفاء وسكون الراء المهملة وبعدها غين معجمة قال ابن

سيده وطعنة فرغاء وذات فرغ واسعة يسيل دمها . ومعان بضم الميم وقال الوقشى

الصواب فتحها . وفى الغريب المصنف المبآة المنزل . والمعان مثله . والحساء جمع حسى

وهو موضع رمل تحته صلابة فاذا قطرت السماء على ذلك الرمل نزل الماء فمنعته

ـ170ـ

الصلابة أن يغيض ومنع الرمل السماء أن تنشفه فاذا بحث ذلك الرمل وجد الماء ،

والحساء هاهنا اسم منزله معروفة . وقوله " فشأنك فانعمى " استحسنه المبرد وكان قد

أنشد قبله قول الشماخ يمدح عرابة بن أوس :

إذا بلغتنى وحملت رحلى * عرابة فاشرقى بدم الوتين

قال وقد أحسن كل الاحسان كأنه يقول : لست أحتاج أن أرحل إلى غيره

قال وقد عاب بعض الرواة قوله " فاشرقى بدم الوتين " قال وكان ينبغى أن ينظر لها

بعد استغنائه عنها . وذكر قصة الانصارية التى نجت على الناقة وقالت إنى نذرت

إن نجوت عليها أن أنحرها فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم بئس ماجزيتيها . الحديث

قلت وقد سلم بيت ابن رواحة من هذا . وقوله ولا أرجع دعاء وهو مجزوم بالدعاء

ومعناه اللهم لا أرجع وهذا الدعاء ينجزم بما ينجزم به الامر والنهى . وقال الوقشى

الصواب مشتهى الثواء ولما وقع في الاصل وجه . وقوله * يا زيد زيد اليعملات الذبل *

قال ابن إسحق يقوله لزيد بن أرقم وكان يتيمه . قال أبوعمر قيل بل قال ذلك

في غزوة مؤتة لزيد بن حارثة . وتخوم البلقاء في مختصر العين تخوم الارض يعنى

بفتح التاء اسم على مثال فعول وبعضهم يقول تخوم بالضم كأنه جمع وهو فصل ما بين

الارضين . وشاط هلك قال * وقد يشيط على أرما حنا البطل * وقوله وخاشى بهم بالخاء

المعجمة قال ابن قتيبة هو من الخشية كانه خاف عليهم وقال ابن هشام ويقال فحاشى بهم .

ـ171ـ

ـ سرية عمرو بن العاص إلى ذات السلاسل ـ

............................................................................

- عيون الاثر مجلد: 2 من ص 171 سطر 1 الى ص 180 سطر 10

ـ سرية عمرو بن العاص إلى ذات السلاسل ـ

وهى من وراء وادى القرى

سميت بماء بأرض جذام يقال له السلسل وقال السهيلى ذات السلاسل بضم

السين الاولى وكسر السين الثانية ماء بأرض جذام بن سميت الغزاة . ثم سرية عمرو

إلى ذات السلاسل وبينها وبين المدينة عشرة أيام . وكانت في جمادى الآخرة سنة

ثمان قال ابن سعد قالوا بلغ رسول الله صلى الله عليه وسلم ان جمعا من قضاعة قد تجمعوا يريدون

أن يدنوا إلى أطراف المدينة فدعا رسول الله صلى الله عليه وسلم عمرو بن العاص

وعقد له لواء أبيض وجعل معه راية سوداء وبعثه في ثلثمائة من سراة المهاجرين

والانصار ومعهم ثلاثون فرسا وأمره أن يستعين بمن مربه من بلى وعذرة وبلقين

فسار اللين وكمن النهار . فلما قرب من القوم بلغه أن لهم جمعا كثيرا . فبعث

رافع بن مكيث الجهنى إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم بستمده فبعث اليه أبا عبيدة بن

الجراح في مائتين وعقد له لواء وبعث معه سراة المهاجرين والانصار وفيهم أبوبكر

وعمرو أمر أن يلحق بعمرو أن يكونا جميعا ولا يختلفا فلحق بعمرو فأراد أبوعبيدة

أن يؤم الناس فقال عمرو إنما قدمت على مددا وأنا الامير فأطاع له بذلك أبوعبيدة

فكان عمرو يصلى بالناس وسار حتى وطئ بلاد بلى ودوخها ( 1 ) حتى أتى إلى أقصى

بلادهم وبلاد عذرة وبلقين ولقى في آخر ذلك جمعا فحمل عليهم المسلمون فهربوا

في البلاد وتفرقوا . وبعث عوف بن مالك الاشجعى بريدا إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم

* ( هامش ) * ( 1 ) أى قهرها واستولى عليها . ( * )

ـ172ـ

فأخبره بقفولهم وسلامتهم وما كان في غزاتهم . وذكر ابن إسحق نزولهم على ماء

بجذام يقال له السلسل قال وبذلك سميت ذات السلاسل . أخبرنا عبدالرحيم بن

يوسف المزى بقراءة والدى عليه رحمهما الله قال أنا أبوعلى حنبل بن عبدالله بن الفرج

الرصافى قال أنا الرئيس أبوالقاسم هبة الله بن محمد بن عبدالواحد بن الحصين الشيبانى قال

أنا أبوعلى الحسن بن على بن المذهب قال ثنا أبوبكر أحمد بن جعفر بن حمدان

القطيعى قال أنا عبدالله بن أحمد بن حنبل حدثنى أبى حدثنا محمد بن أبى عدى

عن داود عن عامر قال بعث رسول الله صلى الله عليه وسلم جيش ذات السلاسل فاستعمل

أبا عبيدة على المهاجرين واستعمل عمرو بن العاص على الاعراب وقال لهما تطاوعا

قال فكان يؤمرون أنا يغيروا على بكر فانطلق عمرو وأغار على قضاعة لان بكرا

أخواله ، قال فانطلق المغيرة بن شعبة إلى أبى عبيدة فقال إن رسول الله صلى الله

عليه وسلم قد استعملك علينا وإن ابن فلان قد اتبع أمر القوم فليس لك معه

أمر فقال أبوعبيدة إن رسول الله صلى الله عليه وسلم أمرنا أن نتطاوع فأنا أطيع

رسول الله صلى الله عليه وسلم وإن عصاه عمرو .

ـ173ـ

ـ سرية الخبط ـ

ثم سرية الخبط أميرها أبوعبيدة بن الجراح وكانت في رجب سنة ثمان

قالوا بعث رسول الله صلى الله عليه وسلم أبا عبيدة بن الجراح في ثلاثمائة رجل من المهاجرين

والانصار وفيهم عمر بن الخطاب إلى حى من جهينة بالقبلية مما يلى ساحل البحر

وبينها وبين المدينة خمس ليال فأصابهم في الطريق جوع شديد فأكلوا الخبط ( 1 ) .

وابتاع قيس جزرا ونحرها لهم وألقى لهم البحر حوتا عظيما فأكلوا منه وانصرفوا

ولم يلقوا كيدا . قرأت على أبى الهيجاء غازى بن أبى الفضل الدمشقى أخبر كم الشيخ

أبوحفص عمر بن محمد بن طبرزذ قراءة عليه وأنت تسمع فأقر به قال أنا أبوالقاسم

هبة الله بن محمد بن عبدالواحد بن الحصين الشيبانى قال أنا أبوطالب محمد بن

محمدون ابراهيم بن غيلان البزاز قال أنا أبوبكر محمد بن عبدالله بن ابراهيم

الشافعى فثنا ابراهيم بن اسحق فثنا محمد بن سهل فثنا ابن أبى مريم قال أنا يحيى

ابن أيوب قال حدثنى جعفر بن ربيعة وعمرو بن الحرث أن بكر بن سوادة حدثهما

أن أبا حمزة الحميرى حدثه سمع جابر بن عبدالله أن رسول الله صلى الله عليه وسلم

بعثهم بعثا عليهم قيس بن سعد بن عبادة فجهدوا فنحر لهم قيس تسع ركائب

قال عمر في حديثه فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم إن الجود لمن شيمة أهل ذلك

البيت . قال ابراهيم لم يكن قيس بن سعد أمير هذا الجيش إنما كان أبوعبيدة

وقيس معه كذا أخبرنى محمد بن صالح عن محمد بن عمر ، قال وحدثنى داود بن

* ( هامش ) * ( 1 ) هو ورق السمر نوع من الشجر . ( * )

ـ174ـ

قيس وابراهيم بن محمد الانصارى وخارجة بن الحرث قالوا بعث رسول الله صلى

الله عليه وسلم أبا عبيدة في سرية فيها المهاجرون والانصار وهم ثلاثمائة رجل إلى

ساحل البحر إلى حى من جهينة فأصابهم جوع شديد ، فقال قيس بن سعد من

يشترى منى تمرا يجزور ( 1 ) يوفينى الجزور هاهنا وأوفية التمر بالمدينة فجعل عمر يقول

و ؟ ؟ ؟ لهذا الغلام لامال له يدين في مال غيره فوجد رجلا من جهينة فقال قيس بعنى

جزورا أو فيكم وسقه من تمر المدينة فقال الجهنى والله ما أعرفك فمن أنت قال أنا ابن

سعد بن عبادة بن دليم . قال الجهنى ما أعرفنى بنسبك وذكر كلاما فابتاع منه خمس

جزائر كل جزور بوسق من تمر يشترط عليه البدوى من تمر آل دليم يقول قيس نعم

قال فأشهد لى فأشهد له نفرا من الانصار ومعهم نفر من المهاجرين قال قيس أشهد

من تحب وكان فيمن أشهد عمر بن الخطاب فقال عمر ما أشهد هذا يدين ولا مال له

وإنما المال لابيه قال الجهنى والله ما كان سعد ليختى ( 2 ) بابنه في وسقة من تمر وأرى

وجها حسنا وفعلا شريفا فكان من عمرو قيس كلام حتى أغلظ لقيس وأخذ

الجزر فنحرها لهم في مواطن ثلاثة كل يوم جزوررا فلما كان اليوم الرابع نهاه أميره

فقال تريد أن تخفر ذمتك ولا مال لك . قال محمد فحدثنى محمد بن يحيى بن سهل

عن أبيه عن رافع بن خديج قال أقبل أبوعبيدة ومعه عمر فقال عزمت عليك أن

لا تنحر أتريد أن تخفر ذمتك قال قيس يا أبا عبيدة أترى أبا ثابت يقضى ديون

الناس ويحمل الكل ( 3 ) ويطعم في المجاعة لا يقضى عنى سقة من تمر لقوم مجاهدين

في سبيل الله فكاد أبوعبيدة أن يلين له ، وجعل عمر يقول اعزم فعزم عليه

وابى أن ينحرو بقيت حزوران فقدم بهما قيس المدينة ظهرا يتعاقبون عليهما وبلغ

* ( هامش ) * ( 1 ) أى : ناقة .

( 2 ) أى يسلمه ويخفر ذمته ، وهو من أخنى عليه الدهر .

( 3 ) الكل : اليتيم ، والعيال . ( * )

ـ175ـ

سعدا ما أصاب القوم من المجاعة فقال إن يك قيس كما أعرف فسينحر للقوم فلما قدم

قيس ولقيه سعد فقال ما صنعت في مجاعة القوم قال نحرت . قال أصبت قال ثم ماذا

قال ثم نحرت . قال أصبت . قال ثم ماذا قال ثم نحرت قال أصبت قال ثم ماذا قال ثم

نهيت قال ومن نهاك قال أبوعبيدة أميرى قال ولم قال زعم أنه لا مال لى وإنما المال

لا بيك فقلت أبى يقضى عن الاباعد ويحمل الكل ويطعم في المجاعة ولا يصنع

هذا بى قال فلك أربع حوائط أدناها حائط تجد منه خمسين وسقا . قال وقدم

البدوى مع قيس فأوفاه وسقه وحمله وكساه فبلغ النبى صلى الله عليه وسلم فعل

قيس فقال إنه في قلب جود .

ـ خبر العنبر ـ

وروينا من طريق البخارى قال حدثنا على بن عبدالله فثنا سفيان قال الذى

حفظناه من عمرو بن دينار قال سمعت جابر بن عبدالله يقول بعثنا رسول الله صلى

الله عليه وسلم في ثلثمائة راكب أميرنا أبوعبيدة بن الجراح نرص عير قريش

فأقمنا بالساحل نصف شهر فأصابنا جوع شديد حتى أكلنا الخبط . فسمى ذلك

الجيش جيش الخبط فألقى لنا البحر دابة يقال لها العنبر فأكلنا منها نصف شهر

وادهنا من ودكه حتى ثابت ( 1 ) الينا أجسامنا فأخذ أبوعبيدة ضلعا من أعضائه فنصبه

فعمد إلى أطول رجل معه قال سفيان مرة ضلعا من أضلاعه فنصبه وأخذ رجلا وبعيرا

فمر تحته قال جابر وكان رجل من القوم نحر ثلاث جزائر . وذكر تمام الحديث .

* ( هامش ) * ( 1 ) أى : أقبلت علينا بعد أن اذهبها الجوع . ( * )

ـ176ـ

ـ سرية ابى قتادة بن ربعى إلى خضرة ـ

وهى أرض محارب

ثم سرية أبى قتادة بن ربعى الانصارى إلى حضرة وهى أرض محارب بنجد

في شعبان سنة ثمان . قالوا بعث رسول الله صلى الله عليه وسلم أبا قتادة ومعه

خمسة عشر رجلا إلى غطفان وأمره أن يشن عليهم الغارة فسار الليل وكمن

النهار فهجم على حاضر منهم عظيم فأحاط به فصرخ رجل منهم ماحضره وقاتل

منهم رجال فقتلوا من أشراف لهم واستاقوا النعم فكانت الابل مائتى بعير والغنم

الفى شاة وسبوا سبيا كثيرا وجمعوا الغنائم فأخرجوا الخمس فعزلوه فأصاب كل

رجل اثنى عشر بعيرا فعدل البعير بعشر من الغنم وصارت في سهم أبى قتادة جارية

وضيئة فاستوهبها منه رسول الله صلى الله عليه وسلم فوهبها له فوهبها رسول الله صلى الله عليه وسلم

لمحية بن جزء وغابوا في هذه السرية خمس عشرة ليلة . قرأت على أبى الهيجاء غازى

ابن أبى الفضل الدمشقى بقرافة سارية أخبركم أبوعلى حنبل على عبدالله المكبر

قال أنا أبوالقاسم بن الحصين قال أنا أبوعلى بن المذهب قال أنا أبوبكر بن مالك

قال أنا عبدالله قال حدثنى أبى فثنا سفيان عن أيوب عن نافع عن ابن عمر أن

رسول الله صلى الله عليه وسلم بعث سرية إلى نجد فبلغت سهمانهم اثنى عشر

بعيرا ونفلنا رسول الله صلى الله عليه وسلم بعيرا بعيرا .

ـ177ـ

ـ سرية ابى قتادة بن ربعى الانصارى إلى بطن إضم ـ

وهى في أول شهر رمضان سنة ثمان

قالوا : لما هم رسول الله صلى الله عليه وسلم بغزو أهل مكة بعث أبا قتادة بن

ربعى في ثمانية نفر سرية إلى بطن إضم - وهى فيما بين ذى خشب وذى المروة

وبينها وبين المدينة ثلاثة برد - ليظن ظان أن رسول الله صلى الله عليه وسلم توجه إلى تلك

الناحبة ولان تذهب بذلك الاخبار . وكان في السرية محلم بن جثامة الليثى فمر

عامر بن الاضبط الاشجعى فسلم بتحية الاسلام فأمسك عنه القوم وحمل عليه

محلم بن جثامة فقتله وسلبه متاعه وبعيره ووطب ( 1 ) لبن كان معه فلما لحقوا بالنبى

صلى الله عليه وسلم نزل فيهم القرآن ( يا أيها الذين آمنوا اذا ضربتم في سبيل الله فتبينوا

ولا تقولوا لمن ألقى اليكم السلم لست مؤمنا تبتغون عرض الحياة الدنيا فعند

الله مغانم كثيرة ) إلى آخر الآية . فمضوا فلم يلقوا جمعا فانصرفوا حتى انتهوا إلى

ذى خشب فبلغهم أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قد توجه إلى مكة فأخذوا على يين ( 2 ) حتى

لقوا النبى صلى الله عليه وسلم بالشقيا وهى عند ابن اسحق منسوبة لابن أبى

حدرد . وذكر ابن اسحق في خبر محلم بن جثامة بعد ذلك يوم حنين أن النبى

صلى الله عليه وسلم وسلم صلى الظهر بحنين ثم عمد إلى ظل شجرة فجلس تحتها فقام

اليه الاقرع بن حابس وعيينة بن حصن يختصمان في عامر بن الاضبط ، عيينة

* ( هامش ) * ( 1 ) أى : وعاء .

( 2 ) اسم لعين هناك . ( * )

ـ178ـ

يطلب بدمه وهو يومئذ سيد غطفان ، والاقرع يدفع عن محلم لمكانه من خندف

فتداولا الخصومة ثم قبلوا الدية ثم قالوا أين صاحبكم هذا يستغفر له رسول الله

صلى الله عليه وسلم رجل آدم ضرب طويل هو محلم فرفع رسول الله صلى الله عليه وسلم

يديه ثم قال اللهم لا تغفر لمحلم بن جثامة ثلاثا فقام يتقلى دمعه بفضل ردائه . الحديث .

وفى حديث عن الحسن ما مكث إلا سبعا حتى مات فلفظته ( 1 ) الارض مرات

فعمدوا به إلى صدين ( 2 ) فسطحوه بينهما ثم رضموا عليه الحجارة حتى واروه .

* ( هامش ) * ( 1 ) أى : أخرجته .

( 2 ) أى : جبلين . ( * )

ـ179ـ

ـ سرية ابن ابى حدرد الاسلمى إلى الغابة ـ

قال ابن أبى حدرد فيما حكاه ابن اسحق : تزوجت امرأة من قومى فجئت

رسول الله صلى الله عليه وسلم أستعينه على نكاحى فقال وكم أصدقت قلت مائتى

درهم فقال سبحان الله لو كنتم تأخذون الدراهم من بطن واد مازدتم والله ما عندى

ما أعينك به قال فلبثت أياما وأقبل رجل من بنى جشم بن معاوية يقال له رفاعة

ابن قيس أو قيس بن رفاعة في بطن عظيم من بنى جشم حتى ينزل بقومه ومن

معه بالغابة يريد أن يجمع قيسا على حرب رسول الله صلى الله عليه وسلم وكان ذا

اسم في جشم وشرف فدعانى رسول الله صلى الله عليه وسلم ورجلين معى من

المسلمين فقال اخرجوا إلى هذا الرجل حتى تأتوا منه بخبر وعلم قال وقدم لنا

شارفا عجفاء ( 1 ) فحمل عليها أحدنا فوالله ما قامت به ضعفا حتى دعمها الرجال من

خلفها بأيديهم حتى استقلت وما كادت ثم قال تبلغوا عليها واعتقبوها قال فخرجنا

ومعنا سلاحنا من النبل والسيوف حتى إذا جئنا قريبا من الحاضر عشيشية ( 2 ) مع

غروب الشمس كمنت في ناحية وأمرت صاحبى فكمنا في ناحية أخرى من

حاضر القوم وقلت هما إذا سمعتمانى قد كبرت وشددت في ناحية العسكر فكبرا

وشدا معى فوالله إنا لكذلك ننتظر غرة القوم أو أن نصيب منهم شيئا وقد غشينا

الليل حتى ذهبت فحمة العشاء وكان لهم راع سرح في ذلك البلد فأبطأ عليهم حتى

* ( هامش ) * ( 1 ) أى : ناقة مسنة مهزولة .

( 2 ) تصغير عشية . ( * )

ـ180ـ

تخوفوا عليه فقام صاحبهم ذلك وأخذ سيفه فجعله في عنقه ثم قال والله لاتبعن

أثر راعينا هذا ولقد أصابه شر فقال نفر ممن والله لا تذهب أنت نحن نكفيك

قال والله لا يذهب إلا أنا قالوا فنحن معك قال والله لا يتبعنى أحد منكم وخرج

حتى مربى فلما أمكننى نفحته بسهم فوضعته في فؤاده فوالله ما تكلم ووثبت اليه

فاحتززت رأسه وشددت في ناحية العكسر وكبرت وشد صاحباى وكبرا فوالله

ما كان إلا النجاء ممن فيه عندك عندك بكل ما قدروا عليه من نسائهم وأبنائهم

وما خف معهم من أموالهم واستقنا إبلا عظيما وغنما كثيرة فجئنا بها إلى رسول الله

صلى الله عليه وسلم وجئت برأسه أحمله معى فأعاننى رسول الله صلى الله عليه وسلم من تلك الابل بثلاثة

عشر بعيرا في صداقى فجمعت إلى أهلى .

ـ181ـ

ـ فتح مكة شرفها الله تعالى ـ

............................................................................

- عيون الاثر مجلد: 2 من ص 181 سطر 1 الى ص 190 سطر 23

ـ فتح مكة شرفها الله تعالى ـ

كانت في شهر رمضان سنة ثمان . وكان السبب فيها فيما ذكر ابن إسحق أن بنى

بكر بن عبد مناة بن كنانة عدت على خزاعة وهم على ماء لهم بأسفل مكة يقال له

الوتير . وكان الذى هاج ما بين بكر وخزاعة أن رجلا من بنى الحضرمى يقال

له مالك بن عباد - وحلف الحضرمى يومئذ إلى الاسود بن رزن - خرج تاجرا فلما

توسط أرض خزاعة عدوا عليه فقتلوه وأخذوا ماله فعدت بنو بكر على رجل من

خزاعة فقتلوه فعات خزاعة قبل الاسلام على بنى الاسود بن رزن الديلى وهم

؟ ؟ ؟ بنى كنانة وأشرافهم سلمى وكلثوم وذؤيب فقتلوهم بعرفة عند أنصاب

الحرم فبيناهم كذلك حجز بينهم الاسلام . وتشاغل الناس به فلما كان صلح

الحديبية بين رسول الله صلى الله عليه وسلم وبين قريش كان فيما شرطوا أنه من

أحب أن يدخل في عقد رسول الله صلى الله عليه وسلم وعهده فليدخل فيه ومن أحب

أن يدخل في عقد قريش وعهدهم فليدخل فدخلت بنو بكر في عهد قريش

ودخلت خزاعة في عقد رسول الله صلى الله عليه وسلم فلما كانت الهدنة اغتنمها

بنو الديل بن بكر من خزاعة وأرادوا أن يصيبوا منهم ثأرا بأولئك النفر الذين

أصابوا منهم في الاسود بن رزن فخرج نوفل بن معاوية الديلى في بنى الديل بن

بكر من كنانة حتى بيت خزاعة وهم على الوتير ماء لهم فأصابوا منهم رجلا

وتحاوروا واقتتلوا ورفدت بنى بكر قريش بالسلاح وقاتل معهم من قريش من

قاتل بالليل مستخفيا . ذكر ابن سعد منهم صفوان بن أمية وحو يطب بن عبدالعزى

ـ182ـ

ومكرز بن حفص بن الاخيف حتى جاوزوا خزاعة إلى الحرم . فلما انتهوا اليه

قالت بنو بكر يا نوفل إنا قد دخلنا الحرم الهك الهك . فقال كلمة عظيمة لا إله اليوم

يا بنى بكر أصيبوا ثأركم فلعمرى إنكم لتسرقون في الحرم أفلا تصيبون ثأركم فيه

وقد أصابوا منهم ليلة بيتوهم بالوتير رجلا يقال له منبه فلما دخلت خزاعة مكة لجأوا

إلى دار بدليل بن ورقاء الخزاعى ودار مولى لهم يقال له رافع ولما تظاهر بنو بكر

وقريش على خزاعة ونقضوا ما كان بينهم وبين رسول الله صلى الله عليه وسلم من

العهد والميثاق خرج عمروبن سالم الخزاعى ، قال ابن سعد في أربعين راكبا

حتى قدم على رسول الله صلى الله عليه وسلم المدينة وكان ذلك ماهاج فتح مكة فوقف

عليه وهو جالس في المسجد بين ظهرى الناس فقال :

يا رب انى ناشد محمدا * حلف أبينا وأبيه الاتلدا

قد كنتم ولدا وكنا والدا * ثمت أسلمنا فلم ننزع يدا

فانصر هداك الله نصرا أعتدا * وادع عباد الله يأتوا مددا

فيهم رسول الله قد تجردا * إن سيم خسفا وجهه تربدا

في فيلق كالبحر يجرى مذبدا * إن قريشا أخلفوك الموعدا

ونقضوا ميثاقك الموكدا * وجعلوا لى في كداء رصدا

وزعموا أن لست أدعو أحدا * وهم أذل وأقل عددا

هم بيتونا بالوتير هجدا * وقتلونا ركعا وسجدا

يقول قتلنا وقد أسلمنا فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم نصرت يا عمرو بن سالم ثم عرض

رسول الله صلى الله عليه وسلم عنان من السماء فقال إن هذه السحابة لتستهل بنصر

بنى كعب ثم خرج بديل بن ورقاء في نفر من بنى خزاعة حتى قدموا على رسول

ـ183ـ

الله صلى الله عليه وسلم فأخبروه وبما أصيب منهم وبمظاهرة قريش بنى بكر عليهم . قلت لعل

الاربعين راكبا الذين ذكر ابن سعد قومهم من خزاعة مع عمرو بن سالم هم هؤلاء .

رجع إلى خبر ابن إسحق : ثم رجعوا إلى مكة وقد قال رسول الله صلى الله عليه وسلم للناس

كأنكم بأبى سفيان قد جاءكم ليشد العقد ويزيد في المدة . ومضى بديل بن ورقاء

في أصحابه حتى لقوا أبا سفيان بن حرب بعسفان وقد بعثته قريش إلى رسول الله

صلى الله عليه وسلم ليشد العقد ويزيد في المدة وقد رهبوا الذى صنعوا فلما لقى أبوسفيان

بديل بن ورقاء قال من أين أقبلت يابديل ؟ وظن أنه قد أتى النبى صلى الله عليه وسلم

قال سرت في خزاعة في هذا الساحل وفى بعض هذا الوادى قال أوما جئت محمدا قال لا فلما

راح بديل إلى مكة قال أبوسفيان لئن كان جاء المدينة لقد علف بها النوى فأتى مبرك

راحلته فأخذ من بعرها ففته فرأى فيه النوى فقال أحلف بالله لقد جاء بديل محمدا

ثم خرج أبوسفيان حتى قدم المدينة فدخل على ابنته أم حبيبة فلما ذهب ليجلس

على فراش رسول الله صلى الله عليه وسلم طوته عنه فقال يا بنية ما أدرى أرغبت

بى عن هذا الفراش أم رغبت به عنى قالت بل هو فراش رسول الله صلى الله عليه وسلم وأنت

مشرك نجس قال والله لقد أصابك بعدى شر ثم خرج حتى أتى رسول الله صلى الله

عليه وسلم فكلمه فلم يرد عليه شيئا ثم ذهب إلى أبى بكر فكلمه أن يكلم له

رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال ما أنا بفاعل . ثم أتى عمر بن الخطاب فكلمه

فقال أنا أشفع لكم إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فوالله لو لم أجد إلا الذم لجاهدتكم به . ثم

جاء فدخل على على بن أبى طالب وعنده فاطمة وحسن غلام يدب بين يديها

فقال يا على انك أمس القوم بى رحما وإنى قد جئت في حاجة فلا أرجع كما جئت

خائبا اشفع لى إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال ويحك يا أبا سفيان والله لقد

عزم رسول الله صلى الله عليه وسلم على أمر ما نستطيع أن نكلمه فيه فالتفت إلى

فاطمة فقال يا بنت محمد هل لك أن تأمرى ابنك هذا فيجير بين الناس فيكون

ـ184ـ

سيد العرب إلى آخر الدهر قالت والله ما يبلغ بنيى ذاك أن يجير بين الناس وما

يجير أحد على رسول الله صلى الله عليه وسلم قال يا أبا الحسن إنى أرى الامور قد

اشتدت على فانصحنى قال والله ما أعلم لك شيئا يغنى عنك ولكنك سيد بنى

كنانة فقم وأجر بين الناس ثم الحق بأرضك قال أو ترى ذلك مغنيا عنى شيئا

قال لا والله ما أظنه ولكنى لا أجد لك غير ذلك فقام أبوسفيان في المسجد فقال

أيها الناس إنى قد أجرت بين الناس ثم ركب بعيره فانطلق فلما قدم على قريش

قالوا منا وراءك قال جئت محمدا فكلمته فوالله ما رد على شيئا ثم جئت ابن أبى

قحافة فلم أجد فيه خيرا ثم جئت عمر بن الخطاب فوجدته أدنى العدو . كذا قال

ابن إسحق قال ابن هشام أعدى العدو . ثم جئت عليا فوجدته ألين القوم وقد

أشار على بشئ صنعته فوالله ما أدرى هل يغني عنى شيئا أم لا قالوا وبم أمرك قال

أمرنى أن أجير بين الناس ففعلت قالوا فهل أجاز ذلك محمد قال لا قالوا ويلك والله

إن زاد الرجل على أن لعب بك قال لا والله ما وجدت غير ذلك وأمر رسول الله

صلى الله عليه وسلم الناس بالجهاز وأمر أهله أن يجهزوه فدخل أبوبكر على ابنته عائشة وهى

تحرك بعض جهاز رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال أى بنية أمركن رسول الله صلى الله عليه

وسلم بتجهيزه قالت نعم فتجهز قال فأين ترينه يريد قالت لا والله ما أدرى ثم

إن رسول الله صلى الله عليه وسلم أعلم الناس أنه سائر إلى مكة وأمرهم بالجد

والتجهز وقال " اللهم خذ العيون والاخبار عن قريش حتى نبغتها في بلادها " فتجهز

الناس فكتب حاطب بن أبى بلتعة إلى قريش كتابا يخبرهم بذلك ثم اعطاه

امرأة وجعل لها جعلا على أن تبلغه قريشا فجعلته في قرون رأسها ثم خرجت به وأتى

رسول الله صلى الله عليه سلم الخبر من السماء بما صنع حاطب فبعث عليا والزبير .

وغير ابن إسحق يقول بعث عليا والمقداد فقال أدركا أمرأة قد كتب معها حاطب

بكتاب إلى قريش يحذرهم ما قد أجمعنا له في أمرهم فخرجا حتى أدركاها فاستنز لاها

ـ185ـ

والتمسا في رحلها فلم يجدا شيئا فقال لها على إنى أحلف بالله ما كذب رسول الله

صلى الله عليه وسلم ولا كذبنا ولتخرجن هذا الكتاب أو لنكشفنك فلما رأت

الجد منه قالت أعرض فأعرض فحلت قرون رأسها فاستخرجت الكتاب

فدفعته اليه فأتى به رسول الله صلى الله عليه وسلم فدعا حاطبا فقال له ما حملك

على هذا فقال والله إنى لمؤمن بالله ورسوله ما غيرت ولا بدلت ولكنى ليس لى

في القوم أصل ولا عشيرة ولى بين أظهر هم ولد وأهل فصانعتهم عليهم فقال عمر بن

الخطاب يا رسول الله دعنى فلا ضرب عنقه فان الرجل قدنا فق فقال رسول الله صلى

الله عليه وسلم وما يدريك يا عمر لعل الله قد اطلع على أصحاب بدر يوم بدر فقال

اعملوا ماشئتم فقد غفرت لكم . ثم مضى رسول الله صلى الله عليه وسلم لسفره

فاستخلف على المدينة أبارهم كلثوم بن الحصين الغفارى ، وقال ابن سعد عبدالله

ابن أم مكتوم فخرج لعشر مضين من شهر رمضان فصام وصام الناس مع حتى

إذا كانوا بالكديد أفطر ثم مضى حتى نزل مر الظهران في عشرة آلاف . وعميت

الاخبار عن قريش فهم على وجل وارتقاب فخرج أبوسفيان بن حرب وحكيم

ابن حزام وبديل بن ورقاء يتحبسون الاخبار . وكان العباس بن ع بدالمطلب

قد خرج قبل ذلك بعياله مسلما مهاجرا فلقى رسول الله صلى الله عليه وسلم قبل

بالجحفة وقيل بذى الحليفة وكان فيمن خرج ولقى رسول الله صلى الله عليه وسلم ببعض الطريق

أبوسفيان بن الحرث وعبدالله بن أبى أمية بن المغيرة بالابواء وقيل بين السقيا

والعرج فأعرض عنهما فقالت له أم سلمة لايكن ابن عمك وابن عمتك أخى أشقى

الناس بك وقال على لابى سفيان فيما حكاه أبوعمر إئت رسول الله صلى الله عليه وسلم من قهل

وجهه فقل له ما قال إخوة يوسف عليه السلام ليوسف ( تالله لقد آثرك الله علينا

وإن كنا لخاطئين ) فانه لايرضى أن يكون أحد أحسن قولا منه . ففعل ذلك

أبوسفيان قال له رسول الله صلى الله عليه وسلم ( لا تثريب عليكم اليوم يغفر الله لكم وهو

ـ186ـ

لعمرك إنى يوم أحمل راية * لتغلب خيل اللات خيل محمد

لكالمدج الحيران أظلم ليله * فهذا أوانى حين أهدى فأهتدى

هدانى هاد غير نفسى ودلنى * على الله من طردته كل مطرد

فضرب رسول الله صلى الله عليه وسلم صدره وقال أنت طردتنى كل مطرد .

وكان أبوسفيان بعد ذلك ممن حسن إسلامه فيقال إنه ما رفع رأسه إلى رسول الله

صلى الله عليه وسلم منذ أسلم حيا ، منه ، وكان رسول الله صلى الله عليه وسلم يحبه ويشهد له

بالجنة ويقول أرجو أن يكون خلفا من حمزة ، ويروى أنه لما حضرته الوفاة قال

لا تبكوا على فلم أنتطف ( 1 ) بخطيئة منذ أسلمت . فلما نزل رسول الله صلى الله

عليه وسلم مر الظهران ( 2 ) وقال ابن سعد نزله عشاء فأمر أصحابه فأوقدوا عشرة

آلاف نار وجعل على الحرس عمر بن الخطاب رقت نفس العباس لاهل مكة

قال فجلست على بغلة رسول الله صلى الله عليه وسلم البيضاء فخرجت عليها حتى

جئت الاراك فقلت لعلى أجد بعض الحطابة أو صاحب لبن أو ذا حاجة يأتى

مكة فيخبرهم بمكان رسول الله صلى الله عليه وسلم ليخرجوا اليه فيستأمنوه قبل

أن يدخلها عنوة فوالله إنى لاسير عليها إذا سمعت كلام أبى سفيان وبديل بن

ورقاء وهما يتراجعان وأبوسفيان يقول ما رأيت كالليلة نيرانا قط ولا عسكرا قال

يقول بديل هذه والله خزاعة حمشتها ( 3 ) الحرب فيقول أبوسفيان خزاعة أذل وأقل

* ( هامش ) * ( 1 ) أى : لم أتلطخ .

( 2 ) هو واد بين مكة وعسفان .

( 3 ) أى : حرضتها . ( * )

ـ187ـ

من أن تكون هذه نيرانها وعسكرها قال فعرفت صوته فقلت يا أبا حنظلة فعرف

صوتى فقال أبوالفضل قلت نعم قال مالك فداك أبى وأمى قال قلت والله هذا

رسول الله في الناس واصباح قريش والله قال فما الحيلة فداك أبى وأمى قال قلت

والله لئن ظفر بك ليضربن عنقك فاركب في عجز هذه البغلة حتى آتى بك رسول

الله صلى الله عليه وسلم فأستأمنه لك فراكب خلفى ورجع صاحباه قال فجئت به كلما مررت

؟ ؟ ؟ من نيران المسلمين قالوا من هذا وإذا رأوا بغلة رسول الله صلى الله عليه وسلم

وأنا عليها قالوا عم رسول الله صلى الله عليه وسلم على بغلته حتى مررت بنار عمر بن الخطاب

قال من هذا وقام إلى فلما رأى أبا سفيان على عجز الدابة قال أبوسفيان عدو الله

الحمد لله الذى أمكن منك بغير عقد ولا عهد ثم خرج يشتد نحو رسول الله صلى

الله عليه وسلم وركضت البغلة فسقت فاقتحمت عن البغلة فدخلت على رسول

الله صلى الله عليه وسلم ودخل عليه عمر فقال يا رسول الله هذا أبوسفيان فدعنى

فلا ضرب عنقه قال فقلت يا رسول الله إنى قد أجرته ثم جلست إلى رسول الله

صلى الله عليه وسلم فأخذت برأسه فقلت والله لا يناجيه الليلة رجل دونى فلما أكثر عمر في شأنه

قلت مهلا يا عمر فوالله لو كان من رجال بنى عدى بن كعب ما قلت مثل هذا قال

مهلا يا عباس فوالله لا سلامك يوم أسلمت كان أحب إلى من إسلام الخطاب لو أسلم

وما بى إلا أنى قد عرفت أن إسلامك كان أحب إلى رسول الله صلى الله عليه

وسلم من إسلام الخطاب فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم اذهب به يا عباس إلى رحلك فاذا

أصبحت فأتنى به فذهبت به فلما أصبح غدوت به إلى رسول الله صلى الله عليه

وسلم فلما رآه رسول الله صلى الله عليه وسلم قال ويحك يا أبا سفيان ألم يأن لك أن

تعلم أنه لا إله إلا الله قال بأبى أنت وأمى ما أحامك وأكرمك وأوصلك لقد ظننت

أن لو كان مع الله إله غيره لقد أغنى شيئا بعد قال ويحك يا أبا سفيان ألم يأن لك

ـ188ـ

أن تعلم أنى رسول الله قال بأبى أنت وأمى ما أحلمك وأكرمك وأوصلك أما

والله هذه فان في النفس حتى الآن منها شيئا فقال له العباس ويحك أسلم واشهد

أن لا إله إلا الله وأن محمدا رسول الله قبل أن تضرب عنقك قال فشهد شهادة

الحق فأسلم قال العباس قلت يا رسول الله إن أبا سفيان رجل يحب الفخر فاجعل

له شيئا قال نعم من دخل دار أبى سفيان فهو آمن ومن أغلق بابه عليه فهوآ من

ومن دخل المسجد فهو آمن ثم أمر العباس أن يحبس أبا سفيان بمضيق الوادى

عند خطم الجبل ( 1 ) حتى تمر به جنود الله فيراها ففعل فمرت القبائل على راياتها كلما

مرت قبيلة قال يا عباس من هذه فأقول سليم قال يقول مالى ولسليم . ثم تمر به

القبيلة فيقول يا عباس ما هؤلاء فأقول مزينة فيقول مالى ولمزينة حتى نفدت القبائل

ما تمر به قبيلة إلا سألنى عنها فاذا أخبرته بهم قال مالى ولبنى فلان حتى مر به

رسول الله صلى الله عليه وسلم في كتيبته الخضراء وفيها المهاجرون والانصار لا يرى منهم إلا

الحدق من الحديد قال سبحان الله يا عباس من هؤلاء قال قلت هذا رسول الله صلى الله عليه وسلم

في المهاجرين والانصار قال ما لاحد بهؤلاء قبل ولا طاقة . وفى صحيح البخارى أن

كتيبة الانصار جاءت مع سعد بن عبادة ومعه الراية قال ولم ير مثلها ثم جاءت

كتيبة هى أقل الكتائب فيهم رسول الله صلى الله عليه وسلم وأصحابه وراية النبى صلى الله

عليه وسلم مع الزبير . كذا وقع عند جميع الرواة ورواه الحميدى في كتابه هى

أجل الكتائب وهو الاظهر .

رجع إلى الاول : فقال أبوسفيان والله يا أبا الفضل لقد أصبح ملك ابن أخيك

اليوم عظيما قال قلت يا أبا سفيان إنها النبوة قال فنعم إذن . قال قلت النجاء إلى

قومك حتى اذا جاء هم صرخ بأعلى صوته يا معشر قريش هذا محمد قد جاءكم فيما

* ( هامش ) * ( 1 ) أى مضيقه ، وروى بالمهملة . ( * )

ـ189ـ

لا قبل ( 1 ) لكم به فمن دخل دار أبى سفيان فهو آمن فقامت اليه هند بنت عتبة

فأخذت بشار به فقال اقتلوا الحميت ( 2 ) الدسم الاحمس قبح من طليعة قوم قال ويلكم

لاتغرنكم هذه من أنفسكم فانه قد جاءكم ما لا قبل لكم به من دخل دار أبى سفيان فهو

آمن قال قاتلك الله وما تغنى عنا دارك قال ومن أغلق عليه بابه فهو آمن ومن دخل

المسجد فهو آمن فنفرق الناس إلى دورهم وإلى المسجد . وذكر الطبرى أى النبى

صلى الله عليه وسلم وجه حكيم بن حزام مع أبى سفيان بعد إسلامهما إلى مكة وقال

من دخل دار حكيم فهو آمن - وهى بأسفل مكة - ومن دخل دار أبى سفيان فهو

آمن وهى بأعلى مكة فكان هذا أمانا منه لكل من لم يقاتل من أهل مكة -

ولهذا قال جماعة من أهل العلم منهم الامام الشافعى رحمه الله إن مكة مؤمنة وليست

عنوة والامان كالصلح . ورأى أن أهلها كانوا مالكون رباعهم فلذلك كان يجيز

كراءها لاربابها وبيعها وشراءها لان من أمن فقد حرم ماله ودمه وذريته وعياله

فمكة مؤمنة عند من قال بهذا القول إلا الذين استثناهم رسول الله صلى الله عليه

وسلم وأمر بقتلهم وإن وجدوا متعلقين بأستار الكعبة ، وأكثر أهل العلم

يرون أن فتح مكة عنوة لانها إنما أخذت بالخيل والركاب . والخلاف بين العلماء

في جواز أخذ أجر المساكن بمكة أو المنع منه مشهور معروف ، وقد جاء في حديث

عن عائشة من طريق ابراهيم بن مهاجر في مكة أنها مناخ من سبق . أخبرنا أبو

عبدالله محمد بن أبى الفتح الصورى بمرج دمشق قال أنا أسعد بن سعيد بن روح

وعائشة بنت معمر بن الفاخر إجازة من أصبهان قالا أخبرتنا أم ابراهيم فاطمة

ا لجوزدانية سماعا قالت أنا أبوبكر بن ربذة الضبى قال أنا أبوالقاسم الطبرانى

ثنا يوسف بن الحسن بن عبدالرحمن العبادانى ثنا نصر بن على الجهضمى ثنا وهب

* ( هامش ) * ( 1 ) أى : لا طاقة .

( 2 ) سيأتى تفسيره . ( * )

ـ190ـ

ابن جرير بن حازم ثنا أبى عن محمد بن إسحق عن عبدالله بن أبى بكر بن محمد

ابن عمرو بن حزم الانصارى عن على بن عبدالله بن العباس عن ابن عباس قال

دخل رسول الله صلى الله عليه وسلم مكة يوم الفتح وعلى الكعبة ثلثمائة وستون صنما قد شد

لهم إبليس أقدامها برصاص فجاء ومعه قضيب فجعل يهوى به إلى كل صنم منها

فيخر لوجهه فيقول ( جاء الحق وزهق الباطل إن الباطل كان زهوقا ) حتى مر عليها كلها .

ولا خلاف أنه لم يجر فيها قسم ولا غنيمة ، ولا سبى من أهلها أحد لما عظم

الله من حرمتها ألا ترى إلى قوله صلى الله عليه وسلم مكة حرام محرم لم تحل لاحد قبلى ولا تحل

لاحد بعدى وإنما أحلت لى ساعة من نهار ثم هى حرام إلى يوم القيامة . قال أبوعمر

والاصح والله أعلم أنها بلدة مؤمنة أمن أهلها على أنفسهم وكانت أموالهم تبعا لهم .

وقال الاموى كانت راية رسول الله صلى الله عليه وسلم يوم الفتح بيد سعد بن عبادة فلما مر

بها على أبى سفيان وكان قد أسلم أبوسفيان فقال سعد إذ نظر اليه اليوم يوم الملحمة

اليوم تستحل الحرمة اليوم أذل الله قريشا . فأقبل رسول الله صلى الله عليه وسلم

في كتيبة الانصار حتى اذا حاذى أبا سفيان ناداه يا رسول الله أمرت بقتل قومك

فانه زعم سعد ومن معه حين مربنا أنه قاتلنا أنشدك الله في قومك فأنت أبر

الناس وأرحمهم وأوصلهم . وقال عثمان و عبدالرحمن بن عوف يا رسول الله والله

لا نأمن سعدا أن تكون منه في قريش صولة فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم

يا أبا سفيان اليوم يوم المرحمة اليوم أعز الله فيه قريشا . وقال ضرار بن الخطاب

الفهرى يومئذ :

يا نبى الهدى اليك لجاحي * ى قريش ولات حين لجاء

حين ضاقت عليهم سعة الار * ض وعاداهم إله السماء

والتقت حلقتا البطان على القو * م ونودوا بالصيلم الصلعاء ( 1 )

* ( هامش ) * ( 1 ) سيأتى تفسير الغريب من كلام المؤلف . ( * )

ـ191ـ

ان سعدا يريد قاصمة الظه * ر بأهل الحجون والبطحاء

............................................................................

- عيون الاثر مجلد: 2 من ص 191 سطر 1 الى ص 200 سطر 22

ان سعدا يريد قاصمة الظه * ر بأهل الحجون والبطحاء

خزرجى لو يستطيع من الغي * ظ رمانا بالنسر والعواء

وغر الصدر لايهم بشئ * غير سفك الدما وسبى النساء

قد تلظى على البطاح وجاءت * عنه هند بالسوءة السواء

إذ ينادى بذل حى قريش * وابن حرب بذا من الشهداء

فلئن أقحم اللواء ونادى * يا حماة اللواء أهل اللواء

ثم ثابت اليه من بهم الخز * رج والاوس أنجم الهيجاء

لتكونن بالبطاح قريش * فقعة القاع في أكف الاماء

فاتهينه فانه أسد الاس * - د لدى الغاب والغ في الدماء

إنه مطرق يدير لنا الام * ر سكوتا كالحية الصماء

فأرسل رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى سعد بن عبادة فنزع اللواء من يده

وجعله بيد قيس ابنه ورأى رسول الله صلى الله عليه وسلم أن اللواء لم يخرج عنه إذ صار إلى ابنه

قيس . قال أبوعمر وقد روى أن النبى صلى الله عليه وسلم أعطى الراية للزبير إذ نزعها من سعد .

رجع إلى الخبر عن ابن إسحق : وأمر رسول الله صلى الله عليه وسلم خالد بن الوليد

فدخل من الليط أسفل مكة في بعض الناس فكان خالد على المجنبة اليمنى . وفيها

أسلم وسليم وغفار ومزينة وجهينة وقبائل من قبائل العرب وأقبل أبوعبيدة بن

الجراح بالصف من المسلمين ينصب لمكة بين يدى رسول الله صلى الله عليه

وسلم . وروينا في صحيح مسلم أن أبا عبيدة كان على البياذقة يعنى الرجالة . قال

ابن إسحق ودخل رسول الله صلى الله عليه وسلم من أذاخر حتى نزل بأعلى مكة

وضربت له هناك قبة . وكان صفوان بن أمية وعكرمة بن أبى جهل وسهيل بن عمرو

ـ192ـ

قد جمعوا أناسا بالخندمة ليقاتلوا . وقد كان حماس بن قيس بن خالد أخو بنى بكر

يعد سلاحا قبل دخول رسول الله صلى الله عليه وسلم ويصلح منه فقالت له امرأته لماذا تعد

ما أرى قال لمحمد وأصحابه قالت والله ما أراه يقوم لمحمد وأصحابه شئ ، قال والله

إنى لارجو أن أخدمك بعضهم ثم قال :

إن يقبلوا اليوم فمالى عله هذا سلاح كامل واله

وذو غرارين سريع السله

ثم شهد الخندمة مع صفوان وسهيل وعكرمة فلما لقيهم المسلمون من أصحاب

خالد بن الوليد وناوشوهم شيئا من القتال فقتل كرزبن جابر الفهرى وحبيش بن

خالد بن ربيعة بن أصرم الخزاعى وكانا في خيل خالد بن الوليد فشدا عنه فسلكا

طريقا غير طويقه فقتلا جميعا . وأصيب من جهينة سلمة بن الميلاء وأصيب من

المشركين قريب من اثنى عشر رجلا أو ثلاثة عشر رجلا ثم انهزموا . وقال ابن

سعد قتل أربعة وعشرون رجلا من قريش وأربعة من هذيل ، قال فخرج حماس

منهزما حتى دخل بينه ثم قال لامرأته أغلقى على بابى قالت وأين ما كنت تقول فقال :

إنك لو شهدت يوم الخندمه * إذ فر صفوان وفر عكرمه

و استقبلتنا بالسيوف المصلمه * يقطعن كل ساعد وجمجمه

ضربا فلا تسمع إلا غمغمه * لهم نهيت حولنا وهمهمه

لم تنطقى في اللوم أدنى كلمه

أخبرنا أبوالفضل الموصلى بقراءة والدى رحمهما الله عليه قال أنا الشيخ أبو

ـ193ـ

على حنبل بن عبدالله بن الفرج بن سعادة الرصافى المكبر سماعا عليه بسفح

قاسيون سنة اثنتين وستمائة قال أنا أبوالقاسم هبة الله بن محمد بن عبدالواحد بن

الحصين الشيبانى قال أنا أبوعلى الحسن بن على بن المذهب قال أنا أبوبكر

أحمد بن جعفر بن حمدان بن مالك القطيعى قال أنا عبدالله بن أحمد بن حنبل

 

قال حدثنى أبى حدثنا بهز وهاشم ثنا سليمان بن المغيرة عن ثابت قال هاشم

حدثنى ثابت ثنا عبدالله بن رباح قال وفدت وفود إلى معاوية أنا فيهم وأبو

هريرة فذكر حديثا . وفيه قال فقال أبو هريرة ألا أعلمكم بحديث من حديثكم

يا معاشر الانصار قال فذكر فتح مكة : قال أقبل رسول الله صلى الله عليه وسلم فدخل مكة قال

فبعث الزبير على إحدى المجنبتين وبعث خالدا على المجنبه ( 1 ) الاخرى وبعث أبا

عبيدة بن الجراح على الحسر ( 2 ) فأخذوا بطن الوادى ورسول الله صلى الله عليه وسلم

في كتيبة قال قد وبشت ( 3 ) قريش أو باشها قال فقالوا نقدم هؤلاء فان كان لهم شئ

كنا معهم وإن أصيبوا أعطينا سئلنا . وفيه فقال يا أبا هريرة قلت لبيك

يا رسول الله قال فقال اهتف لى يا للانصار ولا يأتنى إلا أنصارى فهتف بهم فجاءوا

فأطافوا برسول الله صلى الله عليه وسلم قال فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم ترون إلى أوباش

قريش وأتباعهم ثم قال بيديه إحداهما على الاخرى احصدوهم حصدا حتى توافونى

بالصفا قال فقال أبوهريرة فانطلقنا فما يشاء أحد منا أن يقتل منهم ماشاء وما

أحذ يوجه الينا منهم شيئا قال فقال أبوسفيان يا رسول الله أبيحت خضراء

قريش لا قريش بعد اليوم قال فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم من أغلق

* ( هامش ) * ( 1 ) أى : الكتيبة .

( 2 ) جمع حاصر وهو الذى لا درع عليه .

( 3 ) أى : جمعت جموعا من قبائل شتى . ( * )

ـ194ـ

يا به فهو آمن ومن دخل دار أبى سفيان فهو آمن قال فغلق الناس أبوابهم ، قال

 

فأقبل رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى الحجر فاسنامه ثم طاف بالبيت قال وفى

يده قوس آخدا بسية القوس ( 1 ) فأتى في طوافه على صنم إلى جنب البيت يعبدونه

قال فجعل يطعن بها في عينه ويقول ( جاء الحق وزهق الباطل إن الباطل كان

وهوقا ) ( جاء الحق وما يبدئ الباطل وما يعيد ) ، قال ثم أتى الصفا فعلاه حيث

ينظر إلى البيت فرفع يديه فجعل يذكر الله بماشاء أن يذكره ويدعوه قال

والانصار تحته قال يقول بعضهم لبعض أما الرجل فأدركته رغبة في قريته ورأفة

بعشيرته قال وجاء الوحى وكان إذا جاء الوحى لم يخف علينا فليس أحد من الناس

يرفع طرفه إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم حتى يقضى . قال هاشم فلما قضى

الوحى رفع رأسه ثم قال يا معشر الانصار قلتم أما الرجل فأدركته رغبة في قريته

ورأفة بعشيرته قالوا فلنا ذلك يا رسول الله قال فما اسمى إذن إنى عبدالله ورسوله

هاجرت إلى الله واليكم فالمحيا محيا كم والممات مماتكم قال فأقبلوا اليه يبكون

ويقولون والله ما قلنا الذى قلنا إلا الضن بالله ورسوله فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم فان

الله ورسوله يعذرانكم ويصدقانكم . رواه أبوداود عن الامام أحمد بن حنبل وكان رسول

الله صلى الله عليه وسلم قد عهد إلى أمرائه من المسلمين حين أمرهم بدخول مكة

أن لا يقاتلوا إلا من قاتلهم إلا أنه قد عهد في نفر سماهم بقتلهم وإن وجدوا تحت

أستار الكعبة منهم عبدالله بن سعد بن أبى سرح العامرى وعبدالعزى بن

خطل وعكرمة بن أبى جهل والحويرث بن نقيد بن وهب بن عبد بن قصى

ومقيس بن صبابة وهبار بن الاسود وقينتا ابن خطل كانتا تغنيان ابن خطل

يهجو رسول الله صلى الله عليه وسلم ، وسارة مولاة لبنى ع بدالمطلب : فأما ابن

* ( هامش ) * ( 1 ) سية القوس : ما عطف من طرفيها . ( * )

ـ195ـ

ابى سرح فكان ممن اسلم قبل ذلك وهاجر وكان يكتب الوحى لرسول الله صلى الله عليه وسلم

ثم ارتد مشركا وصار إلى قريش فلما كان يوم الفتح فر إلى عثمان وكان أخاه من

الرضاعة أرضعت أمه عثمان فغيبه حتى أتى به رسول الله صلى الله عليه وسلم بعد

ما اطمأن الناس فاستأمنه له فصمت رسول الله صلى الله عليه وسلم طويلا ثم قال

نعم فلما انصرف عثمان قال رسول الله صلى الله عليه وسلم لمن حوله ما صمت إلا

ليقوم اليه بعضكم فيضرب عنقه فقال رجل من الانصار فهلا أو مأت إلى يا رسول

الله فقال إن النبى لا ينبغى أن يكون له خائنة أعين . قلت وكان بعد ذلك ممن

حسن إسلامه ولم يظهر منه شئ ينكر عليه وهو آخر النجباء العقلاء الكرماء

من قريش وكان فارس بنى عامر بن لؤى المقدم فيهم وولاه عمر بن الخطاب ثم

عثمان رضى الله عنهم . وأما ابن خطل فانما أمر بقتله فانه كان مسلما فبعثه رسول

الله صلى الله عليه وسلم مصدقا وبعث معه رجلا من الانصار وكان معه مولى لهم يخدمه وكان

مسلما فنزل منزلا وأمر المولى أن يذبح له تيسا فيصنع له طعاما فنام فاستيقظ ابن

خطل ولم يصنع له شيئا فعدا عليه فقتله ثم ارتد مشركا . وكانت له قينتان فرتنا

وقريبة وكانتا تغنيان بهجاء رسول الله صلى الله عليه وسلم فأمر بقتلهما معه فقتله

سعيد بن حريث المخزومى وأبوبرزة الاسلمى . وروينا عن ابن جميع حدثنا محمد

ابن أحمد الخولانى بمكة ثنا أحمد بن رشدين قال حدثنى أبى عن أبيه عن ابن

لهيعة عن عقيل عن ابن شهاب عن أنس بن مالك عن النبى صلى الله عليه وسلم

أنه دخل مكة عام الفتح وعلى رأسه المغفر فلما نزعه جاءه رجل فقال ابن خطل

متعلق بأستار الكعبة فقال اقتلوه . قال ابن شهاب ولم يكن رسول الله صلى الله عليه وسلم

يومئذ محرما . وأما عكرمة بن أبى جهل ففر إلى اليمن فاتبعته امرأته أم حكيم

بنت الحارث بن هشام فردته فأسلم وحسن إسلامه وكان يعد من فضلاء الصحابة .

وأما الحويرث بن نقيد فكان يؤذى رسول الله صلى الله عليه وسلم بمكة فقتله

ـ196ـ

على بن أبى طالب يوم الفتح . وأما مقيس بن صبابة فكان قد أتى النبى صلى

الله عليه وسلم مسلما قبل ذلك ثم عدا على رجل من الانصار فقتله بأخيه هشام

 

ابن صبابة بعد أن أخذ الدية وكان الانصارى قتل أخاه مسلما خطأ في غزوة

ذى قرد ( 1 ) وهو يرى أنه من العدو . وقد تقدم ذلك في غزوة ذى قرد وأبيات مقيس

في ذلك ثم لحق بمكة مرتدا فقتله يوم الفتح نميلة بن عبدالله اللينى وهو ابن عمه .

قال أبوعمرو من سنته صلى الله عليه وسلم أنه قال لا أعفى أحدا قتل بعد أخذ الدية هذا من

المسلمين . وأما مقيس فارتد أيضا . وأما هبار بن الاسود فهو الذى عرض لزينب

بنت رسول الله صلى الله عليه وسلم في سفهاء من قريش حين بعث بها أبوالعاص

زوجها إلى المدينة فأهوى اليها هبار هذا ونخس بها فسقطت على صخرة فألقت

ذا بطنها واهراقت الدماء فلم يزل بها مرضها ذلك حتى ماتت سنة ثمان فقال عليه

السلام إن وجدتم هبارا فاحرقوه بالنار ثم قال اقتلوه فانه لا يعذب بالنار إلا رب

النار . فلم يوجد ثم أسلم بعد الفتح وحسن إسلامه وصحب النبى صلى الله عليه وسلم .

وذكر الزبير أنه لما أسلم وقدم مهاجرا جعلوا يسبونه فذكر ذلك لرسول الله صلى

الله عليه وسلم فقال سب من سبك فانتهوا عنه . وأما قينتا ابن خطل فرتنا

وقريبة فقتلت إحداهما واستؤمن رسول الله صلى الله عليه وسلم للاخرى فأمنها فعاشت مدة

ثم ماتت في حياة النبى صلى الله عليه وسلم وأما سارة فاستؤمن لها أيضا فأمنها

عليه السلام فعاشت إلى أن أوطأها رجل فرسا بالابطح في زمن عمر فماتت . واستجار

بأم هانئ بنت أبى طالب رجلان قيل هما الحرث بن هشام وزهير بن أبى

أمية وقيل أحدهما جعدة بن هبيرة فأجارتهما فأراد على قتلهما فدخلت إلى رسول

الله صلى الله عليه وسلم وهو يصلى الضحى فذكرت ذلك له فأمضى جوارها وقال قد أجرنا

* ( هامش ) * ( 1 ) إنما قتله في غزوة بنى المصطلق ، وتابع المؤلف هنا ابن عبدالبر في الاستيعاب . ( * )

ـ197ـ

من أجرت وآمنا من أمنت . وأسلمت أم هانئ يوم الفتح وهى شقيقة على بن أبى

طالب وعقيل وجعفر وطالب أمهم فاطمة بنت أسد قيل اسمها فاختة وقيل هند .

ومن حجة من قال إن اسمها هند قول زوجها هبيرة بن أبى وهب المخزومى حين فر

يوم الفتح ولم يسلم ولحق بنجران ومات على شركه في أبيات أولها :

أشاقتك هند أم جفاك سؤالها * كذاك النوى أسبابها وانفتالها

وقد أرفت في رأس حصن ممرد * بنجر ان يسرى بعد نوم خيالها

وعاذلة هبت على تلومنى * وتعذلنى بالليل ضل ضلالها

لئن كنت قد تابعت دين محمد * وعطفت الارحام منك حبالها

فكونى على أعلى سحيق بهضبة * ممنعة لا يستطاع قلالها

فانى من قوم اذا جد جدهم * على أى حال أصبح اليوم حالها

وانى لاحمى من وراء عشيرتى * اذا كثرت تحت العوالى مجالها

وطارت بأيدى القوم بيض كأنها * مخاريق ولدان يطيش ظلالها

وان كلام المرء في غير كنهه * لكا ؟ ؟ ؟ تهوى ليس فيها نصالها

ـ199ـ

( 1 ) ـ بقية الخبر عن فتح مكة ـ

ولما نزل رسول الله صلى الله عليه وسلم مكة واطمأن الناس خرج حتى جاء البيت

فطاف به سبعا على راحلته يستلم الركن بمححن ( 2 ) في يده فلما قضى طوافه دعا عثمان

ابن طلحة فأخذ منه مفتاح الكعبة ففتحت له فدخلها فوجد بها حمامة من عيدان

فكسرها بيده ثم طرحها ثم وقف على باب الكعبة فقال : لا إله إلا الله وحده

لا شريك له صدق الله وعده ونصر عبده وهزم الاحزاب وحده ألاكل مأثره

أودم أو مال يدعى فهو تحت قدمى هاتين إلا سدانة البيت وسقاية الحاج ألا وقتيل

الخطأ شبيه العمد السوط والعصى ففيه الدية مغلظة مائة من الابل أربعون منها في

بطونها أولادها يا معشر قريش إن الله أذهب عنكم نخوة الجاهلية وتعظمها

بالآباء الناس من آدم وآدم من تراب ثم تلاهذه الآية ( يا أيها الناس إنا خلقناكم

من ذكر وأنثى ) الآية ثم قال يا معشر قريش ما ترون أنى فاعل فيكم قالوا خيرا

أخ كريم وابن أخ كريم ثم قال اذهبوا فأنتم الطلقاء ثم جلس في المسجد فقام

اليه على ومفتاح الكعبة في يده فقال يا رسول الله اجمع لنا الحجابة مع السقاية صلى

الله عليك . فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم أين عثمان بن طلحة فدعى له

فقال هاك مفتاحك يا عثمان اليوم يوم بر ووفاء . وروينا عن عثمان بن طلحة من

طريق ابن سعد قال كنا نفتح الكعبة في الجاهلية يوم الاثنين والخميس فأقبل

* ( هامش ) * ( 1 ) في حاشية الاصل ( بلغ مقابلة لله الحمد ) .

( 2 ) أى : مصا معقفة الرأس . ( * )

ـ200ـ

يعنى النبى صلى الله عليه وسلم يوما يريد أن يدخل الكعبة مع الناس فغلظت

عليه ونلت منه وحلم عنى ثم قال يا عثمان لعلك سترى هذا المفتاح يوما بيدى

أضعه حيث شئت فقلت لقد هلكت قريش يومئذ وذلت فقال بل عمرت

وعزت يومئذ ودخل الكعبة فوقعت كلمته منى موقعا ظننت يومئذ أن الامر

سيصير إلى ما قال . وفيه أنه عليه السلام قال له يوم الفتح يا عثمان أن ائتنى بالمفتاح

فأتيته به فأخذه منى ثم دفعه إلى وقال خذوها تالدة خالدة لا ينزعها منكم إلا ظالم

يا عثمان إن الله استأمنكم على بيته فكلوا مما يصل اليكم من هذا البيت بالمعروف .

قال عثمان فلما وليت نادانى فرجعت اليه فقال ألم يكن الذى قلت لك قال فذكرت

قوله لى بمكة قبل الهجرة لعلك سترى هذا المفتاح يوما بيدى أضعه حيث

شئت فقلت بلى أشهد أنك رسول الله . وروينا عن سعيد بن المسيب أن

العباس تطاول يومئذ لاخذ المفتاح في رجال من بنى هاشم فدفعه رسول الله صلى الله عليه وسلم

لعثمان ودخل النبى صلى الله عليه وسلم يومئذ الكعبة ومعه بلال فأمره أن يؤذن

وأبوسفيان بن حرب وعتاب بن أسيد والحارث بن هشام جلوس بفناء الكعبة

فقال عتاب لقد أكرم الله أسيدا أن لا يكون سمع هذا فيسمع منه ما يغيظه فقال

الحارث أما والله لو أعلم أنه حق لا تبعته فقال أبوسفيان لا أقول شيئا لو تكلمت

لاخبرت عنى هذه الحصباء فخرج عليهم النبى صلى الله عليه وسلم فقال لهم لقد علمت

الذى قلتم ثم ذكر ذلك لهم فقال الحرث وعتاب نشهد أنك رسول الله والله ما اطلع

على هذا أحد كان معنا فنقول أخبرك . وروينا عن ابن اسحق من طريق زياد

البكائى قال حدثنى سعيد بن أبى سعيد المقبرى عن أبى شريح الخزاعى قال لما

قدم عمرو بن الزبير مكة لقتال أخيه عبدالله بن الزبير جئته فقلت له يا هذا إنا

كنا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم حين افتتح مكة فلما كان الغد من يوم الفتح عدت

ـ301ـ ـ وفد تجيب ـ - عيون الاثر مجلد: 2 من ص 301 سطر 1 الى ص 310 سطر 15ـ وفد تجيب ـ

وقدم على رسول الله صلى الله عليه وسلم وفد تجيب وهم من السكون ثلاثة عشر رجلا قد

ساقوا معهم صدقات أموالهم التى فرض الله عليهم فسر رسول الله صلى الله عليه

وسلم بهم وأكرم منزلهم وقالوا يا رسول الله سقنا اليك حق الله في أموالنا فقال

رسول الله صلى الله عليه وسلم ردوها فاقسموها على فقرائكم قالوا يا رسول الله ما قدمنا عليك

إلا بما فضل عن فقرائنا . فقال أبوبكر يا رسول الله ما وفد علينا وفد من العرب

مثل ما وفد به هذا الحى من تجيب . فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم إن الهدى بيد الله عز

وجل فمن أراد به خيرا شرح صدره للايمان وسألوا رسول الله صلى الله عليه وسلم

أشياء فكتب لهم بها وجعلوا يسألونه عن القرآن والسنن فازداد رسول الله صلى الله عليه وسلم

فيهم رغبة وأمر بلالا أن يحسن ضيافتهم فأقاموا أياما ولم يطلبوا اللبث فقيل لهم

ما يعجلكم فقالوا نرجع إلى من وراءنا فنخبرهم برؤيتنا رسول الله صلى الله عليه

وسلم وكلامنا إياه وما رد علينا . ثم جاؤوا إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم يودعونه

فأرسل اليهم بلالا فأجازهم بأرفع ما كان يجيز به الوفود قال هى بقى منكم أحد

قالوا غلام خلفناه على رحالنا هو أحدثنا سنا قال فأرسلوه الينا فلما رجعوا إلى رحالهم

قالوا للغلام انطلق إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فاقض حاجتك منه فانا قد

قضينا حوائجنا منه وودعناه فأقبل الغلام حتى أتى رسول الله صلى الله عليه وسلم

فقال يا رسول الله إنى امرؤمن بنى أبذى ( 1 ) . قال الواقدى هو أبذى بن عدى وأم

* ( هامش ) * ( 1 ) على وزن أعمى ، من ولده جماعة من أهل العلم . ( * )

ـ302ـ

عدى تجيب بنت ثوبان بن سليم بن مذحج واليها ينسبون . يقول الغلام من الرهط

الذين أتوك آنفا فقضيت حوائجهم فاقض حاجتى يا رسول الله قال وما حاجتك قال

إن حاجتى ليست كحاجة أصحابى وإن كانوا قدموا راغبين في الاسلام وساقوا

ماساقوا من صدقاتهم وإنى والله ما أعملنى من بلادى إلا أن تسأل الله عزوجل أن

يغفر لى وأن يرحمنى وأن يجعل غناى في قلبى فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم وأقبل إلى الغلام

اللهم اغفر له وارحمه واجعل غناه في قلبه . ثم أمر له بمثل ما أمر به لرجل من

أصحابه فانطلقوا راجعين إلى أهليهم ثم وافوا رسول الله صلى الله عليه وسلم في

الموسم بمنى سنة عشر فقالوا نحن بنو أبذى قال رسول الله صلى الله عليه وسلم ما فعل الغلام الذى

أتانى معكم قالوا يا رسول الله والله ما رأينا مثله قط ولا حدثنا بأقنع منه بما رزقه الله لو

أن الناس اقتسموا الدنيا ما نظر نحوها ولا التفت اليها . فقال رسول الله صلى الله

عليه وسلم الحمد لله إنى لارجو أن يموت جميعا فقال رجل منهم أوليس يموت

الرجل جميعا يا رسول الله قال رسول الله صلى الله عليه وسلم تشعب أهواؤه وهمومه في أودية

الدنيا فلعل أجله أن يدركه في بعض تلك الاودية فلا يبالى الله عزوجل في أيها

هلك قالوا فعاش ذلك الرجل فينا على أفضل حال وأزهده في الدنيا وأقنعه بما

رزق . فلما توفى رسول الله صلى الله عليه وسلم ورجع من رجع من أهل اليمن عن

الاسلام قام في قومه فذكرهم الله والاسلام فلم يرجع منهم أحد . وجعل أبوبكر

الصديق رضى الله عنه يذكره ويسأل عنه حتى بلغه حاله وما قام به فكتب إلى

زياد بن لبيد يوصيه به خيرا .

ـ303ـ

ـ وفد بنى ثعلبة ـ

وقدم على رسول الله صلى الله عليه وسلم وفد بنى ثعلبة سنة ثمان مرجعه من

الجعرانة أربعة نفر فنزلوا دار رملة بنت الحارث وجاءهم بلال بجفنة ( 1 ) من ثريد بلبن

وسمن فأكلوا وشهدوا الظهر مع النبى صلى الله عليه وسلم وقالوا له إنه لا إسلام لمن

لاهجرة له فقال عليه السلام حيثما كنتم واتقيتم الله فلا يضركم . ثم لما جاؤوا يدعونه

قال لبلال أجزهم فأعطى كل رجل منهم خمس أواقى فضة .

ـ وفد بنى سعد هذيم ـ

وقدم على رسول الله صلى الله عليه وسلم بنو سعد هذيم من قضاعة في سنة تسع .

ذكره الواقدى عن ابن النعمان منهم عن أبيه قال قدمت على رسول الله صلى الله

عليه وسلم وافدا في نفر من قومى وقد أوطأ رسول الله صلى الله عليه وسلم البلاد غلبة وأذاخ ( 2 )

العرب والناس صنفان إما داخل في الاسلام راغب فيه وإما خائف من السيف

فنزلنا ناحية من المدينة ثم خرجنا نؤم المسجد حتى انتهينا إلى بابه فنجد رسول

الله صلى الله عليه وسلم يصلى على جنازة في المسجد فقمنا خلفه ناحية ولم ندخل

* ( هامش ) * ( 1 ) أى : قصعة ، وفى الاصل بالحاء المهملة وهو غلط .

( 2 ) أى : قهرها . ( * )

ـ304ـ

مع الناس في صلاتهم حتى نلقى رسول الله صلى الله عليه وسلم ونبايعه ثم انصرف

رسول الله صلى الله عليه وسلم فنظر الينا فدعا بنا فقال من أنتم فقلنا من بنى سعد

هذيم فقال أمسلمون أنتم قلنا نعم قال فهلا صليتم على أخيكم قلنا يا رسول الله ظننا

أن ذلك لا يجوز لنا حتى نبايعك فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم أينما أسلمتم

فأنتم مسلمون قال فأسلمنا وبايعنا رسول الله صلى الله عليه وسلم بأيدينا على الاسلام

ثم انصرفنا إلى رحالنا وقد كنا خلفنا عليها أصغرنا فبعث رسول الله صلى الله

عليه وسلم في طلبنا فأتى بنا اليه فتقدم صاحبنا فبايعه على الاسلام فقلنا يا رسول

الله إنه أصغرنا وإنه خادمنا فقال أصغر القوم خادمهم بارك الله عليه قال فكان

والله خيرنا وأقرأنا للقرآن لدعاء رسول الله صلى الله عليه وسلم له ثم أمره رسول

الله صلى الله عليه وسلم علينا فكان يؤمنا . ولما أردنا الانصراف أمر بلالا

فأجازنا بأواقى من فضة لكل رجل منا فرجعنا إلى قومنا فرزقهم الله الاسلام .

ـ305ـ

ـ وفد بنى فزارة ـ

قال أبوالربيع بن سالم في كتابه المسمى بالاكتفاء في مغازى رسول الله

صلى الله عليه وسلم ومغازى الثلاثة الخلفاء : ولما رجع رسول الله صلى الله عليه

وسلم من تبوك قدم عليه وفد بنى فزارة بضعة عشر رجلا فيهم خارجة بن حصن

والحر بن قيس بن حصن ابن أخى عيينة بن حصن وهو أصغر هم فنزلوا في دار بنت

الحارث وجاؤوا رسول الله صلى الله عليه وسلم مقرين بالاسلام وهو مسنتون ( 1 ) على ركاب عجاف ( 2 )

فسألهم رسول الله صلى الله عليه وسلم عن بلادهم فقال أحدهم يا رسول الله أسنتت بلادنا

وهلكت مواشينا وأجدب جنابنا وغرث ( 3 ) عيالنا فادع لنا ربك يغثنا واشفع لنا

إلى ربك وليشفع لنا ربك اليك فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم سبحان الله

ويلك هذا أنا أشفع إلى ربى عزوجل فمن ذا الذى يشفع ربنا اليه لا إله إلا هو

العلى العظيم وسع كرسيه السموات والارض فهى تئط من عظمته وجلاله كما

يئط الرحل الجديد وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم إن الله عزوجل ليضحك من شفقكم

وأزلكم ( 4 ) وقرب غياثكم فقال الاعرابى يا رسول الله ويضحك ربنا عزوجل قال

* ( هامش ) * ( 1 ) أى أجدبوا وقحطوا .

( 2 ) أى هزيلة .

( 3 ) أى جاع .

( 4 ) الازل الضيق . ( * )

ـ306ـ

نعم قال الاعرابى لن يعدمك من رب يضحك خير فضحك النبى صلى الله عليه

وسلم من قوله وصعد المنبر فتكم بكلمات وكان لا يرفع يديه في شئ من الدعاء

إلا رفع الاستسقاء ( 1 ) فرفع يديه حتى رؤى بياض إبطيه وكان مما حفظ من دعائه :

اللهم اسق بلادك وبهائمك وانشر رحمتك واحى بلدك الميت اللهم اسقنا غيثا

مريحا مريعا طبقا واسعا عاجلا غير آجل نافعا غير ضار اللهم اسقنا رحمة ولا

تسقنا عذابا ولا هدما ولا غرقا ولا محقا اللهم اسقنا الغيث وانصرنا على الاعداء

فقال أبولبابة بن عبدالمنذر الانصارى فقال يا رسول الله التمر في المرابد فقال

رسول الله صلى الله عليه وسلم الله اللهم اسقنا حتى يقوم أبولبابة عريانا يسد ثعلب ( 2 ) مربده بازاره

قالوا لا والله ما في السماء سحاب ولا قزعة ( 3 ) وما بين المسجد وبين سلع من شجر

ولا دار فطلت من وراء سلع سحابة مثل الترس فلما توسطت السماء انتشرت

ثم أمطرت فوالله ما رأينا الشمس سبتا وقام أبولبابة عريانا يسد ثعلب مربده

بازاره لئلا يخرج التمر منه فجاء ذلك الرجل أو غيره فقال يا رسول الله هلكت

الاموال وانقطعت السبل فصعد رسول الله صلى الله عليه وسلم المنبر فدعا ورفع يديه مداحتى رؤى

بياض إبطيه ثم قال اللهم حوالينا ولا علينا اللهم على الآكام والظراب ( 4 ) وبطون

الاودية ومنابت الشجر قال فانجابت السحابة السحاب عن المدينة انجياب الثوب .

* ( هامش ) * ( 1 ) نفى لرفع خاص وهو الرفع بظهر الكفين كما في مسلم وأبى داود ، وأما

في سائر الدعاء فقد كان يرفع بطونهما .

( 2 ) مخرج ماء المطر من جرين التمر .

( 3 ) قطعة غيم .

( 4 ) أى الروابى الصغار . ( * )

ـ307ـ

ـ وفد بنى اسد ـ

وقدم على رسول الله صلى الله عليه وسلم وفد بنى أسد عشرة رهط فيهم وابصة

ابن معبد وطليحة بن خويلد ورسول الله صلى الله عليه وسلم جالس في المسجد

مع أصحابه فسلموا وتكلموا فقال متكلمهم يا رسول الله إنا شهدنا أن الله وحده

لا شريك له وأنك عبده ورسوله وجئناك يا رسول الله ولم تبعث الينا بعثا ونحن

لمن ورائنا . قال محمد بن كعب القرظى فأنزل الله على رسول عليه السلام ( يمنون

عليك أن أسلموا قل لا تمنوا على إسلامكم بل الله يمن عليكم أن هداكم للايمان

إن كنتم صادقين ) . وكان مما سألوا رسول الله صلى الله عليه وسلم عنه يومئذ

العيافة ( 1 ) والكهانة وضرب الحصى فنهاهم عن ذلك كله فقالوا يا رسول الله إن هذه

أمور كنا نفعلها في الجاهلية قال رأيت خصلة بقيت قال وماهى قالوا الخط ( 2 ) قال

عامه نبى من الانبياء فمن صادف مثل علمه علم .

* ( هامش ) * ( 1 ) العيافة معرفة الامور بالتقفى . والكهانة المعرفة بخبر الجن .

( 2 ) علم الرمل . ( * )

ـ308ـ

ـ وفد بهراء ـ

وذكر الواقدى عن كريمة بنت المقداد قالت سمعت أمى ضباعة بنت الزبير

بن ع بدالمطلب تقول قدم وفد بهراء من اليمن وهم ثلاثة عشر رجلا فأقبلوا يقودون

رواحلهم حتى انتهوا إلى باب المقداد ونحن في منازلنا ببنى حديلة فخرج اليهم المقداد

؟ ؟ ؟ بهم وأنزلهم وجاءهم بجفنة من حيس ( 1 ) كناقد هيأناها قبل أن يحلوا لنجلس

عليها فحملها أبومعبد المقداد وكان كريما على الطعام فأكلوا منها حتى نهلوا

وردت الينا القصعة وفيها أكل فجمعنا تلك الاكل في قصعة صغيرة ثم بعثنا بها

إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم مع سدرة مولاتى فوجدته في بيت أم سلمة فقال

رسول الله صلى الله عليه وسلم ضباعة أرسلت بهذا قالت سدرة نعم يا رسول الله قال ضعى ثم

قال ما فعل ضيف أبى معبد قلت عندنا فأصاب منها رسول الله صلى الله عليه وسلم

أكلا هو ومن معه في البيت حتى نهلوا وأكلت معهم سدرة ثم قال اذهبى بما بقى

إلى ضيفكم قالت سدرة فرجعت بما بقى في القصعة إلى مولاتى قالت فأكل منها

الضيف ما أقاموا نرددها عليهم وما تغيض حتى جعل الضيف يقولون يا أبا معبد

إنك لتنهلنا من أحب الطعام الينا وما كنا نقدر على مثل هذا إلا في الحين وقد

ذكر لنا أن بلادكم قليلة الطعام إنما هو العلق ( 2 ) أو نحوه ونحن عندك في الشبع فأخبرهم

أبومعبد بخبر رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه أكل منها أكلا وردها فهذه بركة أصابع رسول

الله صلى الله عليه وسلم فجعل القوم يقولون نشهد أنه رسول الله وازدادوا يقينا

وذلك الذى أراد رسول الله صلى الله عليه وسلم ونعلموا الفرائض وأقاموا أياما ثم جاؤوا رسول

الله صلى الله عليه وسلم فودعوه وأمر لهم بجوائزهم ثم انصرفوا إلى أهليهم .

* ( هامش ) * ( 1 ) هو الطعام المتخذ من التمر والاقط والسمن

( 2 ) جمع علقة وهى ما يتبلغ به من العيش ( * )

ـ309ـ

ـ وفد بنى عذرة ـ

وقدم على رسول الله صلى الله عليه وسلم وفد بنى عذرة في صفر سنة تسع اثنا

عشر رجلا فيهم جمرة بن النعمان فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم من

القوم فقال متكلهم من لا تنكر نحن بنو عذرة إخوة قصى لامه نحن الذين

عضدوا قصيا وأزاحوا من بطن مكة خزاعة وبنى بكر ولنا قرابات وأرحام

قال رسول الله صلى الله عليه وسلم مرحبا بكم وأهلا ما أعرفنى بكم فأسلموا وبشرهم

رسول الله صلى الله عليه وسلم بفتح الشام وهرب هرقل إلى ممتنع بلاده ونهاهم عن سؤال الكاهنة

وعن الذبائح التى كانوا يذبحونها وأخبرهم أن ليس عليهم إلا الاضحية فأقاموا أياما

بدار رملة ثم انصرفوا وقد أجيزوا .

ـ310ـ

ـ وفد بلى ـ

وقدم على رسول الله صلى الله عليه وسلم وفد بلى في ربيع الاول سنة تسع فأنزلهم

رويفع بن ثابت البلوى عنده وقدم بهم على رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال له هؤلاء

قومى فقال له رسول الله صلى الله عليه وسلم مرحبا بك وبقومك فأسلموا فقال لهم

رسول الله صلى الله عليه وسلم الحمد لله الذى هدا كم للاسلام فكل من مات منكم

غلى غير الاسلام فهو في النار . وقال له أ بوالضبيب شيخ الوفد يا رسول الله إن لى

رغبة في الضيافة فهل لى في ذلك أجر قال نعم وكل معروف صنعته إلى غنى أو

فقير فهو صدقة قال يا رسول الله ما وقت الضيافة . قال ثلاثة أيام فما كان بعد

ذلك فهو صدقة . ولا يحل للضيف أن يقيم عندك فيحرجك قال يا رسول الله أرأيت

الضالة من الغنم أجدها في الفلاة من الارض قال لك أو لاخيك أو للذئب قال

فالبعير قال مالك وله دعه حتى يجده صاحبه ، قال رويفع ثم قاموا فرجعوا إلى

منزلى فاذا رسول الله صلى الله عليه وسلم يأتى منزلى يحمل تمرا فقال استعن بهذا

التمر فكانوا يأكلون ومن غيره فأقاموا ثلاثا ثم ودعوا رسول الله صلى الله عليه

وسلم وأجازهم ورجعوا إلى بلادهم .

ـ311ـ

ـ وفد بنى مرة ـ

............................................................................

- عيون الاثر مجلد: 2 من ص 311 سطر 1 الى ص 320 سطر 19

ـ وفد بنى مرة ـ

وقدم على رسول الله صلى الله عليه وسلم وفد بنى مرة ثلاثة عشر رجلا رأسهم

الحارث بن عوف فقال يا رسول الله إنا قومك وعشيرتك نحن قوم من بنى لؤى بن

غالب فتبسم رسول الله صلى الله عليه وسلم وقال للحارث أين تركت أهلك قال

بسلاح وما والاها قال فكيف البلاد قال والله إنا لمسنتون وما في المال مخ فادع

الله لنا قال رسول الله صلى الله عليه وسلم اللهم اسقهم الغيث فأقاموا أياما ثم أرادوا الانصراف

إلى بلادهم فجاؤوا رسول الله صلى الله عليه وسلم مودعين له فأمر بلالا أن يجيزهم

فأجازهم بعشر أواقى عشر أواقى فضة وفضل الحارث بن عوف أعطاه اثنتى عشرة

أوقية ورجعوا إلى بلادهم فوجدوا البلاد مطيرة فسألوا متى مطرتم فاذا هو ذلك

اليوم الذى دعا رسول الله صلى الله عليه وسلم فيه وأخصبت بعد ذلك بلادهم .

ـ وفد خولان ـ

وقدم على رسول الله صلى الله عليه وسلم في شعبان سنة عشر وفد خولان

وهم عشرة فقالوا يا رسول الله نحن على من وراءنا من قومنا ونحن مؤمنون بالله عز

وجل مصدقون برسوله قدضر بنا اليك آباط الابل وركبنا حزون ( 1 ) الارض وسهولها

* ( هامش ) * ( 1 ) الامكنة الوعرة . ( * )

ـ312ـ

والمنة لله ولرسوله علينا وقدمنا زائرين لك فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم أما ما ذكرتم

من مسيركم إلى فان لكم بكل خطوة خطاها بعير أحدكم حسنة وأما قولكم زائرين

لك فانه من زارنى بالمدينة كان في جوارى يوم القيامة قالوا يا رسول الله هذا السفر

الذى لاتوى ( 1 ) عليه ثم قال رسول الله صلى الله عليه وسلم ما فعل عم أنس وهو صنم خولان الذى

كانوا يعبدونه قالوا بشر بدلنا الله ما جئت به وقد بقيت منا بعد بقايا من شيخ

كبير وعجوز كبيرة متمسكون به ولو قد قدمنا عليه هدمناه إن شاء الله فقد كنا

منه في غرور وفتنة فقال لهم رسول الله صلى الله عليه وسلم وما أعظم ما رأيتم من

فتنته قالوا لقد رأيتنا وأسنتنا حتى أكلنا الرمة فجمعنا ما قدرنا عليه وابتعنا مائة

ثور ونحرناها لعم أنس قربانا في غداة واحدة وتركناها تردها السباع ونحن أحوج

اليها من السباع فجاءنا الغيث من ساعتنا ولقد رأينا العشب يوارى الرجال ويقول

قائلنا أنعم علينا عم أنس . وذكروا لرسول الله صلى الله عليه وسلم ما كانوا يقتسمون لصنمهم

هذا من أنعامهم وحروثهم وأنهم كانوا يجعلون من ذلك جزءا له وجزءالله بزعمهم

قالوا كنا نزرع الزرع فنجعل له وسطه فنسميه له أو نسمى زرعا آخر حجرة لله

فاذا مالت الريح فالذى سميناه لله جعلناه لعم أنس واذا مالت الريح فالذى جعلناه

لعم أنس لم نعجله لله . فذكر لهم رسول الله صلى الله عليه وسلم أن الله عزوجل

أنزل عليه في ذلك ( وجعلوا لله مما ذرأ من الحرث والانعام نصيبا . الآية ) قالوا وكنا

نتحاكم اليه فنكلم فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم تلك الشياطين تكلمكم . وسألوه عن فرائض

الدين فأخبرهم وأمرهم بالعهد وأداء الامانة وحسن الجوار لمن جاوروا وأن

لا يظلموا أحدا قال فان الظلم ظلمات يوم القيامة . ثم ودعوه بعد أيام وأجازهم ورجعوا

إلى قومهم فلم يحلوا عقدة حتى هدموا عم أنس . الحجرة الناحية .

* ( هامش ) * ( 1 ) أى : لاضياع ولا خسارة وهو من التوى الهلاك .

ـ313ـ

ـ وفد بنى محارب ـ

وقدم على رسول الله صلى الله عليه وسلم وفد بنى محارب عام حجة الوداع وهم كانوا أغلظ

العرب وأفظه على رسول الله صلى الله عليه وسلم في تلك المواسم أيام عرضه نفسه

على القبائل يدعوهم إلى الله فجاءه رسول الله صلى الله عليه وسلم منهم عشرة نائبين

عن من وراءهم من قومهم فأسلموا وكان بلال يأتيهم بغداء وعشاء إلى أن جلسوا

مع رسول الله صلى الله عليه وسلم يوما من الظهر إلى العصر فعرف رجلا منهم فأمده

النظر فلما رآه المحاربى يديم النظر اليه قال كأنك يا رسول الله توهمنى قال لقد رأيتك

فقال المحاربى أى والله لقد رأيتنى وكلمتنى بأقبخ الكلام ورددتك بأقبح

الرد بعكاظ وأنت تطوف على الناس فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم نعم ثم قال

المحاربى يا رسول الله ما كان في أصحابى أشد عليك يومئذ ولا أبعد عن الاسلام منى

فاحمد الله الذى أبقانى حتى صدقت بك ولقد مات أولئك النفر الذين كانوا معى

على دينهم فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم إن هذه القلوب بيد اله عزوجل

فقال المحاربى يا رسول الله استغفر لى من مراجعتى إياك فقال رسول الله صلى الله

عليه وسلم إن الاسلام يجب ما كان قبله من الكفر ثم انصرفوا إلى أهليهم . ( 1 )

* ( هامش ) * ( 1 ) في حاشية الاصل : بلغ مقابلة لله الحمد . ( * )

ـ314ـ

ـ وفد صداء ـ

وقدم على رسول الله صلى الله عليه وسلم وفد صداء في سنة ثمان وذلك أن رسول

الله صلى الله عليه وسلم لما انصرف من الجعرانة بعث بعوثا إلى اليمن وهيأ بعثا

استعمل عليهم قيس بن سعد بن عبادة وعقد له لواء أبيض ودفع اليه راية سوداء

وعسكر بناحية قناة في أربعمائة من المسلمين وأمره أن يطأ ناحية من اليمن كان فيها

صداء فقدم على رسول الله صلى الله عليه وسلم رجل منهم وعلم بالجيش فأتى رسول الله صلى

الله عليه وسلم فقال يا رسول الله جئتك وافدا على من ورائى فاردد الجيش وأنالك

بقومى فرد رسول الله صلى الله عليه وسلم قيس بن سعد من صدور قناة وخرج الصدائى إلى

قومه فقدم على رسول الله صلى الله عليه وسلم خمسة عشر رجلا منهم فقال سعد

ابن عبادة يا رسول الله دعهم ينزلوا على فنزلوا عليه فحباهم وأكرمهم وكساهم

ثم راح بهم إلى النبى صلى الله عليه وسلم فبايعوه على الاسلام وقالوا نحن لك على

من وراءنا من قومنا فرجعوا إلى قومهم ففشا فيهم الاسلام فوافى رسول الله صلى

الله عليه وسلم منهم مائة رجل في حجة الوداع . ذكر هذا الواقدى عن بعض بنى

المصطلق . وذكر من حديث زياد بن الحارث الصدائى أنه الذى قدم على رسول

الله صلى الله عليه وسلم فقال له اردد الجيش وأنا لك بقومى فردهم قال وقدم وفد قومى عليه

ـ315ـ

فقال لى يا أخا صداء إنك لمطاع في قومك قال قلت بلى من الله عزوجل ومن

رسوله . وكان زياد هذا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم في بعض أسفاره قال

فاعتشى رسول الله صلى الله عليه وسلم - أى سار ليلا - واعتشينا معه وكنت رجلا .

قويا قال فجعل أصحابه يتفرقون عنه ولزمت غرزه ( 1 ) فلما كان في السحر قال أذن

يا أخا صداء فأذنت على راحلتى ثم سرنا حتى نزلنا فذهب لحاجته ثم رجعل فقال

يا أخا صداء هل معك ماء قلت معى شئ في إداوتى ( 2 ) قال هاته فجئت به فقال صب

فصببت ما في الاداوة في القعب وجعل أصحابه يتلاحقون ثم وضع كفه على الاناء

فرأيت بين كل أصبعين من أصابعه عينا تفور ثم قال يا أخا صداء لولا أنى أستحبى

من ربى عزوجل لسقينا واستقينا ثم توضأ وقال أذن في أصحابى من كانت له

حاجة بالوضوء فليرد قال فوردوا من آخر هم ثم جاء بلال يقيم فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم

إن أخا صداء أذن ومن أذن فهو يقيم فأقمت ثم تقدم رسول الله صلى الله عليه وسلم

فصلى بنا وكنت سألته قبل أن يؤمرنى على قومى ويكتب إلى بذلك كتابا ففعل

فلما سلم - يريد من صلاته - قام رجل يتشكى من عامله فقال يا رسول الله انه أخذنا

بذحول ( 3 ) كانت بيننا وبينه في الجاهلية فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم لاخير في الامارة

لرجل مسلم ثم قام رجل فقال يا رسول الله اعطنى من الصدقة فقال رسول الله صلى

الله عليه وسلم إن الله لم يكل قسمها إلى ملك مقرب ولا نبى مرسل حتى جزأها

على ثمانية أجزاء فان كنت جزءا منها أعطيتك وإن كنت غنيا عنها فانما هو

صداع في الرأس وداء في البطن فقلت في نفسى ها تان خصلتان حين سألت الامارة

وأنا رجل مسلم وسألته من الصدقة وأنا غنى عنها فقلت يا رسول الله هذان كتاباك

* ( هامش ) * ( 1 ) أى : ركابه .

( 2 ) الاداوة بالكسر إناء صغير من جلد .

( 3 ) أى عداوات وضفائن . ( * )

ـ316ـ

فاقبلهما فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم قلت إنى سمعتك تقول لاخير في الامارة لرجل مسلم

وأنا مسلم وسمعتك تقول من سأل من الصدقة وهو عنها غنى فانما هو صداع في

الرأس وداء في البطن وأنا غنى فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم أما إن الذى .

قلت كما قلت فقبلهما رسول الله صلى الله عليه وسلم ثم قال دلنى على رجل من

قومك أستعمله فدللته على رجل منهم فاستعمله قلت يا رسول الله إن لنا بئرا إذا

كان الشتاء كفانا ماؤها وإذا كان الصيف قال علينا فتفرقنا على المياه والاسلام

اليوم فينا قليل ونحن نخاف فادع الله عزوجل لنا في بئرنا فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم

ناولنى سبع حصيات فناولته فعر كهن بيده ثم دفعهن إلى وقال اذا انتهيت اليها

فألق فيها حصاة حصاة وسم الله قال ففعلت فما أدركنا لها قعرا حتى الساعة .

ـ وفد غسان ـ

وقدم على رسول الله صلى الله عليه وسلم وفد غسان في شهر رمضان سنة عشر

ثلاثة نفر فأسلموا وقالوا لاندرى أيتبعنا قومنا أم لا وهم يحبون بقاء ملكهم وقرب

قيصر فأجازهم رسول الله صلى الله عليه وسلم بجوائز وانصرفوا راجعين فقدموا على قومهم فلم

يستجيبوا لهم وكتموا إسلامهم حتى مات منهم رجلان على الاسلام وأدرك الثالث

منهم عمر بن الخطاب عام اليرموك فلقى أبا عبيدة فخبره باسلامه فكان يكرمه .

ـ317ـ

ـ وفد سلامان ـ

وقدم على رسول الله صلى الله عليه وسلم وفد سلامان سبعة نفر فيهم حبيب بن

عمرو السلامى فأسلموا وقال حبيب فقلت أى رسول الله ما أفضل الاعمال قال

الصلاة في وقتها ثم ذكر حديثا طويلا وصلوا معه يومئذ الظهر والعصر قال فكانت

صلاة العصر أخف في القيام من الظهر ثم شكوا له جدب بلادهم فقال رسول الله

صلى الله عليه وسلم بيده اللهم اسقهم الغيث في دارهم فقلت يا رسول الله ارفع يديك

فانه أكثر وأطيب فتبسم رسول الله صلى الله عليه وسلم ورفع يديه حتى رأيت بياض إبطيه

ثم قام وقمنا عنه فأقمنا ثلاثا وضيافته تجرى علينا ثم ودعناه وأمر لنا بجوائز فأعطينا

خمس أواقى لكل رجل منا واعتذر الينا بلال وقال ليس عندنا اليوم مال فقلت

ما أكثر هذا وأطيبه ثم رحلنا إلى بلادنا فوجدناها قد مطرت في اليوم الذى دعا

فيه رسول الله صلى الله عليه وسلم في تلك الساعة . قال الواقدى وكان مقدمهم

في شوال سنة عشر .

ـ318ـ

ـ وفد بنى عبس ـ

وقدم على رسول الله صلى الله عليه وسلم وفد بنى عبس فقالوا يا رسول الله قدم علينا قراؤنا

فأخبرونا أنه لا إسلام لمن لاهجرة له ولنا أموال ومواش وهى معايشنا فان كان

لا إسلام لمن لاهجرة له فلا خير في أموالنا بعناها وهاجرنا من آخرنا فقال رسول

الله صلى الله عليه وسلم اتقوا الله حيث كنتم فلن يلتكم ( 1 ) من أعمالكم شيئا

وسألهم رسول الله صلى الله عليه وسلم عن خالد بن سنان هل له عقب فأخبروه أنه لا عقب له

كانت له ابنة فانقرضت وأنشأ رسول الله صلى الله عليه وسلم يحدث أصحابه عن

خالد بن سنان فقال نبى ضيعه قومه .

* ( هامش ) * ( 1 ) ينقصكم . ( * )

ـ319ـ

ـ وفد غامد ـ

قال الواقدى وقدم على رسول الله صلى الله عليه وسلم وقد غامد سنة عشر

وهم عشرة فنزلوا في بقيع الغرقد وهو يومئذ أثل وطرفاء ( 1 ) ثم انطلقوا إلى رسول الله

صلى الله عليه وسلم وخلفوا عند رحلهم أحدثهم سنا فنام عنه وأتى سارق وسرق عيبة ( 2 ) لاحدهم

فيها أثواب له . وانتهى القوم إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فسلموا عليه وأقروا

له بالاسلام وكتب لهم كتابا فيه شرائع من شرائع الاسلام وقال لهم من خلفتم

في رحالكم قالوا أحدثنا يا رسول الله قال فانه قد نام عن متاعكم حتى أتى آت

فأخذ عيبة أحدكم فقال أحد القوم يا رسول الله ما لاحد من القوم عيبة غيرى فقال

رسول الله صلى الله عليه وسلم قد أخذت وردت إلى موضعها فخرج القوم سراعا

حتى أتوا رحلهم فوجدوا صاحبهم فسألوه عما خبرهم به رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال فزعت

من نومى ففقدت العيبة فقمت في طلبها فاذا رجل قد كان قاعدا فلما رآنى ثار

يعدومنى فانتهيت إلى حيث انتهى فاذا أثر حفر وإذا هو قد غيب العيبة

ف استخرجتها فقالوا نشهد أنه رسول الله فانه قد أخبرنا بأخذها وأنها قدردت

فرجعوا إلى النبى صلى الله عليه وسلم فأخبروه وجاء الغلام الذى خلفوه فأسلم . وأمر

النبى صلى الله عليه وسلم أبى بن كعب فعلمهم قرآنا وأجازهم صلى الله عليه وسلم

كما كان يجيز الوفود وانصرفوا .

* ( هامش ) * ( 1 ) نوعان من الشجر متشابهان .

( 2 ) العيبة مستودع الثياب . ( * )

ـ320ـ

ـ وفد النخع ـ

وقدم على رسول الله صلى الله عليه وسلم وفد النخع وهم آخر وفد . قدموا للنصف من المحرم

سنة إحدى عشرة في مائتى رجل فنزلوا دار الاضياف ثم جاؤوا رسول الله صلى الله عليه وسلم

مقرين بالاسلام وقد كانوا بايعوا معاذ بن جبل فقال رجل منهم يقال له زرارة بن

عمرو يا رسول الله إنى رأيت في سفرى هذا عجبا قال وما رأيت قال رأيت أتانا

تركتها في الحى كأنها ولدت جديا أسفع أحوى ( 1 ) فقال له رسول الله صلى الله عليه وسلم هل

تركت أمة لك مصرة على حمل قال نعم قال فانها قد ولدت غلاما وهو ابنك

قال يا رسول الله فما باله أسفع أحوى قال ادنى منى فدنا منه فقال هل بك من برص

تكتمه قال والذى بعثك بالحق ما علم به أحد ولا اطلع عليه غيرك . قال فهو ذلك

قال يا رسول الله ورأيت النعمان بن المنذر عليه قرطان ودملجان ومسكتان ( 2 ) قال

ذلك ملك العرب رجع إلى أحسن زيه وبهجته . قال يا رسول الله ورأيت عجوزا

شمطاء خرجت من الارض قال تلك بقية الدنيا قال ورأيت نارا خرجت من الارض

فحالت بينى وبين أبن لى يقال له عمرو وهى تقول لظى لظى بصير وأعمى أطعمونى

أكا ؟ ؟ ؟ أهلكم ومالكم قال رسول الله صلى الله عليه وسلم تلك فتنة تكون في آخر الزمان

قال يا رسول الله وما الفتنة قال يقال الناس إمامهم ويشتجرون اشتجار أطباق

الرأس - وخالف رسول الله صلى الله عليه وسلم بين أصابعه - يحسب المسئ فيها أنه

* ( هامش ) * ( 1 ) أسفع أى أسود مشربا حمرة . والاحوى الذى سواده ليس بخالص .

( 2 ) القرط الذى يعلق في شحمة الاذن . والدملج المعضد من الحلى . والمسكة السوار .

ـ321ـ

محسن ويكون دم المؤمن عند المؤمن أحل من شرب الماء وإن مات ابنك

............................................................................

- عيون الاثر مجلد: 2 من ص 321 سطر 1 الى ص 330 سطر 9

محسن ويكون دم المؤمن عند المؤمن أحل من شرب الماء وإن مات ابنك

أدركت الفتنة وإن مت أنت أدركها ابنك قال يا رسول الله ادع الله أن لا أدركها

فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم اللهم لا يدركها فمات وبقى ابنه وكان ممن خلع

عثمان . والمسك مفتوح الميم والسين المهملة الذبل والمسك الاسورة والخلاخل من

الذبل والقرون والعاج واحدته مسكة . قاله ابن سيده .

ـ ذكر بعثه صلى الله عليه وسلم إلى الملوك ـ

يدعوهم إلى الاسلام

بعث دحية الكلبى إلى قيصر ملك الروم . وعبدالله بن حذافة السهمى إلى كسرى

ملك فارس . وعمرو بن أمية الضمرى إلى النجاشى ملك الحبشة . وحاطب بن أبى

بلتعة إلى المقوقس صاحب الاسكندرية . وعمرو بن العاص إلى جيفر وعبد ابنى

الجلندى ملكى عمان ، وسليط بن عمرو العامرى إلى ثمامة بن أثال وهوذة بن على

الحنفيين ملكى اليمامة ، والعلاء بن الحضرمى إلى المنذر بن ساوى العبدى ملك

البحرين . وشجاع بن وهب الاسدى إلى الحارث بن أبى شمر الغسانى ملك تخوم

الشام ويقال بعثه إلى جبلة بن الايهم الغسانى ، و المهاجرين أبى أمية المخزومى إلى

الحارث بن عبد كلال الحميرى ملك اليمن .

ـ323ـ

ـ ذكر كتاب النبى صلى الله عليه وسلم إلى قيصر ـ

وما كان من خبر دحية معه

ذكر الواقدى من حديث ابن عباس ومن حديثه خرج في الصحيحين أن

رسول الله صلى الله عليه وسلم كتب إلى قيصر يدعوه إلى الاسلام وبعث بكتابه مع دحية

الكلبى وأمره أن يدفعه إلى عظيم بصرى ليدفعه إلى قيصر فدفعه عظيم بصرى

إلى قيصر وكان قيصر لما كشف الله عنه جنود فارس مشى من حمص إلى إيلياء

شكرا لله عزوجل فيما أبلاه من ذلك فلما جاء قيصر كتاب رسول الله صلى الله عليه

وسلم قال التمسوا لنا هاهنا من قومه أحدا نسألهم عنه . قال ابن عباس فأخبرنى

أبوسفيان بن حرب أنه كان بالشام في رجال من قريش قدموا تجارا وذلك في

الهدنة التى كانت بين رسول الله صلى الله عليه وسلم وبين كفار قريش قال فأتانا

رسول قيصر فانطلق بنا حتى قدمنا إيلياء فأدخلنا عليه فاذا هو جالس في مجلس

ملكه عليه التاج وحوله عظماء الروم فقال لترجمانه سلهم أيهم أقرب نسبا بهذا

الذى يزعم أنه نبى قال أبوسفيان فقلت أنا أقربهم نسبا وليس في الركب يومئذ

رجل من بنى عبد مناف غيرى قال قيصر ادنوه منى ثم أمر بأصحابى فجعلوا خلف

ظهرى ثم قال لترجمانه قل لاصحابه إنما قدمت هذا أمامكم لاسأله عن هذا الرجل

الذى يزعم أنه نبى وإنما جعلتكم خلف كتفيه لتردوا عليه كذبا إن قاله . قال أبو

سفيان فوالله لولا الحياء يومئذ أن يأثروا على كذبا لكذبت عليه ولكنى

ـ324ـ

استحييت فصدقت وأنا كاره ثم قال لترجمانه قل له كيف نسب هذا الرجل فيكم

قلت هو فينا ذو نسب قال قل له هل قال هذا القول أحد منكم قبله قلت لا قال

فهل كنتم تتهمونه بالكذب قبل أن يقول ما قال قلت لا قال هل كان من آبائه

ملك قلت لا قال فأشراف الناس يتبعونه أم ضعفاؤهم قلت بل ضعفاؤهم قال فهل

يزيدون أو ينقصون قلت بل يزيدون قال فهل يرتد أحد منهم سخطة لدينه بعد

أن يدخل فيه قلت لا قال فهل يغدر قلت لا ونحن الآن منه في مدة لاندرى ما هو

فاعل فيها قال فهل قاتلتموه قلت نعم قال فكيف حربكم وحربه قلت دول

وسجال ندال عليه مرة ويدال علينا أخرى قال يأمركم به قلت يأمرنا أن نعبد

الله وحده لا نشرك به شيئا وينهانا عما كان يعبد آباؤنا ويأمرنا بالصلاة والصدق

والعفاف والوفاء بالعهد وأداء الامانة فقال لترجمانه قل له إنى سألتك عن نسبه

فزعمت أنه فيكم ذو نسب وكذلك الرسل تبعث في نسب قومها وسألتك هل قال

هذا القول منكم أحد قبله فزعمت أن لا فلو كان أحد منكم قال هذا القول قبله

لقلت رجل يأتم بقول قيل قبله وسألتك هل كنتم تتهمونه بالكذب قبل أن

يقول ما قال فزعمت أن لا فقد عرفت أنه لم يكن ليدع الكذب على الناس

ويكذب على الله وسألتك هل كان من آبائه ملك قلت لا فقلت لو كان من

آبائه ملك قلت رجل يطلب ملك أبيه وسألتك أشراف الناس يتبعونه أم ضعفاؤهم

فقلت ضعفاؤهم وهم أتباع الرسل وسألتك هل يزيدون أو ينقصون فزعمت أنهم

يزيدون وكذلك الايمان حتى يتم وسألتك هل يرتد أحد سخطة لدينه بعد أن

يدخل فيه فزعمت أن لا وكذلك الايمان حين يخالط بشاشة القلوب لا يسخطه

أحد وسألتك هل قاتلتموه فقلت نعيم وأن حربكم وحربه دول وسجال يدال

عليكم مرة وتدالون عليه أخرى وكذلك الرسل تبتلى ثم تكون لهم العاقبة وسألتك

ـ325ـ

ماذا يأمركم به فزعمت أن يأمركم بالصلاة والصدق والعفاف والوفاء بالعهد وأداء

الامانة وهو نبى وقد كنت أعلم أنه خارج ولكن لم أظن أنه فيكم وإن كان

ما أتانى عنه حقا فيوشك أن يملك موضع قدمى هاتين ولو أعلم أنى أخلص اليه

لتجشمت لقيه ولو كانت عنده لغسلت قدميه . قال أبوسفيان ثم دعا بكتاب

رسول الله صلى الله عليه وسلم فقرئ فاذا فيه : بسم الله الرحمن الرحيم من محمد بن عبدالله إلى

هرقل عظيم الروم سلام على من اتبع الهدى أما بعد فانى أدعوك بدعاية الاسلام

أسلم تسلم وأسلم يؤتك الله أجرك مرتين فان توليت فان عليك إثم اليريسيين

ويا أهل الكتاب تعالوا إلى كلمة سواء بيننا وبينكم أن لا نعبد إلا الله ولا نشرك

به شيئا ولا يتخذ بعضنا بعضا أربابا من دون الله فان تولوا فقولوا اشهدوا بأنا

مسلمون . قال أبوسفيان فلام قضى مقالته وفرغ من الكتاب علت أصوات الذين

حوله وكثر لغطهم فلا أدرى ما قالوا وأمربنا فأخرجنا فلما خرجت أنا وأصحابى

وخلصنا قلت لهم قد أمر أمر ابن أبى كبشة هذا ملك بنى الاصفر يخافه قال فوالله

مازلت ذليلا مستيقنا أن أمره سيظهر حتى أدخل الله على الاسلام . ويروى في

خبر أبى سفيان أنه قال لقيصر لما سأله عن النبى صلى الله عليه وسلم أيها الملك ألا أخبرك عنه

خبرا نعرفه به أنه قد كذب قال وما هو قلت أنه زعم لنا أنه خرج من أرضنا

أرض الحرم في ليلة فجاء مسجد كم هذا مسجد إيلياء ( 1 ) ورجع الينا في تلك الليلة قبل

الصباح قال وبطريق إيلياء عند رأس قيصر فقال صدق قال وما علمك بهذا قال

إنى كنت لا أنام ليلة حتى أغلق أبواب المسجد فلما كانت تلك الليلة أغلقت

الابواب كلها غير باب واحد غلبنى فاستعنت عليه عمالى ومن يحضرنى فلم

نستطع أن نحركه كأنما نزاول جبلا فدعوت النجارين فنظروا اليه فقالوا هذا باب

* ( هامش ) * ( 1 ) أى بيت المقدس . ( * )

ـ326ـ

سقط عليه التحاف والبنيان فلا نستطيع أن نحركه حتى نصبح فننظر من أين أتى

فرجعت وتركت البايين مفتوحتين فلما أصبحت غدوت عليهما فاذا الحجر الذى

في زاوية المسجد منقوب وإذا فيه أثر مربط الدابة فقلت لاصحابى ما حبس هذا

الباب الليلة إلا على نبى وقد صلى الليلة في مسجد هذا فقال قيصر لقومه يامعشر

الروم ألستم تعلمون أن بين عيسى وبين الساعة نبيا بشركم به عيسى بن مريم

ترجون أن يجعله الله فيكم قالوا بلى قال فان الله قد جعله في غيركم في أقل منكم

عددا وأضيق منكم بلدا وهى رحمة الله عزوجل يضعها حيث يشاء . اليريسيون

دهاقين القرى وكانوا إذ ذاك مجوسا .

ـ327ـ

ـ ذكر توجه عبدالله بن حذافة السهمى إلى كسرى ـ

بكتاب النبى صلى الله عليه وسلم

ذكر الواقدى من حديث الشفاء بنت عبدالله أن رسول الله صلى الله عليه

وسلم بعث عبدالله بن حذافة السهمى منصرفه من الحديبية إلى كسرى وبعث

معه كتابا مختوما فيه : بسم الله الرحمن الرحيم من محمد رسول الله إلى كسرى عظيم

فارس سلام على من اتبع الهدى وآمن بالله ورسوله وشهد أن لا إله إلا الله وحده

لا شريك له وأن محمدا عبده ورسوله أدعوك بداعية الله فانى أنا رسول الله إلى

الناس كافة لينذر من كان حيا ويحق القول على الكافرين أسلم تسلم فان أبيت

فعليك إثم المجوس . قال عبدالله بن حذافة فانتهيت به إلى بابه فطلبت الاذن

عليه حتى وصلت اليه فدفعت اليه كتاب رسول الله صلى الله عليه وسلم فقرئ عليه فأخذه

ومزقه فلما بلغ ذلك رسول الله صلى الله عليه وسلم قال مزق ملكه . وذكر أيضا

من حديث أبى هريرة وغيره أن كسرى بينا هو في بيت كان يخلو فيه إذا رجل

قد خرج اليه وفى يده عصا فقال يا كسرى إن الله قد بعث رسولا وأنزل عليه

كتابا فأسلم تسلم واتبعه يبق لك ملكك قال كسرى أخر هذا عنى آثرا ما فدعا

حجابه وبوابيه فتواعدهم وقال من هذا الذى دخل على قالوا والله ما دخل عليك

ـ328ـ

أحد وما ضيعنا لك بابا ، ومكث حتى كان العام المقبل أتاه فقال له مثل ذلك

وقال الا تسلم أكسر العصا قال لا تفعل أخر ذلك آثرا ما ثم جاء العام المقبل

ففعل مثل ذلك وضرب بالعصا على رأسه فكسرها وخرج من عنده ويقال إن

ابنه قتله في تلك الليلة وأعلم الله بذلك رسوله صلى الله عليه وسلم لحدثان كونه

فأخبر رسول الله صلى الله عليه وسلم بذلك رسل باذان اليه وكان باذان عامل كسرى

على اليمن فلما بلغه ظهور النبى صلى الله عليه وسلم ودعاءه إلى الله كتب إلى باذان أن ابعث

 

إلى هذا الرجل الذى خالف دين قومه فمره فليرجع إلى دين قومه فان أبى فابعث

إلى برأ ؟ ؟ ؟ - ويروى وإلا فليوا عدك يوما تقتتلون فيه . فلما ورد كتابه إلى باذان

بعث بكتابه مع رجلين من عنده فلما قدما على رسول الله صلى الله عليه وسلم

أنزلهما وأمرهما بالمقام فأقاما أياما ثم أرسل اليهما رسول الله صلى الله عليه وسلم ذات غداة فقال

انطلقا إلى باذن فأعلماه أن ربى عزوجل قد قتل كسرى في هذه الليلة فانطلقا حتى

قدما على باذان فأخبراه بذلك فقال إن يكن الامر كما قال فوالله إن الرجل لنبى

وسيأتى الخبر بذلك إلى يوم كذا فأتاه الخبر بذلك فبعث باذان باسلامه وإسلام

من معه إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم . ويقال إن الخبر أتاه بمقتل كسرى

وهو مريض فاجتمعت اليه أساورته ( 1 ) فقالوا من تؤمر علينا فقال لهم ملك مقبل

وملك مدبر فاتبعوا هذا الرجل وادخلوا في دينه واسلموا . ومات باذان فبعث

رؤوسهم إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم وفدهم يعرفونه باسلامهم .

* ( هامش ) * ( 1 ) الاساورة للفرس جمع اسوار وهم الفرسان . ( * )

ـ329ـ

ـ ذكر إسلام النجاشى ـ

كتاب رسول الله صلى الله عليه وسلم اليه مع عمرو بن أمية الضمرى

ذكر ابن اسحق أن عمرا قال له يا أصحمة إن على القول وعليك الاستماع إنك

كأنك في الرقة علينا منا وكأنا في الثقة بك منك لانا لم نظن بك خيرا قط إلا نلناه

ولم تخفك على شئ قط إلا أمناه وقد أخذنا الحجة عليك من فيك الاتجيل بيننا

وبينك شاهد لايرد وقاض لا يجور وفى ذلك الموقع الحز وإصابة المفصل وإلا فأنت

في هذا النبى الامى كاليهود في عيسى بن مريم وقد فرق النبى صلى الله عليه وسلم

رسله إلى الناس فرجاك لما لم يرجهم له وأمنك على ما خافهم عليه لخير سالف وأجر

ينتظر فقال النجاشى أشهد بالله انه للنبى الذى تنتظره أهل الكتاب وأن بشارة

موسى براكب الحمار كبشارة عيسى براكب الجمل وأن العيان ليس بأشفى من

الخبر . وذكر الواقدى أن ذلك الكتاب : بسم الله الرحمن الرحيم من محمد رسول

الله إلى النجاشى ملك الحبشة سلم أنت فانى أحمد اليك الله الذى لا إله إلا هو

الملك القدوس السلام المؤمن المهيمن وأشهد أن عيسى بن مريم روح الله وكلمته

ألقاها إلى مريم البتول الطيبة الحصينة فحملت بعيسى فخلقة من روحه ونفخه

كما خلق آدم بيده وإنى أدعوك إلى الله وحده لا شريك له والموالاة على طاعته

وأن تتبعنى وتؤمن بالذى جاءنى فانى رسول الله وإنى أدعوك وجنودك إلى الله

عزوجل وقد بلغت ونصحت فاقبلوا نصيحتى والسلام على من اتبع الهدى .

ـ330ـ

فكتب اليه النجاشى : بسم الله الرحمن الرحيم إلى محمد رسول الله من النجاشى

أصحمة سلام عليك يا نبى الله من الله ورحمة الله وبركاته والله الذى لا إله إلا هو

أما بعد فقد بلغنى كتابك يا رسول الله فيما ذكرت من أمر عيسى فو رب السماء

والارض إن عيسى بن مريم لا يزيد على ما ذكرت ثفروقا إنه كما ذكرت . وقد

عرفنا ما بعثت به الينا وقد قربنا ابن عمك وأصحابه فأشهد أنك رسول الله صادقا

مصدقا وقد بايعتك وبايعت ابن عمك وأسلمت على يديه لله رب العالمين . الثفروق

علاقة ما بين النواة والقمع . وتوفى النجاشى سنة تسع بالحبشة وأخبر رسول الله صلى الله عليه وسلم

يموته يومه وخرج بالناس إلى المصلى فصلى عليه والناس خلفه صفوف وكبر عليه اربعا

ـ331ـ

ـ كتاب النبى صلى الله عليه وسلم إلى المقوقس ـ

 

............................................................................

- عيون الاثر مجلد: 2 من ص 331 سطر 1 الى ص 340 سطر 20

ـ كتاب النبى صلى الله عليه وسلم إلى المقوقس ـ

مع حاطب بن أبى بلتعة

بسم الله الرحمن الرحيم من محمد بن عبدالله االى المقوقس عظيم القبط سلام

على من اتبع الهدى أما بعد فانى أدعوك بداعية الاسلام أسلم تسلم وأسلم يؤتك

الله أجرك مرتين فان توليت فان عليك إثم القبط ويا أهل الكتاب تعالوا إلى

كلمة سواء بيننا وبينكم أن لا نعبد إلا الله ولا نشرك به شيئا ولا يتخذ بعضنا

بعضا أربابا من دون الله فان تولوا فقولوا اشهدوا بأنا مسلمون . وختم الكتاب

فخرج به حاطب حتى قدم عليه الاسكندرية فانتهى إلى حاجبه فلم يلبثه أن

أوصل اليه كتاب رسول الله صلى الله عليه وسلم . وقال حاطب للمقوقس لما لقيه

إنه قد كان قبلك رجل يزعم أنه الرب الاعلى فأخذه الله نكال الآخرة والاولى

فانتقم به ثم انتقم منه واعتبر بغيرك ولا يعتبر بك . قال هات قال إن لنا دينا

لن ندعه إلا لما هو خير منه وهو الاسلام الكافى به الله فقد ما سواه إن هذا النبى

صلى الله عليه وسلم دعا الناس فكان أشدهم عليه قريش وأعداهم له يهود وأقربهم منه

النصارى ولعمرى ما بشارة موسى بعيسى بن مريم إلا كبشارة عيسى بمحمد

صلى الله عليه وسلم وما دعاؤنا إياك إلى القرآن إلا كدعائك أهل النوراة إلى الانجيل وكل

نبى أدرك قوما فهم من أمته فالحق عليهم أن يطيعوه فأنت ممن أدرك هذا النبى

ولسنا ننهاك عن دين المسيح ولكنا نأمرك به فقال المقوقس إنى قد نظرت

ـ332ـ

في أمر هذا النبى فوجدته لا يأمر ؟ ؟ ؟ هود فيه ولا ينهى إلا عن مرغوب عنه ولم أجده

بالساحر الضال ولا الكاهن الكاذب ووجدت معه آلة النبوة باخراج الخبى

والاخبار بالنجوى وسأنظر . وأخذ كتاب النبى صلى الله عليه وسلم فجعله في حق من عاج وختم

عليه ودفعه إلى جارية له ثم دعا كاتبا له يكتب بالعربية فكتب إلى النبى صلى

الله عليه وسلم : بسم الله الرحمن الرحيم لمحمد بن عبدالله من المقوقس عظيم

القبط سلام أما بعد فقد قرأت كتابك وفهمت ما ذكرت فيه وما تدعو اليه وقد

علمت أن نبيا بقى وكنت أظن أنه يخرج بالشام وقد أكرمت رسولك وبعثت اليك

بجاريتين لهما مكان في القبط عظيم وبكسوة وأهديت لك بغلة لتركبها والسلام

عليك . ولم يزد على هذا . ولم يسلم الجاريتان مارية وسيرين والبغلة دلدل بقيت إلى

زمن معاوية وكانت شهباء . وذكر الواقدى في هذا الخبر أن المقوقس وصف

لحاطب أشياء من صفة النبى صلى الله عليه وسلم وقال القبط لا يطاوعونى في اتباعه ولا أحب

أن تعلم بمحاورتى إياك وأنا أضمن بملكى أن أفارقه وسيظهر على البلاد وينزل

بساحتنا هذه أصحابه من بعده حتى تظهر على من هاهنا فارجع إلى صاحبك فقد

أمرت له بهدايا وجاريتين أختين وبغلة من مراكبى وألف مثقال ذهبا وعشرين

ثوبا وغير ذلك وأمرت لك بمائة دينار وخمسة أثواب فارحل من عندى ولا تسمع

منك القبط حرفا واحدا فرحلت من عنده وقد كان لى مكرما في الضيافة وقلة اللبث

ببابه ما أقمت عنده إلا خمسة أيام . وإن الوفود وفود العجم ببابه منذشهر وأكثر .

قال حاطب فذكرت قوله لرسول الله صلى الله عليه وسلم فقال ضن الخبيث بملكه ولا بقاء

لملكه . قال الدارقطنى اسمه جريج بن ميناء أثبته أبوعمر في الصحابة ثم أمر بأن

يضرب عليه . وقال يغلب على الظن أنه لم يسلم . وكانت شبهته في إثباته إياه في

الصحابة أولا رواية رواها ابن إسحق عن الزهرى عن عبيدالله بن عبدالله بن عتبة

قال : أخبرنى المقوقس أنه أهدى لرسول الله صلى الله عليه وسلم قدحا من قوارير فكان يشرب فيه .

ـ333ـ

ـ كتاب رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى المنذر بن ساوى العبدى ـ

مع العلاء بن الحضرمى بعد انصرافه من الحديبية

ذكر الواقدى باسناد له عن عكرمة قال : وجدت هذا الكتاب في كتب ابن

عباس بعد موته فنسخته فاذا فيه بعث رسول الله صلى الله عليه وسلم العلاء بن

الحضرمى إلى المنذر بن ساوى وكتب اليه رسول الله صلى الله عليه وسلم كتابا يدعوه فيه

إلى الاسلام فكتب المنذر إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم أما بعد يا رسول

الله فانى قرأت كتابك على أهل البحرين فمنهم من أحب الاسلام وأعجبه

ودخل فيه ومنهم من كرهه وبأرضى مجوس ويهود فأحدث إلى في ذلك أمرك

فكتب اليه رسول الله صلى الله عليه وسلم بسم الله الرحمن الرحيم من محمد رسول الله إلى

المنذر بن ساوى سلام عليك فانى أحمد اليك الله الذى لا إله إلا هو وأشهد أن

لا إله إلا الله وأن محمدا عبده ورسوله . أما بعد فانى أذكرك الله عزوجل فانه من

ينصح فانما ينصح لنفسه فانه من يطع رسلى ويتبع أمرهم فقد أطاعنى ومن نصح

لهم فقد نصح لى وإن رسلى قد أثنوا عليك خيرا وإنى قد شفعتك في قومك فاترك

للمسلمين ما أسلموا عليه وعفوت عن أهل الذنوب فاقبل منهم وإنك مهما تصلح

فلن نعزلك عن عملك ومن أقام على يهودية أو مجوسية فعليه الجزية . أسلم المنذر

هذا بكتاب رسول الله صلى الله عليه وسلم وحسن إسلامه ومات قبل ردة أهل البحرين . وذكر

ابن قانع أنه وفد على النبى صلى الله عليه وسلم . قال أبوالربيع بن سالم ولا يصح ذلك .

ـ334ـ

ـ كتاب النبى صلى الله عليه وسلم إلى جيفر وعبد ـ

ابنى الجلندى الازديين ملكى عمان مع عمرو بن العاص

بسم الله الرحمن الرحيم من محمد بن عبدالله إلى جيفر وعبد ابنى الجلندى .

سلام على من اتبع الهدى ، أما بعد فانى أدعو كما بداعية الاسلام أسلما

تسلما فانى رسول الله إلى الناس كافة لانذر من كان حيا ويحق القول على

الكافرين . وإنكما إن أقررتما بالاسلام وليتكما وإن أبيتما أن تقرا بالاسلام فان

ملككما زائل عنكما وخيل تحل بساحتكما وتظهر نبوتى على ملككما . وكتب

أبى بن كعب وختم رسول الله صلى الله عليه وسلم الكتاب . قال عمرو ثم خرجت

حتى انتهيت إلى عمان فلما قدمتها عمدت إلى عبد وكان أحلم الرجلين وأسهلهما

خلقا فقلت إنى رسول رسول الله اليك وإلى أخيك فقال أخى المقدم على بالسن

والملك وأنا أوصلك اليه حتى يقرأ كتابك تم ؟ ؟ ؟ وما تدعو اليه قلت أدعوك

إلى الله وحده لا شريك له وتخلع ما عبد من دونه وتشهد أن محمدا عبده ورسوله

قال يا عمرو إنك ابن سيد قومك فكيف صنع أبوك فان لنا فيه قدوة فقلت مات

ولم يؤمن بمحمد صلى الله عليه وسلم ووددت أنه كان أسلم وصدق به وقد كنت أنا على مثل

رأيه حتى هدانى الله للاسلام قال فمتى تبعته قلت قريبا فسألنى أين كان إسلامى

فقلت عند النجاشى وأخبرته أن النجاشى قد أسلم قال فكيف صنع قومه بملكه

قلت أقروه واتبعوه قال والاساقفة والرهبان اتبعوه قلت نعم قال انظر يا عمرو ما تقول

ـ335ـ

إنه ليس من خصلة في رجل أفضح له من كذب قلت ما كذبت وما نستحله

في ديننا . ثم قال ما أرى هر قل علم باسلام النجاشى قلت بلى قال بأى شئ علمت

ذلك قلت كان النجاشى يخرج له خرجا فلما أسلم وصدق بمحمد صلى الله عليه وسلم قال لا

والله ولو سألنى درهما واحدا ما أعطيته فبلغ هرقل قوله فقال له يناق أخوه أتدع

عبدك لا يخرج لك خرجا ويدين دينا محدثا قال هر قل رجل رغب في دين

واختاره لنفسه ما أصنع به والله لو لا الضن بملكى لصنعت كما صنع . قال انظر

ما تقول يا عمرو قلت والله صدقتك . قال عبد فأخبرنى ما الذى يأمر به وينهى عنه

قلت يأمر بطاعة الله عزوجل وينهى عن معصيته ويأمر بالبر وصلة الرحم وينهى

عن الظلم والعدوان وعن الزنا وشرب الخمر وعن عبادة الحجر والوثن والصليب فقال

ما أحسن هذا الذى يدعو اليه لو كان أخى يتابعنى لركبنا حتى نؤمن بمحمد

ونصدق به ولكن أخى أضن بملكه من أن يدعه ويصير ذنبا قلت إنه إن أسلم

ملكه رسول الله صلى الله عليه وسلم على قومه فأخذ الصدقة من غنيهم فردها

على فقيرهم . قال إن هذا الخلق حسن وما الصدقة فأخبرته بما فرض رسول الله

صلى الله عليه وسلم من الصدقات في الاموال حتى انتهيت إلى الابل فقال يا عمرو تؤخذ من

سوائم مواشينا التى ترعى الشجر وترد المياه قلت نعم فقال والله ما أرى قومى في

بعد دارهم وكثرة عددهم يطيعون بهذا . قال فمكثت ببابه أياما وهو يصل

إلى أخيه فيخبره كل خبرى . ثم إنه دعانى يوما فدخلت عليه فأخذ أعوانه بضبعى

فقال دعوه فأرسلت فذهبت لاجلس فأبوا أن يدعونى أجلس فنظرت اليه فقال

تكلم بحاجتك فدفعت اليه الكتاب مختوما ففض خاتمه فقرأه حتى انتهى إلى

آخره نم دفعه إلى فقرأه مثل قراءته إلا أنى رأيت أخاه أرق منه . ثم قال ألا

تخبرنى عن قريش كيف صنعت فقلت تبعوه إما راغب في الدين وإما مقهور

ـ336ـ

بالسيف قال ومن معه قلت الناس قد رغبوا في الاسلام واختاروه على غيره وعرفوا

بعقولهم مع هدى الله إياهم أنهم كانوا في ضلال فما أعلم أحدا بقى غيرك في هذه

الحرجة وأنت إن تسلم اليوم وتتبعه يوطئك الخيل ويبيد خضراءك فأسلم تسلم

ويستعملك على قومك ولا تدخل عليك الخيل والرجال . قال دعنى يومى هذا

وارجع إلى غدا فرجعت إلى أخيه فقال يا عمرو إنى لارجو أن يسلم إن لم يضن

 

بملكه حتى إذا كان الغد أتيت اليه فأبى أن يأذن لى فانصرفت إلى أخيه فأخبرته

أنى لم أصل اليه فأوصلنى اليه فقال إنى فكرت فيما دعوتنى اليه فاذا أنا أضعف

العرب إن ملكت رجلا ما في يدى وهو لا تبلغ خيله هاهنا ، وإن بلغت خيله

ألفت قتالا ليس كقتال من لاقى . قلت وأنا خارج غدا فلما أيقن بمخرجى خلابه

أخوه فقال ما نحن فيما قد ظهر عليه وكل من أرسل اليه قد أجابه فأصبح فأرسل

إلى فأجاب إلى الاسلام هو وأخوه جمعيا وصدقا النبى صلى الله عليه وسلم وخليا بينى وبين الصدقة

وبين الحكم فيما بينهم . وكانا لى عونا على من خالفنى .

ـ337ـ

ـ كتاب النبى صلى الله عليه وسلم إلى هوذة بن على ـ

الحنفى صاحب اليمامة مع سليط بن عمرو العامرى

بسم الله الرحمن الرحيم من محمد رسول الله إلى هوذة بن على سلام على من اتبع

الهدى واعلم أن دينى سيظهر إلى منتهى الخف والحافر أسلم تسلم وأجعل لك

ما تحت يديك . فلما قدم عليه سليط بكتاب النبى صلى الله عليه وسلم مخنوما أنزله

وحباه وقرأ عليه الكتاب فرد ردا دون رد وكتب إلى النبى صلى الله عليه وسلم ما أحسن

ما تدعو اليه وأجمله وأنا شاعر قومى وخطيبهم والعرب تهاب مكانى فاجعل إلى

بعض الامر أتبعك . وأجاز سليطا بجائزة وكساه أثوابا من نسج هجر فقدم بذلك

على النبى صلى الله عليه وسلم فأخبره . وقرأ النبى صلى الله عليه وسلم كتابه وقال لو سألنى سبابة ( 1 )

من الارض ما فعلت باد وباد ما في يديه . فلما انصرف النبى صلى الله عليه وسلم

من الفتح جاءه جبريل عليه السلام بأن هوذة قد مات فقال صلى الله عليه

وسلم أما إن اليمامة سيخرج بها كذاب يتنبأ يقتل بعدى فقال قائل يا رسول الله من

يقتله فقال له رسول الله صلى الله عليه وسلم أنت وأصحابك فكان كذلك . وفيما ذكر الواقدى

أن أركون دمشق عظيم من عظماء النصارى كان عند هوذة فسأله عن النبى صلى الله عليه وسلم

فقال جاءنى كتابه يدعونى إلى الاسلام فلم أجبه قال الاركون لم لا تجيبه فقال

ضننت بدينى وأنا ملك قومى ولئن تبعته لم أملك قال بلى والله لئن اتبعته ليملكنك

وإن الخيرة لك في اتباعه . وإنه للنبى العربى الذى بشر به عيسى بن مريم وإنه

لمكتوب عندنا في الانجيل محمد رسول الله . وذكر باقى الخبر .

* ( هامش ) * ( 1 ) السبابة : البلحة . ( * )

ـ338ـ

ـ كتاب النبى صلى الله عليه وسلم إلى الحرث بن أبى شمر الغسانى ـ

مع شجاع بن وهب

ذكر الواقدى أن رسول الله صلى الله عليه وسلم بعث شجاعا إلى الحارث

ابن أبى شمر وهو بغوطة دمشق فكتب اليه مرجعه من الحديبية بسم الله الرحمن

الرحيم من محمد رسول الله إلى الحرث بن أبى شمر سلام على من اتبع الهدى وآمن

به وصدق وإنى أدعوك إلى أن تؤمن بالله وحده لا شريك له يبقى لك ملك .

فختم الكتاب وخرج به شجاع بن وهب قال فانتهيت إلى حاجبه فأجده يومئذ

وهو مشغول بتهيئة الانزال والالطاف لقيصر وهو جائى من حمص إلى إيلياه حيث

كشف الله عنه جنود فارس شكرا لله تعالى . فأقمت على بابه يومين أو ثلاثة

فقلت لحاجبه إنى رسول رسول الله صلى الله عليه وسلم اليه فقال حاجبه لا تصل

اليه حتى يخرج يوم كذا وكذا . وجعل حاجبه وكان روميا اسمه مرى يسألنى عن

رسول الله صلى الله عليه وسلم وما يدعو اليه فكنت أحدثه فيرق حتى يغلبه

البكاء ويقول إنى قرأت في الانجيل وأجد صفة هذا النبى صلى الله عليه وسلم

بعينه فكنت أراه يخرج بالشام فأراه قد خرج بأرض القرظ فأنا أؤمن به وأصدقه

وأنا أخاف من الحارث بن أبى شمر أن يقتلنى قال شجاع فكان يعنى هذا الحاجب

يكرمنى ويحسن ضيافتى ويخبرنى عن الحارث باليأس منه ويقول هو يخاف قيصر

قال فخرج الحارث يوما وجلس فوضع التاج على رأسه فأذن لى عليه فدفعت اليه

كتاب رسول الله صلى الله عليه وسلم فقرأه ثم رمى به . وقال من ينتزع منى ملكى أنا سائر

ـ339ـ

اليه ولو كان باليمن جئته على بالناس فلم يزل جالسا يعرض حتى الليل . وأمر

بالخيل أن تنعل ثم قال اخبر صاحبك بما ترى وكتب إلى قيصر يخبره خبرى

فصادف قيصر بايلياء وعنده دحية الكلبى وقد بعثه اليه رسول الله صلى الله عليه وسلم فلما

قرأ قيصر كتاب الحارث كتب اليه ألا تسر اليه واله عنه ووافنى بايلياء . قال

ورجع الكتاب وأنا مقيم فدعانى وقال متى تريد أن تخرج إلى صاحبك قلت غدا

فأمر لى بمائة مثقال ذهبا ووصلنى مرى بنفقة وكسوة وقال اقرأ على رسول الله صلى

الله عليه وسلم منى السلام وأخبره أنى متبع دينه . قال شجاع فقدمت على النبى

صلى الله عليه وسلم فأخبرته فقال باد ملكه وأقرأته من مرى السلام وأخبرته بما

قال فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم صدق . وابن هشام يقول بأن المرسل اليه جبلة بن الايهم

بدل الحارث بن أبى شمر . وقد تقدم فيما ذكرناه عن ابن إسحق كتاب النبى صلى

الله عليه وسلم إلى الحرث بن عبد كلال ومن معه باليمن .

ـ340ـ

ـ سرية على بن ابى طالب إلى اليمن ـ

قال ابن سعد يقال مرتين احداهما في شهر رمضان سنة عشر من مهاجره

وعقد له لواء وعممه بيده وقال امض ولا تلتفت فاذا نزلت بساحتهم فلا تقاتلهم

حتى يقاتلونك . فخرج في ثلاثماة فارس وكانت أول خيل دخلت إلى تلك البلاد

وهى بلاد مذحج ففرق أصحابه فأتوا بنهب غنائم وأطفال ونساء وشاء وغير ذلك

وجعل على على الغنائم بريدة بن الحصيب الاسلمى فجمع اليه ما اصابوا ثم لقى جمعهم

فدعاهم إلى الاسلام فأبوا ورموا بالنبل والحجارة فصف أصحابه ودفع لواءه إلى

مسعود بن سنان السلمى ثم حمل عليهم على بأصحابه فقتل منهم عشرين رجلا

فتفرقوا وانهزموا فكف عن طلبهم ثم دعاهم إلى الاسلام فأسرعوا وأجابوا وتابعه

نفر من رؤسائهم على الاسلام وقالوا نحن على من وراءنا من قومنا وهذه صدقاتنا

فخذ منها حق الله وجمع على الغنائم فجرأها على خمسة اجزاء فكتب في سهم منها لله

وأقرع عليها فخرج أول السهام سهم الخمس وقسم على على اصحابه بقية الغنم ثم

قفل فوافى النبى صلى الله عليه وسلم بمكة وقد قدمها للحج سنة عشر . قال الرشاطى

وفى الحديث أن رسول الله صلى الله عليه وسلم بعث على بن أبى طالب في سرية

إلى اليمن وذلك في شهر رمضان سنة عشر من الهجرة فأسلت همدان كلها في يوم

واحد وكتب بذلك إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فلما قرأ كتابه خر لله

ساجدا ثم جلس فقال السلام على همدان وتتابع أهل اليمن على الاسلام . انتهى

كلام الرشاطى ويشبه ان تكون هذه هى السرية الاولى وما في الاصل هو السرية .

الثانية والله اعلم .

ـ341ـ

ـ حجة الوداع ـ

............................................................................

- عيون الاثر مجلد: 2 من ص 341 سطر 1 الى ص 350 سطر 21

ـ حجة الوداع ـ

قال الفقيه الحافظ أبومحمد على بن أحمد بن سعيد الفارسى ( 1 ) أعلم عليه السلام الناس

انه حاج ثم أمر بالخروج معه فأصاب الناس بالمدينة جدرى أو حصبة منعت من

شاء الله تعالى ان تمنع من الحج معه فأعلم رسول الله صلى الله عليه وسلم ان عمرة

في رمضان تعدل حجة وخرج رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى مكة عام حجة

الوداع التى لم يحج من المدينة منذ هاجر عليه السلام اليها غيرها فأخذ على طريق .

الشجرة وذلك يوم الخميس لست بقين من ذى القعدة سنة عشر نهارا بعد أن ترجل

وادهن وبعد أن صلى الظهر بالمدينة وصلى العصر من ذلك اليوم بذى الحليفة ليلة

الجمعة وطاف تلك الليلة على نسائه ثم اغتسل ثم صلى بها الصبح ثم طيبته عائشة ام

المؤمنين رضى الله عنها بيدها بذريرة ( 2 ) وبطيب فيه مسك ثم أحرم ولم يغسل الطيب

ثم لبد رأسه وقلد بدنته نعلين وأشعرها في جانبها الايمن وسلت ( 3 ) الدم عنبها وكانت هدى .

تطوع وكان عليه السلام ساق الهدى مع نفسه ثم ركب راحلته وأهل حين انبعثت

به من عند المسجد مسجد ذى الحليفة بالقرآن بالعمرة والحج معا وذلك قبل الظهر

بيسير وقال للناس بذى الحليفة من أراد منكم أن يهل بحج وعمرة فليفعل ومن

* ( هامش ) * ( 1 ) هو ابن حزم .

( 2 ) نوع من الطيب مجموع من أخلاط .

( 3 ) أى مسح . ( * )

ـ342ـ

أراد أن يهل بحج فليهل ومن أراد أن يهل بعمرة فليهل . وكان معه عليه السلام من الناس

جموع لايحصيها إلا خالقهم ورازقهم عزوجل . ثم لبى رسول الله صلى الله عليه وسلم

فقال لبيك اللهم لبيك لا شريك لك لبيك إن الحمد والنعمة لك والملك

لاشريك لك . وقد روى أنه عليه السلام زاد على ذلك فقال لبيك إله الخلق

وأتاه جبريل صلى الله عليه وسلم وأمره أن يأمر أصحابه أن يرفعوا أصواتهم بالتلبية . وولدت

اسماء بنت عميس الخثعمية زوج ابى بكر الصديق رضى الله عنه محمد بن أبى بكر

فأمرها رسول الله صلى الله عليه وسلم أن تغتسل وتستثفر ( 1 ) بثوب وتحرم وتهل ثم نهض عليه

السلام وصلى الظهر بالبيداء ثم تمادى واستهل هلال ذى الحجة ليلة الخميس ليلة

اليوم الثامن من خروجه من المدينة فلما كان بسرف حاضت عائشة رضى الله عنها

وكانت قد أهلت بعمرة فأمرها رسول الله صلى الله عليه وسلم أن تغتسل وتنقض

رأسها وتمتشط وتترك العمرة وتدعها وترفضها ولم تحل منها وتدخل على العمرة حجا

وتعمل جميع أعمال الحج حاشى الطواف بالبيت مالم تطهر . وقال عليه السلام

وهوبسرف للناس من لم يكن منكم معه هدى وأراد أن يجعلها عمرة فليفعل ومن

كان معه هدى فلا . فمنهم من جعلها عمرة كما أبيح له ومنهم من تمادى على نية

الحج ولم يجعلها عمرة وهذا فيمن لاهدى معه وأما من معه الهدى فلم يجعلها عمرة

أصلا . وأمر عليه السلام في بعض طريقه ذلك من كان معه هدى ان يهل بالقران

بالحج والعمرة معا ثم نهض عليه السلام إلى أن نزل بذى طوى فبات بها ليلة

الاحد لاربع خلون لذى الحجة فصلى الصبح بها ودخل مكة نهارا من أعلاها من

كداء من الثنية العليا صبيحة يوم الاحد المذكور المؤرخ فاستلم الحجر الاسود

وطاف رسول الله صلى الله عليه وسلم بالكعبه سبعا ورمل ثلاثا منها ومشى أربعا

* ( هامش ) * ( 1 ) أى تشد على فرجها بخرقة عريضة بعد أن تحتشى قطنا فتمنع سيل الدم . ( * )

ـ343ـ

يستلم الحجر الاسود والركن اليمانى في كل طوفة ولا يمس الركنين الآخرين اللذين

في الحجر وقال بينهما ( ربنا آتنا في الدنيا حسنة وفى الآخرة حسنة وقنا عذاب

النار ) ثم صلى عند مقام ابراهيم عليه السلام ركعتين يقرأ فيهما مع أم القرآن ( قل يا أيها

الكافرون ) و ( قل هوالله أحد ) جعل المقام بينه وبين الكعبة وقرأ عليه السلام اذا

أتى المقام ( واتخذوا من مقام ابراهيم مصلى ) ثم رجع إلى الحجر الاسود فاستلمه ثم

خرج إلى الصفا فقرأ ( إن الصفا والمروة من شعائر الله ) أبدأ بما بدأ الله به فطاف

بين الصفا والمروة أيضا سبعا راكبا على بعيره يخب ثلاثا ويمشى أربعا اذا رقى الصفا

استقبل القبلة ونظر إلى البيت ووحد الله وكبره وقال لا إله إلا الله وحده انجز وعده

ونصر عبده وهزم الاحزاب وحده ثم يدعو ثم يفعل على المروة مثل ذلك . فلما

اكمل عليه السلام الطواف والسعى أمر كل من لا هدى معه بالاحلال قارنا كان

أومفردا وإن بحلوا الحل كله من وطئ النساء والطيب والمخيط وأن يبقوا كذلك

إلى يوم التروية وهو يوم منى فيهلوا حينئذ بالحج ويحرموا عند نهوضهم إلى منى

وأمر من معه الهدى بالبقاء على إحرامهم وقال لهم عليه السلام حينئذ اذ تردد

بعضهم لو استقبلت من أمرى ما استد برت ما سقت الهدى حتى أشتريه ولجعلتها

عمرة ولاحللت كما أحللتم ولكنى سقت الهدى فلا أحل حتى انحر الهدى وكان

أبوبكر وعمر وطلحة والزبير وعلى ورجال من أهل الوفر ( 1 ) ساقوا الهدى فلم يحلوا وبقوا

؟ ؟ ؟ كما بقى هوعليه السلام محرما لانه كان ساق الهدى مع نفسه وكن أمهات المؤمنين

لم يسقن هديا فأحللن وكن قارنات حجا وعمرة وكذلك فاطمة ابنة النبى صلى الله عليه وسلم

وأسماء بنت أبى بكر الصديق أحلتا حاشى عائشة رضى الله عنها من أجل حيضها

لم تحل كما ذكرنا وشكا على فاطمة إلى النبى صلى الله عليه وسلم اذ حلت وصدقها

* ( هامش ) * ( 1 ) الوفر : المال الكثير . ( * )

ـ344ـ

عليه السلام في انه امرها بذلك وحينئذ سأله سراقة بن مالك بن جعشم الكنانى

فقال يا رسول الله متعتنا هذه لعامنا هذا أم للابد ولنا أم للابد فشبك عليه

السلام اصابعه وقال بل لابد الابد دخلت العمرة في الحج إلى يوم القيامة . وأمر

عليه السلام من جاء إلى الحج على غير الطريق التى اتى عليه السلام عليها ممن أهل

باهلال كاهلاله بأن يبقوا على حالهم فمن ساق منهم الهدى لم يحل فكان على في

أهل هذه الصفة ومن كان منهم لم يسق الهدى أن يحل فكان ابوموسى

الاشعرى من أهل هذه الصفة وأقام عليه السلام بمكة محرما من أجل هديه يوم

الاحد المذكور والاثنين والثلاثاء والاربعاء وليلة الخميس ثم نهض صلى الله عليه وسلم بكرة يوم

الخميس وهو يوم منى ويوم التروية مع الناس إلى منى وفى ذلك الوقت أحرم بالحج

من الابطح كل من كان احل من أصحابه رضى الله عنهم فأحرموا في نهوضهم إلى

منى في اليوم المذكور فصلى رسول الله صلى الله عليه وسلم بمنى الظهر من يوم الخميس

المذكور والعصر والمغرب والعشاء الآخرة وبات بها ليلة الجمعة وصلى بها الصبح

من يوم الجمعة ثم نهض عليه السلام بعد طلوع الشمس من يوم الجمعة المذكور إلى عرفة

بعد أن أمر عليه السلام بأن تضرب له قبة من شعر بنمرة فأتى عليه السلام عرفة

ونزل في قبته التى ذكرنا حتى إذا زالت الشمس أمر بناقته القصواء فر حلت تم

أتى بطن الوادى فخطب على راحلته خطبة ذكر فيها عليه السلام تحريم الدماء

والاموال والاعراض ووضع فيها أمور الجاهلية ودماءها واول ما وضع دم ابن ربيعة

بن الحرث ابن ع بدالمطلب كان مسترضعا في بنى سعد بن بكر فقتله هذيل . وذكر

النسابون أنه كان صغيرا يحبو امام البيوت وكان اسمه آدم فأصابه حجر عائر أو

سهم غرب من يد رجل من بنى هذيل فمات .

ـ345ـ

ثم ترجع إلى وصف عمله عليه السلام

ووضع أيضا عليه السلام في خطبته بعرفة ربا الجاهلية واول ربا وضعه ربا عمه

العباس رضى الله عنه وأوصى بالنساء خيرا وأباحهم ضربهن غير مبرح إن عصين

بما لا يحل وقضى لهن بالرزق والكسوة بالمعروف على أزواجهن وأمر بالاعتصام

بعده بكتاب الله عزوجل وأخبر أنه لا يضل من اعتصم به وأشهد الله عزوجل

على الناس أنه قد بلغهم ما يلزمه فاعترف الناس بذلك وأمر عليه السلام أن يبلغ

ذلك الشاهد الغائب وبعثت اليه أم الفضل بنت الحارث الهلالية وهى ام عبدالله بن

العباس لبنا في قدح فشر به عليه السلام أمام الناس وهو على بعيره فعلموا أنه صلى الله

عليه وسلم لم يكن صائما في يومه ذلك فلما أتم الخطبة المذكورة أمر بلالا فأذن ثم أقام

فصلى الظهر ثم أقام فصلى العصر ولم يصل بينهما شيئا لكن صلاهما عليه السلام

بالناس مجموعتين في وقت الظهر بأذان واحد لهما معا وباقامتين لكل صلاة

منهما إقامة ثم ركب عليه السلام راحلته حتى أتى الموقف فاستقبل القبلة وجعل

جبل المشاة بين يديه فلم يزل واقفا للدعاء وهنالك سقط رجل من المسلمين عن

راحلته وهو محرم في جملة الحجيج فمات فأمر رسول الله صلى الله عليه وسلم بأن يكفن في ثوبيه

ولا يمس بطيب ولا يحنط ولا يغطى رأسه ولا وجهه . وأخبر عليه السلام أنه

يبعث يوم القيامة ملبيا وسأله قوم من أهل نجد هنالك عن الحج فأعلمهم عليه

السلام بوجوب الوقوف بعرفة ووقت الوقوف بها وأرسل إلى الناس أن يقفوا على

مشاعرهم فلم يزل عليه السلام واقفا حتى غربت الشمس من يوم الجمعة المذكور

ـ346ـ

ودهبت الصفرة أردف أسامة بن زيد خلفه ودفع عليه السلام وقد ضم زمام

القصواء ناقته حتى أن رأسها ليصيب طرف رحله ثم مضى يسير العنق فاذا وجد

فجوة نص - وكلاهما ضرب من السير والنصر آكد هما والفجوة الفسحة من الناس -

كلما أتى ربوة من تلك الروابى أرخى للناقة زمامها قليلا حتى يصعدها وهو عليه

السلام يأمر الناس بالسكينة في السير . فلما كان في الطريق عند الشعب الايسر

نزل عليه السلام فيه فقال وتوضأ وضوءا خفيفا وقال لاسامة المصلى

أمامك . أو كلاما هذا معناه ثم ركب حتى أتى المزد لفة ليلة السبت العاشر من ذى

الحجة فتوضأ ثم صلى بها المغرب والعشاء الآخرة مجموعتين في وقت العشاء الآخرة دون

خطبة لكن بأذان واحد لهما معا وباقامتين لكل صلاة منهما إقامه ولم يصل بينهما

شيئا ثم اضطجع عليه السلام بها حتى طلع الفجر فقام وصلى الفجر بالناس بمزدلفة

يوم السبت المذكور وهو يوم النحر وهو يوم الاضحى وهو يوم العيد وهو يوم الحج

الاكبر مغلسا أول انصداع الفجر . وهناك سأله عروة بن مضرس الطائى وقد ذكر

له عمله أله حج فقال له عليه السلام إن من أدرك الصلاة يعنى صلاة الصبح بمزدلفة

في ذلك اليوم مع الناس فقد أدرك الحج وإلا فلم يدركه واستأذنته سودة وأم

حبيبة في أن يدفعا من مزدلفة ليلا فأذن لهما ولام سلمة في ذلك وهن أمهات المؤمنين

رضى الله عنهن وأذن أيضا عليه السلام للنساء والضعفاء في ذلك بعد وقوف

جمعهم بمزدلفة وذكر هم الله تعالى بها . إلا أنه عليه السلام أذن للنساء في الرمى

بليل ولم يأذن للرجال في ذلك لا لضعفائهم ولا لغير ضعفائهم وكان ذلك اليوم يوم

كونه عليه السلام عند أم سلمة فلما صلى عليه السلام الصبح كما ذكرنا بمزدلفة

أتى المشعر الحرام بها فاستقبل الثقبلة فدعا الله عزوجل وكبر وهلل ووحد ولم

يزل واقفا بها حتى أسفر جدا وقبل أن تطلع الشمس فدفع عليه السلام حينئذ من

ـ347ـ

مزدلفة وقد أردف الفضل بن عباس وانطلق أسامة على رجليه في سباق قريش

وهنالك سألت الخثعمية النبى عليه السلام الحج عن أبيها الذى لا يطيق الحج فأمرها

أن تحج عنه وجعل عليه السلام يصرف بيده وجه الفضل بن عباس عن النظر

اليها والى النساء وكان الفضل أبيض وسيما وسأله أيضا عليه السلام رجل عن مثل

ما سألت الخثعمية فأمر عليه السلام بذلك ونهض عليه السلام يريد منى فلما أتى

بطن محسر حرك ناقته قليلا وسلك عليه السلام الطريق الوسطى التى تخرج على

الجمرة الكبرى حتى أتى منى فأتى الجمرة التى عند الشجرة وهى جمرة العقبة فرماها

عليه السلام من أسفلها بعد طلوع الشمس من اليوم المؤرخ بحصى التقطها له عبدالله

ابن عباس من موقفه الذى رمى فيه مثل حصى الخذف وأمر بمثلها ونهى عن أكبر

منها وعن الغلو في الدين فرماها عليه السلام وهو على راحلته بسبع حصيات كما

ذكرنا يكبر مع كل حصاة منها وحينئذ قطع عليه السلام التلبية ولم يزل يلبى حتى رمى

جمرة العقبة التى ذكرنا ورماها عليه السلام راكبا وبلال وأسامة أحدهما يمسك

بخطام ناقته عليه السلام والآخر يظله بثوبه من الحر . وخطب عليه السلام الناس

في اليوم المذكور وهو يوم النحر بمنى خطبة كررها أيضافيها تحريم الدماء والاموال

والاعراض والابشار وأعلمهم عليه السلام فيها بتحريم يوم النحر وحرمة

مكة على جميع البلاد وأمر بالسمع والطاعة لمن قام بكتاب الله عزوجل

وأمر الناس بأخذ مناسكهم فلعله لا يحج بعد عامه ذلك وعلمهم مناسكهم وأنزل

المهاجرين والانصار والناس منازلهم وأمر أن لا يرجعوا بعده كفارا ولا يرجعوا

بعده ضلالا يضرب بعضهم رقاب بعض وأمر بالتبليغ عنه وأخبر بأن رب مبلغ

أوعى من سلمع ثم انصرف عليه السلام إلى المنحر بمنى فنحر ثلاثا وستين بدنة

ثم أمر عليها فنحر مابقى منها مما كان على أتى به من اليمن مع ما كان عليه السلام

ـ348ـ

أتى به من المدينة وكانت تمام المائة . ثم حلق عليه السلام رأسه المقدس وقسم

شعر فأعطى من نصفه الشعرة والشعرتين وأعطى نصفه الثانى كله ابا طلحة

الانصارى وضحى عن نسائه بالبقر وأهدى عمن كان اعتمر منهن بقرة وضحى هو

عليه السلام في ذلك اليوم بكبشين أملحين وحلق بعض الصحابة وقصر بعضهم

فدعا عليه السلام للمحلقين ثلاثا وللمقصرين مرة وأمر عليه السلام أن يؤخذ

من البدن التى ذكرنا من كل بدنة بضعة فجعلت في قدر وطبخت فأكل

هو عليه السلام وعلى من لحمها وشربا من مرقها وكان عليه السلام قد

اشرك عليا فيها ثم أمر عليا بقسمة لحومها كلها وجلودها وجلاها وأن لا يعطى الجازر

شيئا منها على جزارتها واعطى عليه السلام الاجرة على ذلك من عند نفسه واخبر الناس

أن عرفة كلها موقف حاشى بطن عرنة وأن مزدلفة كلها موقف حاشى بطن محسر وأن

منى كلها منحر وان فجاج مكة كلها منحر ثم تظيب عليه السلام قبل أن يطوف طواف

الافاضة ولا حلالة قبل أن يحل في يوم النحر وهو يوم السبت المذكور طيبته عائشة رضى

الله عنها أيضا بطيب فيه مسك ثم نهض عليه السلام راكبا إلى مكة في يوم السبت

المذكور نفسه فطاف في يومه ذلك طواف الافاضة وهو طواف الصدر قبل الظهر

وشرب من ماء زمزم بالدلو ومن نبيذ السقاية ثم رجع من يومه ذلك إلى منى فصلى

الظهر . هذا قول ابن عمر وقالت عائشة وجابر بل صلى الظهر ذلك اليوم بمكة

وهذا هو الفصل الذى اشكل علينا الفصل فيه لصحة الطرق في ذلك ولا شك

أن احد الخبرين وهم والثانى صحيح ولا ندرى أيهما هو . وطافت أم سلمة في ذلك

اليوم على بعيرها من وراء الناس وهى شاكية فاستأذنت النبى صلى الله عليه وسلم

في ذلك فأذن لها وطافت أيضا عائشة ذلك اليوم وفيه طهرت وكانت رضى الله عنها

حائضا أيضا يوم عرفة وطافت أيضا صفية في ذلك اليوم ثم حاضت بعد ذلك ليلة النفر

ـ349ـ

ثم رجع عليه السلام إلى منى وسئل عليه السلام حينئذ عن ما تقدم بعضه على

بعض من الرمى والحلق والنحر والافاضة فقال في كل ذلك لا حرج وكذلك قال

أيضا في تقديم السعى بين الصفا والمروة قبل الطواف بالكعبة وأخبر عليه السلام

بأن الله تعالى انزل لكل داء دواء إلا الهرم وعظم اثم من اقترض عرض امرئ

مسلم ظلما . فأقام هنالك باقى يوم السبت وليلة الاحد ويوم الاحد وليلة الاثنين

ويوم الاثنين وليلة الثلاثاء ويوم الثلاثاء وهذه أيام منى وهذه هى أيام التشريق

يرمى الجمار الثلاث كل يوم من هذه الايام الثلاثة بعد الزوال بسبع حصيات كل

يوم لكل جمرة يبدأ بالدنيا وهى التى تلى مسجد منى ويقف عندها للدعاء

طويلا ثم التى تليها وهى الوسطى ويقف أيضا عندها للدعاء كذلك ثم جمرة العقبة

ولا يقف عندها ويكبر عليه السلام مع كل حصاة . وخطب الناس أيضا يوم

الاحد ثانى يوم النحر وهو يوم الرؤوس . وقد روى أيضا أنه عليه السلام خطبهم أيضا

يوم الاثنين وهو يوم الاكارع . وأوصى بذى الارحام خيرا وأخبر عليه السلام أنه

لا تجنى نفس على أخرى واستأذنه العباس عمه في المبيت بمكة من أجل سقايته فأذن له

عليه السلام وأذن للرعاء أيضا مثل ذلك ثم نهض عليه السلام بعد زوال الشمس

من يوم الثلاثاء المؤرخ وهو آخر أيام التشريق وهو اليوم الثالث عشر من ذى الحجة

وهو يوم النفر إلى المحصب وهو الابطح فضربت بها قبته ضربها أبورافع مولاه

وكان على ثقله عليه السلام . وقد كان عليه السلام قال لاسامة إنه ينزل غدا بالمحصب

خيف بنى كنانة وهو المكان الذى ضرب فيه ابورافع قبته وفاقا من الله عزوجل

دون ان يأمره عليه السلام بذلك . وحاضت صفية أم المؤمنين ليلة النفر بعد

أن أفاضت فأخبر بذلك النبى صلى الله عليه وسلم فسأل أفاضت يوم النحر فقيل له نعم فامرها

أن تنفر وحكم فيمن كانت حاله كحالها أيضا بذلك وصلى عليه السلام بالمحصب

ـ350ـ

الظهر والعصر والمغرب والعشاء الاخرة من ليلة الاربعاء الرابع عشر من ذى الحجه

وبات بها ليلة الاربعاء المذكورة ورقدرقدة . ولما كان يوم النحر ويوم النفر رغبت اليه

عائشة بعد أن طهرت أن يعمرها عمرة مفردة فأخبرها عليه السلام انها قد حلت

من حجها وعمرتها وأن طوافها يكفيها ويجزئها لحجها وعمرتها فأبت إلا أن تعمر

عمرة مفردة فقال لها ألم تسكونى طفت ليالى قدمت قالت لا فأمر عبدالرحمن بن

أبى بكر أخاها أن يردفها ويعمرها من التنعيم ففعلا ذلك وانتظرها عليه السلام

بأعلى مكة حتى انصرفت من عمرتها تلك وقال لها هذه مكان عمرتك وأمر الناس

أن لا ينصرفوا حتى يكون آخر عهدهم الطواف بالببت ورخص في ترك ذلك

للحائض التى قد طافت طواف الافاضة قبل حيضها . ثم أنه عليه السلام دخل مكة

في الليل من ليلة الاربعماء المذكورة فطاف بالبيت طواف الوداع لم يرمل في شئ

منه سحرا قبل صلاة الصبح من يوم الاربعاء المذكور ثم خرج من كدى أسفل

مكة من الثنية السفلى والتقى بعائشة رضى الله عنها وهو ناهض إلى الطواف

المذكور وهى راجعة من تلك العمرة التى ذكرنا ثم رجع عليه السلام وأمر بالرحيل

ومضى عليه السلام من فوره راجعا إلى المدينة وخرج من مكة من الثنية السفلى

فكانت مدة اقامته عليه السلام بمكة منذ دخلها إلى أن خرج منها إلى منى إلى

عرفة إلى مزدلفة إلى منى إلى المحصب إلى أن وجه راجعا عشرة أيام فلما أتى ذا

الحليفة بات بها فلما رأى المدينة كبر ثلاث مرات وقال لا إله إلا الله وحده

لا شريك له له الملك وله الحمد وهو على كل شئ قدير آيبون تائبون عابدون

ساجدون لربنا حامدون صدق الله وعده ونصر عبده وهزم الاحزاب وحده . ثم

دخل عليه السلام المدينة نهارا من طريق المعرس والحمد لله وحده .

ـ351ـ

ـ واما عمره عليه السلام فأربع ـ

............................................................................

- عيون الاثر مجلد: 2 من ص 351 سطر 1 الى ص 360 سطر 22

ـ واما عمره عليه السلام فأربع ـ

روينا من حديث قتادة قال قلت لانس كم اعتمر النبى صلى الله عليه وسلم قال

أربعا عمرته التى صده عنها المشركون عن البيت من الحديبية في ذى القعدة وعمرته

أيضا من العام المقبل حين صالحوه في ذى القعدة وعمرنه حين قسم غنائم حنين

من الجعرانة في ذى القعدة وعمرته مع حجته . وقد روى عن ابن عباس أن عمرة

الجعرانة كانت لليلتين بقيتا من شوال .

ـ352ـ

ـ سراية اسامة بن زيد بن حارثة إلى ابنى ـ

وهى أرض الشراة ناحية البلقاء

قالوا لما كان يوم الاثنين لاربع ليال بقين من صفر سنة إحدى عشرة من

مهاجره أمر رسول الله صلى الله عليه وسلم الناس بالتهيؤ لغزو الروم فلما كان من الغد

دعا أسامة بن زيد فقال سر إلى موضع مقتل ابيك فاوطئهم الخيل فقد وليتك

هذا الجيش فأغر صباحا على أهل أبنى وحرق عليهم وأسرع السير تسبق الاخبار

فان ظفرك الله فأقلل اللبث فيهم وخذ معك الادلاء وقدم العيون والطلائع معك

فلما كان يوم الاربعاء بدئ برسول الله صلى الله عليه وسلم وجعه فحم وصدع

فلما أصبح يوم الخميس عقد لاسامة لواء بيده ثم قال اغز بسم الله وفى سبيل الله

فقاتل من كفر بالله فخرج بلوائه معقودا فدفعه إلى بريدة بن الحصيب الاسلمى

وعسكر بالجرف فلم يبق أحد من وجوه المهاجرين الاولين والانصار إلا انتدب

في تلك الغزوة منهم أبوبكر وعمر بن الخطاب وأبوعبيدة بن الجراح وسعد بن

أبى وقاص وسعيد بن زيد وقتادة بن النعمان وسلمة بن أسلم بن حريس فتكلم قوم وقالوا

يستعمل هذا الغلام على المهاجرين الاولين فغضب رسول الله صلى الله عليه وسلم

غضبا شديدا فخرج وقد عصب على رأسه عصابة وعليه قطيفة فصعد المنبر وحمد

الله وأنثى عليه ثم قال أما بعد أيها الناس فما قالة بلغتنى عن بعضكم في تأميرى أسامة

ولئن طعنتم في امارتى أسامة لقد طعنتم في امارتى اياه من قبله وايم الله ان كان لخليقا

للامارة وان ابنه من بعده لخليق للامارة وإن كان لمن أحب الناس إلى وإنهما لمخيلان

ـ353ـ

لكل خير - أى لمظنة لكل خير - فاستوصوا به خيرا فانه من خياركم ثم نزل فدخل

بيته وذلك في يوم السبت لعشر خلون من شهر ربيع الاول سنة احدى عشرة

وجاء المسلمون الذين يخرجون مع أسامة يودعون رسول الله صلى الله عليه وسلم

ويخرجون إلى المعسكر بالجرف وثقل رسول الله صلى الله عليه وسلم فجعل يقول

انفذوا بعث أسامة . فلما كان يوم الاحد اشتد برسول الله صلى الله عليه وسلم

وجعه فدخل أسامة من معسكره والنبى صلى الله على هوسلم مغمور وهو اليوم الذى

لدوه ( 1 ) فيه فطأطأ أسامة فقبله والنبى صلى الله عليه وسلم لا يتكلم فجعل يرفع يديه

إلى السماء ثم يضعهما على اسامة قال اسامة فعرفت أنه يدعولى ورجع اسامة إلى معسكره

ثم دخل يوم الاثنين وأصبح رسول الله صلى الله عليه وسلم مفيقا فقال له أغد على

بركة الله فودعه أسامة وخرج إلى معسكره فأمر الناس بالرحيل فبينا هو يريد الركوب

اذا رسول أمة أم أيمن قد جاءه يقول إن رسول الله صلى الله عليه وسلم

يموت فأقبل وأقبل معه عمر وأبوعبيدة فانتهوا إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم

وهويموت فتوفى حين زاغت الشمس يوم الاثنين لاثنتى عشرة ليلة خلت من

شهر ربيع الاول ودخل المسلمون الذين عسكروا بالجرف إلى المدينة ودخل بريدة

ابن الحصيب بلواء أسامة معقودا حتى أتى به باب رسول الله صلى الله عليه وسلم فغرزه

عنده فلما بويع لابى بكر أمر بريدة بن الحصيب ان يذهب باللواء إلى بيت أسامة

ليمضى لوجهه فمضى بهم إلى معسكرهم الاول فلما ارتدت العرب كلم أبوبكر في

حبس أسامة فأبى وكلم أبوبكر أسامة في عمر أن يأذن له في التخلف ففعل فلما

كان هلال شهر ربيع الآخر سنة إحدى عشرة خرج أسامة فسار إلى أبنى ( 2 ) عشرين ليلة

* ( هامش ) * ( 1 ) أى جعلوا الدواء في جانب فمه .

( 2 ) بوزن حبلى . ( * )

ـ354ـ

فشن عليهم الغارة وكان شعارهم " يا منصور أمت " فقتل من أشرف له وسبى من قدم

عليه وحرق في طوائفها بالنار وحرق منازلهم وحرئهم ونخلهم فصارت أعاصير

من الدخاخين وأجال الخيل في عرصاتهم وأقاموا يومهم ذلك من تعبئة ما أصابوا

من الغنائم وكان أسامة على فرس أبية سبحة وقتل قاتل أبيه في الغارة وأسهم للفرس

سهمين وللفارس سهما وأخذ لنفسه مثل ذلك فلما أمسى أمر الناس بالرحيل ثم أغذ ( 1 ) السير

فوردوا وادى القرى في تسع ليال ثم بعث بشيرا إلى المدينة بسلامتهم ثم قصد بعد في

السير فسار إلى المدينة ستا وما أصيب من المسلمين أحد . وخرج أبوبكر في المهاجرين

وأهل المدينة يتلقونهم سرورا بسلامتهم ، ودخل على فرس أبيه سبحة واللواء

أمامه يحمله بريدة بن الحصيب حتى انتهى إلى باب المسجد فدخل فصلى ركعتين

ثم انصرف إلى بيته وبلغ هرقل وهو بحمص ما صنع أسامة فبعث رابطة يكونون

بالبلقاء فلم تزل هناك حتى قدمت البعوث إلى الشام في خلافة أبى بكر وعمر رضى الله عنهما .

* ( هامش ) * ( 1 ) أى أسرع . ( * )

ـ355ـ

ـ ذكر الحوادث جملة بعد قدوم رسول الله ـ

صلى الله عليه وسلم المدينة

في السنة الاولى : جعلت صلاة الحضر أربع ركعات وكانت ركعتين بعد

مقدمه عليه السلام بشهر وفيها صلى الجمعة حين ارتحل من قباء إلى المدينة صلاها

في طريقه ببنى سالم وهى أول جمعة صلاها وأول خطبة خطبها في الاسلام وفيها بنى

رسول الله صلى الله عليه وسلم مسجده ومساكنه ومسجد قباء وفيها بدء الاذان وفيها المؤاخاة بين

 

المهاجرين والانصار بعد مقدمه بثمانية أشهر وفيها أسلم عبدالله بن سلام ومات

أسعد بن زرارة وأعرس النبى صلى الله عليه وسلم بعائشة وبعث حمزة بن ع بدالمطلب

في ثلاثين من المهاجرين يعترض عيرا لقريش في رمضان وبعث عبيدة بن

الحارث في ستين رجلا من المهاجرين إلى بطن رابغ وبعث سعد بن أبى وقاص

إلى الخرار في ذى القعدة في عشرين من المهاجرين يعترض لعير قريش وغزوة

الابواء وغزوة ودان في صفر .

وفى السنة الثانية : غزوة بواط وطلب كرز بن جابر . وغزوة ذى العشيرة

وسرية عبدالله بن جحش إلى نخلة وغزوة بدر الكيرى ووفاة رقية ابنة النبى

صلى الله عليه وسلم وسرية عمير بن عدى وسرية سالم بن عمير وغزوة

بنى قينقاع وغزوة السويق وغزوة كركرة الكدر وتحويل القبلة وفرض صوم

ـ356ـ

شهر رمضان في شعبان على رأس سبعة عشر شهرا وفرض زكاة الفطر قبل العيد

بيومين ووفاة عثمان بن مظعون بعد مشهده بدرا وفيها ضحى رسول الله صلى الله عليه وسلم

بكبشين أحدهما عن أمته والآخر عن محمد وآله ، ومولد عبدالله بن الزبير ومولد

النعمان بن بشير وأعرس على بفاطمة .

وفى السنة الثالثة : السرية لكعب بن الاشرف وغزوة غطفان وغزوة بنى سليم

وسرية زيد بن حارثة إلى القردة وغزوة أحد وغزوة حمراء الاسد وسرية أبى سلمة

إلى قطن وسرية عبدالله بن أنيس إلى سفيان بن خالد بعرنة وبئر معونة والرجيع

وتزويجه عليه السلام حفصة بنت عمر وتزويجه زينب بنت خزيمة وتزويج عثمان

ابن عفان أم كلثوم بنت النبى صلى الله عليه وسلم ومولد الحسن بن على وتحريم الخمر وقيل في الرابعة .

وفى السنة الرابعة : تحريم الخمر وغزوة بنى النضير وبدر الموعد وذات الرقاع

وصلاة الخوف ورجمه عليه السلام اليهودى واليهودية ومولد الحسين بن على ووفاة

زينب بنت خزيمة وتزويجه عليه السلام أم سلمة وتزويجه أيضا زينب بنت جحش

على الاصح ونزول الحجاب .

وفى السنة الخامسة : غزوة دومة الجندل وغزوة المريسيع وحديث الافك وقد تقدم

الخلاف في ذلك . وقول عبدالله بن أبى ( لئن رجعنا إلى المدينة ) . وغزوة الخندق

وبنى قريظة وتزويجه عليه السلام ريحانة بنت يزيد النضرية وجويرية بنت

الحرث وسرية عبدالله بن عتيك إلى أبى رافع وسرية محمد بن مسلمة إلى القرطاء

وفيها زلزلت المدينة فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم سيعتبكم فاعتبوه .

وفيها سابق بين الخيل .

ـ357ـ

وفى السنة السادسة : غزوة بنى لحيان وغزوة الغابة وسرية عكاشة إلى الغمر

ومحمد بن مسلمة إلى ذى القصة فأصيبوا وبعث أبى عبيدة إلى ذى القصة فهربوا .

وسرية زيد بن حارثة إلى بنى سليم وسريته إلى العيص وسريته إلى الطرف وسريته إلى

حسمى وسريته إلى وادى القرى وسريته إلى أم قرفة وسرية ابن عوف إلى دومة

الجندل وعلى إلى بنى سعد بن بكر وابن عتيك إلى أبى رافع على قول . وقد

تقدم في الخامسة . وسرية عمرو بن أمية الضمرى وسلمة بن أسلم لقتل أبى سفيان

بمكة وعمرة الحديبية وبيعة الرضوان وفيها قحط الناس فاستسقى لهم رسول الله صلى

الله عليه وسلم فسقوا في رمضان .

وفى السنة السابعة : غزوة خيبر وسرية عمر إلى تربة وسرية أبى بكر إلى بنى

كلاب أو فزارة وبشير بن سعد إلى بنى مرة وغالب الليثى إلى الميفعة وبشير بن

سعد إلى يمن وجبار وعمرة القضية وسرية ابن أبى العوجاء إلى بنى سليم وسرية غالب

إلى بنى الملوح وسريته إلى فدك وتزويجه عليه السلام أم حبيبة بنت أبى سفيان

وصفية بنت حيى وميمونة بنت الحارث وقدوم جعفر من الحبشة وأبى موسى ومن

معه وإسلام أبى هريرة وعمران بن الحصين . وبعثه عليه السلام الرسل على الملوك

واتخاذ الخاتم لختم الكتب وتحريم الحمر الاهلية والنهى عن متعة النساء .

وفى السنة الثامنة : قدم خالد بن الوليد وعثمان بن طلحة وعمرو بن العاص

فاسلموا . وسرية شجاع بن وهب إلى بنى عامر وكعب بن عمرو إلى ذات أطلاح

غزوة مؤتة . سرية عمرو بن العاص إلى ذات السلاسل وسرية الخبط وسرية أبى

قتادة إلى خضرة ثم إلى بطن إضم غزوة الفتح سرية خالد بن الوليد إلى العزى

وعمرو بن العاص إلى سواع وسعد بن زيد الاشهلى إلى مناة في رمضان . سرية خالد

ـ358ـ

بن الوليد إلى بنى جزيمة . غزوة حنين . سرية الطفيل بن عمرو إلى ذى الكفين .

غزوة الطائف . سرية عيينة بن حصن إلى بنى تميم . سرية قطبة بن عامر إلى خثعم

بعث الوليد بن عقبة إلى بنى المصطلق . اتخاذ المنبر والخطبة عليه وحنين الجذع

وهو أول منبر عمل في الاسلام . وفيها أقاد النبى صلى الله عليه وسلم رجلا من

هذيل برجل من بنى ليث ومولد ابراهيم بن النبى صلى الله عليه وسلم ووفاة زينب

بنت رسول الله صلى الله عليه وسلم . وفيها وهبت سودة يومها لعائشة حين أراد

النبى صلى الله عليه وسلم طلاقها .

وفى السنة التاسعة : إيلاؤه عليه السلام من نسائه وسرية الضحاك إلى بنى كلاب

وعلقمة إلى الحبشة وعلى إلى الفاس وعكاشة إلى الجناب وتبوك وهدم مسجد الضرار

وقدوم الوفود ولعان عويمر العجلانى مع امرأته وموت عبدالله بن أبى وحج أبى بكر

بالناس ونداء على بسورة براءة وموت أم كلثوم بنت رسول الله صلى الله عليه وسلم وموت النجاشى .

وفى السنة العاشرة : سرية خالد بن الوليد إلى بنى عبد المدان بنجران وعلى

إلى اليمن وحجة الوداع ونزول ( اليوم أكملت لكم دينكم ) الآية ونزول ( يأيها الذين

آمنو ليستأذنكم الذين ملكت أيمانكم ) الآية . وكانوا لا يفعلونه قبل ذلك وموت

ابراهيم بن النبى صلى الله عليه وسلم .

ـ359ـ

ـ ذكر نبذة من معجزاته عليه السلام ـ

وإن كان أكثر ما نورده هنا قد سبق ايراده لكن مفرقا والغرض الآن

ذكره مجموعا كما فعلنا في الباب الذى قبله . فمن ذلك : القرآن وهو أعظمها ،

وشق الصدر وإخباره عن البيت المقدس وانشقاق القمر وأن الملامن قريش

تعاقدوا على قتله فخرج عليهم فخفضوا أبصارهم وسقطت اذقانهم في صدورهم

وأقبل حتى قام على رؤسهم فقبض قبضة من تراب وقال شاهت الوجوه وحصبهم

فما أصاب رجلا منهم شئ من ذلك الحصى إلا قتل يوم بدر ورمى يوم حنين بقبضة

من تراب في وجوه القوم فهزمهم الله تعالى ونسج العنكبوت عليه في الغاروما كان

من أمر سراقة بن ملك بن جعشم إذ تبعه في خبر الهجرة فساخت قوائم فرسه في

الارض الجلد ومسح على ضرع عناق ( 1 ) ولم ينز عليها الفحل فدرت وقصة شاة أم

معبد ودعوته لعمر أن يعز الله به الاسلام ودعوته لعلى أن يذهب الله عنه الحر

والبرد وتفل في عينيه وهو أرمد فعوفى من ساعته ولم يرمد بعد ذلك ورد عين قتادة

ابن النعمان بعد أن سالت على خده فكانت أحسن عينيه ودعا لعبد الله بن عباس

بالتأويل والفقه في الدين ودعا لجمل جابر فصار سابقا بعد أن كان مسبوقا ودعا

لانس بطول العمر وكثرة المال والولد ودعا في تمر حائط جابر بالبركة فأوفى غرماءه

وفضل ثلاثة عشر وسقا واستسقى عليه السلام فمطروا أسبوعا ثم استصحى لهم

* ( هامش ) * ( 1 ) الانثى من أولاد المعز . ( * )

ـ360ـ

؟ ؟ ؟ السحابة ، ودعا على عتيبة بن أبى لهب فأكله الاسد بالزرقاء من الشام

وشهدت له الشجر بالرسالة في خبر الاعرابى الذى دعاه إلى الاسلام فقال هل

من شاهد على ما تقول فقال نعم هذه السمرة ( 1 ) ثم دعاها فأقبلت فاستشهدها فشهدت

أنه كما قال ثلاثا ثم رجعت إلى منبتها وأمر شجرتين فاجتمعتا ثم افترقتا وأمر أنسا

أن ينطلق إلى نخلات فيقول لهن أمركن رسول الله صلى الله عليه وسلم أن تجتمعن

فاجتمعن فلما قضى حاجته أمره أن يأمرهن بالعود إلى أما كنهن فعدن ونام فجاءت

شجرة تشق الارض حتى قامت عليه فلما استيقظ ذكرت له فقال هى شجرة

استأذنت ربها في أن تسلم على فأذن لها وسلم عليه الحجر والشجر ليالى بعث :

السلام عليك يا رسول الله وقال انى لا عرف حجرا كان بمكة يسلم على قبل أن

أبعث إنى لاعرفه الآن وحن اليه الجذع وسبح الحصى في كفه وسبح الطعام بين

أصابعه وأعلمته الشاة بسمها وشكا اليه البعير قلة العلف وكثرة العمل وسألته

الضبية أن يخلصها من الحبل لترضع ولديها وتعود فخلصها فعادت وتلفظت

ب الشهادتين وأخبر عن مصارع المشركين يوم بدر فلم يعد واحد منهم مصرعه

وأخبر أن طائفة من أمته يغزون في البحر وأن أم حرام بنت ملحان منهم فكان

كذلك وقال لعثمان بن عفان تصيبه بلوى شديدة فأصابته وقتل وقال للانصار

إنكم ستلقون بعدى أثرة فكانت زمن معاوية وقال في الحسن إلى ابنى هذا سيد

ولعل الله أن يصلح به بين فئتين عظيمتين من المسلمين فصالح معاوية وحقن

دماء الفئتين من المسلمين وأخبر بقتل الاسود العنسى الكذاب وهو بصنعاء ليلة

قتله وبمن قتله وقال لثابت بن قيس تعيش حميدا وتقتل شهيدا فقتل يوم اليمامة

وارتد رجل ولحق بالمشركين فبلغه انه مات فقال ان الارض لاتقبله فكان كذلك

* ( هامش ) * ( 1 ) نوع من الشجر . وفى نسخة " الشجرة " . ( * )

ـ361ـ

وقال لرجل يأكل بشماله كل بيمينك فقال لا أستطيع فقال له لا استطعت فلم

............................................................................

- عيون الاثر مجلد: 2 من ص 361 سطر 1 الى ص 370 سطر 22

وقال لرجل يأكل بشماله كل بيمينك فقال لا أستطيع فقال له لا استطعت فلم

يطلق أن يرفعها إلى فيه بعد . ودخل مكة عام الفتح والاصنام حول الكعبة معلقة

وبيده قضيب فجعل يشير به اليها ويقول جاء الحق وزهق الباطل وهى تتساقط .

وقصة مازن بن الغضوبة وخبر سواد بن قارب وأمثالها كثير وشهد الصب بنبوته وأطعم

ألفا من صاع شعير بالخندق فشبعوا والطعام أكثر مما كان وأطعمهم من تمر يسير

أيضا بالخندق وجمع فضل الازواد على النطع فدعا لها بالبركة ثم قسمها في العسكر

فقامت بهم وأتاه أبوهريرة بتمرات قد صفهن في يده وقال أدع لى فيهن بالبركة

ففعل قال أبوهريرة فأخرجت من ذلك التمر كذا وكذا وسقا في سبيل الله وكنا

تأكل منه ونطعم حتى انقطع في زمن عثمان ودعا أهل الصفة لقصعة ثريد قال

أبوهريرة فجعلت أتطاول ليدعونى حتى قام القوم وليس في القصعة إلا اليسير

في نواحيها فجمعه رسول الله صلى الله عليه وسلم فصار لقمة فوضعها على أصابعه وقال

لى كل بسم الله فوالذى نفسى بيده مازلت آكل منها حتى شبعت ونبع الماء من

بين أصابعه حتى شرب القوم وتوضؤا وهم ألف وأربعمائة وأتى بقدح فيه ماء فوضع

أصابعه في القدح فلم تسع فوضع أربعة منها وقال هلموا فتوضؤا أجمعين وهم من

السبعين إلى الثمانين وورد في غزوة تبوك على ماء لا يروى واحدا والقوم عطاش

فشكوا اليه فأخذ سهما من كنانته وأمر بغرسه فيه ففار الماء وارتوى القوم وكانوا

ثلاثين ألفا وشكا اليه قوم ملوحة في مائهم فجاء في نفر من أصحابه حتى وقف على

بئرهم فتفل فيه فتفجر بالماء العذب المعين وأتته إمرأة بصبى لها أقرع فمسح على

رأسه فاستوى شعره فذهب داؤه وانكسر سيف عكاشة بن محصن يوم بدرفأ عطاه

جذلا من حطب فصار في يده سيفا ولم يزل بعد ذلك عنده وكذلك وقع لعبدالله

ـ362ـ

ابن جحش يوم أحدو عزت كدية ( 1 ) بالخندق عن ان ياخذها المعول فضربها فصارت

كثيبا أهيل ( 2 ) ومسح على رجل ابن عتيك في خبر أبى رافع وقد انكسرت فكأنه

لم يشتكها قط . ومعجزاته صلى الله عليه وسلم أكثر من أن يجمعها كتاب أو يحصرها ديوان .

* ( هامش ) * ( 1 ) أى صخرة .

( 2 ) أى رملا سائلا . ( * )

ـ363ـ

ـ ذكر اولاده صلى الله عليه وسلم ـ

روينا عن ابن سعد قال أنا هشام بن محمد بن السائب الكلبى عن أبيه عن

أبى صالح عن ابن عباس قال كان أول من ولد لرسول الله صلى الله عليه وسلم

بمكة قبل النبوة القاسم وبه كان يكنى ثم ولدت له زينب ثم رقية ثم فاطمة ثم أم

كلثوم ثم ولد له في الاسلام عبدالله فسمى الطيب الطاهر وأمهم جميعا خديجة بنت

خويلد بن أسد بن عبدالعزى بن قصى فكان أول من مات من ولده القاسم .

ثم مات عبدالله بمكة فقال العاص بن وائل السهمى قد انقطع ولده فهو أبتر فأنزل

الله ( إن شانئك هو الابتر ) وقيل بل الطيب والطاهر ابنان سواه وقيل كان له الطاهر

والمطهر ولدا في بطن وقيل كان له الطيب والمطيب ولدا في بطن أيضا وقيل إنهم

كلهم ماتوا قبل النبوة وقال الزبير بن بكار ولدله القاسم ثم زينب ثم أم كلثوم

ثم فاطمة ثم رقية ثم عبدالله هكذا رأيته بخط شيخنا الحافظ أبى محمد الدمياطى

رحمه الله قال وفيه نظر . وأما أبوعمر فحكى عن الزبير غير ذلك قال ولد له القاسم

وهو أكبر ولده ثم زينب ثم عبدالله وكان يقال له الطيب ويقال له الطاهر ولد

بعد النبوة ثم أم كلثوم ثم فاطمة ثم رقية هكذا الاول فالاول ثم مات القسم

بمكة وهو أول ميت مات من ولده ثم عبدالله مات أيضا بمكة . وقال ابن إسحق

ولدت له خديجة زينب ورقية وأم كلثوم وفاطمة والقاسم وبه كان يكنى والطاهر

ـ364ـ

والطيب فهلكوا في الجاهلية . وأما بناتة فكلهن أدركن الاسلام وأسلمن وهاجرن

معه . قال أبوعمر وقال على بن عبدالعزيز الجرجانى : أولاد رسول الله صلى الله

عليه وسلم القاسم وهو أكبر ولده ثم زينب . وقال ابن الكلبى زينب ثم القاسم

ثم أم كلثوم ثم فاطمة ثم رقية ثم عبدالله وكان يقال له الطيب والطاهر . قال وهذا

هو الصحيح وغيره تخليط وكانت سلمى مولاة صفية بنت ع بدالمطلب تقبل خديجة

في أولادها وكانت تعق عن كل غلام بشاتين وعن الجارية بشاة . وكان بين كل

ولدين لها سنة وكانت تسترضع لهم وتعد ذلك قبل ولادها . فأما زينب فتزوجها

ابن خالتها أبوالعاص بن الربيع بن عبدالعزى بن عبد شمس بن عبد مناف أمه

؟ ؟ ؟ بنت خويلد فولدت له عليا أردفه النبى صلى الله عليه وسلم وراءه يوم الفتح .

ومات مراهقا وأمامة تزوجها على بعد خالتها فاطمة زوجها منه الزبير بن العوام ،

وكان أبوها أبوالعاص أوصى بها إلى الزبير فلما قتل على رضى الله عنه وأمت

أمامة منه قالت أم الهيثم النخعية

أشاب ذؤابتى وأذل ركنى * أمامة حين فارقت القرينا

تطيف به لحاجتها اليه * فلما استيأست رفعت رنينا

ثم تزوجها بعد على المغيرة بن نوفل بن الحارث بن ع بدالمطلب فولدت له يحيى

ابن المغيرة وهلكت عنده وقد قيل إنها لم تلد لعلى ولا للمغيرة . ولدت زينب

سنة ثلاثين من مولد رسول الله صلى الله عليه وسلم وماتت سنة ثمان من الهجرة وكان رسول الله

صلى الله عليه وسلم يحبها وكان زوجها أبوالعاص محبا فيها وهو القائل في بعض أسفاره إلى الشام :

ذكرت زينب لما وركت أرما * فقلت سقيا لشخص يسكن الحرما

ـ365ـ

بنت الامين جزاها الله صالحة * وكل بعل سيثنى بالذى علما

وأما رقية فتزوجها عثمان بن عفان فولدت له عبدالله مات بعدها وقد بلغ ست

سنين . وتوفيت رقية يوم قدوم زيد بن حارثة بشيرا بقتلى بدر وقيل كان

مولدها سنة ثلاث وثلاثين من مولد النبى صلى الله عليه وسلم . وأما أم كلثوم

فتزوجها عثمان بعد موت رقية وماتت سنة تسع من الهجرة ولم تلد له . وأما فاطمة

فتزوجها على وبنى بها مرجعهم من بدر فولدت له حسنا وحسينا ومحسنا مات

صغيرا وأم كلثوم وزينب وماتت فاطمة بعد أبيها بثلاثة أشهر وقيل بستة وقيل

بثمانية وكذلك اختلف في مولدها . قال المدائنى قبل النبوة بخمس سنين . وقال

ابن السراج سمعت عبيدالله بن محمد بن سليمان بن جعفر الهاشمى يقول ولدت سنة

إحدى وأربعين من مولد النبى صلى الله عليه وسلم . قال أبوعمر وذكر الزبير أن

عبدالله بن حسن بن حسن دخل على هشام بن عبدالملك وعنده الكلبى فقال

هشام لعبدالله بن حسن يا أبا محمد كم بلغت فاطمة من السن فقال ثلاثين سنة فقال

هشام للكلبى كم بلغت من السن فقال خمسا وثلاثين سنة فقال هشام لعبد الله

ابن حسن اسمع الكلبى يقول ما تسمع وقد عنى بهذا الشأن فقال عبدالله

ابن حسن يا أمير المؤمنين سلنى عن أمى وسل الكلبى عن أمه وكان على رضى

الله عند قد خطب عليها ابنة أبى جهل فأنكر ذلك رسول الله صلى الله عليه وسلم

وقال والله لا تجتمع بنت رسول الله وبنت عدوالله عند رجل واحد أبدا قال فترك

على الخطبة . روينا من طريق مسلم حدثنا أحمد بن حنبل فثنا يعقوب بن ابراهيم

فثنا أبى عن الوليد بن كثير قال حدثنى محمد بن عمرو بن حلحلة الدولى أن ابن

شهاب حدثه أن على بن الحسين حدثه أنهم حين قدموا المدينة لقيه المسوربن

ـ366ـ

مخرمة فذكر حديثا وفيه أن على بن أبى طالب خطب بنت أبى جهل على فاطمة

فسمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو يخطب الناس في ذلك على منبره هذا وأنا يومئذ

محتلم وفيه قوله عليه السلام والله لا تجتمع بنت رسول الله " صلى الله عليه وسلم "

وبنت عدوالله مكانا واحدا أبدا . قلت كذا وقع في هذا الحديث قوله عن

المسور وأنا يومئذ محتلم وهو وهم فان المسور ممن ولد في السنة الثانية من الهجرة

بعد مولد ابن الزبير بأربعة أشهر فلم يدرك من حياة النبى صلى الله عليه وسلم إلا نحو الثمانية

أعوام ولا يعد من كانت هذه سنه محتملا . وقد روى الاسماعيلى في صحيحه هذا

الحديث من هذا الوجه عن أحمد بن الحسن بن عبدالجبار فثنا يحيى بن معين عن

يعقوب فذكره بسنده وفيه عن المسور " وأنا يومئذ كالمحتلم " يعنى في ثبته وحفظه

ما يسمعه فبينت هذه الرواية الصواب ودار الحمل فيه على من دون يعقوب بين أحمد

ومسلم ووجدت الطبرانى في معجمه الكبير قد رواه عن عبدالله بن أحمد عن

أبيه كرواية مسلم فبرئ مسلم من عهدته أيضا كما برئ يعقوب ومن فوقه وقد

رواه البخارى عن سعيد بن محمد الجرمى عن يعقوب كرواية مسلم عن أحمد فهو

حديث اختلف فيه على يعقوب جوده يحيى بن معين . ثم ولدت له صلى الله عليه وسلم مارية بنت

شمعون القبطية ابراهيم وعق عنه بكبش يوم سابعه وحلق رأسه حلقه أبوهند فتصدق

بزنة شعره فضة على المساكين وأمر بشعره فدفن في الارض وسماه يومئذ فيما قال

الزبير والصحيح أنه سماه ليلة مولده وكانت قابلتها سلمى مولاة رسول الله صلى الله عليه وسلم

فخرجت إلى زوجها أبى رافع فأخبرته أنها قد ولدت له غلاما فجاء أبورافع إلى

رسول الله صلى الله عليه وسلم فبشره فوهب له عبدا وكان مولده في ذى الحجة سنة

ثمان من الهجرة ومات في ربيع الاول سنة عشر وقد بلغ ستة عشر شهرا . وقد

قيل في سنه ووفاته غير ذلك مات في بنى مازن عند ظئره أم بردة خولة بنت المنذر

ـ367ـ

ابن زيد بن لبيد وغسلته وحمل من بيتها على سرير صغير وصلى عليه وكبر أربعا

ودفن بالبقيع ورش عليه الماء وقال الحق بسلفنا الصالح عثمان بن مظعون وقال ابن

له ظئرا ( 1 ) تتم رضاعه في الجنة وقال لو عاش لو ضعت الجزية عن كل قبطى . وقال

لو عاش ابراهيم مارق له خال ( 2 ) .

* ( هامش ) * ( 1 ) الطثر المرضعة .

( 2 ) في حاشية الاصل : بلغ مقابلة لله الحمد . ( * )

ـ369ـ

ـ ذكر اعمامه وعماته صلى الله عليه وسلم ـ

أبوطالب عبد مناف والزبير وعبد الكعبة وأم حكيم وعاتكة وبرة وأروى وأميمة

وأمهم فاطمة بنت عمرو بن عائذ بن عمران بن مخزوم وعبدالله والد رسول الله

صلى الله عليه وسلم شقيق هؤلاء وقد تقدم ذكره وحمزة والمقوم وجحل واسمه المغيرة وصفية

وزاد بعضهم العوام وأمهم هالة بنت وهيب بن عبد مناف بن زهرة بنت عم آمنة

بنت وهب أم رسول الله صلى الله عليه وسلم والعباس وضرار وأمهما نتلة وقيل

نتيلة بنت جناب بن كلب من النمر بن قاسط والحارث وهو أكبر ولد ع بدالمطلب

وبه كان يكنى وشقيقة قثم وهلك قثم صغيرا وأمهما صفية بنت جندب بن حجير

ابن زياب بن حبيب بن سواءة وأبولهب عبدالعزى وأمه لبنى بنت هاجر بن

عبد مناف بن ضاطر بن حبشية بن سلول من خزاعة والغيداق واسمه مصعب وقيل

نوفل ولقب الغيداق لجوده وأمه ممنعة بنت عمرو بن مالك من خزاعة فأعمامه عليه

السلام اثنا عشر ومن الناس من يعدهم عشرة فيسقط عبدالكعبة ويقول هوالمقوم

ويجعل الغيداق وحجلا واحدا ومن الناس من يعدهم تسعة فيسقط قثم .

وأما عماته فست لا خلاف في ذلك وكلهن بنات فاطمة المخزومية إلا صفية فهى

من هالة الزهرية هذا هو المشهور عند أهل النسب . وقد ذكر أن أروى لفاطمة

المخزومية . ولم يسلم من أعمامه عليه السلام إلا حمزة والعباس على الصحيح . وقد

ـ370ـ

حكى إسلام أبى طالب وقد سبق ذكره . وأما العمات فاسلام صفية معروف محقق

وفى أروى خلاف . ذكرها العقيلى في الصحابة قال أبوعمر وأبى غيره من ذلك

وذكر الواقدى في خبر أنها أسلمت وكذلك اختلف في إسلام عاتكة والمشهور

عندهم أن عاتكة لم تسلم هى صاحبه الرؤيا يوم بدر . فأما أبوطالب فولده طالب

وعقيل وجعفر وعلى وكان كل من هؤلاء أكبر من الذى يلبه بعشر سنين

وأختهم أم هانئ فاختة أسلموا ويقال هند قيل وحمانة بنت أبى طالب أخت

ثانية لهم قسم لها رسول الله صلى الله عليه وسلم ثلاثين وسقا من خيبر وهى أم عبدالله بن أبى

سفيان بن الحرث بن ع بدالمطلب أسلموا كلهم إلا طالبا . وأما الزبير فولده عبدالله

شهد يوم حنين مع النبى صلى الله عليه وسلم وثبت معه وكان فارسا مشهورا كان

النبى صلى الله عليه وسلم يقول ابن عمى وحبى ومنهم من يروى أنه كان يقول ابن أمى وحبى

قال أبوعمر لا أحفظ له رواية عن النبى صلى الله عليه وسلم وقد روت أختاه ضباعة وأم الحكم

وكانت سنه يوم توفى النبى صلى الله عليه وسلم نحوا من ثلاثين سنة وقتل شهيدا

بأجنادين في خلافة أبى بكر سنة ثلاث عشرة بعد أن أبلى بها بلاء حسنا . وضباعة

وصفية وأم الحكم وأم الزبير بنات الزبير لهن صحبة ولا عقب لعبد الله بن الزبير

هذا . وأما حمزة فأسلم قد بما وعز به الاسلام وكفت قريش عن النبى صلى الله عليه وسلم عن

بعض ما كانوا ينالون منه خوفا من حمزة رضى الله عنه وعلما منهم أنه سيمنعه وكان

عم رسول الله صلى الله عليه وسلم وأخاه من الرضاعة أرضعتهما ثويبة الاسلمية

وكان أسن منه بيسير وأم كل منهما ابنة عم لام الآخر شهد بدرا مع النبى صلى

الله عليه وسلم وأحدا وبها مات شهيدا قتله وحشى بن حرب قيل كان يقاتل

بين يدى النبى صلى الله عليه وسلم بسيفين ويقول أنا أسد الله . ذكره الحاكم

وروى بسنده أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال أتانى جبريل فأخبرنى أن

ـ371ـ

حمزة مكتوب في أهل السموات أسدالله ورسوله . وروى أن حمزة قتل جنبا فغسلته

............................................................................

- عيون الاثر مجلد: 2 من ص 371 سطر 1 الى ص 379 سطر 15

حمزة مكتوب في أهل السموات أسدالله ورسوله . وروى أن حمزة قتل جنبا فغسلته

الملائكة وقال صحيح الاسناد . وكان له من الولد يعلى وعمارة وقال مصعب ولد لحمزة

خمسة رجال لصلبه وماتوا ولم يعقبوا وقال الزبير ولم يعقب أحد من بنى حمزة إلا

يعلى وحده فانه ولد له خمسة رجال لصلبه وماتوا ولم يعقبوا . ومن أولاد حمزة أمامة ويقال

أمة الله . وكان الواقدى يقول فيها عمارة قال أبوبكر الخطيب انفرد الواقدى بهذا

القول وإنما عمارة ابنه له ابنته وقد تقدم ذكره . وله أيضا ابنة تسمى أم الفضل وابنة

تسمى فاطمة ومن الناس من يعدهما واحدة وفاطمة هذه إحدى الفواطم التى قال

عليه السلام لعلى وقد بعث الله حلة تشقها خمرا بين الفواطم وهن فاطمة بنت أسد

أم على وفاطمة بنت محمد زوجه عليه السلام وفاطمة ابنة حمزة هذه وفاطمة ابنة

عتبة . وأما العباس فيكنى أبا الفضل بابنه وكان أسن من رسول الله صلى الله عليه وسلم بسنتين

أو ثلاث وكان رئيسا في قريش وإليه كانت عمارة المسجد الحرام والسقاية شهد

العقبة مع رسول الله صلى الله على هوسلم ليشترط له على الانصار وشهد بدرا مع

المشركين مكرها وفدى يومئذ نفسه ، وعقيلا ونوفلا ابنى أخويه أبى طالب والحارث

وأسلم قبل فتح خيبر وكان يكتم إسلامه إلى يوم فتح مكة فأظهره وقيل أسلم قبل

يوم بدر وكان يكتم ذلك وشهد يوم حنين وثبت . وهو القائل :

ألا هل أتى عرسى مكرى ومقدمى * بوادى حنين والاسنة تشرع

وكيف رددت الخيل وهى مغيرة * بزوراء تعطى في اليدين وتمنع

نصرنا رسول الله صفى الحرب سبعة * وقد فر من قد فر عنه فأقشعوا

وثامننا لاقى الحمام بسيفه * بما مسه في الله لا يتوجع

وكان النبى صلى الله عليه وسلم يقول فيه : العباس أجود قريش كفا وأوصلها . وروى أن

ـ372ـ

العباس لم يمر بعمر ولا بعثمان وهما راكبان إلا نزلا حتى يجوز إجلالا له وكان النبى

صلى الله عليه وسلم يجله واستسقى به عمر عام الرمادة سنة سبع عشرة فسقوا ففى

ذلك يقول الفضل بن العباس بن عتبة بن أبى لهب :

بعمى سقى الله الحجاز وأهله * عشية يستسقى بشيبته عمر

توجه بالعباس في الجدب راغبا * فماكر حتى جاء بالديمة المطر

وكان من دعاء العباس وهو يستسقى : اللهم أنت الراعى لاتهمل الضالة ولا تدع

الكبير بدار مضيعة فقد ضرع الصغير ورق الكبير وارتفعت الشكوى فأنت

تعلم السر وأخفى اللهم فأغثهم بغياثك من قبل أن يقنطوا فيهلكوا فانه لا ييأس

من روحك إلا القوم الكافرون . وفضائل العباس كثيرة ومناقبه مشهورة توفى

سنة اثنتين وثلاثين وصلى عليه عثمان وقيل في وفاته غير ذلك . وولد العباس سبعة

لام الفضل لبابة بنت الحارث وسيأتى ذكر نسبها عند ذكر أختها ميمونة في

زوجات النبى صلى الله عليه وسلم وهم الفضل وعبدالله وعبيدالله ومعبد وقثم و عبدالرحمن

وأم حبيبة شقيقتهم وتمام وكثير لام ولد والحارث وأمه من هذيل وعون بن العباس

قال أبوعمر لم أقف على اسم أمه قال وكل بنى العباس لهم رواية وللفضل وعبدالله

وعبيدالله سماع ورواية . وكان الفضل أكبر هم وتمام أصغرهم وقد روى تمام عن

النبى صلى الله عليه وسلم لا تدخلوا على قلحا ( 1 ) استاكوا . وكان الفضل جميلا وعبدالله عالما

وعبيدالله سخيا جوادا وكان تمام من أشد الناس بطشا وكان العباس يحمل تماما ويقول :

* ( هامش ) * ( 1 ) القلح : صفرة تعلوا لا سنان ووسخ يركبها ، وهو حث على استعمال السواك . ( * )

ـ373ـ

تموا بتمام فصاروا عشره يارب فاجعلهم كراما برره

واجعل لهم ذكرا وأثم الثمره

ويقال مارؤيت قبور أشد تباعدا بعضها من بعض من قبور بنى العباس

ابن ع بدالمطلب . استشهد الفضل بأجنادين ومات معبد و عبدالرحمن بافريقية

وعبدالله بالطائف وعبيدالله باليمن وقثم بسمرقند وكثير بالينبع وقد يقع في

ذلك خلاف ليس هذا موضعه . وأما الحارث وهو أكبر ولد ع بدالمطلب وبه كان

يكنى : قال الحافظ عبد الغنى المقدسى رحمه الله تعالى لم يدرك الاسلام وأسلم

من أولاده أربعة نوفل وربيعة وأبوسفيان وعبدالله فكان نوفل أسن إخوته وأسن

من أسلم من بنى هاشم ولم يذكر المغيرة فيهم وقد ذكره أبوعمر بن عبدالبر في

كتابه في الصحابة فيكون خامسا لهم غير أنه قال ومنهم من يجعل المغيرة اسم أبى

سفيان والصحيح الاول يعنى أنه غيره . وأما أبولهب فأبوه كناه بذلك لحسن

وجهه . قال السهيلى كنى بأبى لهب مقدمة لما يصير اليه من اللهب وكان بعد نزول

السورة فيه لا يشك مؤمن أنه من أهل النار بخلاف غيره من الكفار - يعنى

الموجودين - فان الاطماع لم تنقطع من إسلامهم . وامرأته أم جميل بنت حرب بن

أمية اسمها العوراء فولد أبولهب عتبة ومعتبا شهدا حنينا وثبتا فيه وأختهما درة

لها صحبة وأخوهم عتيبة قتله الاسد بالزرقاء من أرض الشام بدعوة النبى صلى

الله عليه وسلم عليه وبعضهم يجعل عتبة المكبر عقير الاسد وعتيبة الصحابى

والمشهور الاول . وأما ضرار فانه مات أيام أوحى إلى النبى صلى الله عليه وسلم

ولم يسلم وكان من فتيان قريش جمالا وسخاء . وأما الغيداق فكان أكثر قريش

ـ374ـ

مالا وكان جوادا . وأما المقوم وجحل فولد لهما وانقطع العقب منهما . وأما عبد

الكعبة فلم يدرك الاسلام ولم يعقب . وأما قثم فهلك صغيرا كما تقدم . وأما أم

حكيم وهى البيضاء فكانت عند كريز بن ربيعة بن حبيب بن عبد شمس بن

عبد مناف فولدت له عامرا وبنات منهن أروى أم عثمان بن عفان وهى توءمة

عبدالله والد رسول الله صلى الله عليه وسلم على خلاف في ذلك . وهى التى

وضعت جفنة الطيب للمطيبين في حلقهم ، وكانت تقول إنى لحصان ( 1 ) فما أكلم

وصناع ( 2 ) فما أعلم . وأما عاتكة فكانت عند أبى أمية بن المغيرة بن عبدالله بن

عمر بن مخزوم ولدت له عبدالله له صحبة وزهيرا وقريبة مختلف في صحبتهما

وهم إخوة أم سلمة لابيها وهى صاحبة الرؤيا بمكة يوم بدر وقد تقدمت . وأما برة

فكانت عند أبى رهم بن عبدالعزى بن أبى قيس بن عبدود بن نصر بن مالك

ابن حسل بن عامر بن لؤى فولدت له أبا سبرة له صحبة شهد بدرا والمشاهد مع

رسول الله صلى الله عليه وسلم ثم خلف عليها عبدالاسد بن هلال بن عبدالله بن عمر بن

مخزوم وقيل بل كانت عنده قبل أبى رهم فولدت لعبد الاسد أبا سلمة عبدالله زوج

أم سلمة صحابى مشهور توفى في حياة رسول الله صلى الله عليه وسلم وبعد وفاته

تزوج رسول الله صلى الله عليه وسلم أم سلمة زوجه . وأما أميمة فكانت عند جحش بن رئاب

ابن يعمر بن صبرة بن مرة بن كبير بن غنم بن دودان بن أسد بن خزيمة فولدت

له عبدالله المجدع في الله بدعائه المقتول يوم أحد شهيدا رضى الله عنه وأبا أحمد

الشاعر الاعمى وعبيدالله أسلما أيضا وهاجروا إلى أرض الحبشة ثم تنصر هنالك

عبيدالله . وزينب أم المؤمنين وحمنة وكانت عند مصعب بن عمير ثم خلف عليها

* ( هامش ) * ( 1 ) أى : عفيفة .

( 2 ) يقال امرأة صناع إذا كان لها صنعة تعملها بيديها وتكسب بها . ( * )

ـ375ـ

طلحة بن عبيدالله فولدت له محمدا وعمران وكانت تستحاض وكانت ممن خاض في

حديث الافك وجلد فيه ان صح أتهم جلد واوتكنى حمنة هذه أم حبيبة عند قوم

وعند الاكثرين أم حبيبة غيرها وكانت أم حبيبة تحت عبدالرحمن بن عوف

وكانت تستحاض . حديثها في صحيح مسلم وكان شيخنا الحافظ أبومحمد الدمياطى

رحمه الله يقول هن زينب وحمنة وأم حبيب ويعد ما عدا ذلك وهما وقيده بخطه

على صحيح مسلم في الفوائد التى كتبها على نسخته وقد علقت عنه هذه الفوائد .

وأما أروى فمختلف في إسلامها كما تقدم . وحكاه أبوعمر عن الواقدى في خبر

يسنده أن ابنها طليب بن عمير حملها على ذلك فوافقته وأسلمت وكانت بعد ذلك

تعاضد النبى صلى الله عليه وسلم وتحض ابنها على نصرته . وقد رواه الحاكم وزعم أنه على شرط

البخارى . وكانت تحت عمير بن وهب بن عبدالدار بن قصى فولدت له طليب بن

عمير كان بدريا من فضلاء الصحابة وقتل بأجنادين شهيدا ولا عقب له ثم خلف

عليها كلدة بن هاشم بن عبد مناف بن عبدالدار بن قصى - وهو عند أبى عمر كلدة

ابن عبد مناف والصحيح الاول - فولدت له فاطمة . ورأيته في كتاب أبى عمر أروى

وليس بشئ . فولدت فاطمة هذه زينب بنت أرطاة بن عبد شر حبيل بن هاشم

المذكور آنفا فولدت زينب كيسة بنت الحارث بن كريز بن ربيعة زوج مسيلمة

ابن حبيب الكذاب . ثم خلف على كيسة ابن عمها عبدالله بن عامر بن كريز ولد

على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم وعوذه وتفل في فيه فجعل يتسوغ ريق رسول

الله صلى الله عليه وسلم فقال عليه السلام إنه لمسقى فكان له يعالج أرضا إلا ظهر له الماء وهو

الذى عمل السقايات بعرفة وشق نهر البصرة ، جمع له عثمان بين ولاية البصرة وفارس

وهو ابن أربع وعشرين سنة وكان سخيا جوادا وفيه يقول زياد الاعجم :

أخ لك لا تراه الدهر إلا * على العلات مبتسما جوادا

ـ376ـ

أخ لك مامودته بمذق ( 1 ) * إذا ما عاد فقر أخيه عادا

سألناه الجزيل فما تلكى * وأعطى فوق منيتنا وزادا

وأحسن ثم أحسن ثم عدنا * فأحسن ثم عدت له فعادا

مرارا مارجعت اليه إلا * تبسم ضاحكا وثنى الوسادا

وأما صفية فأسلمت وهاجرت وكانت عند الحرث بن حرب أخى أبى سفيان بن

حرب فولدت له صيفى بن الحارث ثم خلف عليها العوام بن خويل بن أسد بن

عبدالعزى بن قصى فولدت له الزبير والسائب صحابيين مشهورين وعبد الكعبة

وأم حبيب تزوجها خالد بن جزام فولدت له أم حسين لا عقب لها . توفيت صفية

رضى الله عنها سنة عشرين ودفنت بالبقيع ولها ثلاث وسبعون سنة .

* ( هامش ) * ( 1 ) أى صافية غير مدخولة . ( * )

ـ377ـ

ـ ذكر فوائد تتعلق بهذا الفصل ـ

سوى ما تقدم

جحل بتقديم الجيم على الحاء المهملة . وهو السقاء الضخم قال ابن دريد واسمه

مصعب وجحل لقب وغيره يقول اسمه المغيرة كما سبق والجحل نوع من اليعاسيب

عن صاحب العين وقال أبوحنيفة كل شئ ضخم فهو جحل ذكره السهيلى وكان

الدارقطنى يقول هوحجل بتقديم الحاء ويفسر بالخلخال أو القيد . وقثم قد ذكرنا

أنه شقيق الحارث وكان ابن قدامة يقول الحارث لا شقيق له والذى رواه ابن سعد

يسنده عن ابن الكلبى أن قثم شقيق العباس وضرار . قال ابن سيدة قثم الشئ

يقثمه قثما جمعه ويقال قثام أى أقثم مطرد عند سيبويه وموقوف عند أبى العباس

وقثم له من العطاء قثما أكثر وقثم اسم رجل مشتق منه . وقثام من أسماء الضبع وقثم

الذكر من الضباع وكلاهما معدول عن فاعل وفاعلة وقد تكرر هذا الاسم لابن عبد

المطلب ولا بن عباس . وكان قثم بن العباس واليا لعلى على مكة أردفه النبى صلى الله عليه وسلم

ودعاله واستشهد بسمرقند . قال ابن عبدالبر وقال الزبير في الشعر الذى أوله :

هذا الذى تعرف البطحاء وطأته * والبيت يعرفه والحل والحرم

انه قاله بعض شعراء المدينة في قثم بن العباس ، وزاد الزبير في الشعر بيتين أو ثلاثة منها

قوله : كم صارخ بك مكروب وصارخة * يدعوك ياقثم الخيرات ياقثم

ـ378ـ

قال ولا يصح في قثم بن العباس وذلك شعر آخر على عروضه وقافيته . وما قاله

الزبير فغير صحيح ثم قال أبوعمر وفى قثم بن العباس هذا يقول داود بن أسلم :

عتقت من حلى ومن رحلتى * ياناق إن بلغتنى من فثم

إنك إن أدنيت منه غدا * خالفنى البؤس ومات العدم

في كفه بحر وفى وجهه * بدر وفى العرنين ( 1 ) منه شمم

أصم عن قيل الخنا سمعه * وما عن الخير به من صمم

لم يدر ما " لا " وبلى قد درى * فعافها واعتاض منها " نعم "

كذا قال أبوعمر وإنما الشعر في قثم بن العباس بن عبدالله بن العباس بن

ع بدالمطلب كان واليا على اليمامة لابى جعفر المنصور وكان داود بن أسلم من شعراء

الدولة العباسية فأين هو من ذلك الزمان . وتقدم ذكر أبى سفيان بن الحرث وكان

عليه السلام يقول أبوسفيان خير أهلى أو من خير أهلى وفيه كان يقول عليه السلام

كل الصيد في جوف الفرا . وقيل في أبى سفيان بن حرب وكان أبوسفيان بن

الحارث أخا رسول الله صلى الله عليه وسلم من الرضاعة وابن عمه وكان فارسا مشهورا

وشاعرا مطبوعا أنشد له أبوعمر :

لقد علمت قريش غير فخر * بأنا نحن أجودهم حصانا

وأكثر هم دروعا سابغات * وأمضاهم إذا طعنوا سنانا

وأدفعهم لدى الضراء عنهم * وأبينهم إذا نطقوا لسانا

* ( هامش ) * ( 1 ) أى الانف . والشمم ارتفاع في قصبة الانف مع استواء أعلاه . ( * )

ـ379ـ

قال أبوعمرو كان أحد الخمسة المشبهين بالنبى صلى الله عليه وسلم وهم جعفر بن

أبى طالب والحسن بن على وقثم بن العباس وأبوسفيان بن الحارث والسائب بن

عبيد بن عبد يزيد بن هاشم بن المطلب بن عبد مناف . ولم يزد على ذلك وإلى

السائب هذا ينسب الامام الشافعى قال المؤلف فقلت في ذلك شعرا :

بخمسة شبه المختار من مضر * ياحسن ماخولوا من شبهه الحسن

بجعفر وابن عم المصطفى قثم * وسائب وأبى سفيان والحسن

قلت وممن كان يشبه بالنبى صلى الله عليه وسلم أيضا عبدالله بن عامر بن

كريز بن ربيعة بن حبيب بن عبد شمس رآه رسول الله صلى الله عليه وسلم صغيرا فقال هذا

شبهنا . وروى أنه عليه السلام قال إذا رآه يابنى عبد شمس هذا أشبه بنا منه

بكم . وأبولهب اسمه لبنى كذا هو عند الجماعة وفسره السهيلى بشئ يتميع من

بعض الشجر عن أبى حنيفة قال ويقال لبعضه الميعة . والذى ذكره أبوعمر في اسم

أمه لبى على وزن فعلى من اللب على قياس قول ابن دريد في حبى من الحب وقال

السهيلى بنت هاجر بكسر الجيم . ( 1 )

* ( هامش ) * ( 1 ) في حاشية الاصل : بلغ مقابلة لله الحمد . ( * )

ـ381ـ

ـ ذكر أزواجه وسراريه ـ

............................................................................

- عيون الاثر مجلد: 2 من ص 381 سطر 1 الى ص 390 سطر 21

ـ ذكر أزواجه وسراريه ـ

سلام الله عليه وعليهن

روى عبدالملك بن محمد ا لنيسابورى بسنده عن عطية العوفى عن أبى سعيد

الخدرى قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم ما تزوجت شيئا من نسائى ولا

زوجت شيئا من بناتى إلا بوحى جاءنى به جبريل عن ربى عزوجل . فأول من

تزوج صلى الله عليه وسلم خديجة وقد تقدم ذكرها . ثم سودة بنت زمعة بن قيس

ابن عبد شمس بن عبدود بن نصر بن مالك بن حسل بن عامر بن لؤى بعد خديجة

على الصحيح ومن الناس من يقول تزوج عائشة قبلها ، وأصدق النبى صلى الله عليه وسلم سودة

أربعمائة . وأمها الشموس بنت قيس بن عمرو بن زيد بن لبيد بن خداش بن عامر

ابن غنم بن عدى بن النجار بنت أخى سلمى بنت عمرو بن زيد أم ع بدالمطلب

وكانت قبله عند السكران بن عمرو بن عبدشمس بن عبدود أخى سهل وسهيل

وسليط وحاطب ولكلهم صحبة ، وهاجر بها السكران إلى أرض الحبشة الهجرة

الثانية ثم رجع بها إلى مكة فمات عنها فلما حلت تزوجها عليه السلام في السنة

العاشرة من النبوة وقيل في الثامنة وماتت بعده بالمدينة في آخر خلافة عمر بن الخطاب

هذا هو المشهور في وفاتها وابن سعد يقول عن الواقدى توفيت سنة أربع وخمسين

في خلافة معاوية وكانت قد كبرت عنده فأراد طلاقها فوهبت يومها لعائشة فأمسكها

وقيل بل طلقها وراجعها والصحيح الاول قال الدمياطى وقال أبوعمر أسلت عند

ـ382ـ

النبى صلى الله عليه وسلم فهم بطلاقها فقالت لا تطلقنى وأنت في حل من شأنى

فانما أريد أن أحشر في أزواجك وانى قد وهبت يومى لعائشة وانى لا أريد ما تريد

النساء فأمسكها رسول الله صلى الله عليه وسلم حتى توفى عنها .

ثم عائشة بنت أبى بكر الصديق أم عبدالله اكتنت بابن أختها عبدالله بن

الزبير باذن رسول الله صلى الله عليه وسلم لها بذلك وأمها أم رومان بنت عامر بن عويمر وقيل بنت

عمير بن عامر من بنى دهمان بن الحارث . كانت تسمى لجبير بن مطعم فسلها أبوبكر

منهم وزوجها النبى صلى الله عليه وسلم . روى أبومعاوية عن الاعمش عن ابراهيم

عن الاسود عن عائشة قالت تزوجنى رسول الله صلى الله عليه وسلم وأنا بنت

سبع سنين وبنى بى وأنا بنت تسع وقبض عنى وأنا بنت ثمان عشرة . رويناه

من طريق النسائى عن أبى كريب وأحمد بن حرب عن أبى معاوية . وتزوجها عليه

السلام بمكة في شوال سنة عشر من النبوة . فلما هاجر إلى المدينة بعث زيد بن

حارثة وأبا رافع إلى مكة يأتيان بعياله سودة وأم كلثوم وفاطمة وأم أيمن وابنها

أسامة وخرج معهم عبدالله بن أبى بكر بعيال أبى بكر أم رومان وعائشة وأسماء

فقدموا المدينة فأنزلهم في بيت لحارثة بن النعمان ورسول الله صلى الله عليه وسلم

يومئذ يبنى مسجده فلما فرغ من بنائه بنى بيتا لعائشة وبيتا لسودة وأعرس بعائشة

في شوال على رأس ثمانية أشهر من مهاجره وقيل سبعة أشهر وقيل ثمانية عشر .

وكان مقامه في بيت أبى أيوب إلى أن تحول إلى مساكنه سبعة أشهر وقبض عنها

وهى بنت ثمان عشرة ومكثت عنده تسع سنين وخمسة أشهر ولم يتزوج بكرا

غيرها يقال انها أتت من النبى صلى الله عليه وسلم بسقط ولا يثبت وكانت فضائلها جمة ومناقبها

كثيرة قال عليه السلام فضل عائشة على النساء كفضل الثريد على سائر الطعام

ـ383ـ

وقيل له أى النساء ( 1 ) أحب اليك قال عائشة قيل فمن الرجال قال أبوها . ونزلت

براءتها في القرآن وقبض عليه السلام ورأسه في حجرها ودفن في بيتها وقال أبو

الضحى عن مسروق ورأيت مشيخة أصحاب محمد صلى الله عليه وسلم الاكابر

يسألونها عن الفرائض . وقال عطاء بن أبى رباح كانت عائشة أفقه الناس وأعلم

الناس وأحسن الناس رأيا في العامة . وقال هشام بن عروة عن أبيه ما رأيت أحدا

أعلم بفقه ولا بطب ولا بشعر من عائشة . وقال الزهرى لو جمع علم جميع أزواج

النبى صلى الله عليه وسلم جميع النساء لكان علم عائشة أفضل . وفيها يقول

حسان يمدحها ويعتذر اليها :

حصان رزان ( 2 ) ما تزن بريبة * وتصبح غرثى من لحوم الغوافل ( 3 )

عقيله ( 4 ) أصل من لؤى بن غالب * كرام المساعى مجدهم غير زائل

مهذبة قد طيب الله خيمها * وطهرها من كل بغى وباطل

فان كان ما قد قيل عنى قلته * فلا رفعت سوطى إلى أناملى

وكيف وودى ما حييت ونصرتى * لآل رسول الله زين المحافل

توفيت سنة ست وقيل سنة سبع وقيل سنة ثمان وخمسين وصلى عليها أبو

هريرة ودفنت بالبقيع ليلا . ونزل في قبرها القاسم بن محمد وابن عمه عبدالله بن

* ( هامش ) * ( 1 ) في نسخة " أى الناس " وهو غلط .

( 2 ) أى : عفيفة رزينة .

( 3 ) الغرث الجوع وهو إستعارة عن كفها عن الغيبة .

( 4 ) أى : كريمة .

بكسر الخاء أى طبيعتها وسجيتها . ( * )

ـ384ـ

عبدالرحمن وعبدالله بن أبى عتيق وعبدالله وعروة ابنا الزبير وقد قاربت سبعا

وسنين سنة ومولدها سنة أربع من النبوة .

تم حفصة بنت عمر بن الخطاب وأمها قدامة بنت مظعون وهى شقيقة عبدالله

ابن عمر وأسن منه . مولدها قبل النبوة بخمس سنين كانت تحت خنيس بن حذافة

السهمى فتوفى عنها من جراحات أصابته ببدر وقيل بأحد والاول أشهر . فتزوجها

رسول الله صلى الله عليه وسلم في شعبان على رأس ثلاثين شهرا من مهاجره على القول الاول

أو بعد أحد على الثانى . وكان عمر قد عرضها على أبى بكر قبل أن يتزوجها عليه

السلام فلم يرجع اليه أبوبكر كلمة فغضب من ذلك ثم عرضها على عثمان حين

ماتت رقية فقال ما أريد أن أتزوج اليوم فانطلق عمر إلى رسول الله صلى الله عليه

وسلم فشكا اليه عثمان وأخبره بعرض حفصة عليه فقال رسول الله صلى الله عليه

وسلم تتزوج حفصة خيرا من عثمان ويتزوج عثمان خيرا من حفصة ثم تزوج عليه

السلام حفصة وزوج ابنته أم كلثوم عثمان وطلق عليه السلام حفصة تطليقة ثم

راجعها وذلك أن جبريل نزل عليه فقال له راجع حفصة فانها صوامة قوامة وانها

زوجتك في الجنة ومن حديث عقبة بن عامر قال طلق رسول الله صلى الله عليه وسلم حفصة

فبلغ ذلك عمر فحثا ( 1 ) على رأسه التراب وقال ما يعبأ الله بعمر وابنته بعدها فنزل

جبريل على النبى صلى الله عليه وسلم من الغد وقال إن الله يأمرك أن تراجع حفصة

رحمة لعمر ثم أراد أن يطلقها ثانية فقال له جبريل لاتطلقها فانها صوامة قوامة

الحديث . توفيت في شعبان سنة خمس وأربعين بالمدينة وصلى عليها مروان بن

الحكم أمير المدينة وحمل سريرها بعض الطريق ثم حمله أبوهريرة إلى قبرها

* ( هامش ) * ( 1 ) أى : رمى . ( * )

ـ385ـ

ونزل في قبرها عبدالله وعاصم ابنا عمر وسالم وعبدالله وحمزة بنو عبدالله بن عمر

وقد بلغت ثلاثا وستين سنة وقيل ماتت سنة إحدى وأربعين وأوصت إلى عبدالله

أخيها بما أوصى اليها عمر وبصدقة تصدقت بها بمال وقفته بالغابة .

ثم زينب بنت خزيمة بن الحارث بن عبدالله بن عمرو بن عبد مناف بن هلال

ابن عامر بن صعصعة بن معاوية بن بكر بن هوازن بن منصور بن عكرمة بن

حفصة بن قيس عيلان كانت تدعى أم المساكين لرأفتها بهم كانت عند الطفيل

ابن الحارث فطلقها فتزوجها أخوه عبيدة فقتل يوم بدر شهيدا كما سبق فخلف

عليها رسول الله صلى الله عليه وسلم في شهر رمضان على رأس أحد وثلاثين شهرا

من الهجرة ومكثت عنده ثمانية أشهر وتوفيت في آخر شهر ربيع الآخر على رأس

تسعة وثلاثين شهرا من الهجرة وصلى عليها رسول الله صلى الله عليه وسلم ودفنها بالبقيع وقد

بلغت ثلاثين سنة أو نحوها . ولم يمت من أزواجه في حياته إلا هى وخديجة وفى

ريحانة خلاف وقال أبوعمر كانت قبل النبى صلى الله عليه وسلم عند عبدالله بن

جحش حكاه عن ابن شهاب قال وقتل عنها يوم أحد فتزوجها رسول الله صلى الله عليه وسلم

سنة ثلاث ولم تلبث عنده إلا يسيرا شهرين أو ثلاثة . وحكى عن على بن عبدالعزيز

الجرجانى انها كانت أخت ميمونة لامها قال ولم أر ذلك لغيره ولما خطبها عليه

السلام جعلت أمرها اليه فتزوجها واشهدوا صداقها اثنتى عشرة أو قية ونشا ( 1 )

وأرادت أن تعتق جارية لها سوداء فقال لها رسول الله صلى الله عليه وسلم ألا

تفدين بها بنى أخيك أو أختك من رعايه الغنم .

ثم أم سلمة واسمها هند بنت أمية بن المغيرة بن عبدالله بن عمر بن مخزوم

* ( هامش ) * ( 1 ) بفتح النون وتشديد الشين وهو عشرون درهما . ( * )

ـ386ـ

وكانت قبله عند أبى سلمة عبدالله بن عبدالاسد وهما أول من هاجر إلى أرض

الحبشة ولدت له برة سماها رسول الله صلى الله عليه وسلم زينب وسلمة وعمر ودرة

شهد أبوسلمة بدرا وأحدا ورمى بها بسهم في عضده فمكث شهرا يداويه ثم برأ

الجرح وبعثه رسول الله صلى الله عليه وسلم في هلال المحرم على رأس خمسة وثلاثين

شهرا من مهاجره وبعث معه مائة وخمسين رجلا من المهاجرين والانصار إلى

قطن وهو جبل بناحية فيد فغاب تسعا وعشرين ليلة ثم رجع إلى المدينة فانتفض

جرحه فمات منه لثمان خلون من جمادى الآخرة سنة أربع فاعتدت أم سلمة وحلت

لعشر بقين من شوال سنة أربع فتزوجها رسول الله صلى الله عليه وسلم في ليال

بقين من وشوال المذكور وأبوعمر يقول تزوجها في شوال سنة اثنتين وليس بشئ

لانه قال في وفاة أبى سلمة انها في جمادى الآخرة سنة ثلاث وهو لم يتزوجها إلا

بعد انقضاء عدتها من أبى سلمة بالوفاة وقال لها إن شئت سبعت لك وسبعت

لنسائى وإن شئت ثلثت ودرت فقالت بل ثلث . وخطبها عليه السلام فقالت انى

سنة وذات أيتام وشديدة الغيرة فقال أنا أسن منك وعيالك عيال الله ورسوله

وأدعو الله لك فيذهب عنك الغيرة فدعا لها فكان كذلك . توفيت في خلافة

يزيد بن معاوية سنة ستين على الصحيح . وأمها عاتكة بنت عامر بن ربيعة بن

مالك بن خزيمة بن علقمة بن فراس وقد قيل في اسم أم سلمة رملة وليس بشئ .

ثم زينب بنت جحش بن رئاب بن يعمر بن صبرة بن مرة بن كبير بن غنم

ابن دودان بن أسد بن خزيمة وكان اسمها يرة فسماها زينب . أمها أميمة عمة رسول

الله صلى الله عليه وسلم كانت قبله عند زيد بن حارثة مولاه ثم طلقها فلما حلت

زوجه الله إياها من السماء سنة أربع وقيل سنة ثلاث وقيل سنة خمس وهى يومئذ

بنت خمس وثلاثين سنة وأولم عليها وأطعم المسلمين خبزا ولحما وفيها نزل الحجاب

ـ387ـ

وهى التى قال الله في حقها ( فلما قضى زيد منها وطرا زوجنا كها ) ولما تزوجها تكلم

في ذلك المنافقون وقالوا حرم محمد نساء الولد وقد تزوج إمرأة ابنه فأنزل الله عزوجل

( ما كان محمد أبا أحد من رجالكم ) الآية وقال ( أدعوهم لآبائهم هو أقسط عند الله )

فدعى زيد بن حارثة وكان يدعى زيد بن محمد وكانت تفخر على نسائه عليه السلام

تقول آباؤكن أنكحو كن وان الله تعالى أنكحنى إياه من فوق سبع سموات وغضب

عليها رسول الله صلى الله عليه وسلم لقولها لصفية بنت حيى تلك اليهودية فهجرها

لذلك ذا الحجة والمحرم وبعض صفر ثم أتاها وكانت كثيرة الصدقة والايثار وهى

أول نسائه لحوقا به توفيت سنة عشرين أو إحدى وعشرين وكانت عائشة تقول

هى التى تسامينى في المنزلة عند رسول الله صلى الله عليه وسلم وما رأيت إمرأة قط خيرا في الدين

من زينب وأتقى لله وأصدق حديثا وأوصل للرحم وأعظم صدقة . وقال عليه

السلام لعمر بن الخطاب في حقها إنها لاواهة قال رجل أى رسول الله وما الاواه

قال الخاشع المتضرع وان ابراهيم لحليم أواه منيب .

ثم جويرية بنت الحارث بن أبى ضرار بن حبيب بن عائذ بن مالك بن جذيمة

وهو المصطلق بن سعيد بن كعب بن عمرو بن ربيعة بن حارثة بن عمرو مزيقياء بن عامر

ماء السماء سباها يوم المريسيع في غزوة بنى المصطلق . وقد تقدم ذكرها وقعت في

سهم ثابت بن قيس بن شماس كاتبها على تسع أواقى فأدى عليه السلام عنها كتابتها

وتزوجها وقال الشعبى كانت جويرية من ملك اليمين فأعتقها عليه السلام وتزوجها

وقال الحسن من رسول الله صلى الله عليه وسلم على جويرية وتزوجها وقيل جاء

أبوها فافتداها ثم أنكحها رسول الله بعد ذلك . وكان اسمها برة فحوله رسول الله

صلى الله عليه وسلم وسماها جويرية . وكانت قبل رسول الله صلى الله عليه وسلم

ـ388ـ

عند مسافع بن صفوان المصطلقى . وكانت جميلة قالت عائشة كانت جويرية عليها

ملاحة وحلاوة لا يكاد يراها أحد إلا وقعت بنفسه وعند ما تزوجها عليه السلام

قال الناس صهر رسول الله صلى الله عليه وسلم فأرسلوا ما بأيديهم من سبايا بنى

المصطلق قالت عائشة فلم نعلم إمرأة كانت أكثر بركة على قومها منها . توفيت بالمدينة في

شهر ربيع الاول سنة ست وخمسين وصلى عليها مروان بن الحكم وهو أمير المدينة

وقد بلغت سبعين سنة لانه تزوجها وهى بنت عشرين سنة . وقيل توفيت سنة

خمسين وهى بنت خمس وستين سنة ولابيها الحارث بن أبى ضرار صحبة وكان

قد قدم في فداء ابنته جويرية بأباعر فاستحسن منها بعيرين فغيبهما بالعقيق في

شعب ولم يعترف بهما لرسول الله صلى الله عليه وسلم فأخبره النبى صلى الله عليه وسلم عنهما فقال والله

لم يطلع على ذلك أحد أشهد أنك رسول الله وأسلم . ذكره ابن إسحق والواقدى .

ثم ريحانة بنت زيد بن عمرو بن خنافة بن شمعون بن زيد من بنى النضير وبعضهم

يقول من بنى قريظة وكانت متزوجة فيهم رجلا يقال له الحكم وكانت جميلة وسيمة

وقعت في سبى بنى قريظة فكانت صفى رسول الله صلى الله عليه وسلم فخيرها بين

الاسلام ودينها فاختارت الاسلام فأعتقها وتزوجها وأصدقها إثنتى عشرة أوقية

و نشاوأعرس بها في المحرم سنة ست في بيت سلمى بنت قيس النجارية بعد أن

حاضت حيضة وضرب عليها الحجاب فغارت عليه غيره شديدة فطلقها تطليقة

فأكثرت البكاء فدخل عليها وهى على تلك الحال فراجعها . ولم تزل عنده حتى ماتت

مرجعه من حجة الوداع سنة عشر . وقيل كانت موطوءة له بملك اليمين والاول

أثبت عند الواقدى وأما أبوعمر فقال ريحانة سرية النبى صلى الله عليه وسلم . لم

يزد على ذلك ووالدها شمعون يأتى ذكره في موالى النبى صلى الله عليه وسلم .

ـ389ـ

؟ ؟ ؟ أم حبيبة رملة بنت أبى سفيان صخر بن حرب بن أمية بن عبد شمس

ابن عبد مناف الاموية . أمها صفية بنت أبى العاص بن أمية عمة عثمان بن عفان

هاجرت مع زوجها عبيدالله بن جحش إلى أرض الحبشة في الهجرة الثانية فولدت

له حبيبة وبها كانت تكنى وتنصر عبيدالله هناك وثبتت هى على الاسلام وبعث

رسول الله صلى الله عليه وسلم عمرو بن أمية الضمرى إلى النجاشى فزوجه إياها

والذى عقد عليها خالد بن سعيد بن العاص وأصدقها النجاشى عن رسول الله صلى

الله عليه وسلم أربعمائة دينار على خلاف محكى في الصداق والعاقد من كان وبعثها

مع شر حبيل بن حسنة وجهزها من عنده كل ذلك في سنة سبع . وقد قيل في اسمها

هند وزوجها من النبى صلى الله عليه وسلم عثمان بن عفان وكان الصداق مائتى

دينار وقيل أربعة آلاف درهم وقد عقد عليها النجاشى وكان قد أسلم وقيل إنما

تزوجها عليه السلام بالمدينة مرجعها من الحبشة والاول أثبت في ذلك كله وكان

أبوسفيان في حرب رسول الله صلى الله عليه وسلم فقيل له إن محمدا قد نكح

ابنتك فقال هو الفحل لايقدع أنفه وكان أبوعبيدة يقول تزوجها عليه السلام سنة

ست وليس بشئ وقد وقع في الصحيح ( 1 ) قول أبى سفيان يوم الفتح للنبى صلى الله

عليه وسلم أسألك ثلاثا فذكر منهن أن تتزوج يا رسول الله أم حيبية يعنى ابنته

فأجابه عليه السلام لما سأل . وهذا مخالف لما اتفق عليه أرباب السير والعلم بالخبر

وقد أجاب عنه الحافظ المنذرى جوابا يتساوك ( 2 ) هزلا فقال يكون أبوسفيان ظن أن

بما حصل له من الاسلام تجددت له عليها ولاية فأراد تجديد العقد يوم ذلك لا

غير . توفيت أم حبيبة سنة أربع وأربعين وبعد موتها إستلحق معاوية زيادا

* ( هامش ) * ( 1 ) أى صحيح مسلم . قال العزبن جماعة في سيرته : وقد عد هذا من أوهام مسلم .

( 2 ) التساوك : السير الضعيف . ( * )

ـ390ـ

وقال قبله والاول أشبه تحرجا من دخوله عليها وكان الذى جسره على إستلحاقه

إياه الابيات التى لابى سفيان يخاطب بها عليا :

أما والله لولا خوف واش * يرانى يا على من الاعادى

لاظهر أمره ( 1 ) صخر بن حرب * وإن تكن ( 2 ) المقالة عن زياد

فقد طالت مجاملتى ثقيفا * وتركى فيهم ثم الفؤاد ( 3 )

ثم صفية بنت حيى بن أخطب بن سعية بن ثعلبة بن عبيد بن كعب بن الخزرج

ابن أبى حبيب بن النضير بن النحام بن ينحوم من بنى إسرائيل من سبط هارون

ابن عمران عليه السلام كان أبوها سيد بنى النضير فقتل مع بنى قريظة . وأمها برة

بنت شموال أخت رفاعة بن شموال القرظى وكانت عند سلام بن مشكم . ثم خلف

عليها كنانة بن الربيع بن أبى الحقيق الشاعر النضرى فقتل عنها يوم خيبر ولم تلد

لاحد منهما شيئا فاصطفاها النبى صلى الله عليه وسلم لنفسه فأعتقها وتزوجها وجعل

عتقها صداقها . وبعض العلماء يعد ذلك من خصائصه عليه السلام . وكانت جميلة

لم تبلغ سبع عشرة سنة . روى حماد بن سلمة عن ثابت عن أنس أن النبى صلى الله عليه وسلم

إشترى صفية بنت حيى بسبعة أرؤس وخالفه عبدالعزيز بن صهيب وغيره عن أنس

فقالوا ان رسول الله صلى الله عليه وسلم لما جمع سبى خيبر جاءه دحية الكلبى فقال

أعطنى جارية من السبى فقال إذهب فخذ جارية فأخذ صفية بنت حيى فقيل يا رسول

الله إنها سيدة قريظة والنضير وإنها لا تصلح إلا لك فقال له النبى صلى الله عليه وسلم

* ( هامش ) * ( 1 ) في النسخة الظاهرية " شره " .

( 2 ) في نسخة " ولم يكن " .

( 3 ) في هامش الاصل : بلغ مقابلة لله الحمد . ( * )

 

ـ391ـ

خذ جارية من السبى غيرها . وقال ابن شهاب كانت مما أفاء الله عليه فحجبها وأولم

............................................................................

- عيون الاثر مجلد: 2 من ص 391 سطر 1 الى ص 399 سطر 21

خذ جارية من السبى غيرها . وقال ابن شهاب كانت مما أفاء الله عليه فحجبها وأولم

عليها بتمر وسويق وقسم لها ويروى أن رسول الله صلى الله عليه وسلم دخل على صفية

وهى تبكى فقال لها ما يبكيك قالت بلغنى أن عائشة وحفصة تنالان منى ويقولان

نحن خير من صفية نحن بنات عم رسول الله صلى الله عليه وسلم وأزواجه قال أفلا قلت لهن

كيف تكن خيرا منى وأبى هرون وعمى موسى وزوجى محمد صلى الله عليه وسلم وكانت

صفية حليمة عاقلة فاضلة قال أبوعمر روينا أن جارية لها أتت عمر بن الخطاب رضى الله

عنه فقالت ان صفية تحب السبت وتصل اليهود فبعث اليها عمر فأسلها فقالت أما السبت

فانى لم أحبه منذ أبدلنى الله به يوم الجمعة وأما اليهود فان لى فيهم رحما فأنا أصلها

ثم قالت للجارية ماخملك على ما صنعت قالت الشيطان قالت إذهبى فأنت حرة

وكانت صفية قدرأت قبل ذلك أن قمرا وقع في حجرها فذكرت ذلك لابيها فضرب

وجهها ضربة أثرت فيه وقال إنك لتمدين عنقك إلى أن تكونى عند ملك العرب

فلم يزل الاثربها حتى أتى بها رسول الله صلى الله عليه وسلم فسألها عن ذلك فأخبرته الخبر . وماتت

صفية سنة خمسين في رمضان وقيل سنة اثنتين وخمسين . ودفنت بالبقيع وورثت

مائة ألف درهم بقيمة أرض وعرض وأوصت لا بن أختها بالثلث بوكان يهوديا .

ثم ميمونة بنت الحرث بن حزن بن بجير بن الهزم بن رويبة بن عبدالله بن

هلال بن عامر بن صعصعة وكان إسمها برة فسماها ميمونة زوجه إياها العباس عمه

وكانت خالة ابن عباس وهى أخت لبابة الكبرى أم بنى العباس ولبابة الصغرى

أم خالد بن الوليد وعصماء وعزة وأم حفيد هزيلة لاب وأم وأخواتهن لامهن أسماء

وسلمى وسلامة بنات عميس . وزاد بعضهم زينب بنت خزيمة وأمهن هند بنت عوف

ابن زهير بن الحارث بن حماطة الحميرية وكانت ميمونة في الجاهلية عند مسعود

ابن عمرو بن عمير الثقفى ففارقها وخلف عليها أبورهم بن عبدالعزى بن أبى قيس

ـ392ـ

ابن عبدود بن نصربن مالك بن حسل بن عامر بن لؤى فتوفى عنها فنزوجها

رسول الله صلى الله عليه وسلم في شوال سنة سبع وفيها اعتمر عمرة القضية في

ذى القعدة وقد اختلف الرواية هل تزوجها عليه السلام وهو محرم أو وهو حلال

فلما قدم مكة أقام بها عليه السلام ثلاثا فجاءه سهيل بن عمرو في نفر من أصحابه

من أهل مكة فقال يا محمد أخرج عنا اليوم آخر شرطك فقال دعونى ابنتى بامرأتى

وأصنع لكم طعاما فقال لا حاجة لنابك ولا بطعامك أخرج عنا فقال سعد يا عاض

بظر أمه أرضك وأرض أمك دونه لا يخرج رسول الله صلى الله عليه وسلم إلا أن يشاء

فقال له رسول الله صلى الله عليه وسلم دعهم فانهم زارونا لا نؤذيهم فخرج فبنى

بها بسرف حيث تزوج بها وهنالك ماتت في حياة عائشة سنة إحدى وخمسين

وقد بلغت ثمانين سنة وقد قيل في وفاتها غير ذلك وهى آخر من تزوج عليه السلام

وقال ابن شهاب هى التى وهبت نفسها للنبى صلى الله عليه وسلم . وقال السهيلى لما

جاءها الخاطب وكانت على بعير رمت بنفسها من على البعير وقالت البعير وما عليه

لرسول الله صلى الله عليه وسلم .

فهؤلاء نساؤه المدخول بهن اثنتا عشرة امرأة منهن ريحانة وقد ذكرنا الخلاف

فيها ومات عليه السلام عن تسع منهن .

قال الحافظ أبومحمد الدمياطى وأما من لم يدخل بها ومن وهبت نفسها له ومن

خطبها ولم يتفق تزويجها فثلاثون امرأة على اختلاف في بعضهن والله اعلم .

قال المؤلف ولنذكر من تيسر لنا ذكره منهن فمنهن أسماء بنت الصلت السلمية

وأسماء بنت النعمان بن الجون بن شراحيل . وقيل بنت النعمان بن الاسود بن حارثة

ابن شراحيل من كندة . وأسماء بنت كعب الجونية ذكرها ابن إسحق من رواية

ـ393ـ

يونس بن بكير عنه ولا أراها والتى قبلها إلا واحدة . وجمرة بنت الحارث الغطفانى

خطبها عليه السلام لابيها فقال إن بها سوءا ولم يكن فرجع فوجدها قد برصت .

وأميمة بنت شراحيل لها ذكر في صحيح البخارى . وحبيبة بنت سهل الانصارية

التى اختلعت من ثابت بن قيس كان النبى صلى الله عليه وسلم أراد أن يتزوجها

ثم تركها فتزوجها ثابت قاله ابن الاثير . وخولة بنت الهذيل بن هبيرة بن قبيصة

ابن الحارث بن حبيب التغلبية ذكرها أبوعمر عن الجرجانى . وخولة أو خويلة بنت

حكيم السلمية كانت امرأة صالحة فاضلة تكنى أم شريك قيل هى التى وهبت نفسها

للنبى صلى الله عليه وسلم وقد يكونا اثنتين فالله أعلم . وسنا بنت الصلت وهى

عند أبى عمر بنت أسماء بنت الصلت وقيل أسماء أخ لها وقيل تزوجها ثم طلقها

وقيل ماتت قبل أن تصل اليه وقيل لما علمت أنه تزوجها عليه السلام ماتت

من الفرح . وسودة القرشية كانت مصبية خطبها عليه السلام فاعتذرت ببنيها

وكانوا خمسة أو ستة فقال لها خيرا . وشراف بنت خليفة أخت دحية الكلبى

تزوجها فهلكت قبل دخوله بها . وصفية بنت بشامة بن نضلة أخت الاعور بن

بشامة أصابها سباء فخيرها رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال إن شئت أنا وإن شئت

زوجك قالت زوجى فأرسلها اليه فلعنتها بنو تميم . والعالية بنت ظبيان بن عمر

ابن عوف بن عبد بن أبى بكر بن كلاب تزوجها عليه السلام وكانت عنده ماشاء

الله ثم طلقها قاله أبوعمر وقال قل من ذكرها . وعمرة بنت يزيد بن الجون الكلابية

تزوجها فبلغه أن بها برصا فطلقها ولم يدخل بها وقيل هى التى تعوذت منه فقال لها

لقد عذت فطلقها وأمر أسامة فمتعها بثلاثة أثواب . وعمرة بنت معاوية

الكندية ذكرها ابن الاثير . وأم شريك العامرية قال ابن عبدالبر إسمها غزية

بنت دودان بن عوف بن عمرو بن عامر بن رفاعة بن حجر ويقال حجير بن عبد

ـ394ـ

ابن معيص بن عامر بن لؤى يقال هى التى وهبت نفسها للنبى صلى الله عليه وسلم وقد قيل

ذلك في جماعة سواها . أم شريك بنت جابر الغفارية ذكرها أحمد بن صالح في

أزواج النبى صلى الله عليه وسلم . فاخته بنت أبى طالب بن ع بدالمطلب خطيها

عليه السلام لابيها عمه أبى طالب وخطبها هبيرة بن أبى وهب فزوجها أبوطالب

من هبيرة . فاطمة بنت الضحاك بن سفيان الكلابى تزوجها وخيرها حين نزلت

آية التخيير فاختارت الدنيا ففارقها فكانت بعد ذلك تلفظ ا لبعروتقول أنا الشقية

إخترت الدنيا . حكاه أبوعمر ورده وقيل التى تقول أنا الشقية هى المستعيذة منه

وقيل غير ذلك . فاطمة بنت شريح قال ابن الامين ذكرها أبوعبيدة في أزواج

النبى صلى الله عليه وسلم . قتيلة بنت قيس بن معدى كرب أخت الاشعث تزوجها

قبل موته بيسير ولم تكن قدمت عليه ولارآها قيل وأوصى أن تخير فان شاءت

ضرب عليها الحجاب وحرمت على المؤمنين وإن شاءت طلقت ونكحت من

شاءت فاختارت النكاح فتزوجها بعد عكرمة بن أبى جهل . وليلى بنت الخطيم أخت

قيس الانصارية عرضت نفسها على النبى صلى الله عليه وسلم فتزوجها ثم رجعت

فقالت أقلنى فقال قد فعلت . ملكية بنت داود ذكرها ابن حبيب . مليكة بنت

كعب الليثى تزوجها وقيل دخل بها وقيل لم يدخل بها . هند بنت يزيد بن البرصاء

 

من بنى أبى بكر بن كلاب . ذكرها أبوعبيدة في أزواج النبى صلى الله عليه وسلم وقال أحمد

ابن صالح هى عمرة بنت يزيد قال أبوعمر فيه نظر لان الاضطراب فيه كثير جدا .

وأما سراريه فكن أربعة مارية بنت شمعون القبطية أم ولده ابراهيم وكانت

من جفنى من كورة أنصنا من صعيد مصر أهداها اليه المقوقس ومعها ؟ ؟ ؟ سيرين

وألف مثقال وعشرون ثوبا من قباطى مصر والبغلة الشهباء دلدل وحمار أشهب

ـ395ـ

يقال له يعفور أو عفير وخصى يسمى ما بور وقيل إنه ابن عمها ومن عسل بنها ( 1 ) فأعجب

النبى صلى الله عليه وسلم العسل ودعا في عسل بنها بالبركة فولدت له عليه السلام

مارية ابراهيم . وقد تقدم ذكره . وريحانة بنت يزيد النضرية وقد سبق ذكرها . وقال

أبوعبيدة كان له أربع مارية وريحانة وأخرى جميلة أصلبها في السبى وجارية وهبتها

له زينب بنت جحش . وقال قتادة كان للنبى صلى الله عليه وسلم وليدتان مارية

وريحانة وبعضهم يقول ربيحة القرظية .

ـ ذكر خدم رسول الله صلى الله عليه وسلم ـ

أنس بن مالك الانصارى وهند وأسماء ابنا حارثة الاسلميان . وربيعة بن كعب

الاسلمى . وكان عبدالله بن مسعود صاحب نعليه كان إذا قام ألبسه إياهما وإذا

جلس جعلهما في ذراعيه حتى يقوم . وكان عقبة بن عامر الجهنى صاحب بغلته يقود

به في الاسفار . وأسلع بن شريك صاحب راحلته . وبلال بن رباح المؤذن . وسعد

مولى أبى بكر الصديق . وأ بوالخمراء قيل اسمه هلال بن الحارث وقيل هلال بن ظفر

حديثه عن النبى صلى الله عليه وسلم أنه كان يمر ببيت على وفاطمة فيقول : ( السلام

عليكم أهل البيت إنما يريد الله ليذهب عنكم الرجس أهل البيت ويطهركم تطهيرا )

وذو مخمر ابن أخى النجاشى ويقال ابن أخته ويقال ذو مخبر . وبكير بن شداخ

الليثى . ويقال بكر وأبوذر الغفارى ورزينة إمرأة حديثها عن النبى صلى الله عليه

* ( هامش ) * ( 1 ) قرية في مصر على النيل . ( * )

ـ396ـ

وسلم في فضل يوم عاشوراء عند أهل البصرة . وأربد كذا وجدته فيهم غير منسوب

و ؟ ؟ ؟ ذكر ابراهيم بن سعدعن ابن إسحق فيمن هاجر إلى المدينة أربد بن حمير

فلا أدرى أهوهو أم لا والاسود بن مالك الاسدى اليمانى وأخوه الحدرجان بن مالك

وجزء بن الحدرجان ذكرهم ابن مندة وثعلبة بن عبدالرحمن الانصارى له حديث

حسن طويل من طريق المنكدر بن محمد بن المنكدر عن أبيه عن جابر قال كان

فتى من الانصار يحف برسول الله صلى الله عليه وسلم ويحدثه أنه مر بباب رجل

من الانصار فاطلع فيه فوجد إمرأة الانصارى تغتسل فكرر النظر ، وذكر باقى

الحديث بطوله في سبب توبته . ذكره أبومحمد الرشاطى وقال أغفله أبوعمرولم

ينبه عليه ابن فتحون وقد رأيت عن أبى حاتم البستى قال في ثعلبة هذا مات

خوفا من الله في حياة النبى صلى الله عليه وسلم وهو إشارة إلى هذا الحديث .

وسالم خادمه عليه السلام وبعضهم يقول مولاه ومنهم من يقول أبوسلمى راعى رسول

الله صلى الله عليه وسلم . وقد ذكر بعضهم سلمى خادم رسول الله صلى الله عليه

وسلم وقيل هو سالم المذكور . وسابق ذكره أبوعمر وقال وقد روى عنه حديث

واحد من حديث الكوفيين اختلف فيه على شعبة ومسعر والصحيح فيه عنهما

مارواه هشيم وغيره عن أبى سفيان عن سابق بن ناجية عن أبى سلام خادم رسول

الله صلى الله عليه وسلم قال ولا يصح سابق في الصحابة والله أعلم . والحديث الذى

أشار اليه عن أبى سلام خادم رسول الله صلى الله عليه وسلم عن رسول الله صلى

الله عليه وسلم قال ما من عبد يقول حين يمسى وحين يصبح ثلاث مرات رضيت

بالله ربا وبالاسلام دينا وبمحمد نبيا إلا كان حقا على الله أن يرضيه يوم القيامة

قال أبوعمر ومن قال في أبى سلام هذا أبوسلامة فقد أخطأ . هو أبوسلام الهاشمى

ذكره في الصحابة وفى خدم النبى صلى الله عليه وسلم خليفة بن خياط . وصفية خدمت النبى

ـ397ـ

صلى الله عليه وسلم روت عنها أمة الله بنت رزينة في الكسوف مرفوعا قاله ابن

عبدالبر . ومهاجر مولى أم سلمة روى أبوعمر من حديثه قال خدمت رسول الله

صلى الله عليه وسلم خمس سنين لم يقل لشئ صنعته لم صنعته ولا لشئ تركته

لم تركته . ونعيم بن ربيعة بن كعب ذكر عن ابن مندة . وأبونعيم وأبوعبيدة

قال أبوعمر قيل خادم رسول الله صلى الله عليه وسلم وقيل مولاه لا أقف له على اسم . ومن النساء

سوى ما تقدم : أمة الله بنت رزينة وقدم تقدم ذكر أمها . وخولة جدة حفص بن

سعيد ذكرها أو عمر وقال لها حديث في تفسير قوله تعالى ( والضحى والليل إذا

؟ ؟ ؟ ما ودعك ربك وما قلى ) . ليس إسناده مما يحتج به . ومارية جدة المثنى

ابن صالح لها حديث عند الكوفيين . ومارية أم الرباب لها حديث عند البصريين

ذكرهما أبوعمر وذكر حديثيهما ، وقال في الثانية لا أدرى أهى التى قبلها أم لا .

ـ ذكر موالى رسول الله ـ

صلى الله عليه وسلم

زيد بن حارثة بن شراحيل الكلبى وابنه أسامة بن زيد وأخوه لامه أيمن

ابن عبيد بن أم أيمن ، استشهد أيمن يوم حنين وكان على مطهرة النبى صلى الله عليه وسلم . وأسلم

ابن عبيد . وأبورافع واسمه أسلم وقيل ابراهيم وقيل هرمز وكان للعباس بن عبد

المطلب وقيل كان لسعيد بن العاص أبى أحيحة . وأبورافع أيضا والد البهى بن أبى

رافع وقيل كان اسمه رافعا كان لابى أحيحة سعيد بن العاص فمات فورثه بنوه فعتق

بعضهم وبعضهم وهب نصيبه لرسول الله صلى الله عليه وسلم فأعتقه رسول الله

صلى الله عليه وسلم وهو الاول عند ابن أبى خيثمة والبخارى ومصعب الزبيرى

ـ398ـ

ومنهم من يقول هما اثنان . وأبوأثيلة رأيته بخط شيخنا الحافظ أبى محمد الدمياطى

ولم يسمه ولم ألق له ذكرا أكثر من أن أبا عمر قال في الصحابة أبوأثلة قيل اسمه

راشد حجازى له صحبة . وكذلك قال أبوأحمد الحاكم وكناه أبا أثيلة مصغرا .

وأبوكبشة واسمه سليم شهدبدرا . وأنسة يكنى أبا مشرح . وثوبان ويكنى أبا

عبدالله . وشقران واسمه صالح ، ورباح أسود كان يأذن على النبى صلى الله عليه

وسلم ، ويسار نوبى ، وفضالة وأبوالسمح قيل اسمه إياد ضل فلا يدرى أين مات ،

و أبومويهبة ، ورافع وكان لسعيد بن العاص . وأفلح ومابور ومدعم أسود وهبه له

رفاعة بن زيد الجذامى ، وكركرة كان على ثقل النبى صلى الله عليه وسلم . وزيد جد

بلال بن يسار بن زيد . وعبيد وطهمان وكيسان وذكوان ومروان وواقد وأبوواقد

وسندر وهشام وحنين وسعيد وأبوعسيب واسمه أحمر وأبولبابة وأبولقيط وسفينة

واسمه مهران بن فروخ مولى أم سلمة . وأبوعبيد وسعد وضميرة بن أبى ضميرة

جد الحسين بن عبدالله بن ضميرة . وأبوهند وأبوبكرة نفيع وأخوه نافع وأبو

كندير سعيد وسلمان الفارسى وسالم وسابق . وقد تقدم في الخدم ذكر شئ من

ذلك . وعبيدالله بن أسلم ونبيه وهشام ووردان وأنجشة وكان حاديا وهوالذى قال

له : رفقا بالقوارير . وباذام ذكره النووى عن أبى موسى ونقل له حديثا . وحاتم

ذكره ابن الاثير عن أبى موسى . وزيد بن بولا ودوس ورفيع و أبوريحانة شمعون

وتقدم ذكر ريحانة هذه . وعبيد بن عبدالغفار وغيلان وقفيز غلام رسول الله

صلى الله عليه وسلم ، ذكره عبدالغنى بن سعيد و الدارقطنى في المؤتلف والمختلف

من طريق أنس بن مالك . وكريب ومحمد بن عبدالرحمن . ومحمد غير منسوب

ومكحول وذكر أنه عليه السلام وهبه أخته من الرضاعة الشيماء ، ونبيل وهرمز

و أبوالبشير وأبوصفية وكان يسبح بالنوى . ومن النساء أم أيمن الحبشية واسمها

ـ399ـ

بركة ، وسلمى أم رافع ، ومارية وريحانة وربيحة . وقد تقدم ذكرهن ، وخضرة

ورضوى وميمونة بنت سعد وميمونة بنت أبى عسيب ، وأم ضميرة وأم عياش

وأميمة مولاة النبى صلى الله عليه وسلم روى عنها جبير بن نفير قاله أبوعمر وقيسر

القبطية أهداها له المقوقس مع مارية وسيرين قيل انه عليه السلام وهبها لابى

جهم بن حذيفة وقيل وهبها لجهم بن قيس العبدى وذكر ابن يونس أن زكرياء بن

الجهم بن قيس لقيسر أخت مارية هذه وأما سيرين فوهبها لحسان بن ثابت فولده

عبدالرحمن منها . وقد ذكرنا في هذا الفصل ميمونة بنت سعد وميمونة بنت أبى

عسيب ذكرهما أبوعمر . وذكر معهما ميمونة ثالثة وقال في كل منهن مولاة

النبى صلى الله عليه وسلم ولم ينسب الثالثة غير انه فرق بينهن بروايتهن . وذكر

لكل واحدة حديثا غير الآخر .

ـ ذكر اسمائه ـ

عليه الصلاة والسلام

قد قدمنا في أول الكتاب حديث الترمذى إن لى أسماء انا محمد وانا أحمد

وانا الماحى الذى يمحو الله بى الكفر وانا الحاشر الذى يحشر الناس على قدمى ،

وانا العاقب الذى ليس بعد نبى . وقد ذكر في أسمائه الرسول والمرسل النبى

الامى الشهيد المصدق النور المعلم البشير المبشر النذير المنذر المبين الامين العبد

الداعى السراج المنير الامام الذكر المذكر الهادى المهاجر العامل المبارك الرحمة

الآمر الناهى الطيب الكريم المحلل المحرم الواضع الرافع المجير خاتم النبيين ثانى

اثنين منصور أذن خير مصطفى مأمون قاسم نقيب المزمل المدثر العلى الحكيم المؤمن

الرءوف الرحيم الصاحب الشفيع المشفع المتوكل نبى التوبة نبى الرحمة نبى الملحمة صلى الله عليه وسلم .

ـ401ـ

ـ ذكر كتابه ـ

............................................................................

- عيون الاثر مجلد: 2 من ص 401 سطر 1 الى ص 410 سطر 22

ـ ذكر كتابه ـ

عليه أفضل الصلاة والسلام

أبوبكر وعمر وعثمان وعلى وعامر بن فهيرة وخالد وأبان ابنا سعيد بن العاص

أبى أحيحة . وذكر شيخنا الحافظ أبومحمد الدمياطى أيضا أخاهما سعيدا وعبدالله

ابن الارقم الزهرى وحنظلة بن الربيع الاسدى وأبى بن كعب وهو أول من كتب

له من الانصار وثابت بن قيس بن شماس ، وزيد بن ثابت وشرحبيل بن حسنة

ومعاوية بن ابى سفيان والمغيرة بن شعبة وعبدالله بن زيد وجهيم بن الصلت والزبير

ابن العوام وخالد بن الوليد والعلاء بن الحضرمى وعمرو بن العاص وعبدالله بن

رواحة ومحمد بن مسلمة وعبدالله بن عبدالله بن أبى ومعيقيب بن أبى فاطمة وعبد

الله بن سعد بن أبى سرح العامرى . وهو أول من كتب له من قريش ثم ارتد

فنزلت فيه ( فمن أظلم ممن افترى على الله كذبا ) وذكر في كتابه عليه السلام أيضا

طلحة ويزيد بن أبى سفيان والارقم بن أبى الارقم الزهرى والعلاء بن عتبة وأبو

أيوب الانصارى خالد بن زيد وبريدة بن الحصيب والحصين بن نمير وأبوسلمة

المخزومى عبدالله بن عبدالاسد وحويطب بن عبدالعزى وأبوسفيان بن حرب وحاطب

ابن عمرو . وروينا من طريق أبى داود من حديث أبى الجوزاء عن ابن عباس قال

السجل ( 1 ) كان كاتبا لرسول الله صلى الله عليه وسلم . وروينا من طريق النزال بن سبرة

* ( هامش ) ( 1 ) لا يعرف في كتاب النبى صلى الله عليه وسلم ولا في أصحابه من اسمه " السجل " ولا

وجد إلا في هذا الخبر . من التعريف والاعلام بما أبهم في القرآن من الاعلام للسهيلى . ( * )

ـ402ـ

عن على قال كان ابن خطل يكتب قدام النبى صلى الله عليه وسلم فكان إذا نزل ( غفور رحيم )

كتب رحيم غفور وإذا نزل ( سميع عليم ) كتب عليم سميع . وفيه فقال ابن

خطل ما كنت أكتب إلا ما أريد ثم كفرولحق بمكة فقال رسول الله صلى

الله عليه وسلم من قتل ابن خطل فهو في الجنة فقتل يوم الفتح وهو متعلق بأستار

الكعبة . هذا وهم والنزال بن سبرة له صحبة وروايته عن على مخرجة في الكتب

وإنما الحمل فيه على من هو دونه وهذه الواقعة معروفة عن ابن أبى سرح وهو ممن

كان النبى عليه السلام أهدر دمه يوم الفتح كابن خطل فقتل ابن خطل ، ودخل

بابن أبى سرح على رسول الله صلى الله عليه وسلم عثمان بن عفان فراجع الاسلام

بين يديه عليه السلام فقبله بعد تلوم وقد أوردنا ذلك قبل هذا في يوم الفتح . ولم

ينقم على ابن أبى سرح بعد ذلك شئ في إسلامه . ومات ساجدا رحمه الله ورضى

عنه . وذكر ابن دحية فيهم رجلا من بنى النجار غير مسمى قال كان يكتب الوحى

لرسول الله صلى الله عليه وسلم ثم تنصر فلما مات لم تقبله الارض .

ـ ذكر حراسه ومن كان يضرب الاعناق ـ

بين يديه ومؤذنيه

حرسه يوم بدر حين نام في العريش سعد بن معاذ . ويوم أحد محمد بن مسلمة

ويوم الخندق الزبير بن العوام . وحرسه ليلة بنى بصفية أبوأيوب الانصارى بخيبر

أو ببعض طريقها فذكر أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال اللهم احفظ أبا أيوب كما بات

يحفظنى . وحرسه بوادى القرى بلال وسعد بن أبى وقاص وذكوان بن عبد قيس .

وكان على حرسه عبادبن بشر فلما نزلت ( والله يعصمك من الناس ) ترك الحرس .

وكان الذين يضربون بين يديه الاعناق على بن أبى طالب والزبير والمقداد ومحمد

ابن مسلمة وعاصم بن ثابت ، ومؤذنوه بلال وعمرو بن أم مكتوم الاعمى وسعد القرظ

ابن عائذ مولى عمار بن ياسر ، و أبومحذورة سمرة بن معير وقيل أوس .

ـ403ـ

ـ العشرة من اصحابه و الحواريون ـ

وأهل الصفة

وليس من العشرة و الحواريين إلا من تقدم نسبه فلينظر ( 1 ) في موضعه وهم أبو

بكر وعمر وعثمان وعلى وطلحة والزبير وسعد بن أبى وقاص وسعد بن زيد وعبد

الرحمن بن عوف وأبوعبيدة عامر بن الجراح رضى الله عنهم . وأنشدت بيتا جمعهم

فيه ناظمه والذى تقدم توطئة له :

لقد بشرت بعد النبى محمد * بجنة عدن زمرة سعداء

سعيد وسعد والزبير وعامر * وطلحة والزهرى والخلفاء

وأما الحواريو : والحوارى الخليل وقيل الناصر وقيل الصاحب المستخلص

فكلهم من قريش وهم الخلفاء الاربعة حمزة وجعفر وأبوعبيدة وعثمان بن مظعون

و عبدالرحمن بن عوف وسعد بن أبى وقاص وطلحة والزبير .

وأما أصحاب الصفة فقوم فقراء لا منزل لهم غير المسجد . روينا عن ابن سعد

قال أنا محمد بن عمر قال حدثنى محمد بن نعيم المجمر عن أبيه قال سمعت أبا هريرة

يقول رأيت ثلاثين رجلا من أهل الصفة يصلون خلف رسول الله صلى الله عليه

وسلم ليس عليهم أردية . عد منهم أبوهريرة وأبوذر وواثلة بن الاسقع وقيس بن

طخفة الغفارى . وقد ذكر في عددهم أكثر من ذلك بكثير .

* ( هامش ) * ( 1 ) في نسخة " فينظر " . ( * )

ـ405ـ

ـ ذكر سلاحه عليه السلام ـ

سيف يقال له مأثور ورثه من أبيه وقدم به المدينة . والعضبب أرسل اليه به سعد

ابن عبادة عند توجهه إلى بدر . وذو الفقار كان في وسطه مثل فقرات الظهر غنمه

يوم بدر وكان للعاص بن منبه السهمى وكان ذو الفقار مع النبى صلى الله عليه وسلم بعد

في حروبه كلها ، وكانت قائمته وقبيعته وحلقته وعلاقته فضة وهى بكسر الفاء وقيد

أيضا بفتحها . والصمصامة سيف عمرو بن معدى كرب وكان مشهورا . وأصاب من

سلاح بنى قينقاع ثلاثة أسياف سيفا قلعيا بفتح اللام نسبة إلى مرج قلعة بالبادية

والبتار والحتف ، وكان له أيضا الرسوب والمخذم أصابهما مما كان على الفلس صنم طئ

وهو بضم الفاء وسكون اللام . والقضيب فتلك عشرة .

وكانت له درع يقال لها ذات الفضول لطولها أرسل اليه بها سعد بن عبادة

حين سار إلى بدر . وذات الوشاح . وذات الحواشى . ودرعان أصابهما من بنى

قينقاع السغدية وفضتى يقال السغدية كانت درع داود لبسها لقتال جالوت .

والبتراء والخرتق فتلك سبع .

وكان له من القسى خمس : الروحاء والصفراء من نبع والبيضاء من شوحط

أصابهما من بنى قينقاع . والزوراء والكتوم لا نخفاض صوتها إذا رمى عنها .

ـ406ـ

وكانت له جعبة وهى الكنانة يجمع فيها نبله ، ومنطقة من أديم مبشور ثلاث

حلقها ، وأبزيمها وطرفها فضة وثلاثة أتراس الزلوق وفتق ، وأهدى له ترس فيه

تمثال عقاب أو كبش فوضع يده عليه فأذهب الله ذلك التمثال ، وخمسة أرماح

ثلاثة من بنى قينقاع والمثوى والمثنى .

وكانت له حربة تسمى النبعة ذكرها السهيلى وحربة كبيرة إسمها البيضاء

وحربة صغيرة دون الرمح شبه العكاز يقال لها العنزة ، وكان له مغفران الموشح

والمسبوغ أو ذو السبوغ وراية سوداء مربعة يقال لها العقاب وراية بيضاء يقال لها

الزينة وربما جعل فيها الاسود . وروى أبوداود في سننه من حديث سماك بن حرب

عن رجل من قومه عن آخر منهم قال رأيت راية رسول الله صلى الله عليه وسلم

صفراء . وروى أبوالشيخ بن حيان من حديث ابن عباس قال كان مكتوبا بأعلى

راياته لا إله إلا الله محمد رسول الله . وقال الحافظ أبومحمد الدمياطى قال يوسف

ابن الجوزى روى أن لواءه أبيض مكتوب فيه لا إله إلا الله محمد رسول الله ، وكان

؟ ؟ ؟ يسمى الكن وكان له محجن قدر ذراع أو أكثر يمشى ويركب به ويعلقه

بين يديه على بعيره وكان له مخصرة تسمى العرجون وقضيب يسمى الممشوق من

شوحط ( 1 ) وقدح يسمى الريان وآخر مضبب يقدر أكثر من نصف المدفيه ثلاثة ضبات

من فضة وحلقة كانت للسفر . وثالث من زجاج وكان له ثور من حجارة يقال له المخضب

يتوضأ فيه وكان له مخضب من شبه ( 2 ) يكون فيه الحناء وركوة تسمى الصادرة ومغسل من

صفر ( 3 ) وربعة ا سكندرانية من هدية المقوقس يجعل فيها مشطا من عاج ومكحلة ومقراظا

* ( هامش ) * ( 1 ) نوع من الشجر ، وكذا النبع .

( 2 ) أرفع النحاس .

( 3 ) الصفر : النحاس . ( * )

ـ407ـ

ومسواكا ومرآة . وكانت له أربعة أزواج خفاف أصابها من خيبر ونعلان سبتيتان

وخف ساذج أسود من هدية النجاشى وقصعة وسرير وقطيفة . وقد اختلفت الروايات

في صفة الخاتم فيحتمل أن تكون خواتم متعددة . وقد كان له خاتم من فضة وخاتم

من ذهب لبسه ثم طرحه ، وخاتم حديد ملوى بفضة نقشه " محمد رسول الله " .

وكان يتبخر بالعود ويطرح معه الكافور . وقال ابن فارس ترك رسول الله صلى الله

عليه وسلم يوم مات ثوبى حبرة وازارا عمانيا وثوبين صحاريين وقميصا صحاريا

وآخر سحوليا وجبة يمانية وكساء أبيض وقلانس صغارا لاطئة ثلاثا أو أربعا .

وازارا طوله خمسة أشبار وخميصة وملحفة مورسة ، وكان يلبس يوم الجمعة برده

الاحمر ويعتم . وكان له صلى الله عليه وسلم عمامة يعتم بها يقال لها السحاب وهبها

لعلى وعمامة سوداء ويلبس يوم الجمعة ثوبا غير ثيابه المعتادة كل يوم ولا يخرج

يوم الجمعة إلا معتما بعمامة يرسلها بين كتفيه ويديرها ويغرزها . وكان له رداء مربع

وكان له فراش من أدم حشوه ليف وكساء أحمر وكساء من شعر وكساء أسود ومنديل

يمسح به وجهه . وسئلت حفصة ما كان فراش رسول الله صلى الله عليه وسلم قالت

مسح يثنيه ثنيتين فينام عليه فلما كان ليلة ثنيته بأربع ثنيات ليكون أوطأ فلما

أصبح قال ما فرشتم لى قلنا هو فراشك ثنيناه أربعا قال ردوه لحاله الاول فانه

منعتنى وطأته صلاة الليل . ذكره الترمذى في الشمائل . وكان له قدح من عيدان

يوضع تحت سريره يبول فيه من الليل ، رواه أبوداود والنسائى . وكان له

سرير بنام عليه قوائمه من ساج بعث به اليه أسعد بن زرارة فكان الناس بعده

يستحملون عليه موتاهم تبركا به .

ـ408ـ

ـ ذكر فوائد تتعلق بهذا الفصل ـ

سوى ما تقدم

البتار والمخذم القاطع . والحتف الموت . والرسوب من رسب في الماء إذا غاص فيه

لان ضربته تغوض في المضروب به . ومرج القلعة قريب من حلوان على طريق

همدان . والسغد موضع تصنع به الدروع عن ابن القطاع . والخرنق ولد الارنب .

والفسطاط البيت من الشعر . والكن ما يستر من الحر والبرد . والمغفر ما يلبسه

الدارع على رأسه من زرد أو نحوه . ورداء مربع طوله أربعة أذرع وإنما اختلف في

عرضه فقيل ذراع وشبر وقيل ذراعان وشبر . وقدح من عيدان مفتوح العين المهملة

ساكن الياء آخر الحروف . والعيدان النخلة السحوق قال الشاعر :

إن الرياح إذا ما أعصفت قصفت * عيدان نجد ولم يعبأن بالرتم

بنات نعش ونعش لا كسوف لها * والشمس والبدر منها الدهر في الرقم ( 1 )

* ( هامش ) * ( 1 ) في حاشية الاصل : بلغ مقابلة لله الحمد . ( * )

ـ409ـ

ـ ذكر خيله عليه أفضل الصلاة والسلام ـ

وما له من الدواب والنعم

السكب وكان اسمه قبل أن يشتريه الضرس إشتراه بعشرة أواق أول ماغزا

عليه أحدا ليس للمسلمين غيره . وفرس أبى بردة بن نيار ويسمى ملاوح وكان أغر

طلق اليمين محجلا كميتا وقيل كان أدهم روى ذلك عن ابن عباس ، شبه بفيض الماء

وانسكابه والضرس الصعب السئ الخلق ، والملاوح الضامر الذى لا يسمن والعظيم

الالواح وهو الملواح أيضا . وكان له فرس يقال له المرتجز سمى بذلك لحسن صهيله

كأنه ينشد رجزا وكان أبيض وهو الذى شهد له فيه خزيمة بن ثابت فجعل شهادته

شهادة رجلين وقيل هو الطرف بكسر الطاء المهملة نعت المذكر خاصة وقيل هو

النجيب والطرف والنجيب الكريم من الخيل . وكان له أيضا اللحيف ولزاز والظرب

فأما اللحيف فأهداه له ربيعة بن أبى البراء وأما لزاز فأهداه له المقوقس وأما الظرب

فأهداه له فروة بن عمرو الجذامى . اللحيف فعيل بمعنى فاعل كأنه يلحف الارض

بذنبه وقيل فيه بضم اللام وفتح الحاء على التصغير . ولزاز من قولهم لاززته أى لا صقته

كأنه يلتصق بالمطلوب لسرعته وقيل لاجتماع خلقه والملزز المجتمع الخلق ، والظرب

واحد الظراب وهى الروابى الصغار سمى به لكبره وسمنه وقيل لقوته وصلابته ، وفرس

يقال له الورد أهداه له تميم الدارى فأعطاه عمر بن الخطاب فحمل عليه في سبيل

الله ثم وجده يباع برخص فقال له تشتره ، والورد لون بين الكميت والاشقر .

ـ410ـ

وفرس يدعى سبحة من قولهم فرس سابح إذا كان حسن مد اليدين في الجرى وسبح

الفرس جريه . قال شيخنا الحافظ أبومحمد الدمياطى رحمه الله فهذه سبعة متفق عليها :

وهى السكب والمرتجز واللحيف ولزاز والظرب والورد وسبحة . وكان الذى يمتطى

عليه ويركب السكب . وقيل كانت له أفراس أخر غيرها : وهى الابلق حمل عليه

بعض أصحابه وذو العقال وذو اللمة والمرتجل والمرواح والسرحان واليعسوب واليعبوب

والبحر وهو كميت والادهم والشحاء والسجل وملاوح والطرف والنجيب . هذه خمسة

عشر مختلف فيها . وذكر السهيلى في خيله عليه السلام الضريس وذكر ابن عساكر

فيها مندوبا وذو العقال بضم العين وبعضهم يشدد قافه وبعضهم يخففها وهو ظلع ( 1 )

في قوائم الدواب . واللمة بين الوفرة والجمة فاذا وصل شعر الرأس إلى شحمة الاذن

فهى وفرة فاذا زادت حتى ألمت بالمنكبين فهى لمة فاذا زادت فهى جمة . والارتجال

خلط الفرس العنق بالهملجة وهما ضربان من السير . والمرواح من الريح لسرعته .

والسرحان الذئب وهذيل تسمى الاسد سرحانا . واليعسوب طائر وهو أيضا أمير

النحل . والسيد يعسوب قومه واليعسوب غرة تستطيل في وجه الفرس . واليعبوب

الفرس الجواد وجدول يعبوب شديد الجرى والشحاء من قولهم فرس بعيد الشحوة

أى بعيد الخطوة . ومندوب من ندبه فانتدب أى دعاه فأجاب .

وأما البغال والحمر فكانت له بغلة شهباء يقال لها دلدل أهداها له المقوقس مع

حمار يقال له عفير . وبغلة يقال لها فضة أهداها له فروة بن عمرو الجذامى مع حمار

يقال له يعفور فوهب البغلة لابى بكر الصديق رضى الله عنه . وبغلة أهداها له

ابن العلماء صاحب أيلة . وبعث صاحب دومة الجندل إلى رسول الله صلى الله

عليه وسلم ببغلة وجبة من سندس . وقيل أهدى له كسرى بغلة ولا يثبت .

* ( هامش ) * ( 1 ) أى : عرج . ( * )

ـ411ـ

وعن ابن عباس أهدى النجاشى إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم بغلة فكان

............................................................................

- عيون الاثر مجلد: 2 من ص 411 سطر 1 الى ص 420 سطر 17

وعن ابن عباس أهدى النجاشى إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم بغلة فكان

يركبها . فهذه ست .

وأما النعم فكانت له ناقة التى هاجر عليها تسمى القصواء والجدعاء والعضباء

وكانت شهباء . وعن قدامة بن عبدالله قال رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم

في حجته يرمى على ناقة صهباء والصهباء الشقراء . وعن نبيط بن شريط قال رأيت

رسول الله صلى الله عليه وسلم في حجته على جمل أحمر . وبعث عليه السلام خراش

ابن أمية يوم الحديبية إلى قريش على جمل يقال له الثعلب . وكان في هديه عام

الحديبية جمل كان لابى جهل في رأسه برة من فضة غنمه يوم بدر ليغيظ به المشركين

وكان مهريا ( 1 ) وكانت له عشرون لقحة ( 2 ) بالغابة وهى التى أغار عليها عيينة بن حصن

الفزارى وقد سبق خبرها ولقحة غزيرة تحلب كما تحلب لقحتان غزيرتان أهداها

له الضحاك بن سفيان . وكانت له خمس عشرة لقحة بذى الجدر ( 3 ) يرعاها يسار أغار

عليها العرنيون . وقد تقدم الخبر عن ذلك . وكانت له بذى الجدر أيضا سبع لقائح .

وكانت له لقحة تسمى الحفدة السريعة ومهرية بعث اليه بها سعد بن عبادة من نعم

ابن عقيل . وكانت له لقحة تسمى مروة . وكان له صلى الله عليه وسلم من الغنم مائة

شاة لا يريد أن تزيد على ذلك كلما ولد الراعى بهمة ذبح مكانها شاة وكانت له شاة

تسمى غوثة وقيل غيثة وشاة تسمى قمر وعنز تسمى اليمن وكانت له سبعة أعنز منائح

ترعاهن أم أيمن . وأما البقر فلم ينقل أن رسول الله صلى الله عليه وسلم ملك منها شيئا .

* ( هامش ) * ( 1 ) نسبة لقبيلة كما تقدم .

( 2 ) اللقحة بالفتح والكسر الناقة ذات اللبن .

( 3 ) ذو الجذر على ستة أميال من المدينة من ناحية قباء . قاله الصغانى . ( * )

ـ413ـ

ـ ذكر صفته ـ

صلى الله عليه وسلم

قد تقدم في حديث أم معبد شئ من ذلك . وقرئ على أبى ( 1 ) عبدالله محمد

ابن عبدالمؤمن بن أبى الفتح الصورى وأنا أسمع بدمشق أخبركم الشيخان أبواليمن زيد

ابن الحسن بن زيد بن الحسن الكندى قراءة عليه وأنت تسمع وأبوأحمد ع بدالوهاب

ابن على بن سكينة إجازة قالا أنا أ بوعبدالله الحسين بن على بن أحمد سماعا عليه

زاد ابن سكينة والحافظ أبوالقاسم اسماعيل بن أحمد بن عمر السمرقندى سماعا قالا أنا

أبوالحسين بن النقور قال ابن سكينة . وأخبرتنا فاطمة بنت أبى حكيم الخبرى قالت

أخبرنا أبوجعفر أحمد بن محمد بن عمر بن المسلمة قالا أنا أبوالقاسم عيسى بن على

ابن عيسى بن الجراح الوزير . قال أخبرنا أبوالقاسم عبدالله بن محمد البغوى فثنا

عمر بن زرارة فثنا الفياض بن محمد عن عبدالله بن منصور عن سعد بن طريق

عن الاصبغ عن نباتة عن على قال كان الحسين بن على يحدث عن النبى صلى

الله عليه وسلم بأحاديث سمع بعضها منه وسأله أن يحلى لنا النبى صلى الله عليه وسلم

قال كان فخما مفخما يتلالا وجهه كالقمر ليلة البدر أقصر من المشذب وأطول من

المربوع عظيم الهامة رجل الشعر إن انفرقت عقيقته فرق وإلا فلا يجاوز شعره

شحمة أذنيه إذا هو وفره ، أزهر اللون واسع الجبين أزج الحاجبين سوابغ في غير

* ( هامش ) * ( 1 ) " أبى " ساقطة من الاصل ، والتصحيح من النسخة الظاهريه . ( * )

ـ414ـ

قرن أقنى العرنين له نور يعلوه يحسبه من لم يتأمله أشم سهل الخدين أشنب مفلج

الاسنان دقيق المسربة كان عنقه جيد دمية في صفاء الفضة معتدل الخلق بادنا

متماسكا سواء البطن والصدر عريض الصدر بعيد ما بين المنكبين ضخم الكراديس

أنور المتجرد موصول ما بين اللبة والسرة بشعر يجرى كالخط عارى الثديين والبطن

وما سوى ذلك أشعر الذراعين والمناكب وأعالى الصدر طويل الزندين سائر الاصابع

شئن الكفين والقدمين سبط العظام خمصان الاخمصين مسيح القدمين ينبو

عنهما الماء صلى الله عليه وسلم . وقد روينا حديث الحسن بن على فثنا خالى هند

ابن أبى هالة عن صفة النبى صلى الله عليه كما سبق وفيه أزج الحاجبين سوابغ

من غير قرن بينهما عرق يدره الغصب . وفيه كث اللحية أدعج سهل الخدين ضليع

الفم وفيه إذا زال زال تقلعا ويخطو تكفؤا ويمشى هونا ذريع المشية إذا مشى

كأنما ينحط من صبب وإذا التفت التفت جميعا خافض الطرف نظره إلى الارض

أطول من نظره إلى السماء جل نظره الملاحظة يسوق أصحابه ويبدأ من لقيه بالسلام .

قلت صف لى منطقه قال كان رسول الله صلى الله عليه وسلم متواصل الاحزان

دائم الفكرة ليست له راحة ولا يتكلم في غير حاجة طويل السكوت يفتتح

الكلام ويختمه بأشداقه ويتكلم بجوامع الكلم فضلا لا فضول فيه ولا تقصير

دمثا ليس بالجافى ولا بالمهين يعظم النعمة وان دقت ولا يذم شيئا لم يكن يذم

ذواقا ولا يمدحه ولا يقام لغضبه إذا تعرض للحق بشى حتى ينتصر له لا يغضب

لنفسه ولا ينتصر لها إذا أشار أشار بكفه كلها وإذا تعجب قلبها وإذا تحدث

أتصل بها فضرب بايهامه اليمنى راحته اليسرى وإذا غضب أعرض وأشاح وإذا

فرح غض طرفه جل ضحكه التبسم ويفترعن مثل حب الغمام . قال الحسن فكتمتها

الحسين بن على زمانا ثم حدثته فوجدته قد سبقنى اليه فسأل أباه عن مدخل رسول

ـ415ـ

الله صلى الله عليه وسلم ومخرجه ومجلسه وشكله فلم يدع منه شيئا قال الحسين سألت

أبى عليه السلام عن دخول رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال كان دخوله لنفسه

مأذونا له في ذلك فكان إذا أوى إلى مجلسه جزأ دخوله ثلاثة أجزاء جزءا لله تعالى

وجزءا لاهله وجزءا لنفسه ثم جزأ جزآه بينه وبين الناس فيرد ذلك على العامة

بالخاصة ولا يدخر عنهم شيئا فكان من سيرته في جزء الامة إيثار أهل ذى الفضل

باذنه قسمته على قدر فضلهم في الدين منهم ذو الحاجة ومنهم ذو الحاجتين ومنهم

ذو الحوائج فيتشاغل بهم ويشغلهم فيما أصلحهم والامة في مسألته عنهم واخبارهم

بالذى ينبغى لهم ويقول ليبلغ الشاهد منكم الغائب وأبلغونى حاجة من لا يستطيع

إبلاغ حاجة فانه من أبلغ سلطانا حاجة من لا يستطيع إبلاغها ثبت الله قدميه

يوم القيامة ، لا يذكر عنده إلا ذلك ولا يقبل من أحد غيره يدخلون روادا ولا

يتفرقون إلا عن ذواق ويخرجون أدلة يعنى فقهاء . قلت فأخبرنى عن مخرجه

كيف كان يصنع فيه قال كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يخزن لسانه إلا مما

يعنيهم ويؤلفهم ولا يفرقهم يكرم كريم كل قوم ويوليه عليهم ويحذر الناس ويحترس

منهم من غير أن يطوى عن أحد بشره وخلقه ويتفقد أصحابة ويسأل الناس عما

في الناس ويحسن الحسن ويصوبه ويقبح القبيح ويوهنه معتدل الامر غير مختلف

ولا يغفل مخافة أن يغفلوا أو يملوا ، لكل حال عنده عتاد لا يقصر عن الحق ولا

يجاوزه إلى غيره الذين يلونه من الناس خيارهم وأفضلهم عنده أعمهم نصيحة وأعظمهم

عنده منزلة أحسنهم مواساة ومؤازرة . فسألته عن مجلسه عما كان يصنع فيه فقال كان

رسول الله صلى الله عليه وسلم لا يجلس ولا يقوم إلا على ذكر ولا يوطن الاماكن

وينهى عن إيطانها وإذا انتهى إلى القوم جلس حيث ينتهى به المجلس ويأمر بذلك

ويعطى كل جلسائه نصيبه حتى لا يحسب جليسه أن أحدا أكرم عليه منه ، من

ـ416ـ

جالسه أو قاومه لحاجة صابره حتى يكون هو المنصرف عنه من ساله حاجة لم يرده

إلا بها أو بميسور من القول . ؟ ؟ ؟ وسع الناس بسطه وخلقه فصار لهم أبا وصاروا

عنده في الحق سواء متفاضلين فيه بالتقوى مجلسه مجلس حلم وحياء وصبر وأمانة

لا ترفع فيه الاصوات ولا تؤبن فيه الحرم ولا تنثى فلتاته يتعاطفون بالتقوى

متواضعين يوفرون فيه الكبير ويرحمون الصغير ويرفدون ذا الحاجة ويرحمون الغريب .

فسألته عن سيرته صلى الله عليه وسلم في جلسائه فقال كان رسول الله صلى الله عليه

وسلم دائم البشر سهل الخلق لين الجانب ليس بفظ ولا غليظ ولا سخاب ولا

فحاش ولا عياب ولا مداح يتغافل عما لا يشتهى ولا يؤيس منه قد ترك نفسه

من ثلاث الرياء والاكثار ومالا يعنيه وترك الناس من ثلاث كان لا يذم أحدا

ولا يعيره ولا يطلب عورته ولا يتكلم إلا فيما يرجو ثوابه إذا تكلم أطرق جلساؤه

كأنما على رؤسهم الطير وإذا سكت تكلموا لا يتنازعون عنده الحديث من تكلم

عنده أنصتوا له حتى يفرغ حديث حديث أولهم . يضحك مما يضحكون منه ويعجب

مما يعجبون ويصبر للغريب على الجفوة في المنطق ويقول إذ رأيتم صاحب الحاجة

يطلبها فارفدوه ولا تطلبوا الثناء إلا من مكا فئ ولا يقطع على أحد حديثه حتى

يتجوزه فيقطعه بانتهاء أوقيام . قلت كيف كان سكوته قال كان سكوته على أربع

على الحلم والحذر والتقدير والتفكر فأما تقديره ففى تسوية النظر والاستماع من

الناس وأما تفكره ففيما يبقى ويفنى وجمع له الحلم صلى الله عليه وسلم في الصبر فكان

لا يغضبه شئ يستفزه وجمع له في الحذر أربع أخذه بالحسن ليقتدى به وتركه القبيح

لينتهى عنه واجتهاد الرأى بما أصلح أمته والقيام لهم بما جمع لهم أمر الدنيا والآخرة .

قال القاضى أبوالفضل عياض بن موسى اليحصى رحمه الله بعد إيراده حديث

هند بن أبى هالة هذا .

ـ417ـ

ـ فصل ـ

في تفسير غريب هذا الحديث ومشكله

قوله المشذب أى البائن الطول في نحافة وهو مثل قوله في الحديث الآخر ليس

بالطويل الممغط . والشعر الرجل الذى كأنه مشط فتكسر قليلا ليس بسبط ولا جعد .

والعقيقة شعر الرأس أراد إن انفرقت من ذات نفسها فرقها وإلا تركها معقوصة

ويروى عقيصته . وأزهر اللون نيره وقيل أزهر حسن ومنه زهرة الحياة الدنيا أى

زينتها وهذا كما قال في الحديث الآخر ليس بالابيض الامهق ولا بالادم . والامهق

هو الناصع البياض والادم الاسمر اللون ومثله في الحديث الآخر أبيض مشرب

أى فيه حمرة . والحاجب الازج المقوس الطويل الوافر الشعر . والاقنى السائل الانف

المرتفع وسطه والاشم الطويل قصبة الانف . والقرن اتصال شعر الحاجبين وضده

البلج ووقع في حديث أم معبد ( 1 ) وصفه بالقرن والادعج الشديد سواد الحدقة وفى

الحديث الآخر أشكل العين وأسجر العين وهو الذى في بياضه حمرة . والضليع الواسع .

والشنب رونق الاسنان وماؤها وقيل رقتها وتحزين فيها كما يوجد في أسنان الشباب

والفلج فرق بين الثنايا . ودقيق المسربة خيط الشعر الذى بين الصدر والسرة . بادن

دو لحم مماسك معتدل الخلق يمسك بعضه بعضا مثل قوله في الحديث الآخر لم

يكن بالمطهم ولا بالمكا ثم أى ليس بمسترخى اللحم والمكلثم القصير الذقن . وسواء

* ( هامش ) * ( 1 ) قصتها مشهورة وقد تقدمت . وفى نسخة " أبى سعيد " . ( * )

ـ418ـ

البطن والصدر أى مستويهما . ومشيح الصدر إن صحت هذه اللفظة فيكون من

الاقبال وهو أحد معانى أشاح أى أنه كان بادى الصدر ولم يكن في صدره قعس

وهو تطامن فيه وبه يتضح قوله قبل سواء البطن والصدر أى ليس بمتقاعس الصدر

ولا مفاض البطن ولعل اللفظ مسيح بالسين المهملة وفتح الميم بمعنى عريض كما

وقع في الرواية الاخرى . وحكاه ابن دريد . و الكراديس رءوس العظام وهو مثل

قوله في الحديث الآخر جليل المشاش والكتد والمشاش رءوس المناكب والكند

مجتمع الكتفين . وشثن الكفين والقدمين لحيمهما والزندان عظما الذراعين وسائل

الاطراف أى طويل الاصابع . وذكر ابن الانبارى أنه روى ساين بالنون وهما بمعنى

تبدل اللام من النون إن صحت الرواية بها . وأما الرواية الاخرى وسائر الاطراف

فاشرة إلى فخامة جوارحه كما وقعت مفصلة في الحديث . ورحب الراحة أى واسعها وقيل

كنى به عن سعة العطاء والجود . خمصان الاخمصين أى متجافى أخمص القدم . وهو

الموضع الذى لا تناله الارض من وسط القدم . ومسيح القدمين أى أملسهما لهذا قال ينبو

عنهما الماء وفى حديث أبى هريرة خلاف هذا قال فيه اذا وطئ بقدمه وطئ بكلها

ليس له أخمص وهذا يوافق معنى قوله مسيح القدمين وبه قالوا سمى المسيح ابن مريم

أى لم يكن له أخمص . وقال السهيلى في المسيح بن مريم فعيل بمعنى فاعل

لانه كان يؤتى بذوى العاهات فيمسح على مواضعها فتزول والمسيح الدجال بمعنى

مفعول أى ممسوح العين كما جاء في الحديث . رجع إلى الاول وقيل مسيح لا لحم عليهما

وهذا أيضا يخالف قوله شثن القدمين . والتقلع رفع الرجل بقوة والتكفؤ الميل

إلى سنن المشى وقصده والهون الرفق والوقار . والذريع الواسع الخطو أى أن مشيه

كان يرفع فيه رجليه بسرعة ويمد خطوه خلاف مشية المختال ويقصد سمته وكل ذلك

برفق وتثبت دون عجلة كما قال كأنما ينحط من صبب . وقوله يفتتح الكلام

ـ419ـ

ويختمه بأشداقه أى لسعة فمه والعرب تتمادح بهذا وتذم بصغر الفم . وأشاح مال

وانقبض . وحب الغمام البرد . وقوله فيرد ذلك بالخاصة على العامة أى جعل من جزء

نفسه ما يوصل الخاصة اليه فتوصل عنه للعامة وقيل يجعل منه للخاصة ثم يبذلها في

جزء آخر للعامة ويدخلون روادا أى محتاجين اليه . ولا ينصرفون إلا عن ذواق

وقيل عن علم يتعلمونه ويشبه أن يكون على ظاهره أن في الغالب والاكثر .

والعتاد العدة والشئ الحاضر المعد ز والمؤازرة المعاونة . وقوله لا يوطن المواطن أى

لا يتخذ لمصلاه موضعا معلوما وقد ورد نهيه عن هذا مفسرا في غير هذا الحديث .

وصابره أى حبس نفسه على مايريد صاحبه . ولا تؤبن فيه الحرم أى لا يذكرن بسوء

ولا تنثى فلتاته أى لا يتحدث بها أى لم يكن فيه فلتة . ويرفدون يعينون ، والسخاب

الكثير الصياح . وقوله ولا يقبل الثناء إلا من مكا فئ قيل مقتصد في ثنائه ومدحه

وقيل إلا من مسلم وقيل إلا من مكا فئ على يد سبقت من النبى صلى الله عليه

وسلم . ويستفزه يستخفه وفى حديث آخر في وصفه منهوس العقب أى قليل لحمها

وأهدب الاشفار أى طويل شعرها .

ـ420ـ

ـ ذكر خاتم النبوة ـ

عن جابر بن سمرة قال رأيت للنبى صلى الله عليه وسلم عند كتفيه مثل بيضة

الحمامة تشبه جسده وفى لفظ مثل بيضة الحمامة . وقد روى عن أبى رمثة أنه شعر

مجتمع عند كتفيه . وروى عنه أيضا أنه مثل بيض الحمامة وأنه قال يا رسول الله

ألا أدا ويك منها فقال يداويها الذى وضعها . وروى عنه أيضا قال مثل التفاحة

وعن سلمان الفارسى أنه قال كان مثل بيضة الحمامة بين كتفيه وقيل على نغض

كتفه الايسر وقيل كانت بضعة لحم كلون بدنه وقيل كانت كزر الحجلة وقيل كانت

ثلاث شعرات مجتمعات وقيل كانت شامة خضراء محتفرة في اللحم وقال عبد

الله بن سرجس رأيت خاتم النبوة جمعا عليه خيلان كأنها الثآليل عند ناغض

وروى عند غضروف كتفه اليسرى وفى رواية سود رواه مسلم وقيل مثل البندقة وقيل

كأثر المحجم وقيل كركبة العنز أسنده أبوعمر عن عباد بن عمرو وقيل نور عن ابن عائذ

في مغازيه بسنده إلى شداد بن أوس فذكر حديث الرضاع وشق الصدر . وفيه

وأقبل الثالث يعنى الملك وفى يديه خاتم له شعاع فوضعه بين كتفيه وثدييه ووجد

؟ ؟ ؟ زمانا وقيل ولد وهو به . وذكر الواقدى عن شيوخه قالوا لما شكوا في موت النبى

صلى الله عليه وسلم وضعت اسماء بنت عميس يدها بين كتفى رسول الله صلى الله عليه وسلم فقالت إنه قد

توفى وقد رفع الخاتم من بين كتفيه . فهذا الذى عرف به موته عليه السلام .

ـ421ـ

ـ ذكر جمل من اخلاقه ـ

............................................................................

- عيون الاثر مجلد: 2 من ص 421 سطر 1 الى ص 430 سطر 23

ـ ذكر جمل من اخلاقه ـ

عليه أفضل الصلاة والسلام

قال الله تعالى ( وإنك لعلى خلق عظيم ) قالت عائشة رضى الله عنها كان خلقه

القرآن يعنى التأدب بآدابه والتخلق بمحاسنه والالتزام لاوامره وزواجره وقد قال

صلى الله عليه وسلم بعثت لاتمم مكارم الاخلاق . وقال أنس كان النبى صلى الله عليه

وسلم أحسن الناس خلقا وكان عليه السلام أرجح الناس حلما . وروى أنه لما

كسرت رباعيته وشج وجهه يوم أحد شق ذلك على أصحابه وقالوا لو دعوت

عليهم فقال انى لم أبعث لعانا ولكنى بعثت داعيا ورحمة اللهم اهد قومى فانهم

لا يعلمون . وكان صلى الله عليه وسلم أعظم الناس عفوا لا ينتقم لنفسه . ولما تصدى

له غورث بن الحارث ليقتله والسيف بيده وقال لرسول الله صلى الله عليه وسلم من

يمنعك منى قال له " الله " فسقط السيف من يده فقال له عليه السلام وقد أخذ السيف

" من يمنعك منى " فقال كن خير آخذ . فتركه وعفا عنه فجاء إلى قومه فقال

جئتكم من عند خير الناس . وعفا عليه السلام عن اليهودية التى سمته في الشاة

بعد اعترافها على الصحيح ، ولم يؤاخذ لبيد بن الاعصم اذ سحره ولا عبدالله بن

أبى وأشباهه من المنافقين بعظيم ما نقل عنهم قولا وفعلا . وكان صلى الله عليه وسلم

اسخى الناس كفا ماسئل شيئا فقال لا . وأعطى صفوان بن أمية غنما ملات واديا

بين جبلين فقال أرى محمدا يعطى عطاء من لا يخشى الفقر . ورد على هوازن سباياهم وكانت

ستة آلاف وأعطى العباس من الذهب ما لم يطق حمله . وحملت اليه تسعون الف

ـ422ـ

درهم فوضعت على حصير ؟ ؟ ؟ قال اليها يقسمها فمارد سائلا حتى فرغ منها . وذكر عن

معوذ بن عفراء قال أتيت النبى صلى الله عليه وسلم بقناع من رطب يعنى طبقا واجر

زغب يريد قثاء فأعطانى ملء كفه حليا وذهبا . وروينا عن الشافعى فثنا الحسين

ابن عبدالله القطان بالرقة فثنا عمر بن حفص فثنا أبو عبدالصمد العمى فثنا أبو

عمران الجونى عن عبدالله بن الصامت عن أبى ذر قال قال لى رسول الله صلى

الله عليه وسلم إذا طبخت فأكثر المرق واقسم في أهلك وجير انك . رواه مسلم

عن أبى كامل واسحق بن ابراهيم عن عبدالعزيز بن عبدالصمد عن أبى عمران

به . وكان صلى الله عليه وسلم أشجع الناس سئل البراء أفررتم يوم حنين قال لكن

رسول الله صلى الله عليه وسلم لم يفر . وفيه فما رئى يومئذ أحد كان أشد منه . وقال

ابن عمر ما رأيت أشجع ولا أنجد ولا أجود ولا أرضى من رسول الله صلى الله عليه

وسلم . وعن أنس كان النبى صلى الله عليه وسلم أحسن الناس وأجود الناس وأشجع

الناس لقد فزع أهل المدينة ليلة فانطلق ناس قبل الصوت فتلقاهم رسول الله صلى

الله عليه وسلم راجعا قد سبقهم إلى الصوت واستبرأ الخبر على فرس لابى طلحة

عرى والسيف في عنقه وهو يقول لن تراعو . وقال عمران بن حصين ما لقى النبى .

صلى الله عليه وسلم كتيبة إلا كان أول من يضرب . وقال على بن أبى طالب كنا

اذا حمى أو اشتد اليأس واحمرت الحدق اتقينا برسول الله صلى الله عليه وسلم

فما يكون أحذ أقرب إلى العدو منه ولقد رأيتنى يوم بدر ونحن نلوذ برسول الله

صلى الله عليه وسلم وهو أقربنا إلى العدو وكان من أشد الناس يومئذ بأسا

وقيل كان الشجاع هو الذى يقرب منه صلى الله عليه وسلم بقربه من العدو وكان

صلى الله عليه وسلم أشد الناس حياء واكثرهم عن العورات إغضاء قال الله تعالى ( ان

ذلكم كان يؤذى النبى فيستحيى منكم والله لا يستحيى من الحق ) . وعن أبى سعيد

ـ423ـ

الخدرى كان رسول الله صلى الله عليه وسلم ؟ ؟ ؟ حياء من العدراء في خدرها وكان ادا كره

شيئا عرفناه في وجهه - الحديث . وعن عائشة كان رسول الله صلى الله عليه وسلم

اذا بلغه عن أحد ما يكرهه لم يقل ما بال فلان يقول كذا ولكن يقول ما بال أقوام

يصنعون أو يقولون كذا . ينهى عنه ولا يسمى فاعله . وعن أنس في حديث أنه عليه

السلام كان لا يواجه أحدا بما يكره . وعن عائشة لم يكن النبى صلى الله عليه وسلم

فاحشا ولا متفحشا ولا سخابا بالاسواق ولا يجزى بالسيئة السيئة . ولكن يعفو

ويصفح . وعنها ما رأيت فرج رسول الله صلى الله عليه وسلم قط . وروى عنه أنه

كان من حيائه لا يثبت بصره في وجه أحد وأنه كان يكنى عن ما اضطره الكلام

اليه مما يكره . وكان صلى الله عليه وسلم أوسع الناس صدرا وأصدق الناس لهجة

وألينهم عريكة وأكرمهم عشرة ، هذا من كلام على في صفته . وعن قيس بن سعد

قال زارنا رسول الله صلى الله عليه وسلم فلما أراد الانصراف قرب له سعد حمارا

وطأ عليه بقطيفة ( 1 ) فركب رسول الله صلى الله عليه وسلم ثم قال سعد يا قيس اصحب

رسول الله صلى الله عليه وسلم قال قيس فقال لى رسول الله صلى الله عليه وسلم اركب فأبيت فقال

إما أن تركب وإما أن تنصرف فانصرفت ، وفى رواية اركب أمامى فصاحب

الدابة احق بمقدمها . وعن عائشة في حديث عنه صلى الله عليه وسلم انه ما دعاه

أحد من أصحابه ولا أهل بيته الا قال لبيك . وقال جرير ما حجبى رسول الله

صلى الله عليه وسلم منذ أسلمت ولا رآنى الا تبسم . وكان صلى الله عليه وسلم

يمازح أصحابه ويخالطهم ويحادثهم ويداعب صبيانهم ويجلسهم في حجره

ويجيب دعوة الحر والعبد والامة والمسكين ويعود المرضى في أقصى المدينة ويقبل

عذر المعتذر ، قال أنس ما التقم أحد اذن النبى صلى الله عليه وسلم فينحى رأسه حتى يكون الرجل

* ( هامش ) * ( 1 ) هى كساء له خمل . ( * )

ـ424ـ

هو الذى ينحى رأسه ، وما أخذه بيده فيرسل يده حتى يرسلها الآخذ . ولم ير مقدما

ركبتيه بين يدى جليس له ، وكان يبدأ من لقيه بالسلام ويبدأ أصحابه بالمصافحة ،

لم يرقط مادا رجليه بين أصحابه حتى يضيق بهما على أحد يكرم من يدخل عليه

وربما بسط له ثوبه ويؤثره بالوسادة التى تحته ويعزم عليه في الجلوس عليها إن أبى

ويكنى أصحابه ويدعوهم بأحب أسمائهم تكرمة لهم ، ولا يقطع على أحد حديثه

وروى أنه كان لا يجلس اليه أحد وهو يصلى إلا خفف صلاته وسأله عن حاجته

فاذا فرغ عاد إلى صلاته ، وكان أكثر الناس تبسما وأطيبهم نفسا مالم ينزل عليه

قرآن أو يعظ أو يخطب ، قال عبدالله بن الحارث ما رأيت أحدا أكثر تبسما من

رسول الله صلى الله عليه وسلم .

وأما شفقته صلى الله عليه وسلم على خلق الله ورأفته بهم ورحمته لهم فقد قال

الله تعالى فيه ( عزيز عليه ما عنتم حريص عليكم بالمؤمنين رءوف رحيم ) وقال

( وما أرسلناك إلا رحمة للعالمين ) قال بعضهم من فضله عليه السلام أن الله

أعطاه إسمين من أسمائه فقال ( بالمؤمنين رءوف رحيم ) ومن ذلك تخفيفه وتسهيله

عليهم وكراهته أشياء مخافة أن تفرض عليهم كقوله لولا أن أشق على أمتى لامرتهم

بالسواك مع كل وضوء ، وخبر صلاة الليل ونهيهم عن الوصال وكراهية دخول

الكعبة ليلا يعنت أمته ورغبته لربه أن يجعل سبه ولعنه لهم رحمة وانه كان

يسمع بكاء الصبى فيتجوز في صلاته ، ولما كذبه قومه أتاه جبريل عليه السلام

فقال إن الله تعالى قد سمع قول قومك لك وما ردوا عليك وقد أمر ملك الجبال

لتأمره بما شئت فيهم فناداه ملك الجبال وسلم عليه وقال مرنى بماشئت إن شئت

أن أطبق عليهم الاخشبين ( 1 ) قال النبى صلى الله عليه وسلم بل أرجو أن يخرج الله من أصلابهم

* ( هامش ) * ( 1 ) الاخشيان : الجبلان المطيفان بمكة وهما أبوقبيس والاحمر . ( * )

ـ425ـ

من يعبد الله وحده ولا يشرك به شيئا . وروى ابن المنكدر أن جبريل عليه السلام

قال للنبى صلى الله عليه وسلم إن الله أمر السماء والارض والجبال أن تطيعك

فقال أوخر عن أمتى لعل الله أن يتوب عليهم ، قالت عائشة ما خير رسول الله

صلى الله عليه وسلم بين أمرين إلا اختار أيسرهما ، وقال اين مسعود كان رسول الله

صلى الله وسلم يتخولنا ( 1 ) بالموعظة مخافة السآمة علينا . وروى أنه عليه السلام

قال لا يبلغنى أحد منكم عن أحد من أصحابى شيئا فانى أحب أن أخرج اليكم وأنا

سليم الصدر ، وكان صلى الله عليه وسلم أوصل الناس لرحم وأقومهم بالوفاء وحسن العهد .

وروينا من طريق أبى داود فثنا محمد بن سنان فثنا ابراهيم بن طهمان عن بديل

عن عبدالكريم عن عبدالله بن شقيق عن أبيه عن عبدالله بن أبى الحمساء قال بايعت

النبى صلى الله عليه وسلم ببيع قبل أن يبعث وبقيت له بقية فوعدته أن آتيه بها

في مكانه ؟ ؟ ؟ نسيت ثم ذكرت بعد ثلاث فجئته فاذا هو في مكانه ، فقال يافتى

لقد شققت على أنا هاهنا منذ ثلاث أنتظرك . وعن أنس كان النبى صلى الله عليه

وسلم إذا أتى بهدية قال إذهبوا بها إلى بيت فلانة فانها كانت صديقة لخديجة انها

كانت تحب خديجة ، ودخلت عليه إمرأة فهش لها وأحسن السؤال عنها فلما

خرجت قال إنها كانت تأتينا أيام خديجة وإن حسن العهد من الايمان ، وقال

عليه السلام إن آل أبى فلان ليسوا لى بأولياء غير أن لى رحما سأبلها ببلالها ( 2 )

وعن أبى قتادة وفد وفد للنجاشى فقام النبى صلى الله عليه وسلم يخدمهم ، فقال له أصحابه نكفيك

فقال انهم كانوا لاصحابنا مكرمين وإنى أحب أن أكافئهم . ولما جئ بأخته

من الضاعة الشيماء في سبى هوازن بسط لها رداءه وخيرها بين المقام عنده والتوجه

* ( هامش ) * ( 1 ) أى يتعاهدنا .

( 2 ) أى : أصلهم في الدنيا ولا أغنى عنهم من الله شيئا .

ـ426ـ

إلى ؟ ؟ ؟ فاختارت قومها فمتعها ، وكان صلى الله عليه وسلم أشد الناس تواضعا على

علو منصبه فمن ذلك أن الله خيره بين أن يكون نبيا ملكأ أو نبيا عبدا فاختار أن

يكون نبيا عبدا فقال له إسرافيل عند ذلك فان الله قد أعطاك بما تواضعت إنك سيد

ولد آدم يوم القيامة وأول من تنشق عنه الارض وأول شافع ، وخرج على قوم من

أصحابه فقاموا له فقال لا تقوموا كما تقوم الاعاجم يعظم بعضها بعضا ، وقال إنما

أنا عبد آكل كما يأكل العبد وأجلس كما يجلس العبد ، وكان يركب الحمار ويردف

خلفه ويعود المساكين ويجالس الفقراء ويجيب دعوة العبد ويجلس بين

أصحابه مختلطا بهم حيث ما انتهى به المجلس جلس ، وقال لامرأة أتته في حاجة

إجلسى ياأم فلان في أى طرق المدينة شئت أجلس إليك حتى أقضى حاجتك

فجلست وجلس ، وكان يدعى إلى خبز الشعير والاهالة السنخة ( 1 ) فيجيب ، وحج

على رحل رث عليه قطيفة ماتساوى أربعة دراهم ، وأهدى في حجه ذلك مائة

بدنة ، وكان يبدأ من لقيه بالسلام . وروينا عن أبى بكر الشافعى فثنا أبوجعفر

محمد بن حماد بن ماهان فثنا محمد بن عبدالرحمن بن بكر فثنا محمد بن سواء عن

سعيد عن قتادة عن أنس أن رسول الله صلى الله عليه وسلم مرعلى صبيان فسلم عليهم ، وكان

في بيته في مهنة أهله يفلى ثوبه ويحلب شاته ويخصف نعله ويخدم نفسه

ويعلف ناضحه ويقم ( 2 ) البيت ويعقل ( 3 ) البعير ويأكل مع الخادم ويعجن معها

ويحمل بضاعته من السوق . وعن أنس إن كانت الامة من أهل المدينة لتأخذ بيد

رسول الله صلى الله عليه وسلم فتنطلق به حيث شاءت حتى يقضى حاجتها ، وكان صلى الله عليه

* ( هامش ) * ( 1 ) الاهالة كل ما يؤ تدم به ، وقيل هو ما أذيب من الالية

والشحم وقبل الدسم الجامد . والسنخة المتغيرة الريح .

( 2 ) أى يكنس .

( 3 ) أى يربط . ( * )

ـ427ـ

وسلم يسمى الامين قبل النبوة لما عرفوا من أمانته وعدله . وعن الربيع بن خثيم

كان يتحاكم إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم في الجاهلية قبل الاسلام ، وقال

النضر بن الحارث لقريش قد كان محمد فيكم غلاما حدثا أرضاكم فيكم وأصدقكم

حديثا وأعظمكم أمانة حتى إذا رأيتم في صدغيه الشيب وجاءكم بما جاءكم به

قلتم ساحر لا والله ما هو بساحر . وفى الحديث عنه ما لمست يده يد إمرأة قط

لا يملك رقها وقال ويحك فمن يعدل إن لم أعدل . وعن الحسن ما كان رسول الله

صلى الله عليه وسلم يأخذ أحدا بقرف ( 1 ) أحد ولا يصدق أحدا على أحد ، وكان

أوقر الناس في مجلسه لا يكاد يخرج شيئا من أطرافه ، وكان صلى الله عليه وسلم يحب الطيب

والرائحة الحسنة ويستعملها كثيرا ويحض عليها ، ومن مروءته صلى الله عليه

وسلم نهيه عن النفخ في الطعام والشراب والامر بالاكل مما يلى والامر بالسواك

وانقاء البراجم والرواجب ( 2 ) واستعمال خصال الفطرة .

وأما زهده في الدنيا وعبادته وخوفه ربه عزوجل فقد توفى ودرعه مرهونة عند

يهودى في نفقة عياله ، وكان يدعو اللهم اجعل رزق آل محمد قوتا . وعن عائشة قالت

ماشبع رسول الله صلى الله عليه وسلم ثلاثة أيام تباعا من خبر برحتى مضى لسبيله ، وفى رواية من حبر

شعير يومين متواليين ، وقالت عائشة ما ترك رسول الله صلى الله عليه وسلم دينارا

ولادرهما ولا شاة ولا بعيرا ، قالت ولقد مات وما في بيتى شئ يأكله ذو كبد

إلا شطر شعير في رف لى ، وقال لى إنى عرض على أن يجعل لى بطحاء مكة ذهبا

فقلت لا يارب بل أجوع يوما وأشبع يوما فأما اليوم الذى أجوع فيه فأتضرع

اليك وأدعوك وأما اليوم الذى أشبع فيه فأحمدك وأثنى عليك ، وقال ابن عباس

* ( هامش ) * ( 1 ) القرف : التهمة .

( 2 ) البراجم هى العقد التى في ظهور الاصابع ، يجتمع فيها الوسخ ،

والرواجب هى ما بين عقد الاصابع من داخل . ( * )

ـ428ـ

كان صلى الله عليه وسلم يبيت هو وأهله الليالى المتتابعة طاويا لا يجدون عشاء .

وكان يقول لو تعلمون ما أعلم لضحكتم قليلا ولبكيتم كثيرا ، وفى حديث المغيرة

صلى رسول الله صلى الله عليه وسلم حتى انتفخت قدماه ، وقالت عائشة كان عمل رسول الله

صلى الله عليه وسلم ديمة ( 1 ) وأيكم يطيق ما كان يطيق ، وقالت كل يصوم حتى نقول

لا يفطر ويفطر حتى نقول لا يضوم . وقال عوف بن مالك كنت مع رسول الله

صلى الله عليه وسلم ليلة فاستاك ثم توضأ ثم قام يصلى فقمت معه فبدأ فاستفتح البقرة فلا يمر

بآية رحمة إلا وقف فسأل ولا بآية عذاب إلا وقف فتعوذ ثم ركع فمكث بقدر

قيامه يقول سبحان ذى الجبروت والملكوت والعظمة ، ثم سجد وقال مثل ذلك ثم

قرأ آل عمران ، ثم سورة سورة يفعل مثل ذلك ، وعن عائشة قام رسول الله صلى الله

عليه وسلم بآية من القرآن ليلة ، وقال صلى الله عليه وسلم انى لاستغفر الله في اليوم مائة مرة . ( 2 )

* ( هامش ) * ( 1 ) الديمة : المطر الدائم في سكون ، شبهت عمله في دوامه بديمة المطر .

( 2 ) في حاشية الاصل : بلغ مقابلة لله الحمد . ( * )

ـ429ـ

ـ ذكر مصيبة الاولين والآخرين من المسلمين ـ

؟ ؟ ؟ رسول الله صلى الله عليه وسلم

ولما قفل صلى الله عليه وسلم من حجة الوداع أقام بالمدينة ذا الحجة والمحرم

وصفرا وضرب على الناس بعثا أميره أسامة بن زيد . وقد تقدم ذكره وهو آخر

بعوثه فبينا الناس على ذلك ابتدئ صلوات الله عليه وسلامه بشكواه الذى قبضه

الله ؟ ؟ ؟ إلى ما أراد من رحمته وكرامته في ليال بقين من صفر أو في أول شهر ربيع

الاول فكان أول ما ابتدئ به صلى الله عليه وسلم أنه خرج إلى بقيع الغرقد مقبرتهم

من جوف الليل فاستغفر لهم . ثم رجع إلى أهله فلما أصبح ابتدئ بوجعه من

يومه ذلك . قالت عائشة رجع رسول الله صلى الله عليه وسلم من البقيع فوجدنى وأنا أجد صداعا

في رأسى وأنا أقول وارأساه فقال بل أنا والله يا عائشة وارأساه . قالت ثم قال

وما ضرك لومت قبلى فقمت عليك وكفنتك وصليت عليك ودفنتك . قلت

والله لكأنى بك لو قد فعلت ذلك لرجعت إلى بيتى فأعرست فيه ببعض نسائك

فتبسم رسول الله صلى الله عليه وسلم وتتام به وجعه وهو يدور على نسائه حتى

استعز ( 1 ) به وهو في بيت ميمونة فدعا نساءه فاستأذنهن في أن يمرض في بيتى فأذن

له . قالت فخرج رسول الله صلى الله عليه وسلم يمشى بين رجلين من أهله أحدهما

الفضل بن عباس ورجل آخر عاصبا رأسه تخط قدماه الارض حتى دخل بيتى .

 

قال ابن عباس الرجل الآخر على بن ابى طالب ، ثم غمر رسول الله صلى الله عليه وسلم

* ( هامش ) * ( 1 ) أى اشتد وجعه . ( * )

ـ430ـ

واشتد به وجعه فقال أهريقوا على من سبع قرب من آبار شتى حتى أخرج إلى

الناس فأعهد اليهم فأقعدناه في مخضب ( 1 ) لحفصة بنت عمرو ، ثم صببنا عليه الماء

حتى طفق يقول حسبكم حسبكم . وعن الزهرى قال حدثنى أيوب بن بشير أن

رسول الله صلى الله عليه وسلم خرج عاصبا رأسه حتى جلس على المنبر ، ثم كان

أول ما تكلم به انه صلى على أصحاب أحد واستغفر لهم فأكثر الصلاة عليهم

ثم قال ان عبدا من عباد الله خيره الله بين الدنيا وبين ما عنده فاختار ما عند الله

ففهمها أبوبكر وعرف أن نفسه يريد . فقال نفديك بأنفسنا وأبنائنا . فقال على

رسلك يا أبا بكر ثم قال أنظروا هذه الابواب اللافظة في المسجد فسدوها إلاباب أبى

بكر فانى لا أعلم أحدا كان أفضل في الصحبة عندى يدا منه ، وأراد عمر فتح كوة لينظر

إلى النبى صلى الله عليه وسلم منها فمنعه من ذلك ، وقال عليه السلام للعباس ما فتحت عن امرى

ولا سددت عن امرى واستبطأ الناس في بعث اسامة فخرج عاصبا رأسه حتى

جلس على المنبر - وقد كان الناس قالوا في إمرة أسامة أمر غلاما حدثا على جلة

المهاجرين والانصار - فحمد الله وأثنى عليه بما هو أهله ثم قال أيها الناس أنفذوا

بعث اسامة فلعمرى لئن قلتم في إمارته لقد قلتم في إمارة أبيه من قبله وانه

لخليق للامارة وإن كان أبوه لخليقا بها . ؟ ؟ ؟ نزل رسول الله صلى الله عليه وسلم

وانكمش ( 2 ) الناس في جهازهم واستعز برسول الله وجعه فخرج اسامة وخرج جيشه معه

حتى نزلوا الجرف من المدينة على فرسخ فضرب به عسكره وتتام اليه الناس وثقل

رسول الله صلى الله عليه وسلم فأقام أسامة والناس لينظروا ما الله قاض في رسول عليه السلام .

ومن حديث عبدالله بن كعب بن مالك أن رسول الله صلى الله عليه وسلم

أوصى بالانصار يوم صلى واستغفر لاصحاب أحد وذكر من امرهم ما ذكر فقال

* ( هامش ) * ( 1 ) المخضب إجانة تغسل فيها الثياب .

( 2 ) أى أسرع . ( * )

ـ431ـ

يا معشر المهاجرين استوصوا بالانصار خيرا فان الناس يزيدون وان الانصار على

............................................................................

- عيون الاثر مجلد: 2 من ص 431 سطر 1 الى ص 440 سطر 22

يا معشر المهاجرين استوصوا بالانصار خيرا فان الناس يزيدون وان الانصار على

على هيئتها لا تزيد فانهم كانوا عيبتى التى أويت اليها فأحسنوا إلى محسنهم

وتجاوزوا عن مسيئهم . ثم نزل رسول الله صلى الله عليه وسلم وكان عليه السلام

يوعك ( 1 ) وعكا شديدا دخل عليه أبوسعيد الخدرى وعليه قطيفة فوضع يده عليه

فوجد حرارتها فوق القطيفة فقال ما أشد حماك فقال إنا كذلك يشدد علينا البلاء

ويضاعف لنا الاجر . وعن علقمة قال دخل عبدالله بن مسعود على النبى صلى الله

عليه وسلم فوضع يده عليه ثم قال يا رسول الله انك لتوعك وعكا شديدا . قال

أجل انى أو عك كما يوعك رجلان منكم . قال قلت يا رسول الله ذلك بأن لك أجرين

الحديث . وأمر رسول الله صلى الله عليه وسلم أبا بكر أن يصلى بالناس فصلى بهم

فيما روينا سبع عشرة صلاة وصلى النبى صلى الله عليه وسلم مؤتما به ركعة ثانية

من صلاة الصبح . ثم قضى الركعة الباقية وقال لم يقبض نبى حتى يؤمه رجل من

قومه . وقال عليه السلام في مرضه ذلك مر الناس فليصلوا يقول ذلك لعبد الله

ابن زمعة بن الاسود فذهب ابن زمعة فقدم عمر لنيبة أبى بكر فلما سمع رسول

الله صلى الله عليه وسلم صوته أخرج رأسه حتى أطلعة للناس من حجرته ثم قال

لا لا لا ليصل لهم ابن أبى قحافة . وعن أبى سعيد الخدرى في هذا الخبر قال

فانفضت الصفوف وانصرف عمر فما برحنا حتى طلع ابن أبى قحافة وكان بالسنح ( 2 )

فتقدم فصلى بالناس وتبسم عليه السلام لما رأى من هيئة المسلمين في صلاتهم

سرورا بذلك . وقال ائتونى أكتب لكم كتابا لا تضلوا بعده فتنازعوا فلم يكتب .

وقالت عائشة آخر ما عهد الينا أن لا يترك بجزيرة العرب دينان . وقالت أم سلمة

عامة وصيته عند الموت الصلاة وما ملكت أيمانكم . وقالت عائشة سمعته يقول

* ( هامش ) * ( 1 ) أى يتألم .

( 2 ) منازل بنى الحارث بن الخزرج في المدينة . ( * )

ـ432ـ

قبل ذلك ما من نبى يموت حتى يخبر قالت فسمعته وهو يقول اللهم الرفيق

الاعلى فعلمت انه ذاهب . وفى خبر عنها فكانت تلك آخر كلمة تكلم بها رسول

الله صلى الله عليه وسلم . وقالت رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو يموت وعنده قدح

فيه ماء وهو يدخل يده في القدح ثم يمسح وجهه بالماء ويقول اللهم أعنى على سكرات

الموت . وذكر ابن سعد في وفاته عليه السلام خبرا فيه انه لما بقى من أجله ثلاث

نزل عليه جبريل فقال يا أحمد إن الله أرسلنى اليك إكراما لك وتفضيلا لك

وخاصئ لك يسألك عما هو أعلم به منك يقول لك كيف تجدك وفيه إن ذلك

ثلاث المرة بعد المرة وفى الثالثة صحبه ملك الموت فاستأذن عليه فأذن له ثم

استأذنه في قبض نفسه أو تركها وان الله أمره بطاعته في ذلك . فقال جبريل يا أحمد

ان الله قد إشتاق اليك قال فاقبض يا ملك الموت كما أمرت به . قال جبريل السلام

عليك يا رسول الله هذا آخر موطئ الارض . فتوفى صلى الله عليه وسلم وجاءت

التعرية يسمعون الصوت ولا يرون الشخص السلام عليكم يا أهل البيت ورحمة الله

وبركاته كل نفس ذائقة الموت وإنما توفون أجوركم يوم القيامة إن في الله عزاء عن

كل مصيبة وخلفا من كل هالك ودركا من كل مافات فبا الله فثقوا وإياه فارجوا فان

المصاب من حرم الثواب والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته . وقد ذكر أن هذا

المعزى هو الخضر عليه السلام . واختلف أهل العلم في اليوم الذى توفى فيه بعد

اتفاقهم على انه يوم الاثنين في شهر ربيع الاول : فذكر الواقدى وجمهور الناس

أنه الثانى عشر . قال الربيع بن سالم وهذا لا يصح وقد جرى فيه على العلماء من

الغلط ما علينا بيانه . وقد تقدمه السهيلى إلى بيانه لان حجة الوداع كانت وقفتها

يوم الجمعة . فلا يستقيم أن يكون يوم الاثنين ثانى عشر ربيع الاول سواء أتمت

الاشهر كلها أو نقصت كلها أوتم بعضها ونقص بعضها . قال الطبرانى يوم الاثنين

لليلتين مضتا من شهر ربيع الاول . قال أبوبكر الخوارزمى أول يوم منه وكلاهما ممكن .

ـ433ـ

ولما توفى رسول الله صلى الله عليه وسلم وسجته ( 1 ) الملائكة دهش الناس وطاشت عقولهم

واختلفت أحوالهم في ذلك فأما عمر فكان ممن خبل فجعل يقول انه والله مامات

ولكنه ذهب إلى ربه كما ذهب موسى بن عمران حين غاب عن قومه أربعين ليلة

ثم رجع اليهم . وأما عثمان فأخرس حتى جعل يذهب به ويجاء وهو لا يتكلم . وأقعد

على وأضنى عبدالله بن أنيس من الضنى وهو المرض . وبلغ أبا بكر الخبر وكان

بالسنح فجاء وعيناه تهملان فقبل النبى صلى الله عليه وسلم وهو يبكى . وقال بأبى

أنت وأمى طبت حيا وميتا . وتكلم كلاما بليغا سكن به نفوس المسلمين وثبت

جأشهم . وكان أثبت القوم رضى الله عنه وغسله عليه السلام على والعباس وابناه

الفضل وقثم ومولياه اسامة وشقران . وحضرهم أوس بن خولى الانصارى . وكفن

في ثلاثة اثواب بيض سحولية ليس فيها قميص ولا عمامة . وصلى عليه المسلمون

أفذا ذا لم يؤمهم أحد وفرش تحته قطيفة حمراء كان يتغطى بها . ودخل قبره العباس

وعلى والفضل وقثم وشقران وأطبق عليه تسع لبنات . ودفن في الموضع الذى توفاه

الله فيه حول فراشه . وكانوا قد اختلفوا في غسله فقالوا والله ما ندرى أنجرد رسول

الله من ثيابه كما تجرد موتانا أو نغسله وعليه ثيابه . فلما اختلفوا ألقى الله عليهم

النوم وكلمهم مكلم من ناحية البيت لا يدرون من هو : إغسلوا النبى صلى الله عليه وسلم وعليه

ثيابه فقاموا إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فغسلوه وعليه قميصه يصبون عليه

الماء فوق القميص ويدلكونه والقميص دون أيديهم : فأسنده على إلى صدره

والعباس والفضل وقنم يقلبونه معهم وأسامة وشقران يصبان الماء وعلى يغسله

بيده . واختلفوا في موضع دفنه هل يكون في مسجده أو مع أصحابه : فقال أبوبكر

ادفنوه في الموصع الذى قبض فيه فان الله لم يقبض روحه إلا في مكان طيب فعلموا

ان قد صدق . وكان أبوعبيدة بن الجراح يضرح كحفر أهل مكة وأبوطلحة

* ( هامش ) * ( 1 ) أى غطته . ( * )

ـ434ـ

زيد بن سهل يلحد كاهل المدينة فاختفلوا كيف يصنع بالنبى صلى الله عليه وسلم فوجه العباس

رجلين أحدهما لابى عبيدة بن الجراح والآخر لابى طلحة . وقال اللهم خر لنبيك

فحضر أبوطلحة فلحد له . ولما فرغ من جهازه يوم الثلاثاء وكانت وفاته يوم الاثنين

حين زاغت الشمس قال على لقد سمعنا همهمة ولم نر شخصا سمعنا هاتفا يقول :

أدخلوا رحمكم الله فصلوا على نبيكم . ثم دفن من وسط الليل ليلة الاربعاء وكانت

مدة شكواه ثلاث عشرة ليلة . ولما دفن عليه السلام قالت فاطمة ابنته عليها السلام :

اغبر آفاق السماء وكورت * شمس النهار وأظلم العصران

فالارض من بعد النبى كئيبة * أسفا عليه كثيرة الرجفان

فليبكه شرق البلاد وغربها * ولتكبه مضر وكل يمان

وليبكه الطود المعظم جوه * والبيت ذو الاستار والاركان

يا خاتم الرسل المبارك ضوءه * صلى عليك منزل الفرقان

ويروى أنها تمثلت بشعر فاطمة بنت الاحجم :

قد كنت لى جبلا ألوذ بظله * فتركتنى أمشى بأجرد ضاح

قد كنت ذات حمية ما عشت لى * أمشى البراز وكنت أنت جناحى

فاليوم أخضع للذليل وأتقى * منه وأدفع ظالمى بالراح

وإذا دعت قمرية شجنا لها * ليلا على فنن دعوت صباح

ومما ينسب لعلى أو فاطمة رضى الله عنهما .

ماذا على من شم تربة أحمد * ألا يشم مدى الزمان غواليا

صبت على مصائب لو أنها * صبت على الايام عدن لياليا

ـ435ـ

وقال أنس بن مالك لما كان اليوم الذى دخل فيه رسول الله صلى الله عليه وسلم يعنى المدينة

أضاء منها كل شئ . فلما كان اليوم الذى مات فيه أظلم منها كل شئ . وما نفضنا

الايدى من دفنه حتى أنكرنا قلوبنا . وقد روى عنه عليه السلام انه قال لتعز

المسلمين في مصائبه المصيبة بى . وفى حديث عنه أنا فرط لامتى لن يصابوا

بمثلى ، وقال أبوسفيان بن الحارث بن ع بدالمطلب يرثيه :

أرقت فبات ليلى لا يزول * وليل أخى المصيبة فيه طول

وأسعدنى البكاء وذاك فيما * أصيب المسلمون به قليل

لقد عظمت مصيبتنا وجلت * عشية قيل قد قبض الرسول

وأضحت أرضنا مما عراها * تكاد بنا جوانبها تميل

فقدنا الوحى والتنزيل فينا * يروح به ويغدو جبرئيل

وذاك أحق ماسالت عليه * نفوس الناس أو كربت تسيل

نبى كان يجلو الشك عنا * بما يوحى اليه وما يقول

ويهدينا ولا نخشى ضلالا * علينا والرسول لنا دليل

أفاطم ان جزعت فذاك عذر * وان لم تجزعى ذاك السبيل

فقبر أبيك سيد كل قبر * وفيه سيد الناس الرسول

ولو فتحنا باب الاكثار وسمحنا بايراد ما يستحسن في هذا الباب من الاشعار

لخرجنا جنحنا اليه من الايجاز والاختصار فالاشعار في هذا كثيرة ولانواع

الاسى والاسف مثيرة فياله من خطب جل عن الخطوب ومصائب علم دمع العين

كيف يصوب ورزء غربت له النيرات ولا تعلل بشروقها بعد الغروب . وحادث

هجم هجوم الليل فلا نجاء منه لهارب ولا فرار منه لمطلوب ولا صباح له فيجلو

غياهبه المملة ودياجيه المدلهمة ، ولكل ليل إذا دجى صباح يؤوب . ومن سر أهل

ـ436ـ

الارض ثم بكى أسى بكى بعيون سرها وقلوب فانالله وإنا اليه راجعون من نار

حنيت عليها الاضالع لا تخبو ولا تخمد ومصيبة تستك منها المسامع لا يبلى على

مر الجديدين حزنها المجدد :

وهل عدلت يوما رزيئة هالك * رزيئة يوم مات فيه محمد

وما فقد الماضون مثل محمد * ولا مثله حتى القيامة يفقد

صلى الله عليه وسلم تسليما كثيرا .

* * *

قد انتهى بنا الغرض فيما أوردناه إلى ما أردناه ، ولم نسلك بعون الله فيه غير

الاقتصاد الذى قصدناه فمن عثر فيه على وهم أو تحريف أو خطأ أو تصحيف فليصلح

ما عثر عليه من ذلك وليسلك سبيل العلماء في قبول العذر هنالك . ومع مر بخبر

لم أذكره أو ذكرت بعضه فلعه بحسب موضعه من التبويب أو نسقه في الترتيب

أو الاختصار الذى اقتضاه التهذيب أو لنكارة في متنه تنقم على واضعه أو لانى

مامررت به في مواضعه . ومن برئ من الاحاطة أيها الناظر اليك فليس لك أن

تلزمه بكل ما يرد عليك .

* * *

ـ437ـ

ـ ذكر الاسانيد التى وقعت لى من المصنفين ـ

الذين أخرجت من كتبهم في هذا المجموع ما اخرجته

وما كان فيه من ( صحيح البخارى ) فأخبرنا به الشيخ أبوالعز عبدالعزيز بن

عبدالمنعم بن على بن نصر الحرانى بقراءة والدى رحمة الله عليه وأنا أسمع قال

أنا أ بوالعباس أحمد بن يحيى بن هبة الله بن البيع الحافظ قراءة عليه وأنا أسمع

ببغداد سنة ستمائة وغيره إجازة . قالوا أنا أبوالوقت عبد الاول بن عيسى قال

أنا أبوالحسن الداودى قال أنا أبومحمد بن حموية قال أنا أ بوعبدالله الفربرى عنه .

وما كان فيه من ( صحيح مسلم ) فأخبرنا به أبومحمد عبدالعزيز بن الحافظ

أبى الفتوح نصر بن أبى الفرج بن على الحصرى قراءة وأنا أسمع لجميعه قال أنا

أبوالحسين المؤيد بن محمد بن على الطوسى إجازة قال أنا أ بوعبدالله محمد بن الفضل

ابن أحمد الصاعدى الفراوى قال أنا أبوالحسن عبد الغافر بن محمد الفارسى

قال أنا أبوأحمد محمد بن أحمد بن عيسى بن عمروية الجلودى قال أنا أبوسفيان

قال أنا مسلم . وقد سمعت قطعة منه على أبى بكر محمد بن الحافظ أبى الطاهر اسماعيل

ابن عبدالله بن الانماطى بسماعه من أبى القاسم عبدالصمد بن محمد بن أبى الفضل

الانصارى بن الحرستانى . وباجازته من المؤيد بن محمد قال الاول أنبأنا وقال

الثانى أخبرنا أ بوعبدالله الفراوى بسنده .

وما كان فيه من ( سنن أبى داود ) فأخبرنا به أبوالفضل عبدالرحيم بن يوسف

ابن يحيى بن العلم الموصلى قراءة عليه وأنا أسمع لجميعه خلا من قوله باب المستبان

ـ438ـ

إلى باب الارجوحة فاجازة قال أنا أبوحفص عمر بن محمد بن طبرزذ قراءة عليه

في الخامسة . وهو سمع الكتاب كاملا من أبى البدر ابراهيم بن محمد بن منصور

الكرخى بعضه . ومن أبى الفتح مفلح بن أحمد بن محمد الدومى كما هو مثبت عندى

على الاصل . قال أنا أبوبكر الخطيب الحافظ قال أنا أبوعمر القاسم بن جعفر

الهاشمى عن أبى على اللؤلؤى عنه .

وما كان فيه من كتاب ( الجامع لابى عيسى الترمذى ) فأخبرنا بجميعه أبو

عبدالله محمد بن ابراهيم بن ترجم المازنى قراءة عليه وأنا أسمع لبعضه وبقراءتى

عليه لبعضه قال أنا أبوالحسن على بن أبى الكرم نصر بن البنا قراءة عليه

وأنا أسمع لبعضه قال أنا أبوالفتح عبدالملك بن أبى القاسم الكروخى قال

أنا بجميعه القاضى أبوعامر محمود بن القاسم الازدى وأبوبكر أحمد بن عبدالصمد

الغورجى . وأخبرنا من أول الكتاب إلى مناقب عبدالله بن عباس أبونصر

عبدالعزيز بن محمد الترياقى . ومن مناقب ابن عباس إلى آخر كتاب العلل

أبوالمظفر عبيدالله بن على بن يس قال أنا أبومحمد عبدالجبار بن محمد الجراحى

قال أنا أ بوالعباس أحمد بن محمد المحبوبى فثنا الترمذى .

وما كان فيه من ( سنن أبى عبدالرحمن النسائى ) فأخبرنا به غير واحد من

شيوخنا سماعا . قال أنا عبدالعزيز بن أحمد بن عمر بن سالم بن باقا البغدادى . قال

أنا أبوزرعة طاهر بن محمد بن طاهر المقدسى قال أنا أبومحمد عبدالرحمن بن حمد بن

الحسن الدونى قال أنا أبونصر أحمد بن الحسين بن الكسار قال أنا أبوبكر

أحمد بن محمد بن إسحق بن السنى عنه .

وما كان فيه من ( سنن ابن ماجه ) فقد قرأت الكتاب كاملا على أبى على

يعقوب بن أحمد بن فضائل الحلبى . قلت له أخبرك الامام موفق الدين أبومحمد

ـ439ـ

ع بداللطيف بن يوسف البغدادى قراءة عليه وأنت تسمع بحلب فأقر به قال

أنا أبوزرعة طاهر بن محمد بن طاهر المقدسى قال أنا أبومنصور محمد بن الحسين

المقوم إجازة إن لم يكن سماعا ثم ظهر سماعه قال أنا أبوطلحة القاسم بن أبى

المنذر الخطيب قال أنا أبوالحسن على بن ابراهيم القطان عنه .

وماكان فيه عن ابن إسحق فمن كتاب ( السيرة النبوية ) من رواية أبى محمد

عبدالملك بن هشام النحوى وتهذيبه عن زياد بن عبدالله البكائى عنه . وقد

قرأتها على أبى المعالى أحمد بن إسحق الابرقوهى إلا يسيرا فسمعته بقراءة غيرى

عليه قال أنا أبومحمد عبدالقوى بن عبدالله بن الجباب قراءة عليه وانا أسمع

وإجازة لما خالف المسموع ان خالف . ومن أصل ابن الجباب كانت القراءة قال انا

أبومحمد عبدالله بن رفاعة بن غدير السعدى قال انا القاضى ابوالحسن الخلعى

قال انا ابن النحاس قال انا ابن الورد عن ابن البرقى عن ابن هشام ولى في

هذا الكتاب أسانيد أخر .

وما كان فيه من ( كتاب المغازى عن موسى بن عقبة ) فقد سمعت من شيخنا

الامام عزالدين أحمد بن ابراهيم بن الفرج الفاروثى أكثر هذا الكتاب ، وأجاز

لى سائره بسماعه من أبى محمد اسماعيل بن على بن ؟ ؟ ؟ الجوهرى بسماعه من

أبى بكر احمد بن المقرب الكرخى قال انا ابوطاهر احمد بن الحسن بن أحمد بن

الباقلانى عن أبى طالب حمزة بن الحسين بن أحمد بن سعيد بن القاسم بن شعيب بن

الكوفى عن أبى الحسن على بن محمد الشونيزى عن أحمد بن زنجوية المخرمى عن

ابراهيم بن المنذر عن محمد بن فليح عنه .

وما كان فيه من ( كتاب المغازى عن أبى عبدالله محمد بن عائذ القرشى

الكاتب ) فقد قرأت على أبى القاسم الخضر بن أبى الحسين بن الخضر بن عبدان

ـ440ـ

الازدى الدمشقى بها بعض هذا الكتاب ، وأجازنى سائره وناولنى جميعه قال

انا أبومحمد الحسن بن على بن الحسين بن الحسن بن محمد بن البن الاسدى قراءة

عليه وانا أسمع بجامع دمشق قال انا جدى قال أنا أبوالقاسم بن أبى العلاء قال انا

أبومحمد بن أبى نصر قال انا أبوالقاسم على بن يعقوب بن ابراهيم بن أبى العقب

قال انا أبو عبدالملك أحمد بن ابراهيم القرشى .

وما كان فيه عن محمد بن سعد فمن ( كتاب الطبقات الكبير ) له . وقد قرأت

معظم هذا الكتاب على الشيخ الامام بهاء الدين أبى محمد عبدالمحسن بن الصاحب

محيى الدين محمد بن احمد بن هبة الله بن أبى جرادة العقيلى وأجاز لى جميع ما يرويه

وكان سمعه كاملا من الحافظ أبى الحجاج يوسف بن خليل بن عبدالله الدمشقى

وذهب يسير من أصل سماعه فلم يقدر عليه حين قراءتى عليه قال ابن خليل انا

أبومحمد عبدالله بن دهبل بن على بن منصور بن ابراهيم بن كارة سماعا عليه ببغداد

قال انا القاضى أبوبكر محمد بن عبدالباقى بن محمد بن عبداله الانصارى عن

أبى محمد الحسن بن على الجوهرى قال انا أبوعمر محمد بن العباس بن ركرياء بن

حيوية قال قرئ على أبى الحسن أحمد بن معروف بن بشر بن موسى الخشاب

وانا أسمع في شعبان سنة ثمان عشرة وثلاثمائة قال انا أبومحمد الحارث بن محمد

ابن أبى أسامة التميمى قال انا ابن سعد . هذا الاسناد من أول الكتاب إلى

آخر ما فيه من خبر النبى صلى الله عليه وسلم وهو الذى أخرج منه في هذا المجموع ما أخرج

وقد يتغير إسناده في باقى الكتاب ولا حاجة بنا إلى بيانه غير أنى رأيت بعض

من كتبه عن ابن دهبل أسنده عن القاضى ابى بكر سماعا لجميع ما ذكر عن

الجوهرى إجازة من اول الكتاب إلى قوله ذكر مقام رسول الله صلى الله عليه وسلم

بمكة من حين نبئ إلى الهجرة . وعن أبى إسحق البرمكى أيضا إجازة قالا انا ابن

ـ441ـ

حيوية والذى وقع لى في إسناد ابن خليل بالعنعنة لم يتبين فيه السماع من الاجازة .

............................................................................

- عيون الاثر مجلد: 2 من ص 441 سطر 1 الى ص 448 سطر 14

حيوية والذى وقع لى في إسناد ابن خليل بالعنعنة لم يتبين فيه السماع من الاجازة .

وقد أخبرنا به إجازة الشيخ المسند أبوالفرج ع بداللطيف بن عبدالمنعم بن على

ابن نضر بن منصور الحرانى قال انا أبومحمد عبدالله بن على بن كارة قراءة عليه

وانا أسمع بسنده لبعضه وإجازة لسائره بسنده المذكور أيضا .

وما كان فيه عن أبى القاسم سليمان بن أحمد ( الطبرانى ) فأخبرنى أ بوعبدالله

محمد بن عبدالمؤمن بن أبى الفتح الصورى بقراءتى عليه وبقراءة الحافظ أبى الحجاج

المزى أخبركم الشيخان أبوالفخر أسعد بن سعيد بن روح الصالحانى وأم حبيبة عائشة

بنت معمر بن الفاخر إجازة من أصبهان قالا أخبرتنا أم ابراهيم فاطمة بنت عبد

الله ا لجوزدانية وعائشة حاضرة قالت أم ابراهيم انا أبوبكر بن ريذة قال انا الطبرانى

وما كان فيه عن ( أبى يعلى الموصلى ) فأخبرنا به أيضا ابن عبدالمؤمن بقراءتى

عليه قال انا أبومسلم المؤيد بن عبدالرحيم بن أحمد بن محمد بن الاخوة وعائشة

بنت معمر بن الفاخر إجازة قالا انا أبوالفرج سعيد بن أبى الرجاء الصيرفى قال

انا أبونصر ابراهيم بن محمد بن على الكسائى قال انا أبوبكر محمد بن ابراهيم المقرئ عنه .

وما كان فيه عن ( أبى بشر الدولابى ) فهو مما قرأته بدمشق على الشيخ الامام

أبى العباس أحمد بن ابراهيم الفاروثى أخبركم الامير أبومحمد الحسن بن على بن الحسن

السيدى قال انا الحافظ ابوالفضل محمد بن ناصر سماعا قال انا ابوطاهر محمد بن

احمد بن أبى الصقر الانبارى قال انا اب والبركات احمد بن عبدالواحد بن الفضل

ابن نظيف الفراء قال انا ابومحمد الحسن بن رشيق عنه .

وما كان فيه عن ابى بكر الشافعى فمن ( الفوائد المعروفة با لغيلانيات ) من رواية

ابن طالب محمد بن محمد بن ابراهيم بن غيلان البزار عنه وقد سمعتها عنه بقراءة

ـ442ـ

والدى رحمه الله على ابى الفضل عبدالرحيم بن يوسف بن يحيى بن العلم ثم قرأتها

على أبى الهيجاء غازى بن ابى الفضل بن ع بدالوهاب الدمشقى قالا اخبرنا ابو

ابوحفص عمر بن محمد بن طبرزذ قال انا ابوالقاسم هبة الله بن محمد بن محمد بن

الحصين عن ابن غيلان .

وما كان فيه عن ( أبى عروبة الحسين بن ابى معشر الحرانى ) فمما سمعته على

الشيخ ابى عبدالله بن عبدالمؤمن بن ابى الفتح بظاهر دمشق عن زاهر بن ابى

طاهر ومحمود بن احمد الثقفين وهشام بن عبدالرحيم ا لاصبهانيين إجازة بسماعهم

من ابى نصر محمد بن حميد الكبريتى قال انا ابومسلم محمد بن على بن مهزبرد

النحوى قال انا ابوبكر المقرئ عنه .

وما كان فيه عن ( ابى الحسين بن جميع الغسانى ) فمن معجمه وقد قرأته على

الشيخ ابى حفص عمر بن عبدالمنعم بن عذير القواس بعربيل بظاهر دمشق بغوطتها

أخبركم القاضى ابوالقاسم عبدالصمد بن محمد بن الحرستانى حضورا في الرابعة سنة

تسع وستمائة قال انا جمال الاسلام ابوالحسن على بن المسلم بن محمد السلمى قال انه

الحسين بن احمد بن طالب الخطيب عنه .

وما كان فيه عن ابى عمر فمن ( كتاب الدرر في إختصار المغازى والسير ) له

وهو مما روينه عن والدى رحمه الله عن شيخه ابى الحسين محمد بن احمد بن

السراج عن خاله ابى بكر بن خير عن ابى الحجاج الشنتمرى عن ابى على الغسانى عنه .

وما كان فيه عن أبى محمد عبدالله بن على ( الرشاطى ) فمن كتابه في ( الانساب )

وأخبرنا به والدى عن أبى الحسين بن السراج إجازة قال انا أبومحمد عبدالله بن

محمد بن على بن عبدالله بن عبيدالله الحجرى إجازة إن لم يكن سماعا عليه قال

أخبرنا الرشاطى قراءة عليه .

ـ443ـ

وما كان فيه عن القاضى أبى الفضل عياض بن موسى بن عياض اليحصبى فمن

كتابه المسمى ( بالشفا بتعريف حقوق المصطفى صلى الله عليه وسلم ) وقد سمعته

كاملا بقراءة والدى رحمه الله بمصر على القاضى الامام على الدين أبى الحسن محمد

ابن الشيخ الامام جمال الدين أبى على الحسين بن عتيق بن رشيق بمصر في سنة

سبع وسبعين وستمائة قال أنا الامام أبوالحسن محمد بن أحمد بن جبير الكنانى

سماعا عليه سنة تسع وستمائة قال أنا الامام أ بوعبدالله محمد بن عبدالله بن محمد

ابن عيسى التميمى إجازة قال انا القاضى عياض سماعا .

وما كان فيه عن الاستاذ أبى القاسم ( السهيلى ) فمن روايتى عن والدى رحمه

الله قال انا الشيخ الرواية الزاهد أبوالحسين محمد بن أحمد بن السراج إجازة إن لم

يكن سماعا . وقد سمع عليه الكثير بقراءة والده قال قرئ كتاب ( الروض الانف )

والمشرع الروى على أبى القاسم عبدالرحمن بن أبى الحسن الخثعمى السهيلى مصنفه

من أوله إلى آخره مرتين وأنا أشمع . ومن كتابه هذا أثبت ما أثبت عنه هنا .

وربما أثبت فوائد في الفصول المتعلقة بشرح الاخبار السابقة لها وما اشتملت عليه

من الغريب من فوائد ألفيتها بخط جدى أبى بكر محمد بن أحمد علقها عن شيخه

الاستاذ أبى على عمر بن محمد الازدى بن الشلوبين عند قراءة السيرة الهشامية عليه

وأثبتها في طرر كتابه رحم الله جميعهم ونفعنا بما يسر لنا من ذلك بمنه وكرمه آمين .

هذا آخر كتاب السيرة النبوية والحمد لله رب العالمين لا شريك له وصلواته

وسلامه على خير خلقه وصفوته وخاتم رسله محمد وآله وصحبه وسلم

تمت بتاريخ ضحوة الخميس 7 شعبان المنير عام

1079 عرفنا الله خيره ووقانا ضيره آمين

ـ445ـ

وجد في آخر الاصل :

بلغ مقابلة وتصحيحا بقدر الطاقة والامكان في النسخة المنسوخ منها وهى نسخة

جيدة مكتوبة عليها : بلغ مقابلة على أصلين صحيحين بحمد الله تعالى وحسن عونه

وتوفيقه على يد محصله لنفسه ليفوز ببركته وبركة مؤلفه يوم الاربعاء الثالث عشر

من المحرم الفاتح عام ثمانين وألف أرانا الله خيره ووقانا ضيره أحمد بن أحمد قل

ابن المختار بن يوسف بن دنبسل الفلانى كتبه له الاخ الفاضل ولده نسبا أحمد

ابن محمد طاعوين محمد بن أبى بكر بن على بن دنبسل والد يوسف المذكور جزاه

الله تعالى أفضل الجزاء وختم لناوله بالحسنى بعد طول العمر في نعمة وسرور ورزقنا

وإياه ذرية طيبة وغفر لنا ولو الدينا ولجميع المسلمين آمين يارب العالمين انه سميع

مجيب صلى الله على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه وسلم تسليما .

وقد نظم هذا الكتاب القاضى فتح الدين النابلسى في أرجوزة سماها الفتح

القريب في سيرة الحبيب ) وهى في ثلاث مجلدات قال في خطبتها نظمت منها في

خمسين نهارا تسعة آلاف بيت استوفت هذه الجملة متون عيون الاثر .

ثم كمل تطريرا لله الحمد وله الشكر وعنده المزيد والمنة بتاريخ نهار الاثنين

17 من المحرم أول شهور العام المكمل 1080 أرانا الله خيره وكفانا شره آمين .

ـ446ـ

الحمد لله وكفى وسلام على عباده الذين اصطفى وبعد فقد قرأت هذا الكتاب

من أوله إلى آخره على مؤد بنا شيخ الاسلام خطيب الخطباء فصيح البلغاء جمال

الانام حسنة الايام أبى محمد عبدالله بن العلاء شيخ الاسلام الحظى النجم أبى

عبدالله محمد بن جماعة الكنانى أدام الله تعالى رفعته وفسح مدته وأجزت به عن

الشيخ الامام شمس الدين محمد بن بدر الدين حسن بن على القرشى الفرسيسى

سماعا عليه لجميع الكتاب قال أنا الامام العالم الحافظ محمد بن سيد الناس

اليعمرى المصنف سماعا عليه لجميعه .

* * *

الحمد لله وسلام على عباده الذين اصطفى وبعد فقد قرأ على هذه السيرة الشريفة

من تأليف الامام الحافظ فتح الدين محمد بن سيد الناس اليعمرى رحمه الله من أولها

إلى آخرها باجازتى لها ولغيرها من الامامين العالمين العلامتين الحافظ سراج الدين

أبى حفص عمر بن الامام أبى الحسن الوادياشى الشهير بابن الملقن والفقيه شهاب

الدين أبى العباس أحمد بن حمدان الازرعى الشافعيان قالا أنا بها إجازة المؤلف ابن

سيد الناس المشار اليه الشيخ الفاضل الصالح الخير المحصل عماد الدين أبوالفداء

اسماعيل بن الشيخ برهان الدين أبى إسحق ابراهيم بن أبى رحمة المغربى نفع الله

به ؟ ؟ ؟ . وصح ذلك وثبت في مجالس كثيرة آخرها يوم الخميس عاشر شهر ربيع

الآخر من سنة خمس بل ست وثلاثين وثمانمائة وقد أجزت له ما يجوز لى روايته

وأجزت له رواية ما ألفته . قاله ابراهيم بن محمد بن خليل سبط ابن العجمى الحلبى وكتب

وصلى الله عليه سيدنا محمد وعلى وآله وصحبه وسلم تسليما . " انتهى ما في آخر الاصل "

ـ447ـ

وقوبلت على النسخة الموجودة في دار الكتب الظاهرية بدمشق وقد كتب

عليها : هذا ما وقفه الوزير والمشير المفخم جناب الحاج أسعد باشا والى الشام وأمير

الحاج على مدرسة والده المغفور له الحاج اسماعيل باشا طاب ثراه واشرط الواقف

المذكور أنه لا يخرج من مكانه .

ومما كتب فيها : بسم الله الرحمن الرحيم وصلى الله وسلم على سيدنا محمد وآله .

وبعد فلما كان في سنة سبع وثمانين بعد الالف أخبرنا سيدنا ومولانا العالم العلامة

ولى الدين الشيخ منصور الطوخى عن شيخه شيخ الاسلام العالم العلامة الشيخ

محمد البابلى قال أخبرنا العلامة الشيخ ابراهيم اللقانى قال أخبرنا العلامة الشيخ

السنهورى قال أخبرنا الشيخ نجم الدين الغيطى قال أخبرنا شيخ الاسلام زكريا

الانصارى قال أخبرنا الحافظ ابن حجر العسقلانى قال أخبرنا الشمس الفرسيسى

قال أخبرنا الامام أبوالفتح محمد بن محمد بن محمد بن أحمد بن سيد الناس اليعمرى

رضى الله عنه . رويناه عنه بهذا السند ورحمهم الله تعالى أجمعين ونفعنا ببركاتهم .

وكاتب الاحرف الفقير أبوبكر بن أبى الفتح الدلجى قرأه على المذكور في ا لدرس .

ـ448ـ

وجاء في خاتمة أقدم نسخة صححنا عليها من نسخ الخزانة التيمورية ودار الكتب

المصرية ما يأتى :

آخر كتاب السيرة النبوية على صاحبها أفضل الصلاة والسلام . وكان الفراغ

من كتابتها يوم الجمعة ضحى عاشر جمادى الآخرة سنة إحدى وعشرين وثمانمائة

على يد الفقير إلى عفو الله تعالى وغفرانه حسين بن شبل بن ابراهيم بن على بن حسن

الشافعى عفا الله تعالى عنه بمنه وكرمه وغفر له ولوالديه .

وفى آخرها كتابة بخط البرهان الحلبى الشهير بسبط ابن العجمى تاريخها سنة

825 تفيد قراءة كاتبها حسين بن شبل المذكور لها عليه قراءة صحيحة وأنه جازه

بها وبسائر ما تجوز له روايته .

والحواشى التى علقتها مقتبسة من ( الاقتباس لحل مشكل سيرة ابن سيد الناس

للجمال بن عبدالهادى ) ولم يغتنى عن المراجعة و الاستدراك عليه في كثير من المواطن .

* * *

تم طبع الكتاب والحمد لله

 

 

============

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق