كتاب العقيقة - كتاب المحلي لابن حزم الاندلسي
كتاب العقيقة
1114 - مسألة : العقيقة
فرض واجب يجبر الإنسان عليها إذا فضل له عن قوته مقدارها . وهو أن يذبح عن كل
مولود يولد له حيا أو ميتا بعد أن يكون يقع عليه اسم غلام أو اسم جارية . إن كان
ذكرا فشاتان وإن كان أنثى فشاة واحدة .
*يذبح كل ذلك في اليوم السابع من الولادة *ولا تجزئ قبل اليوم
السابع أصلا - فإن لم يذبح في اليوم السابع ذبح بعد ذلك متى أمكن فرضا . ويؤكل
منها ويهدى ويتصدق ، هذا كله مباح لا فرض .
*ويعد في الأيام السبعة التي ذكرنا يوم الولادة ولو لم يبق منه إلا
يسير *ويحلق
رأسه في اليوم السابع ، ولا بأس بأن يمس بشيء من دم العقيقة ، ولا بأس بكسر عظامها .
ولا يجزئ في العقيقة إلا ما
يقع عليه اسم شاة - إما من الضأن
، وإما من الماعز فقط - ولا يجزئ في ذلك من
غير ما ذكرنا لا من الإبل ولا من البقر الإنسية ، ولا من غير ذلك . *ولا
تجزئ في ذلك جذعة أصلا ، ولا يجزئ ما دونها مما لا يقع عليه اسم شاة *ويجزى
الذكر والأنثى من كل ذلك ; ويجزئ المعيب سواء كان مما يجوز في الأضاحي أو كان مما
لا يجوز فيها ، والسالم أفضل .
*ويسمى
المولود يوم ولادته ، فإن أخرت تسميته إلى اليوم السابع فحسن *ويستحب
أن يطعم أول ولادته التمر ممضوغا وليس فرضا .
والحر ، والعبد في كل ما
ذكرنا سواء ، والمؤمن ، والكافر كذلك
وهي في مال الأب أو الأم إن
لم يكن له أب ، أو لم يكن للمولود مال ، فإن كان له مال فهي في ماله . و*إن
مات قبل السابع عق عنه كما ذكرنا ولا بد * لما روينا من طريق أحمد بن شعيب أنا محمد بن المثنى نا
عفان بن مسلم نا
حماد بن سلمة أنا
أيوب هو السختياني - وحبيب هو ابن الشهيد - ويونس هو ابن عبيد - وقتادة كلهم
عن محمد بن سيرين عن
سلمان بن عامر الضبي أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : { في الغلام عقيقة فأهريقوا عنه دما ،
وأميطوا عنه الأذى } . ورويناه
أيضا من طريق البخاري وغيره
إلى حماد بن زيد ،
وجرير بن حازم ،
كلاهما عن أيوب عن ابن سيرين عن
سلمان بن عامر عن النبي صلى الله عليه وسلم بنحوه . *ومن طريق الرباب عن ابن سلمان بن عامر عن النبي
صلى الله عليه وسلم بنحوه . *وبالسند المذكور إلى أحمد بن شعيب نا أحمد بن
سليمان نا عفان نا
حماد بن سلمة عن
قيس بن سعد عن طاوس ،
ومجاهد عن
أم كرز الخزاعية أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : { عن الغلام شاتان مكافأتان وعن الجارية
شاة } .
*نا حمام نا عباس بن أصبغ نا محمد بن عبد الملك بن أيمن نا محمد بن إسماعيل الترمذي نا
الحميدي نا سفيان بن عيينة نا
عمرو بن دينار أنا عطاء بن أبي رباح أن
حبيبة بنت ميسرة الفهرية مولاته من فوق أخبرته أنها سمعت أم كرز الخزاعية تقول
سمعت { رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول في
العقيقة : عن الغلام شاتان مكافأتان ، وعن الجارية شاة } فسر
عطاء المكافأتان
بأنهما المثلان . وفسره
أحمد بن حنبل أنهما
المتقاربتان أو المتساويتان . و*من
طريق سفيان بن عيينة عن
عبيد الله بن أبي يزيد عن أبيه عن سباع بن ثابت عن أم كرز قالت : سمعت رسول الله
صلى الله عليه وسلم يقول : { عن الغلام شاتان وعن الجارية شاة لا
يضركم ذكرانا كن أو إناثا } . ومن
طريق أحمد بن شعيب أنا عمرو بن علي نا يزيد هو ابن زريع عن سعيد
هو ابن أبي عروبة - نا
قتادة عن
الحسن عن سمرة بن جندب عن
رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : { كل غلام مرتهن بعقيقته تذبح عنه يوم
سابعه ويحلق رأسه ويسمى } . **ومن
طريق أبي داود نا حفص بن عمر النمري نا همام هو ابن يحيى - نا
قتادة عن
الحسن عن سمرة عن النبي صلى الله عليه وسلم قال : { كل غلام رهينة بعقيقته حتى تذبح عنه
يوم السابع ويحلق رأسه ويدمى } فكان
قتادة إذا
سئل عن الدم كيف يصنع ؟ قال : إذا ذبحت العقيقة أخذت منها صوفة فاستقبلت بها
أوداجها ، ثم توضع على يافوخ الصبي حتى يسيل على رأسه مثل الخيط ، ثم يغسل رأسه
بعد ويحلق " . قال أبو داود : أخطأ
همام إنما هو يسمى . *قال أبو محمد : بل
وهم أبو داود ; لأن
هماما ثبت وبين أنهم سألوا قتادة عن
صفة التدمية المذكورة فوصفها لهم . **ومن طريق البخاري نا
عبد الله بن أبي الأسود نا قريش بن أنس حبيب بن الشهيد قال : أمرني ابن سيرين أن
أسأل الحسن ممن سمع حديث العقيقة ؟ فسألته ؟ فقال : من سمرة بن جندب *قال
علي : لا
يصح للحسن سماع من سمرة إلا حديث العقيقة وحده - فهذه الأخبار نص ما قلنا - وهو
قول جماعة من السلف *روينا من طريق عبد الرزاق عن
ابن جريج أخبرني
يوسف بن ماهك أنه
دخل على حفصة بنت عبد الرحمن بن أبي بكر وقد ولدت للمنذر بن الزبير غلاما
فقلت لها : هلا عققت جزورا على ابنك ؟ قالت : معاذ الله كانت عمتي عائشة تقول :
على الغلام شاتان ، وعلى الجارية شاة ومن
طريق أبي الطفيل عن
ابن عباس : عن
الغلام شاتان ، وعن الجارية شاة - وهو قول عطاء بن أبي رباح .
*ومن طريق ابن الجهم نا جعفر بن محمد الصائغ نا عفان نا
عبد الوارث هو ابن سعيد التنوري - عن
عطاء بن السائب عن
محارب بن دثار عن
ابن عمر قال
: يحلق رأسه ويلطخه بالدم ، ويذبح يوم السابع ويتصدق بوزنه فضة
*ومن طريق مكحول : بلغني
عن ابن عمر أنه
قال : المولود مرتهن بعقيقته . وعن بريدة الأسلمي : إن
الناس يعرضون يوم القيامة على العقيقة كما يعرضون على الصلوات الخمس - ومثله عن
فاطمة بنت الحسين . ومن
طريق الحسن البصري يصنع
بالعقيقة ما يصنع بالأضحية . وعن
عطاء قال : يأكل
أهل العقيقة ويهدونها أمر صلى الله عليه وسلم بذلك - زعموا - وإن شاء تصدق .
قال أبو محمد : أمره
عليه السلام بالعقيقة فرض كما ذكرنا لا يحل لأحد أن يحمل شيئا من أوامره عليه
السلام على جواز تركها إلا بنص آخر وارد بذلك ، وإلا فالقول بذلك كذب وقفو لما لا
علم لهم به .
وقد قال عليه السلام : { إذا أمرتكم بأمر فأتوا منه ما استطعتم } . وممن
قال بوجوبها : أبو سليمان ،
وأصحابنا .
*وممن قال : بالشاتين عن الذكر ، وشاة عن الأنثى : الشافعي ،
وأبو سليمان - ولا
تسمى " السخلة " شاة . *وقد
ذكرنا في " الأضاحي " قول النبي صلى الله عليه وسلم : { لا تجزي جذعة عن أحد بعدك } فهذا
عموم لا يخص منه إلا ما خصه نص .
واسم
الشاة يقع على الضانية والماعزة بلا خلاف إطلاقا بلا إضافة - وقال الأعشى يصف ثورا
وحشيا : *فلما
أضاء الصبح ثار مبادرا وكان انطلاق الشاة من حيث خيما **وقال ذو الرمة يخاطب
ظبية :
أيا ظبية الوعساء بين جلاجل
وبين
النقا أأنت أم أم سالم
فأجابه أخو هشام وكلاهما
عربي أعرابي فصيح :
فلو تحسن التشبيه والشعر لم
تقل لشاة
النقا أأنت أم أم سالم
وقال زهير بن أبي سلمى يصف
حمير وحش
فبينا نبغي الوحش جاء
غلامنا يدب
ويخفي شخصه ويضائله
فقال شياه رائعات بقفرة بمستأسد
القريان حو مسائله
ثلاث كأقواس السراء ومسحل قد
اخضر من لبس
الغمير جحافله
وقد خرم الطراد عنه جحاشه فلم
يبق إلا نفسه وحلائله
ثم مضى في الوصف إلى أن قال : فتبع
آثار الشياه وليدنا كشؤبوب
غيث يحفش الأكم وابله *فرد علينا العير من دون إلفه على
رغمه يدمى نساه وفائله *فسمى " الشياه " ثم فسرها بأن لها " مسحلا
وجحاشا " وأنها عير وأتانه . فإن قال قائل : فهلا قلتم بإيجاب الزكاة فيها
وبأخذ ذلك في زكاة الغنم وزكاة الإبل ، وفي العقيقة ، والنسك ؟ قلنا : لم يجز ذلك
; لأن النص في الزكاة إنما جاء كما أوردنا في " كتاب الزكاة عنه صلى الله
عليه وسلم نص كتابه { في صدقة الغنم في سائمتها إذا كانت
أربعين إلى عشرين ومائة شاة .
وفي
الحديث الآخر { في الغنم في كل أربعين شاة شاة .
وفي حديث
أبي بكر عن النبي صلى الله عليه وسلم : { في
أربع وعشرين من الإبل فما دونها من الغنم في كل خمس شاة } . واسم
الغنم لا يقع في اللغة إلا على الضأن والماعز فقط ، فوجب بالأحاديث الواردة في
الزكاة أن لا يأخذ إلا من الغنم ، ولا يعطي في زكاة الإبل إلا الغنم . *وأما
المأخوذ من الغنم فالله تعالى يقول : { خذ من أموالهم صدقة } . *وهذا اللفظ يقتضي بظاهره أخذ الصدقة من نفس
المال الذي يجب فيه الصدقة ، والذي هي مأخوذة منه ، فثبت أن المأخوذ في الصدقة
إنما هو من الأموال التي تؤخذ منها الصدقة ، فلا تجزئ من غيرها إلا ما جاء النص
بأنه يجزي كزكاة الإبل من الغنم ، وزكاة الغنم من غنم يأتي بها من حيث شاء -
وبالله تعالى التوفيق .
وأما
العقيقة ، والنسك - فقد قلنا : لا يقع اسم شاة بالإطلاق في اللغة أصلا على غير
الضأن والمعز وإنما يطلق ذلك على الظباء ، وحمر الوحش ، وبقر الوحش ** استعارة ، وبيانا وإضافة ، لا على الإطلاق
أصلا - وليس الاقتصار على الضأن والماعز إجماعا في العقيقة . روينا من طريق ابن وهب عن
مالك عن
يحيى بن سعيد الأنصاري عن
محمد بن إبراهيم التيمي قال
: سمعت أنه يستحب العقيقة ولو بعصفور - وقد رأى بعضهم في ذلك الجزور وإنما أتينا
بهذا لئلا يدعى علينا الإجماع في ذلك . فإن قيل : فهلا أجزتم أن يعق بما شاء متى
شاء ؟ لحديث سلمان بن عامر { أريقوا عنه دما } ؟ قلنا : ذلك خبر مجمل ، فسره الذي فيه { عن الغلام شاتان ، وعن الجارية شاة ،
تذبح يوم السابع } ، فكانت هذه الصفة واجبة ، وكان من عق بخلافها مخالفا لهذا النص ،
وهذا لا يجوز ولا يحل ، وكان من عق بهذه الصفة موافقا سلمان بن عامر غير خارج عنه
وهذا هو الذي لا يحل سواه . فإن
قيل : فمن أين أجزتم الذبح بعد السابع ؟ قلنا : لأنه قد وجب الذبح يوم السابع ولزم
إخراج تلك الصفة من المال فلا يحل إبقاؤها فيه فهو دين واجب إخراجه - وبالله تعالى
التوفيق
* وأما
التسمية : فروينا من طريق مسلم نا
محمد بن حاتم نا بهز بن أسد نا
سليمان بن المغيرة عن
ثابت هو البناني - { عن أنس بن مالك أن أم سليم أمه ولدت
غلاما فقالت له : يا أنس لا يرضعه أحد حتى تغدو به على رسول الله صلى الله عليه
وآله وسلم قال : فلما أصبحت انطلقت به إلى رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم فقال
: لعل أم سليم ولدت ؟ قلت : نعم ، فوضعته في حجره ودعا عليه السلام بعجوة من عجوة
المدينة فلاكها في فيه ثم قذفها في في الصبي فجعل الصبي يتلمظها فمسح وجهه وسماه
عبد الله *وقد روينا من طريق ابن أيمن نا
إبراهيم بن إسحاق السراج نا
عمرو بن محمد الناقد أنا الهيثم بن جميل نا
عبد الله بن المثنى بن أنس نا ثمامة بن عبد الله بن أنس عن
أنس { أن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم
عق عن نفسه بعدما جاءته النبوة *وروينا
عن ابن سيرين أنه
كان لا يبالي أن يذبح العقيقة قبل السابع أو بعده - ولا نقول بهذا ، ولا يجزي قبل
السابع ; لأنه خلاف النص ولم تجب العقيقة بعد . *ومن
طريق وكيع عن
الربيع بن صبيح عن
الحسن البصري إذا
لم يعق عنك فعق عن نفسك وإن كنت رجلا . فإن قيل : قد روي عن عمرو بن شعيب { أن النبي صلى الله عليه وآله وسلم أمر
بالعقيقة يوم سابع المولود وتسميته } قلنا :
هذا مرسل ولم يصح في المنع من كسر عظامها شيء .
فإن قيل
: قد رويتم { عن عائشة أم المؤمنين وقد قيل لها في
العقيقة بجزور ، فقالت : لا ، بل السنة أفضل ، عن الغلام شاتان مكافأتان ، وعن
الجارية شاة تقطع جدولا ولا يكسر لها عظم فيأكل ويطعم ويتصدق ، وليكن ذلك يوم
السابع ، فإن لم يكن ففي أربعة عشر ، فإن لم يكن ففي إحدى وعشرين } . قلنا : هذا لا يصح ; لأنه من
رواية عبد الملك بن أبي سليمان العرزمي - ثم
لو كان صحيحا لما كانت فيه حجة ; لأنه عمن دون النبي صلى الله عليه وآله وسلم - :
وعن عطاء كانوا
يستحبون أن لا يكسر لها عظم ، فإن أخطأهم أن يعقوا يوم السابع فأحب إلي أن يؤخره
إلى السابع الآخر - وليس هذا عن النبي صلى الله عليه وآله وسلم . فإن قيل : فقد
رويتم عن ابن أبي شيبة عن
حفص بن غياث عن
جعفر بن محمد عن أبيه { أن النبي صلى الله عليه وآله وسلم بعث
من عقيقة الحسن والحسين إلى القابلة برجلها ، وقال : لا تكسروا منها عظما } قلنا
: هذا مرسل ولا حجة في مرسل ، ويلزم من قال بالمرسل أن يقول بهذا لا سيما مع قول
أم المؤمنين ، وعطاء ،
وغيرهما بذلك . *روينا من طريق أبي بكر بن أبي شيبة نا
معن بن عيسى عن
ابن أبي ذئب عن
الزهري في العقيقة قال : تكسر عظامها ورأسها ولا يمس الصبي بشيء من دمها . *وروينا عن عطاء من
طريق عبد الرزاق عن
ابن جريج عنه
في العقيقة تطبخ بماء وملح آرابا ، وتهدى في الجيران ، والصديق ، ولا يتصدق منها
بشيء . *ومن طريق وكيع عن
الربيع عن الحسن البصري قال
: يعق عن الغلام ولا يعق عن الجارية - ومن طريق ابن أبي شيبة عن
جرير ، وسهل بن يوسف ، قال سهل : عن
عمرو عن محمد بن سيرين أنه
كان لا يرى على الجارية عقيقة - وقال جرير عن المغيرة بن مقسم عن أبي وائل هو شقيق بن سلمة - قال
: لا يعق عن الجارية ولا كرامة .
وهذه أقوال لا يلزم منها
شيء ، لا حجة إلا في وحي عن الله تعالى على لسان رسوله صلى الله عليه وآله وسلم : { وما ينطق عن الهوى إن هو إلا وحي يوحى } ولم
يعرف أبو حنيفة العقيقة
، فكان ماذا ؟ ليت شعري إذ لم يعرفها أبو حنيفة ما
هذا بنكرة فطالما لم يعرف السنن .
واحتج من لم يرها واجبة
برواية واهية عن أبي جعفر محمد بن علي بن الحسين نسخ الأضحى كل ذبح كان قبله وهذا
لا حجة فيه ; لأنه قول محمد بن علي ولا يصح دعوى النسخ إلا بنص مسند إلى رسول الله
صلى الله عليه وآله وسلم . **وبما
رويناه من طريق سفيان ، وسفيان عن زيد بن أسلم عن
رجل عن أبيه ، قال الثوري : من
بني ضمرة ، وقال ابن عيينة : أو
عن عمه { عن النبي صلى الله عليه وآله وسلم وقد
سئل عن العقيقة ؟ لا أحب العقوق ، من ولد له ولد فأحب أن ينسك عنه فليفعل } . وقال ابن عيينة : أو
عن عمه شهدت النبي صلى الله عليه وآله وسلم - وهذا لا شيء ; لأنه عن رجل لا يدرى
من هو في الخلق . *وقال
الشافعي ،
والنخعي ليست
واجبة واحتجوا برواية عمرو بن شعيب عن
أبيه عن جده { سئل النبي صلى الله عليه وآله وسلم عن
العقيقة ؟ فقال : لا أحب العقوق ، من أحب منكم أن ينسك عن ولده فليفعل : عن الغلام
شاتان مكافأتان ، وعن الجارية شاة } * قال
أبو محمد : وهذا
صحيفة ، ولو صح لكان حجة لنا عليهم ; لأن فيه إيجاب ذلك على الغلام والجارية ، وأن
ذلك يلزم الأب إلا أن يشأ - هذا نص الخبر ومقتضاه ، فهي كالزكاة ، وزكاة الفطر في
هذا ولا فرق **وقال
مالك : العقيقة
ليست واجبة ، لكنها شاة عن الذكر والأنثى سواء تذبح يوم السابع ، ولا يعد فيها يوم
ولادته ، فإن لم يعقوا في السابع عقوا في الثاني - فإن لم يفعلوا لم يعقوا بعد ذلك وما
نعلم لهم سلفا في أن لا يعد يوم الولادة ، ولا في الاقتصار على السابع الثاني فقط
- ولا ندري أحدا قال هذين القولين قبله .
وأما
القول بشاة عن الذكر والأنثى ; فقد روي عن طائفة من السلف * منهم عائشة أم المؤمنين ، وأسماء أختها ولا يصح ذلك عنهما ; لأنها
عن ابن لهيعة - وهو
ساقط - أو عن سلافة مولاة حفصة - وهي
مجهولة - أو عن أسامة بن زيد الليثي - وهو
ضعيف - أو عن مخرمة بن بكير عن أبيه ، وهي صحيفة - وإنما الصحيح عن أم المؤمنين ما
ذكرنا عنها قبل ، لكنه عن ابن عمر صحيح . واحتج
من رأى هذا بما روينا من طريق ابن أيمن نا
أحمد بن محمد البرتي نا أبو معمر عبد الله بن عمرو الرقي نا عبد الوارث بن سعيد
التنوري نا أيوب السختياني عن
عكرمة عن ابن عباس { أن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم
عق عن الحسن كبشا وعن الحسين كبشا } . ومن
طريق ابن الجهم نا محمد بن غالب التمتام نا الحارث بن مسكين نا
ابن وهب عن
جرير بن حازم عن
قتادة عن
أنس { أن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم
عق عن الحسن والحسين شاتين } . قال
أبو محمد : وهذان
عندنا أثران صحيحان إلا أنه لا حجة فيهما لهم ، لوجوه - : أولها
: أن حديث أم كرز زائد على ما في هذين الخبرين والزيادة من العدل لا يحل تركها .
*والثاني : أننا روينا من
طريق أحمد بن شعيب أنا قتيبة نا
سفيان هو ابن عيينة - عن
عبيد الله بن أبي يزيد عن سباع بن ثابت عن أم كرز قالت : { أتيت رسول الله صلى الله عليه وآله
وسلم بالحديبية أسأله عن لحوم الهدي ؟ فسمعته يقول : على الغلام شاتان ، وعلى
الجارية شاة ، لا يضركم ذكرانا كانت أم إناثا } . ولا
خلاف في أن مولد الحسن رضي الله عنه كان " عام أحد " وأن
مولد الحسين رضي
الله عنه كان في العام الثاني له وذلك قبل الحديبية بسنتين ، فصار الحكم لقول
المتأخر ، لا لفعله المتقدم الذي إنما كان تطوعا منه عليه السلام
* والوجه
الثالث : أننا روينا من طريق ابن الجهم نا معاذ نا
القعنبي نا سليمان بن بلال عن
جعفر بن محمد بن علي بن الحسين ، عن أبيه عن جده " أن فاطمة بنت رسول الله صلى
الله عليه وآله وسلم عقت عن الحسن والحسين حين ولدتهما شاة شاة " . قال أبو محمد : لا
شك في أن الذي عقت به فاطمة رضي الله عنها هو غير الذي عق به رسول الله صلى الله
عليه وآله وسلم فاجتمع من هذين الخبرين أنه عليه السلام عق عن كل واحد منهما بكبش
وعقت فاطمة رضي الله عنها عن كل واحد منهما بشاة ، فحصل عن كل واحد منهما كبش وشاة
، كبش وشاة . **وقد روينا أيضا خبرا لو ظفروا بمثله لاستبشروا
- : كما روينا من طريق أحمد بن شعيب نا أحمد بن حفص بن عبد الله حدثني أبي نا إبراهيم بن طهمان عن
الحجاج بن الحجاج عن قتادة عن
عكرمة عن ابن عباس قال { عق رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم
عن الحسن والحسين رضي الله عنهما بكبشين كبيرين } . *وروينا أيضا مثل هذا من طريق ابن جريج عن
أم المؤمنين عائشة وهو
منقطع - والعجب أن سفيان الثوري روى
ذلك الخبر عن أيوب عن عكرمة { أن النبي صلى الله عليه وآله وسلم عق
عن الحسن والحسين بكبش كبش وكذلك أيضا أرسله عن أيوب - وبأقل
من هذا يتعللون في رد الأخبار ويدعون أنه اضطراب ، ونحن لا نراعي هذا ، وإنما
معتمدنا على ما ذكرنا من الأخذ بالزائد والآخر *وبالله تعالى التوفيق
كتاب العقيقة وسنة الولادة من كتاب نيل
الاوطار للشوكاني
عن سلمان بن
عامر الضبي قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم { مع الغلام عقيقة فأهريقوا عنه دما وأميطوا عنه الأذى . } رواه الجماعة إلا مسلما
2141 - وعن سمرة قال
قال رسول الله صلى الله عليه وسلم { كل غلام رهينة بعقيقته تذبح عنه يوم سابعه ويسمى فيه ويحلق
رأسه } رواه الخمسة وصححه الترمذي
2142 - وعن
عائشة قالت { : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم عن الغلام شاتان مكافأتان
وعن الجارية شاة } . رواه أحمد والترمذي وصححه وفي لفظ { أمرنا رسول الله صلى الله عليه وسلم أن نعق عن الجارية شاة
وعن الغلام شاتين } . رواه أحمد وابن ماجه
2143 - وعن
أم كرز الكعبية { أنها سألت رسول الله صلى الله عليه وسلم عن العقيقة فقال :
نعم عن الغلام شاتان وعن الأنثى واحدة لا يضركم ذكرانا كن أو إناثا } . رواه أحمد والترمذي وصححه
* حديث سمرة أخرجه
أيضا البيهقي والحاكم وصححه عبد
الحق ، وهو من رواية الحسن عن سمرة والحسن مدلس لكنه روى البخاري في صحيحه من طريق الحسن أنه سمع حديث العقيقة من سمرة قال الحافظ : كأنه عنى هذا . وقد تقدم قول من قال
: إنه لم يسمع منه غيره . وحديث عائشة أخرجه أيضا ابن حبان والبيهقي وحديث أم كرز
أخرجه أيضا النسائي وابن حبان والحاكم والدارقطني . قال في التلخيص : وله طرق عند الأربعة والبيهقي .
الشرح : قوله : ( مع الغلام عقيقة ) العقيقة
الذبيحة التي تذبح للمولود والعق في الأصل : الشق والقطع وسبب تسميتها بذلك
أنه يشق حلقها بالذبح وقد يطلق اسم العقيقة على شعر المولود وجعله الزمخشري الأصل ، والشاة مشتقة منه . قوله : (
فأهريقوا عنه دما ) تمسك بهذا وببقية الأحاديث القائلون بأنها واجبة وهم الظاهرية والحسن البصري * وذهب الجمهور من العترة وغيرهم إلى أنها
سنة وذهب أبو حنيفة إلى أنها ليست فرضا ولا سنة . وقيل :
إنها عنده تطوع احتج الجمهور بقوله صلى الله عليه وسلم : { من أحب أن ينسك عن ولده فليفعل وسيأتي وذلك يقتضي عدم الوجوب لتفويضه
إلى الاختيار . فيكون قرينة صارفة للأوامر ونحوها عن الوجوب إلى الندب وبهذا
الحديث احتج أبو حنيفة على عدم الوجوب والسنية ولكنه لا يخفى
أنه لا منافاة بين التفويض إلى الاختيار وبين كون الفعل الذي وقع فيه التفويض سنة
وذهب محمد بن الحسن إلى أن العقيقة
كانت في الجاهلية وصدر الإسلام فنسخت بالأضحية وتمسك بما سيأتي ويأتي
الجواب عنه وحكى صاحب البحر عن أبي حنيفة أن العقيقة جاهلية محاها الإسلام وهذا
إن صح عنه حمل على أنها لم تبلغه الأحاديث الواردة في ذلك* قوله : ( وأميطوا عنه الأذى ) المراد
احلقوا منه شعر رأسه كما في الحديث الذي بعده . ووقع عند أبي
داود عن ابن سيرين أنه قال : إن لم يكن الأذى حلق الرأس
وإلا فلا أدري ما هو . وأخرج الطحاوي عنه أيضا قال : لم أجد من يخبرني عن
تفسير الأذى وقد جزم الأصمعي بأنه حلق الرأس وأخرجه أبو داود بإسناد صحيح عن الحسن
كذلك . ووقع في حديث عائشة عند الحاكم بلفظ : { وأمر أن يماط عن رءوسهما الأذى } قال في الفتح : ولكن لا يتعين ذلك في
حلق الرأس فالأولى حمل الأذى على ما هو أعم من حلق الرأس .
ويؤيد ذلك أن في بعض طرق حديث عمرو بن شعيب ويماط عنه أقذاره . رواه أبو الشيخ .
قوله : ( كل غلام رهينة بعقيقته ) قال الخطابي : اختلف الناس في معنى هذا فذهب أحمد بن حنبل إلى أن معناه أنه إذا مات وهو طفل ولم
يعق عنه لم يشفع لأبويه وقيل : المعنى : أن العقيقة لازمة لا بد منها فشبه لزومها
للمولود بلزوم الرهن للمرهون في يد المرتهن . وقيل إنه مرهون بالعقيقة بمعنى أنه
لا يسمى ولا يحلق شعره إلا بعد ذبحها وبه صرح صاحب المشارق والنهاية .
قوله : ( يذبح عنه يوم سابعه ) بضم
الياء من قوله : يذبح وبناء الفعل للمجهول ** وفيه دليل على أنه يصح أن يتولى ذلك
الأجنبي كما يصح أن يتولاه القريب عن قريبه والشخص عن نفسه . *وفيه أيضا دليل على أن وقت العقيقة سابع الولادة ، وأنها تفوت بعده وتسقط إن مات قبله .
وبذلك قال مالك : وحكى عنه ابن وهب أنه قال : إن فات السابع الأول فالثاني
ونقل الترمذي عن أهل العلم أنهم يستحبون أن تذبح
العقيقة في السابع فإن لم يمكن ففي الرابع عشر فإن لم يمكن فيوم أحد وعشرين *وتعقبه
الحافظ بأنه لم ينقل ذلك صريحا إلا عن أبي عبد الله البوشنجي ونقله صالح بن أحمد عن أبيه . ويدل على ذلك ما أخرجه البيهقي عن عبد الله بن بريدة عن أبيه عن النبي صلى الله عليه وسلم
قال { : العقيقة تذبح لسبع ولأربع عشرة ولإحدى وعشرين } وعند الحنابلة في اعتبار الأسابيع بعد
ذلك روايات . وعند الشافعية أن ذكر السابع للاختيار لا للتعيين .
ونقل
الرافعي أنه يدخل وقتها بالولادة وقال الشافعي : إن معناه أنها لا تؤخر عن السابع
اختيارا فإن تأخرت إلى البلوغ سقطت عمن كان يريد أن يعق عنه لكن إن أراد هو أن يعق
عن نفسه فعل . ونقل صاحب البحر عن الإمام يحيى أنها
لا تجزئ قبل السابع ولا بعده إجماعا ودعوى الإجماع مجازفة ما عرفت من الخلاف
المذكور . قوله : ( ويسمى فيه ) في رواية يدمى وقال أبو
داود : إنها وهم من همام . وقال ابن عبد البر : هذا الذي تفرد به همام إن كان حفظه فهو منسوخ . وقد سئل قتادة عن معنى قوله : يدمى فقال : إذا ذبحت
العقيقة أخذت منها صوفة واستقبلت بها أوداجها ثم توضع على يافوخ الصبي حتى يسيل عن
رأسه مثل الخيط ثم يعلق ثم يغسل رأسه بعد ويحلق .
وقد
كره الجمهور التدمية واستدلوا على ذلك بما
أخرجه ابن حبان في صحيحه عن عائشة قالت : { كانوا في الجاهلية إذا عقوا عن الصبي خضبوا بطنه بدم العقيقة
فإذا حلقوا رأس المولود وضعوها على رأسه فقال النبي صلى الله عليه وسلم : اجعلوا
مكان الدم خلوقا } زاد أبو الشيخ ونهى أن يمس رأس المولود
بدم .
وأخرج
ابن ماجه عن يزيد بن
عبد الله المزني { أن النبي صلى الله عليه وسلم قال : يعق عن الغلام ولا يمس
رأسه بدم } وهذا مرسل ; لأن يزيد لا صحبة له وقد
وصله البزار من هذه الطريق وقال : عن أبيه ، ومع هذا
فقد قيل : إنه عن أبيه مرسل وسيأتي حديث بريدة الأسلمي .
ونقل
ابن حزم عن ابن عمر وعطاء استحباب التدمية ، وحكاه في البحر عن الحسن البصري وقتادة . وفي قوله : ويسمى دليل على
استحباب التسمية في اليوم السابع وحمل ذلك
بعضهم على التسمية عند الذبح واستدل لذلك بما
أخرجه ابن أبي شيبة من طريق همام
عن قتادة قال : يسمى على المولود كما يسمى على
الأضحية بسم الله عقيقة فلان . ومن طريق سعيد عن
قتادة نحوه وزاد { اللهم منك ولك عقيقة فلان بسم الله والله أكبر } ولا يخفى بعده ; لأن قوله : ويسمى فيه
مشعر بأن المراد تسمية المولود في ذلك اليوم ولو كان المراد ما ذكره ذلك البعض
لقال : ويسمي عليها ** قوله : ( مكافئتان
) قال النووي : بكسر الفاء بعدها همزة هكذا صوابه عند
أهل اللغة والمحدثون يقولونه بفتح الفاء قال أبو داود في
سننه : أي : مستويتان أو متقاربتان . وكذا قال أحمد قال الخطابي : والمراد التكافؤ في السن فلا تكون
إحداهما مسنة والأخرى غير مسنة . وقيل : معناه أن يذبح إحداهما مقابلة للأخرى وفي
هذا الحديث وحديث أم كرز المذكور بعده وكذلك
حديث بريدة وابن عباس وأبي رافع * وسيأتي دليل على أن المشروع في العقيقة شاتان عن الذكر وبه قال الشافعي ، وأحمد وأبو ثور وداود والإمام يحيى
وحكاه للمذهب . وحكاه في الفتح عن الجمهور . وقال مالك : إنها شاة عن الذكر والأنثى قال في البحر
: وهو المذهب . واستدل على ذلك بحديث بريدة الآتي بلفظ : " كنا نذبح شاة " . . .
إلخ وبحديث ابن عباس { أن النبي صلى الله عليه وسلم عق عن الحسن والحسين عليهما السلام كبشا كبشا } . ويجاب عن ذلك بأن أحاديث الشاتين مشتملة
على الزيادة فهي من هذه الحيثية أولى بالقبول** وأما حديث ابن عباس فسيأتي أيضا في رواية منه أنه عق عن كل
واحد بكبشين . وأيضا القول أرجح من الفعل وقيل : إن في اقتصاره صلى الله عليه وسلم
على شاة دليلا على أن الشاتين مستحبة فقط وليست بمتعينة والشاة جائزة غير مستحبة .
وقيل : إنه لم يتيسر الإشارة .
وأما
الأنثى فالمشروع عنها في العقيقة شاة واحدة إجماعا كما في البحر قوله : ( ولا
يضركم ذكرانا كن أو إناثا ) فيه دليل على أنه لا فرق بين ذكور الغنم وإناثها .
2144 وعن عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده قال { : سئل رسول الله صلى الله عليه وسلم عن العقيقة ، فقال : لا
أحب العقوق وكأنه كره الاسم ، فقالوا : يا رسول الله إنما نسألك عن أحدنا يولد له
، قال : من أحب منكم أن ينسك عن ولده فليفعل عن الغلام شاتان مكافأتان وعن الجارية
شاة } . رواه أحمد وأبو داود والنسائي (
**وعن عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده { أن النبي صلى الله عليه وسلم أمر بتسمية المولود يوم سابعه
ووضع الأذى عنه والعق } . رواه الترمذي
وقال : حديث حسن غريب. 2146 وعن بريدة الأسلمي قال : كنا في الجاهلية إذا ولد لأحدنا
غلام ذبح شاة ولطخ رأسه بدمها ، فلما جاء الله بالإسلام كنا نذبح شاة ونحلق رأسه
ونلطخه بزعفران . رواه أبو داود 2147 وعن ابن عباس { أن رسول الله صلى الله عليه وسلم عق عن الحسن والحسين كبشا كبشا } . رواه أبو
داود والنسائي وقال : بكبشين كبشين *
حديث عمرو بن شعيب الأول سكت عنه أبو
داود . وقال المنذري : في إسناده عمرو بن شعيب وفيه مقال ، يعني : في روايته عن أبيه
عن جده ، وقد سلف بيان ذلك . وحديثه الثاني أخرجه الحاكم . وحديث بريدة أخرجه
أيضا أحمد والنسائي . قال في التلخيص : وإسناده صحيح انتهى ،
وفيه نظر ; لأن في إسناده علي بن الحسين بن واقد وفيه مقال . وقد أخرج نحو حديث بريدة هذا ابن حبان وصححه ، وابن السكن وصححه من حديث عائشة ، والطبراني في الصغير من حديث أنس والبيهقي من حديث فاطمة ، والترمذي والحاكم من حديث عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده والبيهقي من حديث علي وحديث ابن عباس صححه عبد
الحق وابن دقيق العيد . وأخرج نحوه ابن حبان والحاكم والبيهقي من حديث عائشة بزيادة يوم السابع وسماهما وأمر أن يماط
عن رءوسهما الأذى .
قوله : ( وكأنه كره الاسم ) وذلك ; لأن العقيقة التي هي الذبيحة
والعقوق للأمهات مشتقان من العق الذي هو الشق والقطع ، فقوله صلى الله عليه وسلم
لا أحب العقوق بعد سؤاله عن العقيقة للإشارة إلى كراهة اسم العقيقة لما كانت هي
والعقوق يرجعان إلى أصل واحد ، ولهذا قال صلى الله عليه وسلم من أحب منكم أن ينسك
إرشادا منه إلى مشروعية تحويل العقيقة إلى النسيكة وما
وقع منه صلى الله عليه وسلم من قوله : مع الغلام عقيقته ، وكل غلام مرتهن بعقيقته
، ورهينة بعقيقته فمن البيان للمخاطبين بما يعرفونه ; لأن ذلك اللفظ هو المتعارف
عند العرب ، ويمكن الجمع بأنه صلى الله عليه وسلم تكلم بذلك لبيان الجواز ، وهو لا
ينافي الكراهة التي أشعر بها قوله ( لا أحب العقوق (
قوله
: ( من أحب منكم ) قد قدمنا أن التفويض إلى المحبة يقتضي رفع الوجوب وصرف ما أشعر
به إلى الندب . قوله : ( مكافأتان ) قد تقدم ضبطه وتفسيره . قوله : ( أمر بتسمية
المولود ) . . . إلخ فيه مشروعية التسمية في اليوم
السابع والرد على من حمل التسمية في حديث سمرة السابق
على التسمية عند الذبح .
وفيه أيضا مشروعية وضع الأذى وذبح العقيقة في
ذلك اليوم . قوله : ( فلما جاء الله بالإسلام ) . . . إلخ ، فيه دليل على أن تلطيخ رأس المولود بالدم من عمل الجاهلية وأنه منسوخ
كما تقدم ، منه في الدلالة على النسخ حديث عائشة عند ابن حبان وابن السكن وصححاه كما تقدم بلفظ: فأمرهم النبي صلى الله عليه وسلم أن يجعلوا مكان الدم خلوقا
قوله : ( ونلطخه بزعفران ) فيه دليل على استحباب تلطيخ رأس الصبي بالزعفران أو غيره من الخلوق كما في
حديث عائشة المذكور . قوله : ( عق عن الحسن والحسين ) فيه دليل على أنه تصح العقيقة من غير الأب مع وجوده وعدم امتناعه ، وهو يرد
ما ذهبت إليه الحنابلة من أنه يتعين الأب إلا أن يموت أو يمتنع .
وروي
عن الشافعي أن العقيقة تلزم من تلزمه النفقة ،
ويجوز أن يعق الإنسان عن نفسه إن صح ما أخرجه البيهقي عن أنس { أن النبي صلى الله عليه وسلم عق عن نفسه بعد البعثة } ولكنه قال : إنه منكر ، وفيه عبد الله بن محرر بمهملات وهو ضعيف جدا كما قال الحافظ
: وقال عبد الرزاق : إنما تكلموا فيه لأجل هذا الحديث . قال البيهقي : وروي من وجه آخر عن قتادة عن أنس وليس بشيء . وأخرجه أبو الشيخ من وجه
آخر عن أنس ، وأخرجه أيضا ابن أيمن في مصنفه ، والخلال من طريق عبد
الله بن المثنى عن ثمامة بن عبد الله عن أنس عن أبيه به . وقال النووي في شرح المهذب : هذا حديث باطل وأخرجه أيضا الطبري والضياء من طريق فيها ضعف .
وقد
احتج بحديث أنس هذا من قال : إنها تجوز العقيقة عن الكبير وقد حكاه ابن رشد عن بعض أهل العلم
2148 وعن أبي رافع أن الحسن بن علي رضي الله عنهما لما ولد أرادت أمه فاطمة رضي الله عنها أن تعق عنه بكبشين ، فقال رسول الله صلى الله
عليه وسلم : لا تعقي عنه ولكن احلقي شعر رأسه فتصدقي بوزنه من الورق ثم ولد حسين رضي الله عنه فصنعت مثل ذلك } . رواه أحمد
2149 وعن أبي رافع قال : { رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم أذن في أذن الحسين حين ولدته فاطمة بالصلاة } . رواه أحمد وكذلك أبو
داود والترمذي وصححه وقالا : الحسن ) .
2150 وعن
أنس { أن أم سليم ولدت غلاما ، قال : فقال لي أبو طلحة : احفظه حتى تأتي به النبي صلى الله عليه وسلم فأتاه به وأرسلت
معه بتمرات ، فأخذها النبي صلى الله عليه وسلم فمضغها ، ثم أخذها من فيه فجعلها في
في الصبي وحنكه به وسماه عبد الله } وعن سهل بن سعد قال { : أتي بالمنذر بن أبي أسيد إلى النبي صلى الله عليه وسلم حين ولد فوضعه على فخذه وأبو أسيد جالس فلهي النبي صلى الله عليه وسلم بشيء بين يديه ، فأمر أبو أسيد بابنه فاحتمل من فخذه فاستفاق النبي صلى الله عليه وسلم فقال
: أين الصبي ؟ فقال أبو أسيد : قلبناه يا رسول الله ، قال : ما اسمه ؟ قال : فلان قال :
ولكن اسمه المنذر فسماه يومئذ المنذر } . متفق عليهما]
حديث
أبي رافع الأول أخرجه أيضا البيهقي ، وفي إسناده ابن عقيل وفيه مقال وقال البيهقي : إنه تفرد به ، ويشهد له ما أخرجه مالك وأبو داود في المراسيل ، والبيهقي من حديث جعفر
بن محمد ، زاد البيهقي عن أبيه عن جده أن فاطمة رضي الله عنها وزنت شعر الحسن والحسين وزينب وأم كلثوم رضي الله عنهم فتصدقت بوزنه فضة وأخرجه الترمذي والحاكم من حديث محمد بن إسحاق عن عبد الله
بن أبي بكر عن محمد بن علي بن الحسين عن
أبيه عن علي رضي الله عنهم قال { : عق رسول الله صلى الله عليه وسلم عن الحسن شاة وقال : يا فاطمة احلقي رأسه وتصدقي بزنة شعره فضة ، فوزناه فكان وزنه درهما
أو بعض درهم } وروى الحاكم من حديث علي رضي الله عنه قال { : أمر رسول الله صلى الله عليه وسلم فاطمة فقال : زني شعر الحسين وتصدقي بوزنه فضة ، وأعطى القابلة رجل العقيقة } ورواه أبو
داود في سننه من طريق حفص بن غياث عن جعفر بن
محمد عن أبيه مرسلا وحديث أبي رافع الثاني
أخرجه أيضا الحاكم والبيهقي ، ورواه أبو
نعيم والطبراني من حديثه بلفظ { : أذن في أذن الحسن والحسين رضي الله عنهما } ومداره على عاصم
بن عبيد الله وهو ضعيف . قال البخاري : منكر الحديث . وأخرج ابن السني من حديث الحسين
بن علي رضي الله عنهما مرفوعا بلفظ { : من ولد له مولود فأذن في أذنه اليمنى وأقام في اليسرى لم
تضره أم الصبيان وأم الصبيان هي التابعة من الجن } ،
هكذا أورد الحديث في التلخيص ولم يتكلم عليه *** قوله : ( لا تعقي عنه ) قيل : يحمل هذا
على أنه قد كان صلى الله عليه وسلم عق عنه ، وهذا متعين لما قدمنا في رواية الترمذي والحاكم عن علي عليه السلام قوله : ( من الورق ) قال في
التلخيص : الروايات كلها متفقة على التصدق بالفضة وليس
في شيء منها ذكر الذهب . وقال الرافعي : إنه يتصدق بوزن شعره ذهبا وإن لم يفعل
ففضة وقال المهدي في البحر : إنه يتصدق بوزن
شعره ذهبا أو فضة *ويدل على ذلك ما أخرجه الطبراني في الأوسط عن ابن عباس قال : سبعة من السنة في الصبي يوم
السابع يسمى ويختن ويماط عنه الأذى وتثقب أذنه عنه ويحلق رأسه ويلطخ بدم عقيقته
ويتصدق بوزن شعره ذهبا أو فضة وفي إسناده رواد بن
الجراح وهو ضعيف ، وبقية رجاله ثقات ، وفي لفظه ما ينكر وهو ثقب الأذن
والتلطيخ بدم العقيقة .
*قوله : ( أذن في أذن الحسين عليه السلام . . . إلخ ) فيه استحباب التأذين في أذن الصبي عند ولادته . وحكى في البحر استحباب ذلك عن الحسن البصري ، واحتج على الإقامة في اليسرى بفعل عمر بن عبد العزيز . قال : وهو توقيف ، وقد روى ذلك ابن المنذر عنه أنه كان إذا ولد له ولد أذن في أذنه
اليمنى وأقام في أذنه اليسرى .
قال الحافظ : لم أره عنه مسندا انتهى . وقد قدمنا نحو هذا مرفوعا قوله : ( فمضغها ) أي : لاكها في فيه . قوله : (
وحنكه ) [ ص: 163 ] بفتح المهملة بعدها نون مشددة والتحنيك
: أن يمضغ المحنك التمر أو نحوه حتى يصير مائعا بحيث يبتلع ثم يفتح فم المولود
ويضعها فيه ليدخل شيء منها في جوفه . قال النووي : اتفق العلماء على استحباب تحنيك المولود عند ولادته بتمر ، فإن تعذر فما في
معناه أو قريب منه من الحلو . قال : ويستحب أن يكون من الصالحين وممن يتبرك به
رجلا كان أو امرأة ، فإن لم يكن حاضرا عند المولود حمل إليه .
وفيه استحباب التسمية بعبد الله . قال النووي : وإبراهيم وسائر الأنبياء والصالحين ، قال في
البحر : وعبد الرحمن واستحباب تفويض التسمية إلى أهل الصلاح .
قوله : ( أسيد ) بفتح الهمزة على المشهور . وحكى عياض عن أحمد الضم ، وكذا عن عبد الرزاق ووكيع . قوله : ( فلهي ) روي بفتح الهاء وكسرها
مع الياء والأولى لغة طيئ ، والثانية لغة
الأكثرين ومعناه اشتغل بذلك الشيء ، قاله أهل الغريب والشراح . قوله : ( فاستفاق )
أي : فرغ من ذلك الاشتغال . قوله : ( قلبناه ) أي : رددناه وصرفناه .
وفي الحديث استحباب التسمية بالمنذر
باب
ما جاء في الفرع والعتيرة ونسخهما 2152 عن مخنف بن
سليم قال { كنا وقوفا مع النبي صلى الله عليه وسلم بعرفات فسمعته يقول يا أيها الناس على كل أهل بيت في كل عام أضحية
وعتيرة هل تدرون ما العتيرة ؟ هي التي تسمونها الرجبية } . رواه أحمد وابن ماجه والترمذي وقال هذا حديث حسن غريب(
2153 وعن أبي رزين العقيلي أنه { قال : يا رسول الله إن كنا نذبح في رجب ذبائح فنأكل منها
ونطعم من جاءنا فقال له لا بأس بذلك } ) 2154 ** وعن الحارث
بن عمرو { أنه لقي رسول الله صلى الله عليه وسلم في حجة الوداع قال :
فقال رجل يا رسول الله الفرائع والعتائر فقال من شاء فرع ومن شاء لم يفرع ومن شاء
عتر ومن شاء لم يعتر في الغنم أضحية } . رواهما أحمد والنسائي 2155 وعن نبيشة
الهذلي قال { : قال رجل : يا رسول الله إنا كنا نعتر عتيرة في الجاهلية في
رجب فما تأمرنا قال : اذبحوا لله في أي شهر كان وبروا الله عز وجل وأطعموا قال :
فقال : رجل آخر : يا رسول الله : إنا كنا نفرع فرعا في الجاهلية فما [ ص: 165 ] تأمرنا ، قال فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم في كل سائمة
من الغنم فرع تغذوه غنمك حتى إذا استحمل ذبحته فتصدقت بلحمه على ابن السبيل فإن
ذلك هو خير } . رواه الخمسة إلا الترمذي ** حديث مخنف أخرجه
أيضا أبو داود والنسائي ، وفي إسناده أبو
رملة واسمه عامر قال الخطابي : هو مجهول والحديث ضعيف المخرج . وقال أبو بكر المعافري : حديث مخنف بن
سليم ضعيف لا يحتج به . وحديث أبي رزين العقيلي أخرجه
أيضا البيهقي وأبو داود وصححه ابن حبان بلفظ { : أنه قال : يا رسول الله إنا كنا نذبح في الجاهلية ذبائح في
رجب ، فنأكل منها ونطعم ، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم لا بأس بذلك } وحديث الحارث
بن عمرو أخرجه أيضا البيهقي والحاكم وصححاه . وحديث نبيشة صححه ابن المنذر . وقال النووي : أسانيده صحيحة وفي الباب عن عائشة عند أبي داود
والحاكم والبيهقي . قال النووي : بإسناد صحيح قال { : أمرنا رسول الله صلى الله عليه وسلم بالفرعة من كل خمسين
واحدة وفي رواية من كل خمسين شاة شاة } وعن عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده عند أبي داود قال { : سئل النبي صلى الله عليه وسلم عن الفرع فقال : الفرع حق ،
وأن تتركوه حتى يكون بكرا أو ابن مخاض أو ابن لبون ، فتعطيه أرملة أو تحمل عليه في
سبيل الله خير من أن تذبحه فيلزق لحمه بوبره وتكفأ إناءك وتوله ناقتك } يعني : أن ذبحه يذهب لبن الناقة ويفجعها
قوله : ( في كل عام أضحية ) هذا من جملة الأدلة التي تمسك بها من قال بوجوب
الأضحية . وقد تقدم الكلام على ذلك . * قوله : ( وعتيرة ) بفتح العين المهملة وكسر
الفوقية وسكون التحتية بعدها راء ، وهي ذبيحة كانوا يذبحونها في العشر الأول من
رجب ويسمونها الرجبية كما وقع في الحديث المذكور . وقال النووي
: اتفق العلماء على تفسير العتيرة بهذا . قوله ا(لفرائع ) جمع فرع بفتح الفاء والراء
ثم عين مهملة ، ويقال : فيه الفرعة بالهاء : هو أول نتاج البهيمة كانوا يذبحونه
ولا يملكونه رجاء البركة في الأم وكثرة نسلها ، هكذا فسره أهل اللغة وجماعة من أهل
العلم منهم الشافعي وأصحابه . وقيل : هو أول النتاج للإبل ،
وهكذا جاء تفسيره في البخاري ومسلم وسنن أبي
داود والترمذي ، وقالوا : كانوا يذبحونه لآلهتهم ، فالقول الأول : باعتبار
أول نتاج الدابة على انفرادها . والثاني : باعتبار نتاج الجميع وإن لم يكن أول ما
تنتجه أمه . وقيل : هو أول النتاج لمن بلغت إبله مائة يذبحونه . قالشمر : قال أبو مالك
: كان الرجل إذا بلغت إبله مائة قدم بكرا فنحره لصنمه ويسمونه
فرعا . قوله : ( حتى إذا استحمل ) في رواية لأبي داود عن
نصر بن علي استحمل للحجيج أي إذا قدر الفرع على أن يحمله من أراد الحج تصدقت بلحمه على ابن
السبيل . وأحاديث الباب يدل بعضها على وجوب العتيرة وهو
حديث مخنف وحديث نبيشة
وحديث عائشة وحديث عمرو بن شعيب . وبعضها يدل على مجرد الجواز من غير وجوب
، وهو حديث الحارث بن عمرو وأبي رزين ، فيكون
هذان الحديثان كالقرينة الصارفة للأحاديث المقتضية للوجوب إلى الندب **
وقد اختلف في الجمع بين الأحاديث المذكورة والأحاديث الآتية القاضية بالمنع من
الفرع والعتيرة ، فقيل : إنه يجمع بينها بحمل هذه الأحاديث على الندب وحمل
الأحاديث الآتية على عدم الوجوب ، ذكر ذلك جماعة منهم الشافعي والبيهقي وغيرهما فيكون المراد بقوله : لا فرع
ولا عتيرة أي : لا فرع واجب ولا عتيرة واجبة ، وهذا لا بد منه عدم مع عدم العلم
بالتاريخ ; لأن المصير إلى الترجيح مع إمكان الجمع لا يجوز كما تقرر في موضعه . **وقد ذهب جماعة من أهل العلم إلى أن هذه
الأحاديث منسوخة بالأحاديث الآتية . وادعى القاضي عياض أن
جماهير العلماء على ذلك ولكنه لا يجوز الجزم به إلا بعد ثبوت أنها متأخرة ولم يثبت .
2156 وعن أبي هريرة رضي الله عنه قال : قال رسول الله صلى
الله عليه وسلم { لا فرع ولا عتيرة } ،
والفرع أول النتاج كان ينتج لهم فيذبحونه والعتيرة في رجب . متفق عليه وفي لفظ { لا عتيرة في الإسلام ولا فرع . } رواه أحمد وفي لفظ أنه نهى عن الفرع والعتيرة .
رواه أحمد والنسائي .
2157 وعن
ابن عمر رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه
وسلم قال : { لا فرع ولا عتيرة . } رواه أحمد . حديث ابن عمر رضي الله عنه متنه متن حديث أبي هريرة المتفق عليه فهو شاهد لصحته ولم يذكره
في مجمع الزوائد ، بل ذكر حديث ابن عمر الآخر أن { النبي صلى الله عليه وسلم قال في العتيرة : هي حق } وفي بعض نسخ المتن : رواه ابن ماجه مكان قوله : رواه أحمد . قوله : ( لا فرع ولا عتيرة ) قد تقرر أن
النكرة الواقعة في سياق النفي تعم فيشعر ذلك بنفي كل فرع وكل عتيرة ، والخبر محذوف
. وقد تقرر في الأصول أن المقتضي لا عموم له فيقدر واحد وهو ألصقها بالمقام **وقد تقدم أن المحذوف هو لفظ واجب وواجبة ،
ولكن إنما حسن المصير إلى أن المحذوف هو ذلك الحرص على الجمع بين الأحاديث ، ولولا
ذلك لكان المناسب تقدير " ثابت في الإسلام " أو " مشروع " أو
" حلال " كما يرشد إلى ذلك التصريح بالنهي في الرواية الأخرى . وقد استدل
بحديثي الباب من قال بأن الفرع والعتيرة منسوخان ،
وهم من تقدم ذكره . وقد عرفت أن النسخ لا يتم إلا بعد معرفة تأخر تاريخ ما قيل :
إنه ناسخ ، فأعدل الأقوال الجمع بين الأحاديث بما سلف . ولا يعكر على ذلك رواية
النهي ; لأن معنى النهي الحقيقي وإن كان هو التحريم لكن إذا وجدت قرينة أخرجته عن
ذلك .
ويمكن
أن يجعل النهي موجها إلى ما كانوا يذبحونه لأصنامهم فيكون على حقيقته ويكون غير
متناول لما ذبح من الفرع والعتيرة لغير ذلك مما فيه وجه قربة . وقد قيل إن المراد
بالنفي المذكور نفي مساواتهما للأضحية في الثواب أو تأكد الاستحباب وقد استدل الشافعي بما روي عنه صلى الله عليه وسلم { أنه قال : اذبحوا لله في أي شهر كان } كما تقدم في حديث نبيشة على مشروعية الذبح
في كل شهر إن أمكن . قال في سنن حرملة : إنها إن تيسرت كل شهر كان حسنا
555555555555555555555
ومن
لسان العرب :
عَقَّه
يَعُقُّه عَقاًّ فهو مَعْقوقٌ وعَقِيقٌ شقَّه والعَقِيقُ وادٍ بالحجاز كأَنه عُقَّ
أَي شُقّ غلبت الصفة عليه غلبة الاسم ولزمته الأَلف واللام لأَنه جعل الشيء بعينه
على ما ذهب إِليه الخليل في الأَسماء الأَعلام التي أَصلها الصفة كالحرث والعباس
والعَقَيقَان بلدان في بلاد بني عامر من ناحية اليمن فإِذا رأَيت هذه اللفظة مثناة
فإِنما يُعْنى بها ذَانِكَ البلدان وإِذا رأَيتها مفردة فقد يجوز أَن يُعْنى بها
العَقُِيقُ الذي هو واد بالحجاز وأَن يُعْنى بها أَحد هذين البلدين لأَن مثل هذا
قد يفرد كأَبَانَيْن قال امرؤ القيس فأفرد اللفظ به كأَنّ أَبَاناً في أَفَانِينِ
وَدْقِهِ كبيرُ أُناسٍ في بِجَادٍ مُزَمَّلِ قال ابن سيده وإِن كانت التثنية في
مثل هذا أَكثر من الإِفراد أَعني فيما تقع عليه التثنية من أَسماء المواضع
لتساويهما في الثبات والخِصْب والقَحْط وأَنه لا يشار إِلى أَحدهما دون الآخر
ولهذا ثبت فيه التعريف في حال تثنيته ولم يجعل كزيدَيْن فقالوا هذان أَبانَان
بَيِّنَيْن
* قوله « فقالوا هذان إلخ » فلفظ بينين
منصوب على الحال من أَبانان لأنه نكرة وصف به معرفة لأن أَبانان وضع ابتداء علماً
على الجبلين المشار إليهما ولم يوضع أَولاً مفرداً ثم ثني كما وضع لفظ عرفات جمعاً
على الموضع المعروف بخلاف زيدين فإنه لم يجعل علماً على معينين بل لإنسانين يزولان
ويشار إلى أحدهما دون الآخرفكأنه نكرة فإذا قلت هذان زيدان حسنان رفعت النعت لأنه
نكرة وصفت به نكرة أفاده ياقوت ونظير هذا
إفرادهم لفظ عرفات فأَما ثبات الأَلف واللام في العَقِيقَيْن فعلى حدِّ ثباتهما في
العَقِيق وفي بلاد العرب مواضع كثيرة تسمى العَقِيقَ قال أَبو منصور ويقال لكل ما
شَقَّه ماء السيل في الأَرض فأَنهره ووسَّعه عَقِيق والجمع أَعِقَّةٌ وعَقَائِق
وفي بلاد العرب أَربعةُ أَعِقَّةَ وهي أَودية شقَّتها السيول عادِيَّة فمنها
عَقيقُ عارضِ اليمامةِ وهو وادٍ واسع مما يلي العَرَمة تتدفق فيه شِعابُ العارِض
وفيه عيون عذبة الماء ومنها عَقِيقٌ بناحية المدينة فيه عيون ونخيل وفي الحديث
أَيكم يجب أَن يَغْدُوَ إِلى بُطْحانِ العَقِيقِ ؟ قال ابن الأَثير هو وادٍ من
أَودية المدينة مسيل للماء وهو الذي ورد ذكره في الحديث أَنه وادٍ مبارك ومنها
عَقِيقٌ آخر يَدْفُق ماؤُه في غَوْرَي تِهَامةَ وهو الذي ذكره الشافعي فقال ولو
أَهَلُّوا من العَقِيقِ كان أَحَبَّ إِليّ وفي الحديث أَن رسول الله صلى الله عليه
وسلم وقَّتَ لأَهل العِراق بطن العَقِيقِ قال أَبو منصور أَراد العَقِيقَ الذي
بالقرب من ذات عِرْقٍ قبلها بمَرْحلة أَو مرحلتين وهو الذي ذكره الشافعي في
المناسك ومنها عَقِيق القَنَانِ تجري إِليه مياه قُلَلِ نجد وجباله وأَما قول
الفرزدق قِفِي ودِّعِينَا يا هُنَيْدُ فإِنَّني أَرى الحيَّ قد شامُوا العَقِيقَ
اليمانيا فإِن بعضهم قال أَراد شاموا البرق من ناحية اليمن والعَقّ حفر في الأَرض
مستطيل سمي بالمصدر والعَقَّةُ حفرة عميقة في الأَرض وجمعها عَقَّات وانْعَقَّ
الوادي عَمُقَ والعقائق النِّهَاء والغدرانُ في الأَخاديد المُنْعَقَّةِ حكاه أَبو
حنيفة وأَنشد لكثير بن عبد الرحمن الخزاعي يصف امرأَة إِذا خرجَتْ من بيتها راق
عَيْنَها مُعَِوِّذه وأَعْجَبَتْها العَقَائِقُ يعني أَن هذه المرأَة إِذا خرجت من
بيتها راقَها مُعَوَّذ النبت حول بيتها والمُعَوَّذ من النبت ما ينبت في أَصل شجر
يستره وقيل العقائق هي الرمال الحمر ويقال عَقَّت الريحُ المُزْنَ تَعُقُّه عَقاًّ
إِذا استدَرَّتْه كأَنها تشقه شقّاً قال الهذلي يصف غيثاً حارَ وعَقَّتْ مُزْنَهُ
الريحُ وانْ قَارَ بِهِ العَرْضُ ولم يُشْمَلِ حارَ تحيَّر وتردد واستَدَرَّته ريح
الجَنوب ولم تهب به الشَّمال فتَقْشَعَه وانْقَارَ به العَرْضُ أَي كأَن عرضَ
السحاب انْقارَ بهِ أَي وقعت منه قطعة وأَصله من قُرْتُ جَيْب القميص فانْقار
وقُرْتُ عينه إِذا قلعتها وسحبة مَعْقُوقة إِذا عُقَّت فانْعَقَّت أَي تَبَعَّجت
بالماء وسحابة عَقَّاقة إِذا دفعت ماءها وقد عَقَّت قال عبدُ بني الحَسْحاص يصف
غيثاً فمرَّ على الأَنهاء فانْثَجَّ مُزْنُه فَعَقَّ طويلاً يَسْكُبُ الماءَ
ساجِيَا واعْتَقَّت السحابة بمعنى قال أَبو وَجْزة واعْتَقَّ مُنْبَعِجٌ بالوَبْل
مَبْقُور ويقال للمُعْتذر إِذا أَفرط في اعتذاره قد اعْتَقَّ اعْتِقاقاً ويقال
سحابة عَقَّاقة منشقة بالماء وروى شمر أَن المُعَقِّرَ بن حمار البارِقِيّ قال
لبنته وهي تَقُوده وقد كُفَّ بصرُه وسمع صوت رعد أَيْ بُنَيّةُ ما تَرَيْنَ ؟ قالت
أَرى سحابة سَحْماء عَقَّاقَة كأَنها حوِلاءُ ناقة ذات هَيْدب دَانٍ وسَيرٍ وان
قال أَيْ بُنَيّة وائلي إِلى قَفْلةٍ فإِنها لا تَنْبُت إِلا بمنْجَاةٍ من السيل
شَبَّه السحابة بِحِوَلاءِ الناقة في تشققها بالماء كتشقق الحِوَلاءِ وهو الذي
يخرج منه الولد والقَفَلة الشجرة اليابسة كذلك حكاه ابن الأَعرابي بفتح الفاء
وأَسكنها سائر أَهل اللغة وفي نوادر الأعراب اهْتَلَبَ السيفَ من غِمْدِه
وامْتَرَقه واعْتَقَّه واخْتَلَطَه إِذا اسْتَلَّه قال الجرجاني الأَصل اخْتَرَطَه
وكأَنّ اللام مبدل منه وفيه نظر وعَقَّ والدَه يَعُقُّه عَقّاً وعُقُوقاً
ومَعَقَّةً شقَّ عصا طاعته وعَقَّ والديه قطعهما ولم يَصِلْ رَحِمَه منهما وقد
يُعَمُّ بلفظ العُقُوقِ جميع الرَّحِمِ فالفعل كالفعل والمصدر كالمصدر ورجل عُقَقٌ
وعُقُق وعَقُّ عاقٌّ أَنشد ابن الأَعرابي للزَّفَيان أَنا أَبو المِقْدَامِ
عَقّاًّ فَظّا بمن أُعادي مِلْطَساً مِلَظّا أَكُظُّهُ حتى يموتَ كَظّا ثُمَّتَ
أُعْلِي رأْسَه المِلْوَظَّا صاعقةً من لَهَبٍ تَلَظَّى والجمع عَقَقَة مثل
كَفَرةٍ وقيل أَراد بالعقّ المُرَّ من الماء العُقَاقِ وهو القُعَاع المِلْوَظّ
سوطٌ أَو عصا يُلْزِمُها رأْسَه كذا حكاه ابن الأَعرابي والصحيح المِلْوَظُ وإِنما
شدد ضرورة والمَعَقَّةُ العُقُوق قال النابغة أَحْلامُ عادٍ وأَجْسادٌ مُطَهَّرَة
من المَعَقَّةِ والآفاتِ والأَثَمِ
وأَعَقَّ
فلانٌ إِذا جاءَ بالعُقوق وفي المثل أَعَقِّ من ضَبٍّ قال ابن الأَعرابي إِنما
يريد به الأُنثى
وعُقُوقُها
أَنها تأْكل أَولادها عن غير ابن الأَعرابي وقال ابن السكيت في قول الأَعشى فإِني
وما كَلَّفْتُموني بِجَهْلِكم ويَعْلم ربَي من أَعَقَّ وأَحْوَبا قال أَعَقَّ جاء
بالعُقُوقِ وأَحْوَبَ جاء بالحُوبِ وفي الحديث قال أَبو سفيان بن حرب لحمزة سيد
الشهداء رضي الله عنه يوم أُحد حين مرَّ به وهو مقتول ذُقْ عُقَقُ أَي ذق جزاء
فعلك يا عاقّ وذق القتل كما قتلت مَن قتلتَ يوم بدر من قومك يعني كفار قريش
وعُقَق
معدول عن عاق للمبالغة كغُدَر من غادرٍ وفُسَق من فاسقٍ
والعُقُق
البعداء من الأَعداء
والعُقُق
أَيضاً قاطعو الأَرحام ويقال عاقَقْتُ فلاناً أُعَاقُّه عِقاقاً إِذا خالفته
قال
ابن بري عَقَّ والدَه يَعُقُّ عقوقاً ومَعَقَّةً قال هنا وعَقَاقِ مبنية على الكسر
مثل حَذَامِ ورَقَاشِ قالت عمرة بنت دريد ترثيه لَعَمْرُك ما خشيتُ على دُرَيْد
ببطن سُمَيْرةٍ جَيْشَ العَنَاقِ جَزَى عنّا الإِلهُ بني سُلَيْم وعَقَّتْهم بما
فعلوا عَقَاقِ وفي الحديث أَنه صلى الله عليه وسلم نهى عن عُقُوقِ الأُمّهات وهو
ضد البِرّ وأَصله من العَقّ الشَّقّ والقطع وإنما خص الأُمهات وإن كان عُقوقُ
الآباء وغيرهم من ذوي الحقوق عظيماً لأَن لِعُقوقِ الأُمهات مزيّة في القبح وفي
حديث الكبائر وعدَّ منها عقوقَ الوالدين وفي الحديث مَثَلُكم ومَثَلُ عائشةَ
مَثَلُ العينِ في الرأْس تؤذي صاحبها ولا يستطيع أن يَعُقَّها إِلا بالذي هو خير
لها هو مستعار من عُقُوقِ الوالدين
** وعَقَّ البرقُ وانْعَقَّ انشق والانْعِقاق تشقق البرق والتَّبَوُّجُ
تَكَشُّفُ البرقِ وعَقِيقَتُهُ شعاعه ومنه قيل للسيف كالعَقِيقَة وقيل العَقِيقَةُ
والعُقَقُ البرق إِذا رأَيته في وسط السحاب كأَنه سيف مسلول وعَقِيقةُ البرق ما
انْعَقَّ منه أَي تَسَرَّبَ في السحاب يقال منه انْعَقَّ البرقُ وبه سمي السيف قال
عنترة وسَيْفي كالعَقِيقةِ فهو كِمْعِي سِلاحِي لا أَفَلَّ ولا فُطَارَا وانْعَقَّ
الغبار انشق وسطع قال رؤبة إِذا العَجاجُ المُسْتَطارُ
انْعَقَّا وانْعَقَّ الثوبُ انشق عن ثعلب
والعَقِيقةُ الشعر الذي يولد به الطفل لأَنه
يشق الجلد
قال امرؤ القيس يا هندُ لا تَنْكِحي بُوهَةً عليه عَقِى قَتُه أَحْسَبَا وكذلك
الوَبَرُ لِذي الوَبَرِ
والعِقَّة
كالعَقِيقةِ
وقيل
العِقَّةُ في الناس والحمر خاصة ولم تسمع في غيرهما كما قال أَبو عبيدة قال رؤبة
طَيَّرَ عنها النَّسْرُ حْولِيَّ العِقَق ويقال للشعر الذي يخرج على رأْس المولود
في بطن أُمه عَقِيقةٌ لأَنها تُحْلق
وجعل
الزمخشري الشعرَ أصلاً والشاةَ المذبوحة مشتقة منه
وفي
الحديث إِن انفرقت عَقِيقَتُه فَرَقَ أَي شعره سمي عَقيقةً تشبيهاً بشعر المولود
وأَعَقَّت الحامل نبتت عَقيقَةُ ولدها في بطنها وأَعَقَّت الفرس والأَتان فهي
مُعِقّ وعَقُوق
وذلك
إِذا نبتت العَقيقةُ في بطنها على الولد الذي حملته وأَنشد لرؤبة قد عَتَق
الأَجْدعُ بعد رِقِّ بقارحٍ أَو زَوْلَةٍ مُعِقِّ وأَنشد أَيضاً في لغة من يقول
أَعَقَّتْ فهي عَقُوق وجمعها عُقُق سِراًّ وقد أَوَّنَّ تَأْوِينَ العُقُقْ
* قوله « سراً إلخ » صدره كما في الصحاح
وسوس يدعو مخلصاً رب الفلق أَوَّنَّ شربن حتى انتفخت بطونهن فصار كل حمار منهن
كالأَتان العَقُوق وهي التي تكامل حملها وقرب ولادها ويروى أَوَّنَّ على وزن
فَعَّلْنَ يريد بذلك الجماعة من الحمير ويروى أَوَّنَّ على وزن فَعَّل يريد الواحد
منها والعَقاقُ بالفتح الحَمْل وكذلك العَقَقُ قال عديّ بن زيد وتَرَكْن العَيْر
يَدْمَى نَحْرُه ونَحُوصاً سَمْحجاً فيها عَقَقْ وقال أَبو عمرو أَظهرت الأَتانُ
عَقاقاً بفتح العين إِذا تبين حملها ويقال للجنين عَقاق وقال جَوانِحُ يَمْزَعْنَ
مَزْعَ الظِّبا ء لم يَتَّرِ كْنَ لبطن عَقَاقا أَي جَنِيناً هكذا قال الشافعي
العَقاق بهذا المعنى في آخر كتاب الصرف وأَما الأَصمعي فإِنه يقول العقاق مصدر
العَقُوقِ وكان أَبو عمرو يقول عَقَّتْ فهي عَقُوق وأَعَقّعتْ فهي مُعِقّ واللغة
الفصيحة أَعَقَّتْ فهي عَقُوق
وعَقَّ عن ابنه يَعِقُّ ويَعُقُّ حلق
عَقِيقَتهُ أَو ذبح عنه شاة وفي التهذيب يوم أُسبوعه فقيَّده بالسابع واسم تلك
الشاة العَقيقة
وفي الحديث أَن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال في العَقِيقَةِ
عن الغلام شاتان مثلان وعن الجارية شاة
وفيه
إِنه عَقَّ عن الحسن والحسين رضوان الله عليهما وروي عنه أَنه قال مع الغلام
عَقِيقَتُه فأَهَر يقُوا عنه دماً وأَميطوا عنه الأَذى
وفي
الحديث الغلام مُرْتَهِنٌ بعَقِيقته قيل معناه أَن أَباه يُحْرَم شفاعةَ ولده إِذا
لم يعُقَّ عنه
وأَصل
العَقِيقةِ الشعر الذي يكون على رأْس الصبي حين يولد وإِنما سميت تلك الشاةُ التي
تذبح في تلك الحال عَقِيقةً لأَنه يُحْلق عنه ذلك الشعر عند الذبح ولهذا قال في
الحديث أَميطوا عنه الأَذى يعني بالأَذى ذلك الشعر الذي يحلق عنه
وهذا من الأَشياء التي ربما سميت باسم غيرها
إِذا كانت معها أَو من سببها فسميت الشاة عَقِيقَةٍ لَعَقِيقَةِ الشعر ** وفي
الحديث أَنه سئل عن العَقِيقةِ فقال لا أُحب العُقُوق ليس فيه توهين لأَمر
العَقِيقَةِ ولا إِسقاط لها وإِنما كره الاسم
وأَحب
أَن تسمى بأَحسن منه كالنسيكة والذبيحة جرياً على عادته في تغيير الاسم القبيح
والعَقِيقَةُ صوف الجَذَع
والجَنيبَة
صوف الثَّنِيِّ
قال أَبو عبيد وكذلك كل مولود من البهائم فإِن الشعر الذي يكون
عليه حين يولد عَقِيقَة وعَقِيقٌ وعِقَّةٌ بالكسر
*
وأَنشد لابن الرِّقاع يصف العير تَحَسَّرَتْ عِقَّةٌ عنه فأَنْسَلَها واجْتابَ
أُخْرَى جديداً بعدما ابْتَقَلا مُوَلَّع بسوادٍ في أَسافِلِهِ منه احْتَذَى
وبِلَوْنٍ مِثلِهِ اكتحلا ..
فجعل العَقِيقةَ الشعر لا الشاة يقول لما تَرَبَّع وأَكل بُقول
الربيع أَنْسَلَ الشعر المولود معه وأَنبت الآخر فاجتابه أَي اكتساه
قال
أَبو منصور ويقال لذلك الشعر عَقِيقٌ بغير هاء
ومنه
قول الشماخ أَطارَ عَقِيقَةُ عنه نُسَالاً وأُدْمِجَ دَمْج ذي شَطَنٍ بدِيعِ أَراد
شعره الذي يولد عليه أَنه أَنْسَله عنه
***
قال والعَقُّ في الأَصل الشق والقطع وسميت الشعرة التي يخرج المولود من بطن أُمه
وهي عليه عَقِيقةً لأَِِنها إِن كانت على رأْس الإِنسي حلقت فقطعت وإِن كانت على
البهيمة فإِنها تُنْسِلُها
*
وقيل للذبيحة عَقِيقةٌ لأَنَّها تُذبَح فيُشقّ حلقومُها ومَريثُها وودَجاها قطعاً
** كما سميت ذبيحة بالذبح وهو الشق ويقال للصبي
إِذا نشأَ مع حيّ حتى شَبَّ وقوي فيهم عُقَّتْ تميمتُه في بني فلان والأصل في ذلك
أَن الصبي ما دام طفلاً تعلق أُمه عليه التمائم وهي الخرز تُعَوِّذه من العين
فإِذا كَبِرَ قُطعت عنه
Åومنه قول الشاعر بلادٌ بها عَقَّ الشّعبابُ
تَمِيمَتي وأَوّعلُ أَرضٍ مَسَّ جِلْدي تُرابُها
Åوقال أَبو عبيدة عَقِيقةُ الصبيّ
عُرْلَتُه إِذا خُتِن Åوالعَقُوق من البهائم الحامل وقيل هي
من الحافر خاصةً والجمع عُقُقٌ وعِقاق وقد أَعَقَّتْ وهي مُعِقّ وعَقُوق فمُعِقّ
على القياس وعَقوق على غير القياس ولا يقال مُعِقّ إِلا في لغة رديئة وهو من
النوادِر وفرس عَقُوق إِذا انْعَقّ بطنُها واتسع للولد
Åوكل انشقاق هو انْعِقاقٌ وكلُّ شق
وخرق في الرمل وغيره فهو عَقّ ومنه قيل للبَرْقِ إِذا انشق عَقِيقةٌ
Åوقال أَبو حاتم في الأَضداد زعم بعض
شيوخنا أَن الفرس الحامل يقال لها عَقوق
Åويقال أَيضاً للحائل عَقوق وفي الحديث
أَتاه رجل معه فرس عَقوق أَي حائل قال وأَظن هذا على التفاؤل كأَنهم أَرادوا أَنها
ستَحْمِلُ إِن شاء الله وفي الحديث من أَطْرَقَ مسلماً فعَقَّتْ له فرسُه كان
كأَجر كذا عَقَّتْ أَي حَمَلت والإِعْقاقُ بعد الإِقْصاصِ فالإِقْصاص في الخيل
والحمر أَوَّل ثم الإِعْقاقُ بعد ذلك
Åوالعَقِيقةُ المَزادة
والعَقِيقةُ
النهر
والعَقِيقةُ
العِصابةُ ساعةَ تشق من الثوب
والعَقِيقةُ
نَواقٌ رِخْوَةٌ كالعَجْوة تؤكل ونَوى العَقوقِ نَوىً هَشّ لَيِّنٌ رِخْو
المَمْضغة تأْكله العجوز أَو تَلوكه تُعْلَفُه الناقة العَقوق إلْطافاً لها فلذلك
أُضيف إِليها وهو من كلام أَهل البصرة ولا تعرفه الأَعراب في باديتها وفي المثل
أَعَزُّ من الأَبْلِق العَقوقِ يضرب لما لا يكون وذلك أَن الأَبْلق من صفات الذكور
والعَقُوق الحامل والذور لا يكون حاملاً وإِذا طلب الإِنسان فوق ما يستحق قالوا
طَلَب الأَبْلَق العَقوق فكأَنه طلب أَمراً لا يكون أَبداً ويقال إِن رجلاً سأَل
معاوية أَن يزوجّه أمَّه هنداً فقال أَمْرُها إِليها وقد قَعَدَتْ عن الولد
وأَبَتْ أَن تتزوج فقال فولني مكان كذا فقال معاوية متمثلاً طَلَبَ الأَبْلَقَ
العَقوقَ فلمَّا لم يَنَلْهُ أَراد بَيْضَ الأَنُوقِ والأَنوق طائر يبيض في قُنَنِ
الجبال فبيضه في حِرْزٍ إِلا أَنه مما لا يُطْمَع فيه فمعناه أَنه طَلب ما لا يكون
فلما لم يجد ذلك طلب ما يطمع في الوصول إِليه وهو مع ذلك بعيد ومن أَمثال العرب
السائرة في الرجل يسأَل ما لا يكون وما لا يُقْدر عليه كَلَّفْتَني الأَبْلَقَ
العَقوق ومثله كَلَّفْتَني بَيْضَ الأَنوق وقوله أَنشده ابن الأَعرابي فلو
قَبِلوني بالعَقُوقِ أَتَيْتُهُمْ بأَلْفٍ أُؤَدِّيه من المالِ أَقْرَعا يقول لو
أَتيتهم بالأَبْلَق العَقوقِ ما قبلوني وقال ثعلب لو قبلوني بالأَبيض العَقوق
لأَتيتهم بأَلف وقيل العَقوق موضع وأَنشد ابن السكيت هذا البيت الذي أَنشده ابن
الأَعرابي وقال يريد أَلف بعير والعَقِيقةُ سهم الاعتذار قالت الأَعراب إِن أَصل
هذا أَن يُقْتَلَ رجلٌ من القبيلة فيُطالَب القاتلُ بدمه فتجتمع جماعة من الرؤساء
إِلى أَولياء القَتِيل ويَعْرضون عليهم الدِّيةَ ويسأَلون العفو عن الدم فإِن كان
وَلِيّهُ قويّاً حَمِياًّ أَبي أَخذ الدية وإِن كان ضعيفاً شاوَرَ أَهل قبيلته
فيقول للطالبين إِن بيننا وبين خالقنا علامة للأَمر والنهي فيقول لهم الآخرون ما
علامتكم ؟ فيقولون نأْخذ سهماً فنركبه على قَوْس ثم نرمي به نحْوَ السماء فإِن رجع
إلينا ملطخاً بالدم فقد نُهِينا عن أَخذ الدية ولم يرضوا إِلا بالقَوَدِ وإِن رجع
نِقياًّ كما صعد فقد أُمِرْنا بأَخذ الدية وصالحوا قال فما رجع هذا السهمُ قطّ
إِلا نَقِياًّ ولكن لهم بهذا غُذْرٌ عند جُهَّالهم وقال شاعر من أَهل القَتِيل
وقيل من هُذَيْلٍ وقال ابن بري هو للأَشْعَر الجُعْفي وكان غائباً من هذا الصلح
عَقُّوا بِسَهْمٍ ثم قالوا صالِحُوا يا ليتَني في القَوْمِ إِذ مَسَحوا اللِّحى
قال وعلامة الصلح مسح اللِّحى قال أَبو منصور وأَنشد الشافعي للمتنخل الهذلي
عَقُّوا بسَهْم ولم يَشْعُرْ بِه أَحَدٌ ثم اسْتَفاؤوا وقالوا حَبَّذا الوَضَحُ
أَخبر أَنهم آثروا إِبل الدية وأَلبانها على دم قاتل صاحبهم والوَضَحُ ههنا اللبن
ويروى عَقَّوْا بسهم بفتح القاف وهو من باب المعتل وعَقَّ بالسهم رَمى به نحو
السماء وماء عُقّ مثل قُعٍّ وعُقاقٌ شديد المرارة الواحد والجمع فيه سواء
وأَعَقَّتِ الأَرضُ الماء أَمَرَّتْه وقول الجعدي بَحْرُكَ بَحْرُ الجودِ ما
أَعَقَّهُ ربُّكَ والمَحْرومُ مَنْ لم يُسْقَهُ معناه ما أَمَرَّه وأَما ابن
الأَعرابي فقال أَراد ما أَقَعَّهُ من الماء القُعِّ وهو المُرُّ أَو الملح فقلب
وأَراه لم يعرف ماءً عُقاًّ لأَنه لو عرفه لحَمَلَ الفعلَ عليه ولم يحتج إِلى
القلب ويقال ماءٌ قُعاعٌ
وعُقاق
إِذا كان مراًّ غليظاً وقد أَقَعَّهُ اللهُ
وأَعَقَّه
والعَقِيقُ خرز أَحمر يتخذ منه الفُصوص الواحدة عَقِيقةٌ *ورأَيت في حاشية بعض نسخ
التهذيب الموثوق بها قال أَبو القاسم سئل إِبراهيم الحربي عن الحديث لا
تَخَتَّمُوا بالعَقِيقِ فقال هذا تصحيف إِما هو لا تُخَيِّمُوا بالعَقِيق أَي لا
تقيموا به لأَنه كان خراباً
والعُقَّةُ
التي يلعب بها الصبيان
وعَقْعَقَ
الطائر بصوته جاء وذهب
والعَقْعَقُ
طائر معروف من ذلك وصوته العَقْعَقةُ
قال
ابن بري وروى ثعلب عن إِسحق الموصلي أَن العَقْعَقَ يقال له الشِّجَجَى
وفي
حديث النخعي يقتل المُحْرِمُ العَقْعَقَ
قال
ابن الأَثير هو طائر معروف ذو لونين أَبيض وأَسود طويل الذَّنَب قال وإِنما أَجاز
قتله لأَنه نوع من الغربان وعَقَّهُ بطن من النِّمِر بن قاسِطٍ قال الأَخطل
ومُوَقَّع أَثَرُ السِّفارِ بِخَطْمِهِ من سُود عَقَّةَ أَو بني الجَوَّالِ
المُوقَّع الذي أَثَّر القَتَبُ في ظهره وبنو الجَوَّال في بني تَغْلِب ويقال
للدَّلو إِذا طلعت من البئر ملأَى قد عَقَّتْ عَقّاً ومن العرب من يقول عَقَّتْ
تَعْقِيةً وأَصلها عَقَّقَتْ فلما اجتمعت ثلاث قافات قلبوا إِحداها ياء كما قالوا
تَظَنَّيْتُ من الظن وأَنشد ابن الأَعرابي عَقَّتْ كما عَقَّتْ دَلُوفُ العِقْبانْ
شبه الدلو وهي تشق هواءَ البئر طالعةً بسرعة بالعُقاب تَدْلِفُ في طَيَرانها نحوَ
الصيد وعِقَّانُ النخيل والكُروم ما يخرج من أُصولها وإِذا لم تُقطع العِقَّانُ
فَسَدت الأُصول وقد أَعَقَّتِ النخلة والكَرْمة أَخرجت عِقَّانها وفي ترجمة قعع
القَعْقَعةُ والعَقْعَقَةُ حركة القرطاس والثوب الجديد
ÅÅÅÅÅÅÅÅÅÅÅÅÅÅÅÅ
ومن لسان
العرب ( شوه)
رجل أَشْوَهُ قبيحُ الوجهِ يقال شاهَ وجْهُه يَشُوه وقد شوَّهَه اللهُ عز
وجل فهو مُشَوَّه قال الحُطيْئة أَرى ثَمَّ وَجْهاً شَوَّهَ اللهُ خَلْقَه
فقُبِّحَ مِنْ وَجْهٍ وقُبِّحَ حامِلُهْ شاهَت الوجوهُ تَشُوهُ شَوْهاً قَبُحَت
وفي حديث النبي صلى الله عليه وسلم أَنه رَمى المُشْرِكينَ يومَ حُنَيْنٍ بكفٍّ
مِنْ حَصىً وقال شاهَت الوجوه فهَزَمَهم الله تعالى أَبو عمرو يعني قَبُحَت
الوُجوهُ ورجل أَشْوَهُ وامرأَة شَوْهاء إذا كانت قَبيحةً والاسم الشُّوهَة ويقال
للخُطْبة التي لا يُصَلَّى فيها على النبي صلى الله عليه وسلم شَوْهاء وفيه قال
لابن صَيّادٍ شَاهَ الوَجْهُ وتَشَوَّه له أَي تنَكَّر له وتغَوَّل وفي الحديث
أَنه قال لصَفْوان بن المُعَطَّل حين ضرَبَ حَسَّانَ بالسيف أَتَشَوَّهْتَ على
قومي أَنْ هَداهُم الله للإسلام أَي أَتنَكَّرْتَ وتقَبَّحْتَ لهم وجعلَ الأَنصارَ
قومَه لنُصْرَتِهم إياه وإنه لَقبيح الشَّوَهِ والشُّوهةِ عن اللحياني
والشَّوْهاءُ العابِسةُ وقيل المَشْؤومَةُ والإسمُ منها الشَّوَهُ والشَّوَهُ
مصدرُ الأَشْوَه والشَّوْهاء وهما القبيحا الوجهِ والخِلْقة وكل شيء من الخَلْق لا
يُوافِق بعضُه بعضاً أَشْوَهُ ومُشَوَّه والمُشَوَّهُ أَيضاً القبيحُ العَقلِِ وقد
شاهَ يَشُوهُ شَوْهاً وشُوهةً وشَوِهَ شَوَهاً فيهما والشُّوهةُ البُعْدُ وكذلك
البُوهةُ يقال شُوهةً وبُوهةً وهذا يقال في الذم والشَّوَه سُرعةُ الإصابَةِ
بالعين وقيل شدَّةُ الإِصابةِ بها ورجل أَشْوَه وشاهَ مالَه أَصابَه بعين هذه عن
اللحياني وتَشَوَّه رَفَع طَرْفه إليه ليُصِيبَه بالعين ولا تُشَوِّهْ عليَّ ولا
تَشَوَّه عليّ أَي لا تَقُل ما أَحْسَنَهُ فتُصِيبَني بالعين وخَصَّصه الأَزهري
فروى عن أَبي المكارم إذا سَمِعْتَني أَتكلم فلا تُشَوِّه عليّ أَي لا تَقُلْ ما
أَفْصَحَكَ فتُصِيبَني بالعين وفلانٌ يتَشوَّهُ أَموالَ الناسِ ليُصيبَها بالعين
الليث الأَشْوَهُ السريعُ الإصابة بالعين والمرأَةُ شَوْهاء أَبو عمرو إن نَفْسَهُ
لتَشُوهُ إلى كذا أَي تَطْمَح إِليه ابن بُزُرْج يقال رجل شَيُوهٌ وهو أَشْيَهُ
الناسِ وإِنه يَشُوهُه ويَشِيهُه أَي يَعِينُه اللحياني شُهْتُ مالَ فلانٍ شَوْهاً
إِذا أَصَبْته بعَيْني ورجل أَشْوَهُ بَيِّنُ الشَّوَهِ وامرأَةٌ شَوْهاءُ إِذا
كانت تُصِيبُ الناسَ بعَيْنها فتَنْفُذُ عَيْنُها والشائِِهُ الحاسدُ والجمع
شُوَّهٌ حكاه اللحياني عن الأَصمعي وشاهَهُ شَوْهاً أَفزعه عن اللحياني فأَنا
أَشُوهُه شَوْهاً وفرس شَوْهاء صفةٌ محمودةٌ فيها طويلةٌ رائِعة مُشْرِفةٌ وقيل هي
المُفْرِطةُ رُحْب الشِّدْقَيْنِ والمَنْخَرَيْنِ ولا يقال فرس أَشْوَهُ إِنما هي
صفة للأُنثى وقيل فرس شَوْهاء وهي التي رأْسها طُول وفي مَنْخَرَيْها وفَمِها سَعةٌ
والشَّوْهاء القبيحةُ والشَّوْهاءُ المَلِيحةُ والشَّوْهاء الواسِعةُ الفم
والشَّوْهاء الصغيرةُ الفم قال أَبو دواد يصف فرساً فهْيَ شَوْهاءُ كالجُوالِق
فُوها مُسْتَجافٌ يَضِلُّ فيه الشَّكِيمُ قال ابن بري والشَّوْهاء فرسُ حاجب بن
زُرارة قال بِشْرُ بن أَبي خازم وأَفْلَتَ حاجِبٌ تحْتَ العَوالي على الشَّوْهاء
يَجْمَحُ في اللِّجام وفي حديث ابن الزبير شَوَّه اللهُ حُلُوقَكمْ أَي وَسَّعها
وقيل الشَّوْهاءُ من الخَيْل الحَديدةُ الفُؤادِ وفي التهذيب فرس شَوْهاء إِذا
كانت حَديدةَ البصر ولا يقال للذكر أَشْوَهُ قال ويقال هو الطويل إِذا جُنِّبَ
والشَّوَهُ طُولُ العُنُقِ وارتفاعُها وإِشرافُ الرأْسِ وفرسٌ أَشْوَهُ والشَّوَهُ
الحُسْنُ وامرأَة شَوْهاء حَسنَةٌ فهو ضدٌّ قال الشاعر وبِجارةٍ شَوْهاءَ
تَرْقُبُني وحَماً يَظَلُّ بمَنْبِذِ الحِلْسِ وروي عن مُنْتَجِع بن نَبْهان أَنه
قال امرأَة شَوْهاءُ إِذا كانت رائعةً حَسَنةً وفي الحديث أَن النبي صلى الله عليه
وسلم قال بَيْنا أَنا نائمٌ رأَيتُني في الجَنَّة فإِذا امرأَةٌ شَوْهاءُ إِلى
جَنْبِ قصرٍ فقلت لِمَنْ هذا القصر ؟ قالوا لعُمَرَ ورجل شائه البصر وشاهٍ حديدُ
البصرِ وكذلك شاهي البصرِ
والشاةُ الواحد من الغنم يكون للذكر
والأُنثى
وحكى سيبويه عن الخليل هذا شاةٌ بمنزلة هذا رحمةٌ من ربي
الغَنَم
الشاء *لا واحد له من لفظه
وقيل الشاةُ تكون من الضأْن والمَعز والظَّباءِ
والبَقَر والنعامِ وحُمُرِ الوحش قال الأَعشى وحانَ انْطِلاقُ الشّاةِ من حَيْثُ
خَيَّما
الجوهري والشاةُ الثَّوْرُ الوَحْشِيّ قال ولا يقال إِلا
للذكر واستشهد بقول الأَعشى من حيث خَيَّما
قال وربما شَبَّهوا به المرأَة فأَنثوه كما قال عنترة يا شاةَ ما قَنَصٍ لِمَنْ
حَلَّتْ له حَرُِمَتْ عليَّ ولَيْتَها لم تَحْرُمِ فأَنتها وقال طرفة مُوَلَّلتانِ
تَعْرِفُ العِتْقَ فيهما كسامِعَتَيْ شاةٍ بحَوْمَلَ مُفْرَدِ قال ابن بري ومثله
للبيد أَو أَسْفَع الخَدَّيْنِ شاة إِرانِ وقال الفرزدق تَجُوبُ بيَ الفَلاةَ إِلى
سَعيدٍ إِذا ما الشاةُ في الأَرْطاةِ قالا والرواية فوَجَّهْتُ القَلُوصَ إِلى
سعيدٍ *وربما كُنِيَ بالشاة عن المرأَة أَيضاً قال الأَعشى فَرمَيْتُ غُفْلَةَ
عَيْنِه عن شاتِه فأَصَبْتُ حَبَّةَ قَلْبها وطِحالَها
ويقال للثور الوحشي شاةٌ الجوهري تشَوَّهْتُ شاةٌ
إِذا اصْطَدْته
والشاةُ أَصلها شاهَةٌ فحذفت الهاء الأَصلية
وأُثبتت هاء العلامة التي تَنْقلِبُ تاءَ في الإِدْراج
وقيل في الجمع شِيَاهٌ كما قالوا ماء والأَصل ماهَة وماءة
وجمعوها مِياهاً *قال ابن سيده والجمع شاءٌ أَصله شاهٌ وشِياهٌ وشِوَاهٌ وأَشاوِهُ
وشَوِيٌّ وشِيْهٌ وشَيِّهٌ كسَيِّدٍ الثلاثةُ اسمٌ للجمع ولا يجمع بالأَلف والتاء
كان جنساً أَو مسمى به فأَما شِيْه فعلى التوفية وقد يجوز أَن يكون فُعُلاً
كأَكَمةٍ وأُكُمٍ شُوُهٌ ثم وقع الإِعلال بالإِسكان ثم وقع البدل للخفة كعِيدٍ
فيمن جعله فُعْلاً وأَما شَوِيٌّ فيجوز أَن يكون أَصله شَوِيهٌ على التوفية ثم وقع
البدل للمجانسة لأَن قبلها واواً وياءً وهما حرفا علة ولمشاكلة الهاء الياء أَلا
ترى أَن الهاء قد أُبدلت من الياء فيما حكاه سيبويه من قولهم ذِهْ في ذِي ؟ وقد
يجوز أَن يكون شَوِيٌّ على الحذف في الواحد والزيادة في الجمع فيكون من باب لأْآلٌ
في التغيير إِلاَّ أَن شَوِيّاً مغير بالزيادة ولأْآلٍ بالحذف وأَما شَيِّهٌ
فَبيِّنٌ أَنه شَيْوِهٌ فأُبدلت الواو ياءً لانكسارها ومجاورَتها الياء غيره
تصغيره شُوَيْهة والعدد شِياهٌ والجمع شاءٌ فإِذا تركوا هاء التأْنيث مدّوا الأَلف
وإِذا قالوها بالهاء قصروا
وقالوا شاةٌ وتجمع على الشَّوِيِّ وقال ابن الأَعرابي الشاءُ
والشَّويُّ والشَّيِّهُ واحدٌ وأَنشد قالتْ بُهَيَّةُ لا يُجاوِرُ رَحْلَنا أَهلُ
الشَّوِيِّ وعابَ أَهلُ الجامِلِ
* * قوله « لا يجاور رحلنا أهل الشويّ وعاب إلخ » هكذا في الأصل يجاور بالراء وعاب
بالعين المهملة وفي شرح القاموس لا يجاوز بالزاي *ورجل كثيرُ الشاةِ والبعير وهو في معنى الجمع
لأَن الأَلف واللام للجنس قال وأَصل الشاة شاهَةٌ لأَن تصغيرها شُوَيْهة وذكر ابن
الأَثير في تصغيرها شُوَيَّةٌ فأَما عينها فواو وإِنما انقلبت في شِياهٍ لكسرة
الشين والجمعُ شِياهٌ بالهاء أَدنى في العدد تقول ثلاثُ شِياهٍ إِلى العشر فإِذا
جاوَزْتَ فبالتاء فإِذا كَثَّرْتَ قلت هذه شاءٌ كثيرة وفي حديث سوادَةَ
بنِالرَّبيع أَتَيْتُه بأُمِّي فأَمَر لها بشِياهِ
غنمٍ
قال ابن الأَثير:
وإِنما أَضافها إلى الغنم
لأَن العرب تسمي البقرة الوحشية شاة فميزها
بالإِضافة لذلك وجمعُ الشاءِ شَوِيٌّ وفي حديث الصدقة وفي الشَّوِيِّ في كل
أَربعين واحدة الشَّوِيُّ اسم جمع للشاة وقيل هو جمع لها نحو كلْبٍ وكَلِيبٍ ومنه
كتابُه لقَطَنِ بن ِ حارثة وفي الشَّوِيِّ الوَرِيِّ مُسِنَّة وفي حديث ابن عمر
أَنه سئل عن المُتَعة أَيُجْزئُ فيها شاةٌ فقال ما لي وللشَّوِيِّ أَي الشَّاءِ
وكان مذهبه أَن المتمتع بالعمرة إِلى الحج تجب عليه بدنة وتَشَوَّه شاةً اصْطادَها
ورجل شاوِيٌّ صاحبُ شاء قال ولَسْتُ بشاويٍّ عليه دَمامَةٌ إِذا ما غَدَا يَغْدُو
بقَوْسٍ وأَسْهُمِ وأَنشد الجوهري لمُبَشِّرِ بن هُذَيْلٍ الشَّمْخِيِّ ورُبَّ
خَرْقٍ نازحٍ فَلاتُهُ لا يَنْفَعُ الشاوِيَّ فيها شاتُهُ ولا حِماراهُ ولا
عَلاتُهُ إِذا عَلاها اقْتَرَبَتْ وفاتُهُ وإِن نسبت إِليه رجلاً قلت شائيٌّ وإِن
شئتَ شاوِيٌّ كما تقول عَطاوِيٌّ قال سيبويه هو على غير قياس ووجه ذلك أَن الهمزة
لا تنقلب في حَدِّ النسب واواً إِلاَّ أَن تكون همزة تأْنيث كحمراء ونحوه أَلا ترى
أَنك تقول في عَطاءٍ عَطائيٌّ ؟ فإِن سميت بشاءٍ فعلى القياس شائيٌّ لا غير وأَرض
مَشاهَةٌ كثيرة الشاء وقيل ذاتُ شاءٍ قَلَّتْ أَم كثرت كما يقال أَرض مأْبَلةٌ
وإِذا نسبت إِلى الشاة قلت شاهِيٌّ التهذيب إِذا نسبوا إِلى الشاء قيل رجل شاوِيٌّ
وأَما قول الأَعشى يذكر بعض الحُصُون أَقامَ به شاهَبُورَ الجُنو دَ حَوْلَيْنِ
تَضْرِبُ فيه القُدُمْ فإِنما عنى بذلك سابُورَ المَلِكَ إِلا أَنه لما احتاج إِلى
إِقامة وزن الشعر رَدَّه إِلى أَصله في الفارسية وجعل الاسمين واحداً وبناه على
الفتح مثل خمسة عشر قال ابن بري هكذا رواه الجوهري شاهَبُورَ بفتح الراء وقال ابن
القطاع شاهبورُ الجنودِ برفع الراء والإِضافة إِلى الجنود والمشهور شاهبورُ
الجُنودَ برفع الراء ونصب الدال أَي أَقام الجنودَ به حولين هذا المَلِكُ والشاهُ
بهاء أَصلية المَلِكُ وكذلك الشاه المستعملة في الشِّطْرَنْجِ هي بالهاء الأَصلية
وليست بالتاء التي تبدل منها في الوقف الهاء لأَن الشاة لا تكون من أَسماء الملوك
والشاهُ اللفظةُ المستعملة في هذا الموضع يُراد بها المَلِكُ وعلى ذلك قولهم
شَهَنْشاهْ يراد به ملِك الملوك قال الأَعشى وكِسْرى شَهَنْشاهُ الذي سارَ مُلْكُه
له ما اشْتَهى راحٌ عَتيقٌ وزَنْبَقُ قال أَبو سعيد السُّكَّرِيُّ في تفسير
شَهَنْشاه بالفارسية إِنه مَلِكُ المُلوك لأَن الشاهَ المَلِكُ وأَراد شاهانْ شاه
قال ابن بري انقضى كلام أَبي سعيد قال وأَراد بقوله شاهانْ شاهّْ أَن الأَصل كان
كذلك ولكن الأَعشى حذف الأَلفين منه فبقي شَهَنْشاه والله أَعلم
الغَنَم
الشاء
*لا واحد له من لفظه وقد ثَنَّوْه فقالوا
غنَمانِ قال الشاعر هُمَا سَيِّدانا يَزْعُمانِ وإنَّما يَسُودانِنا إن يَسَّرَتْ
غَنماهُما قال ابن سيده وعندي أَنهم ثنوه على إرادة القَطِيعين أو السِّرْبين تقول
العرب تَرُوح على فلان غَنمانِ أي قطيعان لكل قَطِيع راع على حدة ومنه حديث عمر
أَعْطُوا من الصَّدقة من أَبْقت له السنة غَنماً ولا تُعطوها من أَبقت له
غَنمَيْنِ أي من أَبقت له قِطعةً واحدة لا يُقَطَّعُ مثلها فتكون قِطْعتين لقلتها
فلا تُعطوا من له قطعتان منها وأَراد بالسَّنة الجَدْب قال وكذلك تروح على فلان إبلان إبل ههنا وإبل
ههنا
*والجمع أَغْنام وغُنوم وكسَّره أَبو جندب
الهذلي أَخو خِراش على أَغانِم فقال من قصيدة يذكر فيها فِرار زُهير بن الأَغرّ
اللحياني فَرَّ زُهَيْرٌ رَهْبةً مِن عِقابنا فَلَيْتَكَ لم تَغْدِرْ فتُصْبِح
نَادما منها إلى صلح الفَيْفَا فَقُنَّةِ عَاذِبٍ أُجَمِّعُ منهم جامِلاً
وأَغانِما قال ابن سيده وعندي أَنه أَراد وأَغانيم فاضطر فحذف كما قال والبَكَراتِ
الفُسَّجَ العَطامِسَا وغَنَم مُغْنَمةٌ ومُغَنَّمَة كثيرة وفي التهذيب عن الكسائي
غنم مُغَنِّمة ومُغَنَّمَة أي مُجتمعة وقال أَبو زيد غنم مُغَنَّمة وإبل مُؤبَّلة
إذا أُفرد لكل منها راع وهو اسم مؤنث موضوع للجنس يقع على الذكور وعلى الإناث
وعليهما جميعاً فإذا صغرتها أَدخلتها الهاء قلت غُنَيْمة لأَن أَسماء الجموع التي
لا واحد لها من لفظها إذا كانت لغير الآدميين فالتأْنيث لها لازم يقال له خمس من الغنم ذكور فيؤنث العدد وإن عنيت الكِباش
إذا كان يليه من الغنم لأَن العدد يجري في تذكيره وتأْنيثه على اللفظ لا على
المعنى والإبل كالغنم في جميع ما ذكرنا وتقول هذه غنم لفظ الجماعة فإذا أَفردت
الواحدة قلت شاة وتَغَنَّم غَنَماً اتخذها وفي الحديث السَّكِينةُ في أَهل الغَنَم قيل
أراد بهم أَهل اليمن لأن أَكثرهم أَهل غنم بخلاف مُضر ورَبيعة لأَنهم أَصحاب إبل
والعرب تقول لا آتيك غَنَمَ الفِزْرِ أَي حتى يجتمع غنم الفزر فأَقاموا الغنم مقام
الدهر ونصبوه هو على الظرف وهذا اتساع والغُنْم الفَوْز بالشي من غير مشقة
والاغتِنام انتهاز الغُنم والغُنم والغَنِيمة والمَغْنم الفيء يقال غَنِمَ القَوم
غُنْماً بالضم وفي الحديث الرَّهْن لمن رَهَنه له غُنْمه وعليه غُرْمه غُنَّمه
زيادته ونَماؤه وفاضل قيمته وقول ساعدة بن جُؤية وأَلزمَهَا من مَعْشَرٍ
يُبْغِضُونها نَوافِلُ تأْتيها به وغُنومُ يجوز أَن يكون كسَّر غُنْماً على غُنوم
وغَنِم الشيءَ غُنْماً فاز به وتَغَنَّمه واغْتَنَمه عدّه غَنِيمة وفي المحكم
انتهز غُنْمه وأَغْنَمه الشيءَ جعله له غَنِيمة وغَنَّمته تَغْنِيماً إذا نفَّلته
قال الأَزهري الغَنِيمة ما أَوجَف عليه المسلمون بخيلهم وركابهم من أَموال
المشركين ويجب الخمس لمن قَسَمه الله له ويُقسَم أَربعةُ أخماسها بين المُوجِفين
للفارس ثلاثة أَسهم وللراجل سهم واحد وأَما الفَيء فهو ما أَفاء الله من أَموال
المشركين على المسلمين بلا حرب ولا إيجاف عليه مثل جِزية الرؤوس وما صُولحوا عليه
فيجب فيه الخمس أَيضاً لمن قسمه الله والباقي يصرف فيما يَسُد الثغور من خيل وسلاح
وعُدّة وفي أَرزاق أَهل الفيء وأَرزاق القضاة ومن غيرهم ومن يجري مَجراهم
**وقد تكرر في الحديث ذكر الغنيمة والمَغنم
والغنائم وهو ما أُصيب من أَموال أهل الحرب وأَوجَف عليه المسلمون الخيل والركاب
يقال غَنِمت أَغْنَم غُنماً وغَنيمة
**والغنائم جمعها والمَغانم جمع مَغْنم والغنم
بالضم الاسم وبالفتح المصدر ويقال فلان يتغنم الأمر أي يَحرِص عليه كما يحرص على
الغنيمة والغانم آخذ الغنيمة والجمع الغانمون وفي الحديث الصوم في الشتاء الغنيمة
الباردة سماه غنيمة لما فيه من الأَجر والثواب وغُناماك وغُنْمك أن تفعل كذا أي
قُصاراك ومَبْلَغ جُهدك والذي تتغنمه كما يقال حُماداك ومعناه كله غايتك وآخر
أَمرك وبنو غَنْم قبيلة من تَغْلِب وهو غَنم بن تغلب بن وائل ويَغْنَم أبو بطن
وغنّام وغانم وغُنَيم أَسماءٌ وغَنَّمة اسم امرأَة وغَنّام اسم بعير وقال يا صاح
ما أَصْبَرَ ظَهْرَ غَنَّام خَشِيتُ أَن تَظْهَرَ فيه أَوْرام مِن عَوْلَكَيْنِ
غَلَبا بالإِبْلام
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق